قد يبرز لنا شخص عتيق يقول أن الاحتفال باليوم العالمي للشباب الذي احتفل به العالم يوم أمس الثاني عشر من أغسطس، هو من البدع التي يجب الابتعاد عنها، وأنا اتفق معه في وجهة نظره وأخالفه في الفكرة، لأني أرى ويرى غيري من أصحاب العلم والفكر والثقافة، أن الفكرة أن الاحتفال يمكن أن يكون بالدراسة والبحث والتدقيق والتفحص فيما قدمته الدولة والمجتمع والأسرة والفرد للشباب اليمني، وكذلك التنقيب عن مواهب وإبداعات وابتكارات الشباب، ودعم طموحهم وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم، لأن الشباب كما جاء في تعريف ابن حجر أصله الحركة، والنشاط، وهو اسم لمن بلغ إلى أن يكمل ثلاثين»، «وهو من كان دون الكهولة»، ويقول القرطبي أن الشباب في المفهوم: «يقال له حدث إلى ست عشرة سنة، ثم شاب إلى اثنتين وثلاثين، ثم كهل، وقال ابن نجيم: «فإذا بلغ فهو شاب وفتى إلى ثلاثين سنة أو ثلاث وثلاثين على الاختلاف»، وقد فصل الله عز ّ وجل ّ ذلك في القرآن الكريم فقال جل ذكره: ُ?هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ? وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى? مِن قَبْلُ ? وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ? سورة غافر الآية 67.
قد نحتاج إلى المشاركة في اليوم العالمي للاحتفال بالشباب، ليس للصخب والرقص واللهو، وإنما للتذكير بشباب اليمن الذين تم القضاء على أحلامهم وطموحاتهم، وتم سحق قدراتهم وابتكاراتهم في ظل العدوان والحصار، وكذلك نشارك في الاحتفال للتذكير بشباب فلسطين الذين يتم أبادتهم وحرمانهم من الحياة على يد الكيان الغاصب، شباب اليمن وشباب فلسطين والكثير من شباب العرب يعيشون هذه المناسبة وهم يمرون بأوضاع مأساوية، يشكلها شبح الإبادة الجماعية لشعب فلسطين، التي يشهدها العالم كل يوم، والتي لم تستثن احدا بما فيهم النشء والشباب والرياضيين، يحل اليوم العالمي للشباب وانتهاكات الكيان الغاصب من قتل واقتحامات واستيطان وتجويع وتشريد مستمرة.
تصريحات الأمم المتحدة عن أهمية اليوم العالمي للشباب لهذا العام 2025م، بحسب قولهم انه يتزامن مع اقتراب الذكرى الثلاثين لبرنامج العمل العالمي للشباب، الذي يعتبر أن الشباب فاعلين رئيسيين في التنمية المستدامة والحوكمة التشاركية، هذا الكلام لا يختلف عليه اثنان، فالشباب بالفعل هم النسبة الأكبر في التعداد السكاني لأي دولة تحترم ولا يتدخل احد في شؤونها الداخلية، ولا يتم الاعتداء عليها ولا يتم حصارها ولا يباد ويقتل شبابها، وفي هذه الحال من القتل والإبادة والحصار والتدخل في الشؤون الداخلية، لا يختلف اثنان أيضا أن الشباب يصبح في حالة من الضياع والعجز ويصبح تعداد السكان بين نشء وكهل، وتمضي الأيام والسنين والدولة فاقدة لدور الشباب في التنمية المستدامة والحوكمة التشاركية، ولا قيمة لمخرجات المؤتمر الأول للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية، ولا قيمة لعقد المؤتمر الثاني للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية الذي سوف يعقد في نوفمبر 2025م، ما لم يشارك الشباب برؤيا حول وقف حرب الإبادة لشباب فلسطين والعدوان والحصار على شباب يمن الإيمان.
الاحتفال باليوم العالمي للشباب أقيم في نيروبي «كينيا»، لماذا لم تفكر الأمم المتحدة بإقامة اليوم العالمي للشباب في قطاع غزة لتوجه بذلك رسالة قوية لمن يدعون السلام ولمن ينادون بإنقاذ أطفال وشباب غزة من المجاعة والإبادة وهم غير صادقين في تصريحاتهم، عن منفذ رفح «مصر» أتحدث وعن أي منفذ من الأردن أو من أي دولة مجاورة يمكن من خلاله أن يتم إيصال المعونات وقوافل التغذية والعلاج لشباب فلسطين «غزة»، الذي تشير المعلومات انه في العام 2023م وبالتحديد ليلة العدوان على غزة في أكتوبر من العام نفسه كان يقيم في دولة فلسطين نحو 5.6 مليون فلسطيني منهم 1.2 مليون شاب وشابة 18-29 سنة، وهي ما نسبته 22% من إجمالي السكان في فلسطين منها 21% في قطاع غزة، هذه النسبة ربما أصبحت الآن 1% فقط من الشباب الذين لا يزالون يصارعون سبل البقاء على قيد الحياة.