في العام 2000م تمكّن مقاتلو حزب الله من دحر جيش الاحتلال من جنوب لبنان وتحريره، كانت لحظات لا تنسى، لأوّل مرّة يهرب هذا الجيش من أرض عربية، وبالطبع رافقه في الهروب العميل أنطوان لحد وزمرته، وبعدها بفترة قصيرة، ذهبت إلى الجنوب المحرر، وصلت إلى آخر نقطة، ثلاثة أمتار فقط كانت تفصلني عن أرض فلسطين، يا لها من لحظة عاطفية.
في يوليو عام 2006م، عايشت الأيام الأولى من الحرب بين حزب الله وجيش الاحتلال، كان يمكن للعدو الوصول إلى بيروت كما حدث العام 1982م، غير أن بسالة مقاتلي الحزب كانت على قدر المسؤولية، فبقيت المقاومة صامدة متماسكة، وبقي الجنوب أمانة في رقاب كل مقاتلي الحزب، وهو الذي يدافع عن كلّ ذرّة من أرض لبنان.
حزب الله كان وما زال السند الحقيقي للمقاومة الفلسطينية، ارتقى الكثير من الشهداء على درب فلسطين، وحتى اللحظة مازال مستمرا على عهده بالوقوف مع الشعب الفلسطيني ومقاومته وقضيته، مازال يرى في الكيان الصهيوني العدو للأمة العربية والإسلامية، وهو كذلك بالطبع، في حين مازال بعض العرب، أو عربان الردّة المتصهينين يواصلون الانبطاح والركوع.
اليوم يطلبون من حزب الله تسليم سلاحه، وكأنّهم يقودون لبنان إلى الانتحار والاستسلام، رغم أنّه الضمانة الأكيدة في الدفاع عن اللبنانيين من شمال الوطن حتى جنوبه، وهؤلاء الذين يطالبونه بتسليم سلاحه، إنّما ينفّذون أجندة الأمريكان المشبوهة، والتي تطمح بالقضاء على كل مقاومة محيطة بكيان الاحتلال، فالهدف الأسمى هو ضمان أمن كيان العدو، حتى لو كان ذلك على حساب انتحار لبنان ورفع الراية البيضاء، وهذا لن يكون أبدا، مادام حزب الله يتنفّس حريّة وبطولة ومقاومة.
وإذا كان هؤلاء يريدون من الحزب تسليم سلاحه، فماذا عن الآخرين؟ أقصد هنا بعض القوى والأحزاب اللبنانية، التي تعادي حزب الله، وهي منذ سنوات تقوم بتسليح أعضائها تحسّبا لمواجهة لا نريدها مع الحزب، فلا أحد في لبنان يتمنّى حربا أهلية، لا قدّر الله.
عشرة آلاف مقاتل لدى حزب القوات اللبنانية، جماعة سمير جعجع، ودولة عربية تقوم بتقديم كلّ أنواع الدعم لهذه القوات، نكاية بحزب الله، لا أحد في لبنان يجرؤ على الطلب من جعجع وقواته تسليم أسلحتهم، إضافة لذلك.. فإنّ مقاتلي قوات جعجع يتلقّون تدريبات على أيدي ضباط عرب، والهدف في النهاية هو التحسّب لمواجهة مع حزب الله.
إنّ قوّة لبنان تتمثّل بوجود حزب الله، الضمانة للجميع، والوحيد الذي يرفع شعار العداء مع الصهاينة، وكيف للحزب أن يسلّم سلاحه ومازالت أراض لبنانية في الجنوب تحت الاحتلال؟
مقامرة كبيرة يقدم عليها بعض سياسيي لبنان، ستضع هذا البلد في مرمى الاستهداف الدائم، لا بل والابتزاز، في حين أن استمرار الحزب متماسكا وقويا، سيجعل كيان الاحتلال يحسب ألف حساب لأيّ مغامرة قادمة.
أتذكّر بحسرة بالغة الرئيس اللبناني الأسبق المحترم أميل لحّود، الذي كان من أشدّ مناصري المقاومة، حيث قال « إنّ تسليم السلاح في خضّم المعركة خيانة بالمفهوم العسكري» !
كاتب فلسطيني