يجب أن يكون المجتمع خير خلف للشهيد في رعاية أبنائه وتفقد أحوالهم

أبناء الشهداء.. مسؤولية مجتمعية وحكومية مقدسة

 

 

أبناء الشهداء ليسوا أيتاماً في بلد أزهر بدماء آبائهم وصمد بتضحياتهم وعطاءاتهم.. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان لأيتام الوطن وأبناء الحرية والكرامة.. نشطاء ومختصون يتحدثون لـ”الثورة” عن الواجب المجتمعي والحكومي تجاه براعم الوطن والعزة والاستقلال.. نتابع:

الثورة / أسماء البزاز

الناشطة شيماء الوجيه تحدثت فقالت: أيتام الشهداء ليسوا بأيتام لأن آباءهم أحياء عند الله يرزقون في ضيافة الله وليسوا بميتين، وهذا هو أول واجب علينا كمجتمع يدين بالولاء والتضحية التي قدمها الشهداء من أجل أن نحيا أعزاء وكرماء.
مؤكدة أهمية غرس تلك المفاهيم في نفوس أبنائهم أنهم ليسوا أيتاماً وأن عليهم أن يفتخروا بعطاء آبائهم الشهداء الذي لا يساويه عطاء والذي قابله الله سبحانه وتعالى بأسمى عطاء، وأن لا نجعلهم يحسون باليتم أبدا ونحن بجانبهم.
وأضافت: واجبنا تجاههم هو مساعدتهم دائما قدر المستطاع من دعم نفسي ومادي للتخفيف من معاناتهم ليس في فترة مناسباتية فحسب بل طوال العام.
أما بالنسبة للدور الحكومي فقالت الوجيه: يجب على الحكومة تقديم المساعدات (المادية) قدر المستطاع وأيضا متابعة تعليمهم المدرسي والجامعي ليكون تحصيلهم الدراسي على أرقى مستوى ،مستوى يليق بهم كأبناء شهداء.
ضمانات عامة
أما الحقوقية رجاء المؤيد فتستهل حديثها بقوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ1 فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ 2 وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) وقوله : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَـمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ ) وقوله عليه الصلاة والسلام حين قال: أو كما قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين مشيرا إلى أصبعيه السبابة والوسطى ، وهذا إنما يدل ويؤكد أهمية الاهتمام بالأيتام عامة من أبناء المسلمين، فما بالنا بأيتام الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الله دفاعا عن الوطن وعن المستضعفين من النساء والأطفال من تركوا بيوتهم وأزواجهم وأطفالهم بلا معيل، يحملون هم الأمة ، لا يرضون أن يتعرض الناس للعدوان ويكونوا بمنأى عن المسؤولية، لم يرضوا أن يكونوا في حياد ويقولوا نسلم ويسلم أبناؤنا ولا دخل لنا بما يحدث كما فعل المرتزقة ويفعل البعض من فاقدي الإحساس والشعور بالمسؤولية تجاه من افتدوهم بأرواحهم وأورثوهم عزة وكرامة ونصرا وقوة وتمكينا أذهل العالم بأسره.
وأضافت: هل جزاء إحسان المجاهدين والشهداء أن نترك أبناءهم بلا معيل ،إنهم لا يحتاجون فقط حاجة مادية بل هم إلى المحبة والحنان أحوج، فلم تذكر الآية في وصف من يكفر بيوم الدين حاجة اليتيم إلى الطعام بل ذكرت أن من يكذب بالدين هو الذي يدعُّ اليتيم “يدفعه دفعا شديدا” أي بشدة وغلظة وقسوة، عن حقه سواء كان حقا ماديا أو أي حق من الحقوق، وهذه الحقوق يتقاسمها الفرد والمجتمع والدولة، فحق اليتيم على الفرد أن يعامل بإحسان ورحمة وحنان، فقد روي عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله في معنى حديثه أن من مسح على رأس طفل يتيم خفف عنه من الذنوب بعدد شعر رأسه ، والإسهام في التخفيف عن احتياجه المادي وذلك مما حصل من ترغيب من رسول الله في أن من يكفل اليتيم يزاحمه على باب الجنة أو كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم، كذا حقه على الجماعة، فعلى المجتمع أن يرعى اليتيم ويرعى حقوقه ويحميه من أي ظلم أو سوء يراد به، حتى تعدد الزوجات الذي وجد الكثير فيه أنه تشريع إلهي ويرون أنه من حقهم أن يتزوجوا أكثر من زوجة دون علمهم بالسبب الحقيقي لذلك وهو الخوف من أن لا يقسطوا في اليتامى قال تعالى 🙁 وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) النساء (3).
أما حقه على الدولة فأوضحت المؤيد أن يكون له ضمان اجتماعي وأن تكفل تعليمه وعلاجه وتوفير الغذاء والدواء له وأن لا تتركه يطلب الناس ويحتاج أبداً وتوفير العمل له بعد إنهاء تعليمه وحماية حقوقه المادية والمعنوية، وأن تكون لأبناء الشهداء الأولوية على سائر الأطفال والناس فهم أبناء السابقين إلى الخيرات، لذا ينبغي أن يكونوا هم الأولى بالاهتمام والرعاية والاحتضان.
عقيدة حكيمة
من جهتها تقول الناشطة سميحة عقيدة: الشهداء رضوان الله عليهم تحركوا في إطار المسؤولية ، فعندما ينطلق المجاهد ليدافع عن دين الله وفي سبيل الله وحرصا منه على حماية الأرض وصون الأعراض من دنس المحتل باذلا روحه ودمه فإن ذلك لامتلاكه الوعي والبصيرة والرؤية السليمة للأحداث وما الذي يجب عليه فعرف دوره الهام فتحرك في الميدان مسترخصاً كل ثمين .
ومضت بالقول: وعندما تعرج روح الشهيد يترك وراءه أسرة كان في معظم الحالات هو معيلها خصوصا أطفاله الصغار فيصبحون أيتاما، وإذا كان الرسول صلوات الله عليه وآله حث على كفالة اليتيم بصورة عامة من باب المسؤولية وانطلاقا من روح التعاليم القرآنية فالأمر أكبر أمام أبناء الشهداء الذين هم عنوان صمودنا ورمز عزتنا، وهو واجب وأقل القليل مقابل عطاء الشهداء العظماء.
مبينة أنه لا بد أن يكون هناك دور تكاملي بين المجتمع والحكومة في رعاية هذه الشريحة العظيمة ولا يقتصر فقط على جهة دون أخرى بل يجب أن تقدم لهم الرعاية من كل شرائح المجتمع وأن يحاطوا بالاهتمام والحماية وأن تتشارك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في هذا الجانب ولتسهم بقدر المستطاع.
وتطرقت إلى وجود إسهامات عظيمة في هذا الجانب ورعاية أبناء الشهداء رغم ما يعانيه شعبنا من حصار وعدوان غاشم عطل كثيراً من الخدمات أو أعاقها وقلل فعاليتها وكفاءتها، فمنها ما يرعى الجانب التعليمي ومنها ما يرعى جانب المعيشة ومنها ما يخص الجانب الصحي.
وقالت عقيدة: على كل القطاعات أن تساهم بحسب إمكانيتها، فمثلا هناك معاهد وجامعات تقدم منحاً مجانية لأبناء الشهداء ليتعلموا ويمتلكوا القدرة على بناء مستقبلهم، وهناك هيئة الزكاة التي تساهم في دفع تكاليف زواجهم وتبني مشاريع مختلفة تخص أسر الشهداء، وهناك مؤسسات تعمل على تمكين أسر الشهداء من الإنتاج والاكتفاء الذاتي ،وعلى مستوى المدارس يتم تكريمهم في المناسبات المختلفة وتقديم مقاعد مجانية.
وأضافت: إن المطلوب هو تكثيف هذه الجهود وأن يكون لأبناء الشهداء الأولوية في كل مشاريع التنمية التي تقدم للمجتمع، وعلى الحكومة أن تهتم اهتماماً جاداً بهذا الجانب وأن تساهم في دفع الجميع نحو تحقيق الرعاية الكاملة لهم من خلال تبني مشاريع حقيقية تفتح باب المساهمة فيها وتسلط الضوء نحوهم عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، وأن يكون هناك اهتمام بهم لينمو هؤلاء الأبناء وهم يحملون روحية آباءهم الجهادية أوفياء لخطهم فلا يضيع أثرهم.
أيضا يجب أن تهتم الحكومة والأجهزة الخاصة كالقضاء مثلا بحل المشاكل التي يمكن أن تظهر في حياتهم مثل مشاكل السكن وحقوق الكفالة وولاية الأمر والمظالم التي قد تحدث لهم، وغيرها.
وختمت حديثها بالقول: وبتكاتف الجميع واستشعار المسؤولية وفي ظل قيادتنا الثورية المباركة والرعاية الجادة من قبل السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله ورعاه واهتمامه البالغ بهم سنجني الثمرة الطيبة بإذن الله.
واقع ملموس
من جانبه أوضح العلامة حسين السراجي: الشهداء هم الأكرمون وهم رموز هذا الوطن وهم السادة والقادة الذين ضحوا بالنيابة عنا واسترخصوا دماءهم لله سبحانه وتعالى وليس لهم قدر، وإنما الثواب والجزاء أن الله اصطفاهم واختارهم ليكونوا أحياء بجواره ولكنهم في المقابل امتحان واختبار لنا جميعاً إذ هؤلاء تركوا الأهل والأولاد ليبدأ الامتحان والتكريم واستشعار المسؤولية.
وبيَّن إن الدولة ممثلة بالحكومة بالدرجة الأساس معنية بذلك من خلال الرعاية الاجتماعية وضمان وصول سبل المعيشة الكريمة لهم من خلال المرتب والسلال الغذائية، وضمان تعليمهم وتأهيلهم بدءاً بالمدارس وحتى التعليم العالي وإعطائهم منحاً دراسية مجانية والمتابعة المستمرة لهم ،ومنحهم درجات وظيفية في كافة مؤسسات الدولة وإعطائهم الأولوية ،وضمان المسكن من خلال توزيع قطع أراض ومشاريع سكنية.
وقال: إن أهم تكريم للشهداء يتمثل في رعاية أسرهم والاهتمام بأطفالهم وترجمة ذلك في الواقع بما سبق، أما الاحتفالات الموسمية والفعاليات المصاحبة إذا لم تكن استكمالاً لما يجب فإنها مهرجات فقط.
وأكد أن مسؤولية المجتمع لا تقل عن مسؤولية الحكومة فالمجتمع يتعاطف ويحن فيمنحهم من العطف والحنان والتعاون ما نقص عليهم في هذا الجانب ،فيزورهم باستمرار من خلال تبني مبادرات مجتمعية فاعلة، فدور المجتمع مهم في هذا الجانب، والواقع أن المجتمع اليمني متراحم ومتكافل وهذا عامل من عوامل الصمود المهمة خلال الست العجاف .
خلَف الشهيد في أبنائه
الإعلامية والناشطة وفاء الكبسي تقول: العدوان الغاشم الإجرامي على شعبنا اليمني العظيم زاد الجراح والآلام وخلَّف مئات الآلاف من الشهداء، ولهذا تنامى أعداد الإيتام من أبناء الشهداء الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم في سبيل الدفاع عنا وعن الوطن ما يجعل رعاية أبناء الشهداء واحتضانهم مهمة إنسانية وواجباً دينياً ووطنياً مقدساً.
وأضافت: الاهتمام بهم ورعايتهم عرفاناً بالفضل والجميل، وكأقل واجب نقدمه تجاه تضحياتهم، لأن تضحيات شهدائنا العظماء هي تاج وأمانة علي جبين الوطن وعلى جبين كل يمني حر، الأيتام بشكل عام وصية ربنا ونبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جعل الله الإحسان إلى اليتيم سبيلاً للنجاة من عذاب يوم القيامة: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَة أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}.
وأوضحت أن الشعب اليمني شعب الإيمان والرحمة، وهم من وصفهم الرسول الأعظم بأنهم أرق قلوباً وألين أفئدة رغم الظروف القاسية والأزمات الصعبة التي يعيشها، لكنه شعب معطاء كريم لا يمكن أن يذل أو ينكسر أو ينحني .
واسترسلت: الشهداء هم أبناؤنا جميعاً يحتاجون للحب والحنان والاهتمام والرعاية الخاصة لإعدادهم اجتماعيا ونفسيا وتعليمياً وتربوياً لجعلهم قادرين على متابعة مسيرة الحياة، من خلال حل مشاكلهم ومساعدتهم وكفالتهم والاهتمام بتربيتهم ودراستهم وتأهيلهم وتنمية مواهبهم وقدراتهم والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة منهم، فالمسؤولية هنا هي مسؤولية الجميع لأنهم أمانة في أعناقنا.
مؤكدة أن على الدولة وعلى المجتمع بشكل عام أن يخلفوا الشهيد في أهله وأيتامه بأحسن خلافة، وأن يطعموهم، ويسقوهم، ويربوهم التربية الحسنة، ويخفِّفوا عنهم لوعة فراق عائلهم ووالدهم، وإنشاء مشاريع اقتصاديه يعود ريعها للأيتام وأبناء الشهداء في كل محافظات اليمن، وهذا أحد حقوق الشهيد على أمته التي تنازل هو أصلا لها عن حياته الشخصية من أجل أن تنتصب حياة أمته العامة على السعادة والعزة والكرامة المسقاة بدماء الشهداء الأبطال.

قد يعجبك ايضا