أ.د. أحمد محمد الحداد –
عقد في الثلث الأخير من الشهر الماضي يونيو 2012م في البرازيل – مدينة ريو دي جانيرو – مؤتمر الأرض العالمي للتنمية المستدامة والذي سمي «ريو+20» تحت شعار المستقبل الذي نريد أو الاقتصاد الأخضر بحضور ومشاركة عالمية واسعة بلغ عددها 191 دولة جميعها وقعت على الوثيقة النهائية التي صدرت عن المؤتمر باسم مبادئ «ريو+20» والتزمت بالعمل على تنفيذها.
فما هي التنمية المستدامة ومتى بدأ العالم يتداولها والى أين وصلت حتى عام 2012م في وثيقة «ريو+20 « وما علاقة كل ذلك بالسياسة السكانية والصحية وأهداف الألفية في البلدان النامية التي من ضمنها اليمن ¿
هذا ما سنحاول تناوله في هذه المقالة تعميما للفائدة ومتابعة لأحداث العالم الهامة التي تنعكس مردوداتها بصورة مباشرة على الأوضاع المعيشية للسكان في بلادنا.
مفهوم التنمية المستدامة
هي حلقة الوصل بين الجيل الحالي والجيل القادم الذي يضمن استمرارية الحياة الإنسانية والعيش الكريم والتوزيع العادل للموارد داخل الدوله الواحدة وحتى بين الدول للجيلين معا.
وتكمن أهمية التنمية المستدامة كونها وسيلة لتقليص الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية في التبعية الاقتصادية والإنتاج الوطني بما يضمن حماية البيئة والعدالة الاجتماعيه وتحسين مستوى المعيشة والصحية والتعليم ورفع مستوى الدخل القومي للفرد والمجتمع والذي يجب أن يترك أرثا إنتاجيا مستداما ومفيدا للأجيال القادمة .
وهكذا فإن التنمية المستدامة ليست حالة ثابتة وإنما هي عمليه تغيير واستغلال للموارد وتوجيه الاستثمارات بما يواكب التطور التكنولوجي والتغيرات المؤسسية مع الاحتياجات المستقبلية فضلا عن الاحتياجات الحالية.
وباختصار فإن مصطلح التنمية المستدامة يعني (التعريف):
التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بموارد الأجيال المقبلة وتضمن الحفاظ على البشر والبيئة والثروات الطبيعية للبلد على المدى القريب والبعيد.
الخلفية التاريخية
تعود فكرة التنمية المستدامة الى السبعينيات من القرن العشرين على النحو التالي:
1)مؤتمر حدود النمو – نادي روما 1970 الذي كان بين أنصار النمو بأي ثمن والنشطاء البيئين وعلى إثره أصدر الاتحاد الدولي لحماية البيئة الطبيعية في نفس العام تقريرا بعنوان « الاستراتيجية العالمية للمحافظة على الطبيعة» أزيل بموجبه التناقض بين البيئة والتنمية وتأسيس فكرة التنمية المستدامة .
2)اقرار مبدأ «التنمية الملائمه للبيئة» عام 1972م عندما أقرت الأمم المتحده العلاقه بين الاقتصاد والبيئة التى تجعل التنمية الاقتصادية ملائمة للعدالة الاجتماعية وللحذر البيئي .
-3 لجنة بروتلاند 1987م التي أقرت مبادئ التنمية المستدامة بمبادرة ريئسة وزراء النرويج آنذاك جروهار بروتلاند تحت شعار»مستقبلنا المشترك»
-4مؤتمر الأرض الأول في البرازيل- مؤنمر ريودي جانيرو- عام 1992م بعنوان «المؤتمر العالمي للبيئه والتنمية» قدم خلاله الإطار التنموي الأكثر قدرة على تحقيق التنمية العادلة في العالم ومقاومة هجمة العولمة وتقديم بدائل عادلة وعملية لها سميت مبادئ ريودي جانيرو.
-5 مؤتمر الأرض الثاني في جوهانسبرج عام 2002م الذي أتاح الفرصة لرصد ما أنجزته الدول من تقدم نحو التنمية المستدامة وكان بعنوان» القمه العالميه للتنمية المستدامة»
-6 مؤتمر الأرض 2012م وسمي» ريو+20 « تحت شعار: «المستقبل الدي نريد» أو الاقتصاد الأخضر وقد عقد في مدينة ريو دي جانيرو – بالبرازيل- خلال الفترة من 20 -22 يونيو 2012م ووقع على وثيقته النهائيه 191 دوله.
مبادئ التنمية المستدامة
مبادئ لجنة بروتلاند عام 1987م
-1المبدأ الاحترازي على البيئة – والذي يعني أن الشك في وجود تأثير سلبي لمنتج معين أو ماده معينه حتى ولو كان بدون وجود أدله علميه مثبتة لايعني السماح بتداول هذه المادة بل عدم تداولها حتى يثبت علميا عدم خطر هذه المادة.
-2الاقتصاد والبيئة لهما نفس المكانة في التنمية المستدامة كما أنهما مرتبطان مع بعضهما البعض ومن المفروض أن تعطى الأولوية للمنافع قصيرة المدى التي لا تكون سببا في التدهور البيئي طويل المدى.
-3لا يمكن أن يكون الأقتصاد الرأسمالي مستداما لأنه يقوم على الاستنزاف المتواصل للموارد
-4 لا يمكن أن يكون النظام الاقتصادي الذي لا يحقق احتياجات الشعوب مستداما
-5معيار النمو المستدام هو العدالة والحفاض على البيئة محليا وعالميا والتوزيع المنصف للموارد بين الطبقات الاجتماعية في نفس الدولة وما بين الدول.
مبادئ ريودي جانيرو عام 1972م
-1إن الإنسان هو مركز التنمية المستدامة بمعنى أن له الحق في حياة صحية منتجة ومتسقة مع الطبيعة
-2إن خدمة الفقراء والمجموعات المهمشة هما أساس التنمية المستدامة
-3إن المشاركة الكاملة للمرأه ضرورية من أجل تحقيق التنمية المستدامة
-4 ان البحوث العلمية غير الأكيدة يجب أن لا تؤجل العمل لمنع التدهور البيئي
-5الدول المتقدمة مسئولة عن تحيقيق التنمية المستدامة للدول النامية نظرا للأثر الحاضر من مجتمعاتها على البيئة العالمية ونظرا للإمكانيات التكنولوجية والمادية لديها.
مبادئ « ريو+20 « 2012 م:
-1وضع أهداف إنمائية مستدامة وضمان الالتزام السياسي بها
-2التطبيق الفعلي لمبدأ الاقتصاد الأخضر في تحقيق التنمية المستدامه والقضاء على الفقر
-3تعزيز برنامج الأمم المتحده في مجال البيئة
-4وضع استراتيجيه عالميه لتمويل التنمية المستدامة
-5اعتماد اطار عملي لمعالجة الاستهلاك والإنتاج المستدام
-6التطبيق الفعلي لمبدأ المساواه بين الجنسين
-7الاعتراف بأهمية الالتزامات الطوعية للتنمية المستدامة
-8 ضرورة اشراك منظمات المجتمع المدني في وضع السياسات الأساسيه للتنمية المستدامة
-9العمل على انشاء وتعميم مشروع الأطلس العالمي للطاقه المتجدده المقدم من معهد مصدر في دولة الإمارات المتحده (الشمس والرياح لتوليد الطاقه).
التنمية الألفية
وقد كانت أهداف التنمية الألفية الثمانية MDGs) ) متوافقة تماماٍ مع أهداف السياسة السكانية في اليمن – حيث إن أهداف التنمية الألفية التي وضعتها الأمم المتحدة في سبتمبر عام 2000م للتنمية المستدامة في البلدان الأقل نموا حتى عام 2015م هي على النحو التالي:
-1 تقليص الفقر المدقع والجوع إلى النصف.
-2 تعميم التعليم الأساسي للجميع
-3 تعيزيز المساواة بين الجنسين(النوع الاجتماعي) وتمكين المرأة في السلطة
-4 خفض معدل وفيات الأطفال الى الثلث
-5 خفض معدل وفيات الأمهات الى الثلث
-6 مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز والسل والملاريا ودحر انتشارها
-7 ضمان بيئة سليمة مستدامة
8- تطوير الشراكه العالمية في التنمية المستدامة
وقد تم اختيار اليمن لتكون واحدة من 7 دول أخرى في العالم للحصول على المساعدات الدولية وعملت اليمن على ربط خططها التنموية المستدامة بأهداف الألفية وحددت «الغايات» لكل هدف من أهداف التنمية المستدامة على النحو التالي:-
أولاٍ:- حددت غايتان لتحقيق الهدف الأول هما:-
-1 تقليص عدد الذين يبلغ دخلهم أقل من دولار في اليوم الواحد.
-2 تقليص عدد الأفراد الذين يعانون من الفقر إلى النصف.
ثانياٍ:- حددت ثلاث غايات لتحقيق الهدف الثاني والثالث والرابع على النحو التالي:-
-1 التحقق من أن جميع الأطفال ذكوراٍ وإناثاٍ يستطيعون إتمام المرحلة الأساسية من التعليم.
-2 خفض معدل وفيات الأطفال إلى خمس سنوات إلى الثلثين.
-3 إزالة التباين بين الجنسين في التعليم الأساسي والثانوي
ثالثاٍ:- حددت سبع غايات لتحقيق الأهداف من 8-5 على النحو التالي:-
-1 خفض معدلات وفيات الأمهات إلى 75 في كل 100 ألف ولادة حية
-2 إيقاف انتشار مرض نقص المناعة (الايدز) وتراجع معدلات المرض.
3- إيقاف انتشار مرض الملا ريا والسل وتراجع معدلات المرض.
-4 تضمين مبادئ التنمية المستدامة واستعادة الفاقد من المصادر البيئية .
-5 خفض نسبة السكان الذين يفتقرون إلى مصادر مياه آمنة.
-6 تحسين نوعية حياة سكان الأحياء والمناطق الفقيرة.
7 – تطوير نظام تجاري ومالي أكثر انفتاحاٍ وشراكة دولية متكافئة في قضايا التنمية المستدامة.
أهداف السياسة السكانية
وإذا كان محور السياسة السكانية هو الإجراءات التي تتخذها الدولة لإزالة الفجوة بين التنمية و الزيادة السكانية للبلد فإننا نلاحظ أن توصيات المؤتمرات الوطنية للسياسات السكانية «طويلة المدى» قد حددت أهداف السياسة السكانية في اليمن بحيث تنسجم مع مفهوم التنمية المستدامة ومبادئ الألفية الثمانية للتنمية المستدامة وعلى النحو المذكور آنفا وهي:
1- خفض معدلات وفيات الأمهات إلى 75 في كل 100 ألف ولادة حية
وتوفير المشورة وتنظيم الأسرة ومكافحة سوء التغذية.
2- خفض معدلات وفيات الرضع ليصل إلى 35 وفاة في كل ألف ولادة حية.
3- رفع متوسط توقع الحياة إلى 70 سنة فأعلى.
4- خفض معدل الخصوبة إلى اقل من 4 ولادات حية.
5- رفع معدل استخدامات وسائل تنظيم الأسرة إلى 56٪.
6- زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الأساسي وخاصة الفتيات.
7- العمل على تحقيق الترابط بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي.
8- خفض نسبة الأمية .
9 – التوزيع السكاني المتوازن مع متطلبات واحتياجات التنمية المستدامة .
10- تحقيق العدالة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.
-11 تعزيز الصحة والرفاهية للنشء والشباب وتحسين حياتهم .
12- دعم كبار السن وتحسين نوعية حياتهم.
-13 الوقاية من حالات العجز وإعادة تأهيل المعوقين.
* مدير مركز الدراسات السكانية
جامعة صنعاء