جرائم وممارسات وحتى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعكس انحداراً خطيرا في موازين المسؤولية الدولية والاستراتيجية وتدق المسمار الأخير في نعش أكاذيب المدنية والشرعية الأخلاقية والدبلوماسية التي طالما تغنت بها الولايات المتحدة.
-حاولتُ طويلا إيجاد تفسير أو دوافع أو مبررات لما يقوم به ترامب بيد من يسميه “بيبي نتنياهو” من قتل الفلسطينيين الجائعين في مراكز انتظار المساعدات الأمريكية بقطاع غزة لكنني عجزت وأعيتني الحيلة في الوصول إلى نتيجة.
-يدفع القاتل غريب الأطوار الناس الجوعى أفواجا إلى نقاط تجمع محددة هو نفسه من أقامها ويجبر عشرات الآلاف من ضحاياه على الوقوف في طوابير طويلة تحت لهيب الشمس ومن ثم يرسل الطائرات الحربية والدبابات الحديثة إلى جانب قناصين تم إعدادهم مسبقا لقتلهم بدم بارد.
-تحولت مساعدات ترامب الغذائية التي يقدمها بعيدا عن مؤسسات الامم المتحدة ومنظمات الإغاثة المعنية إلى وسيلة قتل تُوزع على المحتاجين والباحثين عن بصيص أمل للحياة في أسلوب مبتكر لإزهاق الأرواح، لم يخطر على بال أكثر مخرجي أفلام الرعب الأمريكية ميولا للشر والوحشية وسفك الدماء على نطاق واسع.
– هذا النوع من القتل أصبح أمراً معتاداً في قطاع غزة يتكرر يوميا ويرتقي في هذه الساحات والمراكز عشرات الشهداء ويعود أضعافهم بجراحات بليغة فيما يبقى ترامب يراقب من بعيد فاعلية خطته في الفتك بالناس ويتلذذ كقاتل مسعور بمشاهد توزيع هداياه الملغمة على الجائعين.
-سياسة ترامب ووجباته الملغّمة تم أعدادها وتجهيزها بإتقان لتقتل أكبر عدد ممكن من المجوّعين الفلسطينيين ممن خذلهم العالم أجمع ووجد فيها المجرم نتنياهو أداة مثلى لتوسيع دائرة الإبادة الجماعية وتحويل الحاجات الأساسية للحياة الإنسانية إلى نقاط ضغط استراتيجية وجعل لقمة العيش وسيلة قذرة لإعادة رسم المشهد الديمغرافي للقطاع.
-أكثر من 570 شهيدا فلسطينيا وما يزيد عن أربعة آلاف إنسان في غزة أصيب بجراحات بليغة وجلهم من النساء والأطفال وكبار السن ممن تقطعت بهم السبل وانساقوا مجبرين خلف شائعات توزيع رغيف الخبز، وذلك خلال شهر فقط منذ أقر ترامب آلية المساعدات على الطريقة الأمريكية وما زال العشرات يسقطون يوميا في تلك المراكز القذرة التي تدار بإشراف مباشر من ترامب ومتبناه النتن ياهو.
-اعترافات العديد من ضباط وجنود الاحتلال الصهيوني قبل يومين بقتل الفلسطينيين في “مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة بتوجيهات عليا من قادة جيش الكيان وهو ما نشره الإعلام العبري تضع العالم وإنسانيته على المحك من جديد وتبرق بأسئلة كثيرة عمن سينتصر للإنسان والإنسانية في عالم اليوم ويسوق المجرمين إلى مقاصل العدالة الدولية، أم أن الجريمة ومرتكبوها سيواصلون بكل ثقة وطمأنينة هواياتهم في القتل بهذه الطريقة الوحشية بعيدا عن الحساب والعقاب؟
-إذا لم يكن للمجتمع الدولي موقف واضح من هذه الجرائم ويباشر دون إبطاء أو تلكؤ في اتخاذ إجراءات عملية لوقفها ومحاسبة المتورطين فيها فعلى هذا العالم أن ينتظر كوارث ومصائب وألوان عذاب من العدالة الإلهية لن يسلم من بأسه أحد على كوكب الأرض، وإن غدا لناظره قريب.