القابلات‮.. ‬دور ريادي‮ ‬في‮ ‬إنقاذ حياة الأمهات

كتب‮/ ‬نورالدين القعاري –
مازالت وفيات الأمهات والأطفال حديثي‮ ‬الولادة من أكبر المشاكل التي‮ ‬تواجهها اليمن‮ ‬حيث بلغ‮ ‬معدل وفيات الأمهات‮ ‬365‮ ‬حالة وفاة لكل‮ ‬100‭.‬000‮ ‬مولود حي‮ ‬ومعدل وفيات المواليد حديثي‮ ‬الولادة‮ ‬37‮ ‬حالة وفاة لكل‮ ‬1000‮ ‬مولود حي‮.‬
وقالت رئيسة الجمعية الوطنية للقابلات اليمنيات الدكتورة سعاد قاسم‮ ‬أن وفيات الأمهات والمواليد من أهم التحديات التي‮ ‬تواجه دول العالم حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية‮ ‬مضيفة بأن أكثر من خمس مائة ألف وفاة أمهات تحدث سنويا في‮ ‬العالم وان أكثر من امرأة تموت كل دقيقة لأسباب متعلقة بالحمل والولادة نظراٍ‮ ‬لافتقار المناطق النائية إلى الخدمات الأساسية وترتب على ذلك موت آلاف الأطفال في‮ ‬الأسبوع الأول من ولادتهم لافتقارهم إلى الحصول على خدمات صحة الأمومة ورعاية القبالة الماهرة‮ ‬وتواجه‮ ‬20‮ ‬امرأة أخرى مرضاٍ‮ ‬خطيراٍ‮ ‬أو طويل الأمد أو إعاقة مثل ناسور الولادة‮. ‬ولهذا فإن الأرياف في‮ ‬المجتمع اليمني‮ ‬بحاجة إلى القابلات الآن أكثر من أي‮ ‬وقت مضى‮ ‬وذلك‮ ‬يعود إلى تشتت تجمعاتها السكانية والتي‮ ‬يصعب الوصول إلى معظمها‮ ‬وبمواردها المحدودة‮ ‬ولا‮ ‬يتوفر فيها مراكز صحية كافية تحتاج إلى القابلات أكثر من أي‮ ‬وقت لذا فإن توفر القابلة المؤهلة أثناء الولادة ودورها خلال مرحلة الولادة مهم جداٍ‮ ‬خاصة في‮ ‬المناطق الريفية‮ ‬لاسيما وأن كثير من التحديات الأخرى تواجه الحامل خلال فترة الحمل‮.‬

صعوبات
حمدة أحمد‮ ‬إحدى القابلات في‮ ‬محافظة عمران‮ ‬تواجه بعض الصعوبات التي‮ ‬تقف أمامها حيث تقول لا‮ ‬يسمح لها بتوليد النساء بعد التخرج لأنها‮ ‬غير متزوجة ففي‮ ‬القرى والمناطق الريفية من محافظة عمران جرت العادة بأنه لا‮ ‬يسمح للقابلات‮ ‬غير المتزوجات بمساعدة النساء الحوامل أثناء الولادة بحسب العادات لاعتقادهم بأن هذا مصدر شؤم وأن الولادة سوف تتعسر ولن تتم بوجود فتاة‮ ‬غير متزوجة مع الحال أثناء الولادة ولهذا كانت الحوامل تستعين بالمولدات الشعبيات وهن نساء متزوجات كبيرات في‮ ‬السن‮ ‬غير مدربات‮.‬

عادات وتقاليد
وبالرغم من أن كل حامل بعد الولادة تصاب بحرارة مرتفعة وضعف عام لعدة أيام ولا تستطيع العناية المولوة إلا أن المولودة الشعبية تقول بأن هذا شيء طبيعي‮ ‬وفي‮ ‬أحد الأيام تزوجت إحدى زميلاتها في‮ ‬القرية وحملت وكانت حمدة تقدم الرعاية الصحية والنصائح حول التغذية خلال فترة الحمل لزميلتها وعند الولادة الحامل طلبت من أسرتها استدعاء زميلتها وهي‮ ‬قابلة‮ ‬غير متزوجة فرفضت أسرتها استدعاء قابلة‮ ‬غير متزوجة بحجة أن هذا مصدر شؤم وسوف تتعسر ولادتها وتم إحضار مولدة شعبية متزوجة‮ ‬غير مدربة إلا أن الحامل أصرت على استدعاء القابلة زميلتها لأنها مؤهلة في‮ ‬الولادة الطبيعية وتثق فيها وأن معتقداتهن ليس لها أساس وشرحت لهم بأن ممارسات المولدة الشعبية‮ ‬غير المدربة هي‮ ‬التي‮ ‬تعرض الحوامل للمضاعفات لأنها تستخدم أدوات‮ ‬غير معقمة وبعد إصرار الحامل تم استدعاء القابلة وقامت بعملية الولادة للحامل وكانت الولادة طبيعية والمولود بحالة صحية جيدة‮ ‬وكما هي‮ ‬العادة جاءت نساء القرية لزيارة الوالدة فلاحظن بأن الام بصحة جيدة ولم تتعسر ولادتها كما أنها لم تصب بالحرارة بعد الولادة واستغربن لذلك فشرحت لهن القابلة بأنها استخدمت أدوات معقمة حتى لا تصاب الأم والمولود بالحرارة نتيجة للعدوى واستغلت وجود عدد كبير من النساء وعملت لهن محاضرة حول أهمية التعقيم لأدوات التوليد والتغذية الصحية للأم والمولود والرضاعة الطبيعية والخالصة خلال‮ ‬6‮ ‬أشهر بعد الولادة كما شرحت لهن الأسباب التي‮ ‬تؤدي‮ ‬إلى تعسر الولادة مثل الزواج المبكر للفتيات الصغيرات في‮ ‬السن اللاتي‮ ‬يحملن قبل اكتمال نمو الأعضاء التناسلية وقصر القامة وأن معتقداتهن حول القابلة‮ ‬غير المتزوجة خاطئة وهي‮ ‬مجرد عادات سيئة في‮ ‬المجتمع‮ ‬يجب أن تتغير‮.‬

حديث القرية
بعد الاستماع إلى محاضرة قابلة وبعد أن شاهدت أمهات القرية بأعينهن أن الأم لم تتعسر ولم تصب بحرارة وصحتها جيدة قررن استدعاء القابلة للقيام بتوليد النساء وأصبحت القابلة حمدة وما عملته حديث القرية وتغيرت العادات السيئة في‮ ‬القرية ومنذ ذلك اليوم أصبحت تقوم بتوليد نساء القرية ونتيجة لسمعتها الجيدة تم اختيارها من قبل جمعية القابلات اليمنيات ضمن مجموعة أخرى من القابلات‮ ‬غير الموظفات لمشروع العمل الخاص وفتحت عيادة منزلية بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عبر مشروع تحسين معيشة المجتمع وهكذا نجحت حمدة وزميلتها بتغيير سلوك المجتمع في‮ ‬قريتهن‮.‬

إنقاذ مواليد
زينب علي‮ ‬محمد‮ ‬قابلة مؤهلة في‮ ‬قرية ريفية لا تتوفر فيها مرافق صحية تعمل في‮ ‬الصباح في‮ ‬مركز المديرية ولديها برنامج زيارات منزلية في‮ ‬المساء لتقديم التوعية الصحية والرعاية للنساء‮ ‬وفي‮ ‬أحد الأيام ذهبت لزيارة منزل أحد الأسر في‮ ‬القرية فوجدت امرأة وضعت قبل حضورها بدقائق وتمت الولادة بمساعدة أحد أقارب الأم كما هو الحال في‮ ‬كثير من الأسر في‮ ‬مجتمعنا‮ ‬فسألت عن المولودة وكانت الإجابة بأن المولود خرج ميتاٍ‮ ‬وينتظر الأب لأخذه ودفنه وأصرت زينب على مشاهدة المولود الذي‮ ‬كان في‮ ‬حالة اختناق نظراٍ‮ ‬لوجود السوائل في‮ ‬الأنف والفم فقامت بإجراءات إنعاش المولود وشفط السوائل من الأنف والفم وتدفئته فبدأ‮ ‬يتنفس ويبكي‮ ‬وقامت بملاحظته والعناية به حتى استقرت حالته وكانت سعادة وفرحة الأم لا توصف في‮ ‬تلك اللحظات عندما علمت أن طفلها حي‮ ‬يرزق‮.‬

قد يعجبك ايضا