
–
زواج القاصرات.. آلام بدنية وضغوطات نفسية وقوانين حبيسة الأدراج
> كثيرة هي الدراسات والتوعيات التي ذكرت ومازالت مستمرة في أمل الوصول إلى الحد من ظاهرة زواج القاصرات إلا أن البعض مازالت تحكمهم النظرة المجتمعية القاصرة مقارنة بذويهم ومن سبقهم بأن ذلك لم يكن له أي جوانب سلبية تذكر ولم يعلموا أننا في زمن غير ذاك الذي مضى حيث كانت البنية قوية والصحة البدنية سليمة كذلك الأمراض التي تؤطرنا واحدة تلو الأخرى ومع أننا نلامس هذا على أرض الواقع في كثير من البيوت والمستشفيات والمراكز الصحية التي تكثر فيها نسبة وفيات الأمهات لأسباب متعددة نتيجتها الزواج المبكر إلا أن عقول من تسيطر عليهم العادات والتقاليد والأعذار الواهية التي يرددونها لازالت بحاجة إلى تغيير و فرمته بأسلوب حضاري تتكفله التوعية…
تحقيق/ أمل عبده الجندي
مضاعفات خطيرة
تقول الدكتورة أحلام الذبحاني أخصائية نساء وولادة: إن الحمل والولادة المبكرة له العديد من المضاعفات التي تؤثر على صحة الأم الصغيرة كالارتعاج وهو التشنج النفاسي وعسر المخاض بسبب قلة تناسب حجم الحوض مع حجم الجنين الذي يمكن أن يؤدي إلى وفاة الأم وإلى مضاعفات خطيرة مثل الناسور الولادي (ناسور مهبلي شرجي أو ناسور مهبلي إحليلي ) بالإضافة إلى تسمم الحمل بسبب ارتفاع ضغط الدم في فترة الحمل وتورم الساقين مع نزول زلال في البول وهذا يؤدي إلى تأخير نمو الجنين بسبب انخفاض الدم المغذية التي تصل الجنين ما يؤدي إلى كثير من المضاعفات مثل اختناق الجنين داخل الرحم وحدوث تشنجات وغيبوبة وكذلك الإجهاض والعدوى البكتيرية والأمراض المنقولة جنسيا والحمل خارج الرحم والتأثير النفسي.
الجهل
تقول الدكتورة عفاف العيمي أستاذة علم الاجتماع: إن زواج الصغيرات له أسباب كثيرة من أهمها العادات والتقاليد والفقر نتيجة لضغوط الحاجة كونه من الظواهر الاجتماعية التي تنتشر في المناطق الشعبية والريفية بسبب جهل مدقع بعقول كثير من أولياء الأمور لذا فإنه لابد أن تكون هناك زيادة في الوعي لدى المواطنين بالآثار السلبية للزواج المبكر والاهتمام بالتوعية الدينية للفتيات المقبلات على الزواج المبكر كما تلعب الثقافة في انتشار الزواج المبكر كون الثقافة اليمنية تحبذ الزواج المبكر بل تدعو إليه وفي اعتقادي أن أغلب من يزوجون بناتهم في سن مبكرة ما يدفعهم لذلك إلا الفقر والتفكك الأسري والأمية وما هي إلا دوافع غير طبيعية.
وأشارت العيمي إلى أن مثل هذا الزواج يؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق نتيجة لعدم التوافق الزواجي وحرمان الفتيات من حقوقهن في اختيار أزواجهن ووضع الفتيات في موقف المسئولية الاجتماعية قبل بلوغ مرحلة النضج بالإضافة إلى الكثير من المضاعفات الاجتماعية منها عدم الاستمرار في استكمال العملية التعليمية وحرمانها من حنان الوالدين وعيش طفولتها كما ينبغي وتحمل مسئولية لم تكن قادرة عليها إضافة إلى أن كثرة الولادات تجعل المرأة تقترب إلى سن الشيخوخة في سن مبكر.
المصالح المادية
وقالت الدكتورة نفيسة الجائفي رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة: إن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بحسب هيكلته فإن دوره وضع سياسات واستراتيجيات ومراجعة القوانين والتشريعات إضافة إلى متابعة تنفيذ الخطط الوطنية ورصد ما يتم تنفيذه من حقوق الأم والطفل في الجمهورية اليمنية وكذلك رفع الوعي باتفاقية حقوق الطفل في المجتمع ومزايا أصحاب القرار ودعم العمل الطوعي وهذه هي المهام التي ذكرت في قرار الإنشاء والتي على ضوئها نخرج خططنا وأنشطتنا السنوية.
وأوضحت الجائفي أن ما يخص زواج الصغيرات فهي مثلها مثل الفتى الصغير ربما هناك بعض الخصوصية لتفرق الطفل الفتى عن الفتاة في اليمن وهي تسرب أو عدم إلتحاق الفتيات في المدارس ولكن أغلبها جودة التعليم الصحة التحصين التغذية ممارسة العنف التهريب النزاعات المسلحة مع القانون فكلها تقريباٍ متساوية بين الذكور والإناث وإن زادت النسبة ترجح فئة عن أخرى لكن يعتبر هماٍ مشتركاٍ والهم هو تعمد بعض أولياء الأمور بعدم إلحاق الفتيات في المدارس أو تزويجهن صغيرات من أجل المصلحة في ابتغاء مكاسب مادية دون وعيه بالتوافق الاجتماعي والثقافي أو فرق السن بين الزوج والزوجة مما أدى إلى حالات طلاق وإلى ظهور بعض الحالات النفسية.
15 سنة كحد أدنى
وأضافت الجائفي: لقد غيرنا مصطلح صغيرات في السن إلى قاصرات أي لم تبلغ سن الرشد وذلك بسبب الاختلاف والجدال في المعنى وبحسب تعريفات رجال الفقه والشريعة والعلماء أنه لا يكون قبل سن ال ( 15 ) سنة.
وتقول الجائفي: كنا نود أن يكون السن الأدنى للزواج 18 سنة ولكن قبلنا أن ينخفض إلى 16 أو 15 سنة على أن يكون هناك تحديد سن معين لأن الوضع الحالي في القانون مفتوح ولا يوجد تحديد ما جعل هناك آباء يزوجون بناتهم قبل البلوغ وتظل في حضانته إلى حين البلوغ ويسلمها إلى مفترسها وهذا نتيجة عدم وجود القانون الذي يحمي هذه الفتاة في حين أنه من الممكن أن يحصل البلوغ في سن تسع سنوات وهذا ليس مقياساٍ للرشد ولا تكون الفتاة مهيأة لتكوين الأسرة التي هي نواة المجتمع والتي تعتبر مسئولة تنشأة وتربية الأطفال والاهتمام بصحتها وتغذيتها حتى تتهيأ للمرور بمرحلة الحمل والولادة وهذه كلها كان يجب عليها تحديد السن الأدنى للزواج.
مشروع قانون حبيس الأدراج
ونوهت الجائفي إلى أنه تم إعداد دراسة والتي كانت مسحاٍ لبعض الأماكن قام بها عضو مجلس النواب الدكتور نجيب غانم عن العلاقة بين سن إنجاب الصغيرة نتيجة الزواج المبكر وبين المضاعفات التي تمت من خلال وفاة المواليد وقلة وزنهم أو تعرضهم للاختناقات والتسمم بالإضافة إلى مشاكل الأم الصحية من خلال ارتفاع الضغط الناسور نزيف ما بعد الولادة فقدان الرحم صدمات نفسية وفاة الأم.
كما قيمت الدراسة أن الأطفال الآن سواء ذكر أم أنثى لابد من تنشئته وتربيته وتهيئته لدخول المدرسة وإعطائه حيزاٍ ومساحة من اللعب والاستمتاع بحقوقه فكيف نتوقع من أم طفلة لم تستمتع بهذه الحقوق ولم تحصل عليها أن تحرص أو تعلم ما هي هذه الحقوق لتمنحها لأبنائها وهذا ما يؤدي إلى نسب المشاكل العائلية بالطلاق والعنف وإلى ما هو ظاهر الآن من نسبة كبيرة من أطفال الشوارع لعدم وجود أسر تحتويهم وتهتم بهم بالإضافة إلى نسبة الأيتام التي زادت بسبب وفيات الأمهات.
وذكرت الجائفي أنه تم تقديم مشروع قانون في عام 2009م آملين فيه تحديد السن الأدنى للزواج وتم التصويت عليه في 2010م على أن يكون 17 سنة وكان التصويت بالإجماع ولكن لا نعلم كيف تم اختراق الإجراءات القانونية لمجلس النواب وتعليق إقرار القانون وظل هذا المشروع حبيس الأدراج ونحن الآن بصدد مشروع آخر لمناقشته في مجلس النواب وقد تم تقديم عدد من أوراق العمل من المختصين من أهل الشريعة والفقه والقانون والصحة ولا زلنا في تقديم المزيد حتى نرفع من الوعي المجتمعي ونسلط الضوء على أهمية هذه المشكلة.