يكتبها اليوم / عبدالفتاح البنوس

مصائد للموت ومراكز لتوزيع المخدرات

 

فضيحة مدوية جديدة، وجريمة ممنهجة بشعة تضاف إلى سلسلة الفضائح والجرائم الإسرائيلية والأمريكية التي يرتكبونها مع سبق الإصرار والترصد بحق أهالي قطاع غزة الذين تقطعت بهم السبل، ونال منهم الجوع، وبات شبح الموت جوعا يحاصرهم من كل ناحية، ولم يجدوا من سبيل سوى الذهاب نحو مراكز توزيع المساعدات التي تديريها شركة أمريكية بالتنسيق مع كيان العدو الإسرائيلي، من أجل الحصول على ما يسد رمقهم، وينقذ أطفالهم من الموت جوعا، في ظل الحصار الصهيوني الإجرامي المطبق الذي تفرضه سلطات الكيان المؤقت، على مرأى ومسمع العالم قاطبة، في جريمة لم يشهد لها التاريخ مثيلا على مر العصور .

إنه الجوع الذي دفع بهم للتوجه صوب هذه المراكز هربا من الموت، حالهم حال الغريق الذي يتعلق بقشة ظنا منه أنها ستنقذه من الغرق، رغم معرفتهم المسبقة بالنوايا الشيطانية الخبيثة لهذا الكيان وللشيطان الأكبر من وراء هذه الحركة الاستغلالية الاستفزازية التي تهدف إلى فرض خيار التهجير عليهم تحت يافطة المساعدات، وهناك كان الموت يترصدهم ومنتظرا لهم ، حيث وجدوا أنفسهم قد وقعوا في ما يشبه مصائد الموت، حيث تحولوا إلى هدف لرصاص القوات الصهيونية والعناصر الأمريكية والطائرات والقذائف الإسرائيلية التي جعلت منهم هدفا لها في سابقة خطيرة، تعد من أقذع صور جرائم الإبادة الجماعية وأكثرها توحشا وإجراما وجرأة .

والشاهد على هذه النزعة الإجرامية المتوحشة، هي تلكم الإحصائيات التي رصدت خلال شهر واحد فقط من عمل مراكز الموت، والتي يقال بأنها مراكز لتوزيع المساعدات، والتي سجلت ارتقاء ما يقارب 945 شهيدا من منتظري المساعدات، بعضهم قتلوا وهم يحملون أكياس القمح التي حصلوا عليها بشق الأنفس، والتي دفعوا أرواحهم ثمنا لها، والتي لم تصل إلى أسرهم وذويهم، وعلى الرغم من محدودية هذه المساعدات، ودرجة جودتها المتدنية جدا ، إلا أن القائمين على توزيعها وصرفها من الصهاينة والأمريكان عملوا بكل قذارة على تفخيخها من خلال تحويلها من مساعدات إلى وسيلة لتوزيع وترويج الحبوب المخدرة .

المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة كشف عن هذه الجريمة من خلال بيان صادر عنه، أشار فيه إلى اكتشاف عدد من المواطنين أقراصاً مخدّرة من نوع “Oxycodone” داخل أكياس الطحين التي حصلوا عليها من مراكز “المساعدات الأمريكية الإسرائيلية”، وهو ما جعل منها مراكز لتوزيع المخدرات، بالإضافة إلى كونها مراكز أو مصائد للموت، وهو ما أثار حالة من السخط والاستهجان في أوساط المواطنين ، الذين عبروا عن مخاوفهم من ذهاب الصهاينة والأمريكان لطحن الحبوب المخدرة وخلطها مع القمح، من أجل نشر الإدمان في أوساط الأهالي في قطاع غزة، ليتسنى لهم ربطهم بهذه المساعدات التي ستكون بمثابة ورقة الضغط عليهم لإجبارهم على النزوح .

و (حمَّل البيان الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه “الجريمة البشعة”، معتبراً أنها تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف النسيج المجتمعي الفلسطيني من خلال نشر الإدمان، واستغلال الحصار لإدخال المخدرات عبر قنوات المساعدات )، وأمام هذا الإجرام والتوحش المصحوب بهذه الممارسات اللا إنسانية التي تتنافى مع كافة الأعراف والقوانين واللوائح والاتفاقات والمعاهدات ذات الصلة بالجانب الإنساني، فإن المجتمع الدولي يتحمل كافة التبعات والآثار المترتبة على هذه الممارسات الإجرامية، وفي مقدمة ذلك الأمم المتحدة الجهة المعنية بتقديم وتوزيع المساعدات الغذائية والإيوائية للنازحين والمتضررين من الحروب والنزاعات، والتي تخلت عن مهامها ومسؤولياتها الإنسانية تحت ضغوط أمريكية وإسرائيلية، بتوقيف عمل منظماتها الإغاثية والتنصل عن واجباتها وتركها للحبل على الغارب، ليذهب القتلة للقيام بمهمة توزيع المساعدات في واحدة من الفضائح الأممية التي تكشف حقيقتها وتنسف حياديتها وإنسانيتها المزعومة .

خلاصة الخلاصة : مصائد الموت التي باتت نقاطاً لتوزيع وترويج الحبوب المخدرة، تعد وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة وكافة الهيئات والمنظمات المعنية بالإغاثة والمساعدات التابعة لها، وتعد أيضا وصمة عار في حق الولايات المتحدة الأمريكية التي أثبتت خستها ونذالتها وحقارتها، وتجردها من كل القيم والمبادئ الإنسانية، وأمام هذا الواقع المزري، نتطلع إلى مغادرة الأمم المتحدة مربع الصمت واللامبالاة، والعمل على القيام بمهامها ومسؤولياتها الإنسانية المنوطة بها في إغاثة أهالي قطاع غزة، وإيقاف عمل مصائد الموت وتوزيع المخدرات الأمريكية والصهيونية، التي تسيئ للعمل الإنساني وللإنسانية بشكل عام ..والعاقبة للمتقين .

 

قد يعجبك ايضا