ربما أول نتيجة أو استنتاج للقاء القمة الروسي ـ الأمريكي، هو أن أمريكا باتت جادة أو أكثر جدية في محاولة إنهاء الحرب في أوكرانيا، ومسألة التفاوض وتعقيداته وتداخل أو تدخل أوروبا قد يفجّر مشكلات أو يضيف تعقيدات ولكنه لن يعطّل السلام إذا مارست أمريكا أقصى الضغوط على أوروبا وأوكرانيا «زيلنسكي»..
مقابل جدية أمريكا التي أفرزتها قمة «ألاسكا» لإنهاء الحرب والوصول لسلام مستدام في أوكرانيا تدفع أمريكا للمزيد من الحروب في منطقتنا وتتبنى كل مشاريع الكيان الصهيوني وكأنها باتت أهم مشاريع أمريكا عالمياً..
حروب أمريكا الإسرائيلية ستظل ضد المقاومة ومحور المقاومة والمطالبة والإصرار على أن تسلّم حماس أسلحتها وكذلك حزب الله في لبنان.. حروب قد تفجّر حروباً داخلية كما حالة لبنان..
ليس ذلك فحسب، بل يطرح الآن وبقوة ومن مصادر أمريكية أن الكيان الصهيوني على وشك تنفيذ عدوان على الجمهورية الإسلامية في إيران، فكيف تقرأ العلاقة بين ما يحدث تجاه أوكرانيا وما يتعامل به مع منطقتنا سواءً من محورية السياسة الأمريكية المتبنية لكل مشاريع الكيان الصهيوني وهي في الغالب أساس وصاحبة هذه المشاريع وهي تحتاج لإسرائيل كواجهة فقط..
السياسة الروسية في المنطقة لابد أن تتأثر بأي قدر بما يجري ويدور حول أوكرانيا..
لأنه حتى بعيداً عن نظرية المؤامرة ومسألة المقايضات العالمية، فإن روسيا في ظل ما يدار وما يدور حول أوكرانيا تحتاج إلى تخفيف مواقف الصدامية مع أمريكا في قضايا العالم الأخرى وتحديداً فيما يسمى الشرق الأوسط الجديد الذي يستأثر بتركيز واهتمام أمريكي استثنائي ربطاً بإسرائيل..
لا نريد في هذا الوضع وهذا التوقيت التأثير السلبي على علاقة روسيا بالمنطقة ومسألة نفوذها، ولكننا لا ندرى مثلاً ما الذي تريده روسيا من خلال استضافتها لمؤتمر «روسي – عربي» في موسكو خلال أكتوبر القادم، وإن كنا نعرف أن الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني من فوق أو من تحت الطاولة والمتواطئة إلى حد المشاركة في العدوان على غزة ستشارك وستكون ثقل الحضور، وهذا يعني أن روسيا تعنيها المصالح ولم تعد في منطقتنا تكترث بالمواجهة المباشرة والصدامية مع الاستعمار الغربي الأمريكي الإمبريالي..
من حق الناس في هذا السياق أن يتساءلون عن كون ما حدث في سوريا هو أمر واقع فرض من تفعيل الواقع الداخلي في سوريا أم هو تفعيل أمريكي برضى أو عدم اعتراض روسي..
إذا روسيا جيئ بها إلى سوريا كتدخل مباشر وبدعوة من الحكومة السورية الشرعية لمحاربة الإرهاب وبرضى ومباركة روسيا فإنه عندما ينتهى الأمر بالصورة التي تابعناها وسيطرة «الإرهاب» وفق التعريف الأمريكي قبل الروسي على الحكم في سوريا فكل ذلك يثير أسئلة منطق في كل المنطقة..
قد نكون غير قادرين على إجابات تقنع، ولكن ليس بمقدورنا منع طرح هذه التساؤلات حتى في ظل حرصنا الأكيد على العلاقات مع روسيا وعلى الدور الروسي المأمول..
دعونا نسلم ببداهة أن تلقائية ما يدار وما يدور حول أوكرانيا لابد أن يؤثر على موقف روسيا تجاه المنطقة وقضاياها، وبالتالي يعنينا التعامل مع روسيا من هذا الأساس وبهذا الوعي حتى لو أصبح دور روسيا دوراً مكملاً لدور الصين، ولعل الحرب القصيرة بين الهند وباكستان قدمت أنموذجاً لدور الصين والدور الروسي المكمل وقد يكون ذلك مؤقتاً في المسافة وفي تعدد الأدوار حتى تتبلور نتائج ما يدار وما يدور حول أوكرانيا..
علينا أن نثق بأن المقاومة ومحور المقاومة هي قوة ولديها من القوة ما يمكنها من مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي بالمنطقة، والدور المكّمل لروسيا – افتراضاً – نحن بحاجة حيوية إليه..
ما أنجزه اليمن بحرياً في مواجهة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني يؤكد اختلاف القياسات والمقاييس ويؤكد أن ما يقدمه الإعلام المتأمرك المتصهين هو مجرد حرب نفسية إعلامية لا تقاس بها الاستحقاقات والحقوق ولا معطيات ونتائج معارك وحروب..
إننا بانتظار الجديد أو المستجد كأن يشّن الكيان الصهيوني عدواناً جديداً على إيران أو تسير الحكومة اللبنانية في تنفيذ قرارها الأمريكي الإسرائيلي بانتزاع السلاح من حزب الله أو ينفذ «النتن» قرار السيطرة الكاملة على غزة، وحينها سيتغير المشهد وتنقلب الصورة وبما لا يتوقع أمريكياً وإسرائيلياً، والزمن بيننا!!.