‏رسالة إلى الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم

د. يحيى أبو زكريا

حبيبي المصطفى الرسول العملاق الذي غيرّ وجه التاريخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مبدئيا دعني أخبرك يا حبيبي أنني معتز وفخور بالانتماء إليك والتزوّد من مدرستك التي شكلّت واحدة من أعظم مدارس الأخلاق والقيم والآداب في تاريخ البشر وراهنهم ومستقبلهم.
من أين أبدأ رسالتي إليك يا حبيبي، من إسلامك العظيم الذي أساء إليه المسلمون قبل الصهاينة والإرادات الغربية، هل أشكو إليك واقع العالم العربي والإسلامي اللذان يزدادان انهيارا وانكسارا وتراجعا واستلابا.
أأحدثك عن الفقهاء الذين ينتمون إليك ظلما وزورا وقد ملأوا الدنيا جورا وفسقا وذبحا واغتصابا وسحلا وانحرافا وعبثوا بقرآن ربك وأحكام شرعك، فأجازوا ذبح الرقاب وسلخ الجلود واغتصاب النساء وقطع الرؤوس وأكل الأكباد واستجلاب أحلاف الغرب العسكرية إلى بلادك العربية والمسلمة.
أأحدثك عن مساجدك التي باتت مسرحا للقتال والفتن والصراعات الطائفية والمذهبية والجهوية والعشائرية، أأحدثك عن الفتنة الكبرى التي تعصف بالعالم العربي والإسلامي هذه الفتنة التي أشعلها جهلاء أطلقوا لحاهم ادعوا زورا وبهتانا أنهم فعلوا ذلك تيمنا بلحيتك المباركة، الدماء تراق في كل عاصمة عربية وإسلامية، سيارات مفخخة، مسلمون انتحاريون، قذائف هاون تسقط هناك وهناك، قتل بالجملة والمفرق، صراعات على المساجد، منابرك يا رسول الله احتلها شياطين الإنسان من فقهاء الناتو والدولار والريال وكل عملة نجسة في هذه الأرض.
أأحدثك عن خيانة كثير من العرب والمسلمين لشرعك ووصاياك وأنت الذي قلت في خطبة الوداع:” لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ”
لقد قطع المسلمون رقاب بعضهم البعض يا رسول الله، بل لقد أكل بعضهم قلوب البعض.
يا رسول الله، التخلف كل التخلف في بلاد المسلمين، والأمية والجهل والفساد والاستبداد والأمراض وانعدام التربية.
الدماء التي نهيت عن إراقتها باتت عنوان مرحلتنا العربية والإسلامية، واللون الأحمر هو الأكثر انتشارا وشيوعا في بلادنا العربية والإسلامية.
حبيبي رسول الله، أنا لا أريد أن أزعجك وأنت من أنت العملاق بلا منازع، قبور أصحابك فجرّت، ومقامات أهل بيتك هدمت، وقرآنك نجسّه من يدعي الانطلاق منه في التمكين لحركته.
يا رسول الله إسلامك صار إسلامات، لكل شارع إسلامه ولكل حي إسلامه، ولكل قرية إسلامها، خطبة الجمعة التي أردتها واحدة باتت خطبا، وباتت خطب الجمعة مصداقا للسباب والشتائم واللعن والقذف وهتك الستر والكراهية، كثرت الملل والنحل يا رسول الله، والصرح العملاق الذي أقمته تلاشى، تبعثر، تدنس يا رسول الله.
لم يعد هناك أنصار ومهاجرون فقط، ولا الأوس والخزرج، أصبح المسلمون ملايين الفرق والجماعات والكل يدعّي أنه منك يستقي ويستلهم.
لا داعي أن أحدثك عن فلسطين ومسراك المقدس الذي عجز المسلمون عن تحريره واسترجاعه، وما زال في أيدي أعدائك وأعداء الأنبياء الذين ولاهم وحباهم كثير من المسلمين الذي نقلوا القتال والجهاد إلى الداخل الإسلامي مسلمّين فلسطين ربما إلى الأبد للصهاينة الذين سيهدمون لا محالة المسجد الأقصى قريبا.
قتلتنا الردة يا رسول الله، أصبح الداعي إلى الوحدة وحقن الدماء وتلاقي المسلمين زنديقا ومجوسيا، وأصبح صوت الحق نشازا، وخروجا عن المألوف.
المسلمون الذين أوصيتهم بالدنيا والآخرة، أضاعوا الدنيا والآخرة، وجعلوا من حلف الناتو الغربي الذي دمر بلاد المسلمين صحابيا جليلا مبشرا بالجنة وأضافوه إلى بقية المبشرين بالجنة.
الناطقون باسمك كثر ولا يحصى عددهم، ولعمرى فاقوا يأجوج ومأجوج في خبثهم ومكرهم ولؤمهم، لقد أشعلوا فتنة المائة عام في بلادك يا رسول الله.
أنا متيقن أنك تعرف ما آل إليه أمر العرب والمسلمين، وأعمالنا تعرض عليك صباح مساء، مصداقا لقوله تعالى:” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.
هل أحدثك يا رسول الله عن الفتاوى الغريبة التي نسبت ظلما وزوا إلى شرعتك السمحة، هل أحدثك عن عودة الإلحاد بقوة إلى العالم العربي والإسلامي، أم أحدثك عن اضطهاد الأقليات التي أمرت بتوقيرها واحترامها وحمايتها.
يا رسول الله يا رسول الله عد إلينا وأنقذنا مما يدمرنا من فتنة تأكل الأخضر واليابس، وأغثنا بلطفك يا رسول الله.
* كاتب جزائري

قد يعجبك ايضا