حل الدولتين لم يعد حلاً.. انتهت المؤامرة

طاهر محمد الجنيد

 

 

تحدث احد ساسة العرب مبررا اعتماد الأنظمة العربية على أمريكا في كل ما يتعلق بالمفاوضات ووقف الإجرام والاستيطان والانسحاب؛ لانها تملك 90 % من أوراق حل القضية الفلسطينية اما النسبة الباقية فانها تتركها للمناورة وتجميل الأنظمة وتحسين صورتها اما الرأي العام وأمام شعوبها .
امتلاك أمريكا لتلك النسبة لأنها والغرب عموما هم من صنعوا الأنظمة وهم من يضمنون بقاءهم فيها مع ان أمريكا تمثل القيادة المتقدمة للتحالف الصهيوني الصليبي اما الأنظمة فهي رهينة لديها، ولذلك لا غرابة ان رهنت إرادة شعوبها وسلمت زمام أمورها .
شعوب الأمة العربية والإسلامية لديها الإمكانيات والقدرات التي تستطيع بها النهوض وقيادة مسيرة الحضارة لكن الأمر كما قال المرحوم د.أحمد زويل الغرب ليسوا أذكياء والعرب ليسوا أغبياء لكنهم يقدمون الأذكياء لقيادتهم ونحن نسلم القيادة للأغبياء .
عندما سأل المفكر الموسوعي د.عبدالوهاب المسيري عن الرأسمال اليهودي وتأثيره على السياسة الغربية عموما وأمريكا خصوصا ؛أجاب انه يؤثر طالما كان يخدم السياسة الأمريكية والغربية عموما؛ وفي إجابة هل تخدم أمريكا إسرائيل أم العكس، أجاب: ان إسرائيل تخدم المصالح الاستراتيجية للغرب ولأمريكا.
ما قاله د.المسيري قد لا يتفق مع ما يقوله المجرم نتن ياهو (نحن نتحكم بأمريكا ولدينا أغلبية في الكونجرس ومجلس النواب ولا نخشي أمريكا بل هم يخشوننا) حديثه السابق قاله في وزارته الأولى بالتزامن مع رئاسة كلينتون وهوما أدى إلى اختلاف وجهات النظر بينهما.
اما اليوم فهناك انسجام ووئام بينه وبين ترامب في كل شيء في ارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وفي سياسة تحويل غزة إلى جحيم من أجل الاستيلاء عليها وبناء ريفيرا الشرق الأوسط؛ وهناك توافق تام على تدمير القدرات النووية الإيرانية وبرنامج الصواريخ وتدمير محور المقاومة ومنع سوريا من ان تصبح تهديدا لكيان الاحتلال.
هذا الارتباط والانسجام ليس مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي بل مع استراتيجية الأمن للتحالف (الصهيوني الصليبي) الذي يشمل صهاينة العرب والمسلمين؛ وهو ما يعني ان التعويل على الغرب وأمريكا وصهاينة العرب في إيجاد حلول للقضية الفلسطينية امر مستحيل وخيار فاشل مثله مثل تحكيم حكومة مصر نابليون الثالث إمبراطور فرنسا ضد الشركة الفرنسية التي استولت على مشروع قناة السويس وأخلت بواجباتها واستلمت تعويضات عن ذلك مما أدى إلى إفلاس الحكومة المصرية آنذاك.
تكتلات الغرب ضد الأمتين العربية والإسلامية قد يختلف الرأس فيه فقط لكن السياسة واحدة، ففرنسا حاربت نيابة عن التحالف في الجزائر وإيطاليا في ليبيا وبريطانيا في فلسطين والآن إسرائيل في فلسطين ليس لأنها تريد بناء إسرائيل الكبرى ولكن لأن التأسيس تم من أجل ذلك .
الهزائم المتتالية تمت بتنسيق وتعاون صهاينة العرب والغرب ووفق تدرج يتناسب مع تدمير الشعوب العربية والإسلامية وصولا إلى الإعلان صراحة عن الولاء للإجرام الصهيوني الصليبي على حساب دماء الشعوب.
قد تكون المصالح الاستعمارية أساسا لقيام كيان الاحتلال لكن تغليف تلك المصالح وفقا لأيديولوجية دينية هو ما لا يقبله العقل والمنطق حتى وان دافع عنه السيناتور الأمريكي الداعم لجرائم الإبادة ليندسي غرهام (اذا تخلينا عن دعم إسرائيل سيتخلى الله عنا) مع ان الجميع يدرك ان حماية المصالح الاستراتيجية هي الأساس لبقاء كيان الاحتلال واستمراره لكن اذا أصبحت تكاليف البقاء والاستمرار اكبر من العوائد فسيتم التخلي عنها ومنح الشعوب المستعمرة حتى الآن حق تقرير المصير، فقد تخلت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا)عن درة التاج الهند، ونظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا ليس بالمفاوضات التي يتحدث فيها الخونة والعملاء على انهم يمثلون على شعوبهم بل من خلال الجهاد وتقديم التضحيات واستعادة الكرامة والعزة .
ما تملكه أمريكا وغيرها هي القوة والإجرام ولكنها لا تملك التحكم في إرادة الشعوب فقد هُزمت في كثير من مواجهتها في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها .
أمريكا والتحالف الصهيوني الصليبي يملك 90 % من الأنظمة التي صنعها وكفل استمرارها حتى الآن لذلك لا غرابة ان تطالب بإبادة الشعب الفلسطيني وتوسيع مساحة إسرائيل وصولا إلى إسرائيل الكبرى .
المواثيق الدولية وحقوق الإنسان سخرت لحماية كل الجرائم في حق الإنسانية، لأن المعتدى عليه ليس أوروبيا ولا أمريكيا وهو ما جعل سياسيي الغرب يكيلون علنا بمكيالين يبيح في فلسطين ما يحرمه في أوكرانيا .
المبادرات الغربية والعربية أو ما قيل انه حل الدولتين حقق للإجرام الصهيوني مالم يستطع تحقيقه بإجرامه خلال سنوات الإجرام لأن من يقوده (فرنسا والسعودية) اكثر اشفاقا على المجرمين من أنفسهم، أدان طوفان الأقصى ودعا المقاومة إلى تسليم سلاحها وتسليم السلطة للإجرام بصورته الوطنية وندد على استحياء بكل الجرائم التي ارتكبت على مدى تاريخ الاحتلال وحتى الآن وهوما يعد فضيحة أخلاقية وسياسيه لكل من شارك في صياغة البيان .
البيان تناسي الإجرام والتجويع والإبادة وأكد على أهمية نزع السلاح في زمن محدود ورغم ذلك اعتبرته أمريكا مسرحية دعائية، أما كيان الاحتلال فقد اتخذ كل الإجراءات التي تجعل حل الدولتين غير ممكن على أرض الواقع فقد سيطر على المكاتب الحكومية التي منحها لسلطة رام الله مقابل قمع المقاومة وقتل المجاهدين وتسليمهم لسلطات الاحتلال، ولم يكتف بذلك فحسب بل اصدر قانونا من الكنيست بأغلبية 71عضوا من إجمالي 120 عضوا ان (لإسرائيل الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني على كافه مناطق ارض إسرائيل الوطن التاريخي للشعب اليهودي؛ وكل المناطق والبؤر الاستيطانية –يهودا والسامرة وغور الأردن ).
السلطة الفلسطينية لم تتعلم الدرس بل خرج رئيسها متعهدا للاحتلال أدان السابع من أكتوبر وتعهد بتحرير رهائن اليهود فقط ونزع سلاح المقاومة وتسليم كل الأسرى دفعة واحدة والقبول بدولة فلسطينية منزوعة السلاح وتطبيع التعليم وتنظيم انتخابات تحت إشراف الموساد والشاباك والمخابرات الغربية عموما.
ما طرحه عباس من تعهدات يؤكد وكأنه يملك من أوراق الضغط ما يجعل كيان الاحتلال والتحالف الصهيوني الصليبي يسلمون له بكل ما يريده، وانه قادر على فرض ذلك، لكن ما يطرحه لا يتفق مع تصريحاته المتكررة انه يطلب الحماية من إسرائيل.
من أفشل الحلول السلمية ودمر كل قرارا ت الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأمد كيان الاحتلال بكل احتياجاته ماديا ومعنويا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا هو من يملك 90 %من أوراق الأنظمة العربية التي تطلب المستحيل، فهم كما قال الشاعر: المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار.
الأوراق التي يمتلكها التحالف الصهيوني الصليبي تنتقل من يد مجرم إلى اشد إجراما منه ومن ظالم إلى اظلم ولذلك فالسلام الذي يتم التحدث عنه هو كما قال المفكر الفلسطيني الذي اغتالته المخابرات اليهودية (غسان كنفاني) هو استسلام لا سلام.
بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني السابق في مقابلته الأخيرة اعترف بمسؤولية بريطانيا عن تأسيس إسرائيل، ولما سئل عن طوفان الأقصى أيد إجرام اليهود وان سبيل إسرائيل لتحقيق السلام يمر من خلال سفك دماء العرب والمسلمين لأن إسرائيل بحاجة إلى الشعور بالأمان وهو منطق غريب كاللص الذي يسرق منزل الضحية ثم يريد قتل الضحية لكي يأمن عدم منازعته لاستعادته حقوقه .
عندما واجهه المذيع ان العرب قبلوا بكل الحلول السلمية وقدموا التنازلات من أجل الاستسلام لكن الدولة الفلسطينية اختفت من الخارطة وتقلصت إلى سلطة والآن انتهت إلى لا شيء، بوريس شرغ وذهب لشرب القهوة ولم يعد حتى الآن .

قد يعجبك ايضا