غياب الرياضة المدرسية.. أين الخلل؟

حسن الوريث

 

تعتبر الرياضة المدرسية أحد أهم الأركان الأساسية لتطوير الحركة الرياضة باعتبارها المنبع والانطلاقة الأولى للرياضي قبل أن يصل إلى النادي والمنتخب، فضلاً عن أهميتها في تهيئة التلاميذ لتلقي المعلومات تجسيداً لمقولة «العقل السليم في الجسم السليم».
كما أن الرياضة المدرسية تلعب دوراً هاماً في بناء اللاعب البناء الجسماني الصحيح من خلال أنشطة التربية البدنية المعمول بها في أغلب دول العالم باستثناء بلادنا التي غابت عنها وأصبحت الرياضة المدرسية في خبر كان، ويمكن من خلال جولة ميدانية في كل المدارس لأي شخص أن يتأكد من صحة كلامي هذا، فالرياضة المدرسية وحصص التربية البدنية تم تغييبها وبشكل منظم عن المدارس وأصبحت المدارس تستعين بالأندية الرياضية في المشاركات الرياضية إذا فكرت وزارة التربية والتعليم في إقامة بطولة مدرسية، بينما يفترض العكس، أي أن الأندية الرياضية هي التي يجب أن تستعين بالمدارس في رفدها باللاعبين في مختلف الألعاب الرياضية واعتقد أن هناك تغييباً رسمياً للرياضة المدرسية وقد يكون هذا التغييب عن قصد أو عن غير قصد المهم أنه حاصل فكل مدارسنا تقريباً غير مؤهلة لإقامة أي نشاط رياضي فيها حتى حصص التربية البدنية تم تحويلها إلى حصص لمواد أخرى ربما لأن مفهوم مسؤولينا عن الرياضة لا يختلف عن الرياضيات فمن يعد المناهج لا يعرف الفرق بينهما ولا يدرك أهمية التربية البدنية كأحد أهم الأنشطة التي تقدم للطالب لتقوية وبناء الجسم وكسب اللياقة إضافة إلى الترفيه الذي يفترض أن يحصل عليه الطالب ضمن المواد الدراسية ليستريح قليلاً من عناء الجهد الذهني بحسب رأي علماء النفس والاجتماع والصحة والرياضة، لكن علماءنا في مجال التربية والتعليم ضربوا بها عرض الحائط واخترعوا طريقة جديدة تتمثل في إلغاء التربية البدنية والرياضة المدرسية باعتبارها ربما لهواً ولعباً يعيق الطالب عن التحصيل العلمي.
لذلك فقد تخلفنا كثيراً وتحول طلابنا وشبابنا إلى مجالس القات بدلاً عن الملاعب الرياضية وإلى أحضان الجماعات الإرهابية بدلاً عن الأندية الشبابية والرياضية، وهكذا فإننا لا ندرك أهمية الحفاظ على شبابنا الذي يفترض أن يبدأ من المدرسة وبالتالي لا بد من إعادة النظر في المبنى المدرسي من حيث ضرورة توفر البنية التحتية من ملاعب وصالات رياضية وكذا إعادة حصص التربية البدنية إلى المدارس وإعداد مدرسي التربية البدنية الإعداد الأمثل لتقديم حصص الرياضة بأساليب حديثة تسهم في تطوير قدرات الطالب وبناء أجسامهم بناء سلماً واكتشاف مواهبهم وإبداعاتهم من خلال إقامة البطولات المدرسية والتنسيق مع الجهات المعنية بالرياضة لتطوير الرياضة المدرسية بما ينعكس إيجابا على الرياضة بشكل عام.
يجب علينا أولاً أن نعي أن المدرسة والجامعة والنادي ثلاثة أضلاع هامة لا بد من وجود تكامل فيما بينها لإنتاج رياضي مبدع، وهذا التكامل شرط أساسي لتطور الرياضة على اعتبار أن الرياضي يبدأ غالباً في المدرسة ثم ينتقل إلى الجامعة وبينهما أو بعدهما إلى النادي، وبالتالي فلا بد من وجود تنسيق كبير ومشترك بين مسؤولي الشباب والرياضة والتعليم العالي والتربية والتعليم وعليهم أن يعيدوا حساباتهم وأن يعملوا على إيجاد استراتيجية وطنية لإعادة الروح للرياضة المدرسية والرياضة الجامعية والرياضة بشكل عام كي ننطلق بالرياضة في بلادنا إلى مستويات أفضل ويمكن الاستفادة من الدول والبلدان التي سبقتنا في هذا الجانب، وليس عيباً أن نستفيد من الآخرين لكن العيب أن نبقى في أماكننا «محلك سر»، وليعلم الجميع أن الاهتمام بالرياضة يبدأ من المدرسة والجامعة..
فهل سيشهد العام الدراسي الجديد الذي بدأ مع إطلالة شهر محرم انطلاقة جديدة واهتماماً بالرياضة المدرسية أم أن الوضع سيستمر وتظل الرياضة المدرسية غائبة بقصد أو بدون قصد؟؟.. وربما يكون للحديث بقية لنعرف أين الخلل إضافة إلى الحديث عن الرياضة الجامعية.

قد يعجبك ايضا