المسلمون يتوحدون في ذكرى مولد سيد البشرية

 

مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف تعم مختلف الدول العربية والإسلامية

الثورة / افتكار القاضي

يحتفل المسلمون اليوم الـ 12 من شهر ربيع الأول في مختلف دول العالم العربي والإسلامي بمولد خير الورى وسيد الخلق وإمام المتقين ونبي الرحمة المهداة محمد رسول الله، حيث تبدأ الاحتفالات بهذه المناسبة العظيمة لدى الكثير من الدول العربية والإسلامية من غرة شهر ربيع الأول وتستمر طوال أسبوعين.
وتختلف مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من دولة إلى أخرى، بين فعاليات خطابية، وندوات دينية وثقافية ومسيرات جماهيرية وتخصيص ساحات للاحتفالات، وتزيين الشوارع والبيوت وبين المواكب الصوفية، واستعراضات لفرق فلكلورية شعبية وقصائد المديح النبوي وغيرها من الفعاليات والأنشطة المعبرة عن هذه المناسبة الغالية، وما يصاحبها من مظاهر الإنفاق والبر والإحسان والتراحم بين الناس.
وفيما يلي نقدم عرضا موجزا لمظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في العديد من الدول العربية والإسلامية.
الجزائر
يحتفل الجزائريون بالمولد النبوي الشريف كل عام بإقامة العديد من الفعاليات الاحتفالية، وهو من المظاهر المترسخة في أذهان الجزائريين واستمرار الشعب الجزائري في إحياء هذه المناسبة، يشكل مظهرا من مظاهر تمسكهم بهويتهم، على الرغم من سيطرة المستعمر ومحاولته طمس الهوية الجزائرية.
إلا أن هذه الاحتفالات كانت وما زالت وسيلة من وسائل الدفاع عن هوية الشعب الجزائري وقيمه ودينه في فترة حالكة الظلام ،وكانت للزوايا والطرق الصوفية والمساجد والعلماء فضل في إحياء وإبراز هوية الشعب الجزائري، أمام المد الثقافي الفرنسي الذى حاول من خلاله المستعمر تضليل عقول الجزائريين، خاصة في مدينة مستغانم ، فالاحتفال بها له ميزة ونكهة خاصة منذ القدم لأن مستغانم تتميز بالزوايا والطرق الصوفية المختلفة وهي ملتقى للطرق الصوفية والأولياء الصالحين والمقامات والعلماء ورجال الدعوة الذين كانوا دائما حاضرين عبر المسار التاريخي بأدوارهم في تحفيظ القرآن وتعاليم سنة المصطفى «صلى الله عليه وعلى آله وسلم».
مصر
يستقبل المصريون بمختلف شرائحهم ومكوناتهم ذكرى المولد النبوي الشريف بكل لهفة وشوق ، بل يعتبرون هذه المناسبة عيدا سنويا ، يحرصون على الاحتفال به بإقامة العديد من الفعاليات الدينية والثقافية وتكتظ مساجد وجوامع القاهرة والمحافظات المصرية بجموع المصلين عشية ذكرى المولد النبوي ، لتلاوة القرآن الكريم ، وإقامة الندوات والمحاضرات الدينية ، وإقامة مجالس الذكر وقراءة المدائح النبوية والأناشيد الدينية في هذا اليوم.
كما يحرصون على إعداد “حلوى” المولد بشتى أشكالها منذ وقت مبكر، وتحديدا قبل حلول ذكرى المولد بحوالي شهر، ويحرص المصريون على شراء عروس المولد وحصان المولد وتقديمها كهدايا وخصوصا للأطفال .
السودان
يحتفل السودانيون بهذه المناسبة كل عام بإقامة العديد من الفعاليات والأنشطة الرسمية والشعبية ، يكون الاحتفال بهذه المناسبة في السودان العاصمة بمدنها الثلاث (الخرطوم وأمدرمان وبحري) ، في أرض مخصصة تنصب الخيام فيها وتتلألأ الأنوار وترفع الرايات والأعلام وتسير المواكب الصوفية يتقدمها رجالات الدولة ومشايخ الطرق الصوفية والموسيقى العسكرية، يتبعهم حملة الزي الصوفي والشارات والأعلام، وصولا إلى أرض الاحتفال حيث تبدأ الدروس والمحاضرات وقصائد المديح التي تمتد حتى الليلة الختامية التي تختم بصلاة الصبح.
وتعتبر (السمسمية) من أشهر أنواع الحلويات التي يقبل عليها الكبار في هذا اليوم، وهي خلطة من الدقيق والسكر والسمسم، في حين يتلذذ الصغار بحلوى (العروسة) التي تصنع على شكل عروس بفستان زفاف من السكر بجانب حلوى (لكوم)، أما الوجبة الأكثر حضورًا في احتفالات المولد فهي الفتة أو «الثريد» التي توزع في أطباق كبيرة على الحضور مجانًا، وتتكفل بها الطرق الصوفية.
تونس
يتميز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في تونس بطقوس اجتماعية ودينية خاصة تجعل منه مناسبة فريدة. وخصوصا في مدينة عقبة التي تجعل منها في هذا اليوم مقصد آلاف الزوار من جميع أنحاء تونس، لكونها أول قبلة في ومنارة الإسلام في المغرب الإسلامي، وموطئ العلماء ومثوى الصحابة الأولين والأولياء الصالحين .
ويأخذ الاحتفال أشكالا عدة أهمها إقامة حلقات الذكر وقراءة القرآن ويمدح المبتهلون بالإنشاد الديني.
وتحتفي الأسر التونسية بالمولد النبوي الشريف على طريقتها المميزة. فتقوم بإعداد العصيدة بأنواعها (بالزقوقو والبيضاء) ، غالبا ما تؤجل حفلات عقد القران حتى تأتى في المولد النبوي الشريف وكذلك ختان الذكور.
ليبيا
يحرص المجتمع الليبي على الاحتفاء بالمولد النبوي، رغم الأوضاع والتوترات التي تشهدها البلاد، إلا أن الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة يستمر، حيث ينظم الصوفيون في ليبيا مسيرة احتفالية في قلب العاصمة طرابلس ويقومون بعمل سرادقات لقراءة القرآن والإنشاد وتوزيع الحلوى.
المغرب
تعتبر هذه المناسبة أحد الأعياد المهمة، وتتسم بطابع خاص لدى الشعب المغربي، ولعل أهم ما يميزها عن غيرها من المناسبات، الطقوس التي تحتفل بها.
وتعيش بعض المدن المغربية على امتداد أسبوع على إيقاع الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث تتنوع مظاهر الاحتفالات من محافظة إلى أخرى.. فتشهد شوارع مدينة مكناس وسط المغرب، خلال اليوم الأخير من الاحتفالات استعراضاً خاصا لفرق فلكلورية وتراثية وأخرى للأناشيد الدينية، بالإضافة إلى الندوات الفكرية ومعرض القرآن الكريم ، وكل هذه المظاهر تعكس تشبث المغاربة بجزء من تراثهم وحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما تشهد مدينة سلا قرب الرباط، مجموعة من استعراضات الفرق الفلكلورية بالشموع الضخمة التي تحمل على الأكتاف، ويبلغ طولها أربعة أمتار، تلك الشموع الذي يتداخل فيه الجانب التراثي بالجانب الديني، وتحمل هذه الشموع نقوشا لأسماء الله الحسنى وبعض الآيات القرآنية يشارك فيه الكبار كما الصغار ويجسد بحسب منظميه ردا على حملات الإساءة للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتختتم الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف بالمساجد، فبعد تبادل التهاني وأداء صلاة العشاء يقضي المصلون ليلتهم في تلاوة القرآن والامتداح النبوي الشريف والتضرع إلى الله لطلب العفو والمغفرة.
الأردن
بكل مشاعر البهجة والفرح والسرور، يستقبل الأردنيون في العاصمة عمان وكل محافظات الأردن ذكرى المولد النبوي الشريف حيث تعطل الدوائر الرسمية والحكومية أعمالها احتفاء بهذه المناسبة التاريخية والدينية العظيمة .
وتستمر الاحتفالات بيوم المولد النبوي في لمساجد والمراكز الدينية والثقافية وغيرها، حيث تقام مجالس السيرة النبوية والأناشيد الدينية التي تمجد ولادة ومسيرة وكفاح نبي الإسلام.. مع قراءات وتلاوات من القرآن الكريم، والأدعية والابتهالات الدينية.. والتواشيح الروحانية والمدائح، كما تتجلى مظاهر وأعمال البر والخير وزيارة الأرحام، وجلب الهدايا مثل حلوى المشبك، وغير ذلك من أطعم المأكولات الأخرى للآخرين، وتتلألأ الأنوار على المساجد والكثير من البيوت والمؤسسات الحكومية.
عمان
يحرص العمانيون على الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف كل عام، حيث تزخر سلطنة عمان بالكثير من الفنون الشعبية والتي تعكس صورة عاداتها الدينية، والثقافية، ومن هذه الفنون ((فن المولد النبوي الشريف)) وهو عبارة عن تجمع شعبي في جو ديني يردد فيه الحاضرون قصائد في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم –والشوق إلى الديار المكية وإلى المساجد الثلاثة، وبطولات المسلمين.
وهناك نوعان من الاحتفال بالمولد النبوي في عمان أولهما، المولد النبوي (وهو عبارة عن موشحات دينية، وأناشيد يقام في قالب ديني وقد يصاحبه الدف أحيانا) وينتشر هذا القسم في دول العالم الإسلامي قاطبة.
وثانيهما، المولد (وهو عبارة عن صف يتمايل أمام قائد المجموعة يتمايلون وهم يمدحون النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ويسمى هذا الفن بالهوامة) وينتشر في عمان والبحرين بشكل كبير.
ويطلق سلطان عمان على قاعة كبيرة في قصره اسم «قاعة المولد النبوي الشريف»، ويحضر العلماء من سنة وأباضية وشيعة مولد العدنان، كما تحتفل بيوت الأسر المالكة والمسؤولين بهذه المناسبة بإقامة الفعاليات الفرائحية المتنوعة بما فيها حفلات الأعراس .
سوريا
يحيي السوريون الاحتفال بالمولد النبوي كل عام بإقامة العديد من الأنشطة والفعاليات المعبرة عن المناسبة في المساجد والبيوت والأسواق ويحرصون على تزيين الشوارع بالأضواء والأعلام، ولف قطع الملبي في ورق السلوفان، ويستيقظ الدمشقيون على أنغام المدائح النبوية وتسميع الموشحات الدينية. ويفتتح المولد بتلاوة القرآن وقراءة المولد والأناشيد الدينية والمدائح النبوية وتوزيع أطباق الحلويات.
فلسطين
تتنوع مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ففي فلسطين تُقام جلسات الذكر في المساجد إلى جانب حفلات الإنشاد وقراءة القصائد في الأماكن العامة وتُقدّم الحلويات الشرقيّة، وتزين الشوارع وبعض البيوت بالأضواء والأعلام.
العراق
تشهد العاصمة بغداد والعديد من المدن العراقية احتفالات متنوعة بهذه المناسبة بمشاركة شعبية واسعة حيث تضاء الشموع، وتوزَّع الحلوى، وتقرأ الأناشيد وقصائد المديح النبوية تكتظّ المساجد والساحات العامة بالمحتفلين بالمولد النبوي الشريف. وخصوصا في مدينة أربيل.
وفي إقليم كردستان تتلى المدائح على أنغام الدفوف. وتنظم حفلات وحلقات للذكر والمديح يعددّ فيها عشّاق النبي خصاله ويطلبون شفاعته ويعبّرون عن حَرّ شوقهم لرؤياه.
ويجتمع البعض في حلقات حول منشدي السيرة النبوية.
تركيا
يحتشد الأتراك في الميادين والساحات العامة في يوم مولد الرسول الأعظم، وخصوصا في ميدان زيتون بورنو بمدينة إسطنبول، وتتلى القصائد والمدائح النبوية ، وتكتض المساجد في تركيا بالمصليين عقب صلاة العشاء لتلاوة القران والاستماع إلى الندوات والمحاضرات الدينية ويشارك الرئيس وعائلته تلك الاحتفالات، إلى جانب توزيع الهدايا والحلويات للمواطنين وخصوصا للأطفال.
أندونيسيا
يمثل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في إندونيسيا مناسبة عظيمة لإظهار مشاعر الحب والتعظيم للرسول الكريم وتعاليمه، وتقام الاحتفالات بالمساجد ومجالس العلم والمعاهد الدينية، بجانب ختان الأطفال وزيارة دور اليتامى وتوزيع الهدايا ومسابقة تلاوة القرآن، وقراءة الأناشيد وقصائد المديح النبوية .
باكستان
يحتفي الباكستانيون بمناسبة المولد النبوي الشريف بتعليق الزينات وتوزيع الطعام على الفقراء والمساكين. والخروج بمسيرات جماهيرية بالشوارع تهتف بالشعارات الدينية وبحب النبي الأعظم .
وهكذا يظل الاحتفال بمولد سيد ولد عدنان جزءاً راسخاً في الثقافة الشعبية العربية، والإسلامية، نظراً للتقاليد الاجتماعية والثقافية المرتبطة به ، وانعكاسا لتمسك المجتمعات العربية والإسلامية بهويتهم الإيمانية وبحبهم المتجدد لخير خلق الله .

قد يعجبك ايضا