-هل كان نتنياهو أو غيره ليتفوه بما تفوه به بشأن خرافة دولة إسرائيل الكبرى لو لم يكن كل هذا الخنوع والاستسلام والخذلان الذي أحاط بأشقائنا المجاهدين في غزة وكل ما أبداه ويبديه أرباب أنظمة العار والخزي في المنطقة من حرص وإصرار على تجريد كيانات المقاومة من سلاحها وتلك الرغبة العجيبة في الهرولة إلى مستنقع التطبيع البغيض.
– ما كان ليجرؤ نتنياهو ولا أي من قطعان الصهاينة المتطرفين أن يفصح أبدا عن مشروع “إسرائيل الكبرى” الذي بقي حبيس أدراج الفكر الصهيوني المتطرف لعقود، لو التزم العرب فقط الحياد في معركة طوفان الأقصى وتداعياتها ولم يسارعوا إلى تقديم الخدمة المجانية للعدو وجرائمه الوحشية التي آلمت قلوب وضمائر شعوب العالم ما خلا شعوب تتقاسم مع الضحايا روابط الدين والنسب والعقيدة والمصير المشترك.
-لم تكن تخرصات نتنياهو مجرد كلمات عابرة أو مفردات تضمنها برنامج انتخابي أو شعار للمزايدات والمناكفات الحزبية على مستوى الداخل الصهيوني وإنما مثلّت إعلانا صريحا وإيمانا عميقا بفكرة التوسع والتهام بلدان عربية بالكامل ومحوها من الوجود لصالح كيانه اللقيط بل ووصف ذلك بالمهمة التاريخية والروحانية التي أرسله الله لتنفيذها وتحقيق ما أسماه الحلم” التوراتي” ظلما وزورا وافتراء على التوراة والإنجيل وكل الشرائع السماوية والأرضية.
– هذا الوهم الصهيوني لم يكن وليد اللحظة ولكن تدرج أصحابه في الإعلان عن مضامينه في مراحل عديدة وصولا إلى ما كان يعلنه النتن ياهو مؤخرا من مصطلح الشرق الأوسط الجديد وإعادة رسم خريطة المنطقة وهو المصطلح الذي أطرب عقول أنظمة عديدة في المحيط العربي والإسلامي وشرعوا في الترويج له ووضع لبنات تأسيسه.
– نتنياهو لم يقل ما قال في لحظة انفعال عاطفية وإنما كان يعني كلماته تماما فهناك في البيت الأبيض كما عبر عن ذلك الإرهابي الآخر سموتريتش رئيس أمريكي لم يشهد له التاريخ مثيلا في دعم “إسرائيل” وهناك ضوء أوربي واضح وإن لم يُعلن إضافة إلى واقع عربي وإسلامي غير مسبوق في الاستسلام والانبطاح كان ثمرة عقود من التدجين والعمل الممنهج لجعل الكيان الدخيل بكل علاته وعاهاته جزء من المنظومة الجيو سياسية والاستراتيجية في المنطقة.
-عمر هذا الوهم الصهيوني يعود لأواخر القرن الثامن عشر منذ مؤتمر بازل الشهير ومنذ حقبة أبو الصهيونية الحديثة تيودور هارتزل إلى الإرهابي بن غوريون في خمسينيات القرن الماضي ولكنه ظل يعشش فقط في عقول الصهاينة يتناجون به سرا في مجالسهم ومنتدياتهم القذرة ولم يجرؤ أحد من قيادتهم البوح به علنا من على منبر صنع القرار في الكيان حتى التقط نتنياهو اللحظة ووجد الفرصة المناسبة.
-بعض البلدان العربية والإسلامية لم تعد في موقف المناهض للمشروع الصهيوني أو الصامت المحايد فقط وانما في موقف المتواطئ والمساعد والداعم بصورة مباشرة وتمارس في الخفاء ضد الأمة وحقوقها ومقدساتها جرائم توازي أو تفوق ما ينفذه العدو الصهيوني من فظائع بحق الأشقاء في فلسطين الجريحة وغيرها من شعوب الأمة المقهورة والمغلوبة على أمرها.
وللحديث بقية بإذن الله.