النظام القضائي الإلكتروني بداية الطريق

نجيب الرماح

في وقتٍ يئن فيه المواطن تحت وطأة بطء التقاضي، وتأجيل الجلسات، وتعقيد الإجراءات، تخرج وزارة العدل بقيادة وزير العدل القاضي مجاهد أحمد عبدالله بخطوة جريئة طال انتظارها ، إطلاق النظام القضائي الإلكتروني. خطوة تمثل بارقة أمل في طريق طويل، لكنها في الوقت نفسه رسالة واضحة لكل من يعرقل الإصلاحات: زمن المماطلة إلى زوال.

المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن أمام بوابات المحاكم لم تعد خافية على أحد. سنوات من الركض وراء الملفات، وأعوام من الانتظار لحكمٍ قد يتأخر أكثر مما يجب، جعلت الناس يفقدون الثقة في قدرة المنظومة على إنصافهم في وقت معقول. العدالة المتأخرة ليست عدالة… إنها ظلم مضاعف.

بإشراف مباشر من وزير العدل وحقوق الإنسان ، جاء النظام القضائي الإلكتروني ليكون أكثر من مجرد منصة لتسجيل الدعاوى. إنه حجر الأساس لعدالة أسرع وأكثر شفافية، يضع نهاية للفوضى في الملفات، ويوفر قاعدة بيانات دقيقة بأسماء الخصوم، أرقامهم، وعناوينهم، ويؤسس لإعلانات قضائية إلكترونية تصل إلى المدعى عليه برسالة نصية موثقة، بما يختصر شهورًا من الإجراءات إلى دقائق معدودة.

لكن الأهم من ذلك، أن هذه الخطوة التاريخية التي يقودها وزير العدل تمهد لمرحلة التقاضي الإلكتروني الكامل، حيث يستطيع الخصوم تبادل دفوعهم ومستنداتهم عبر النظام، ويحصل القاضي على الصورة الكاملة للقضية دون انتظار شهور بين الجلسات. بل وسيفتح الباب يومًا ما أمام المحاكمات عن بُعد، لتختفي الحواجز الجغرافية، ويصبح المواطن قادرًا على المثول أمام القضاء حتى لو كان خارج البلاد.

غير أن هذه الخطوة لن تكتمل ما لم تجد الدعم الشعبي والإرادة السياسية. هناك من يسخر، ويهوّن من قيمة هذه الاصلاحات، ويتمسك بالأساليب القديمة لأنها تضمن استمرار الفوضى التي يتغذون منها. لكن الحقيقة أن استمرار الوضع الحالي هو خيانة لحق المواطن في عدالة سريعة ومنصفة.

إن وزير العدل القاضي مجاهد، وهو يضع يده على جرح العدالة، يدرك أن الاصلاحات القضائيه لن تنجح إلا إذا واصل السير بخطوات أسرع نحو التحديث الشامل. والتاريخ لن يرحم من يقف في وجه ذلك أو يتقاعس عن نصرة العدالة.

فالعدالة لا تنتظر، والشعب الذي ذاق مرارة البطء والتسويف، لن يقبل بأن تعود عقارب الساعة إلى الوراء. النظام القضائي الإلكتروني هو البداية… والخطوة التالية يجب أن تكون تسريع وتيرة الإصلاحات القضائيه نحو التحول الرقمي الشامل لأن العدالة إذا تأخرت… فهي ليست عدالة.

قد يعجبك ايضا