مراقبون: ضعف العمليّة الرقابيّة يصنع الفساد الذي يؤثّر بدوره على نصيب فئات اجتماعيّة من الخدمات العامة

 

لا بد من التفكير المشترك في كيفية إعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وأهمية مواكبة التطلعات لبناء الدولة اليمنية الحديثة وفقا للرؤية الوطنية .
باتت الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسات الدولة في مكافحة الفساد واضحة وفقا للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي أعلن عنها الرئيس المشاط وهنا يتجلى بوضوح أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به الهيئة العليا للفساد بالتعاون مع كل مواطن مهما كان موقعه الوظيفي انطلاقا من استشعاره للمسؤولية الوطنية وإدراكه بالمخاطر الكارثية التي يتسبب بها الفساد تجاه التنمية والاقتصاد والمجتمع ككل..تفاصيل أكثر نقرأها في السطور التالية:
الثورة /

محامي عام نيابات الأموال العامة القاضي مجاهد أحمد عبدالله نوه بدور نيابات الأموال العامة في التصدي لجرائم الفساد والمال العام واسترداد الأموال العامة المنهوبة، ولفت إلى دور نيابات الأموال العامة في تعزيز تنفيذ قرارات قيادة الدولة في توجهها نحو مكافحة الفساد والكسب غير المشروع وكذلك الخطة الإستراتيجية للسلطة القضائية 2019 – 2020م المتصلة بتنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وأشاد بالجهود التي تبذلها قيادة النيابة مع الجهات الأخرى في مراجعة وتطوير بعض التشريعات ذات العلاقة بمكافحة الفساد وحماية المال العام ضمن خطة المنظومة الوطنية للنزاهة والرؤية الوطنيه 2019 – 2020م، بما يتفق مع الجهود الهادفة إلى مكافحة الفساد وتعزيز دور نيابات الأموال في محاربة الفساد وحماية الاقتصاد الوطني .
وأشار محامي الأموال العامة، في اختتام ورشة العمل الرابعة حول تنفيذ الأحكام الجنائية وإجراءات تحصيل الأموال العامة، إلى أهمية تعزيز قدرات وكلاء وأعضاء النيابة العامة بالمهارات اللازمة في التعامل مع قضايا الفساد وهو ما هدفت إليه هذه الورشة وسابقاتها التي تأتي منسجمة مع متطلبات العمل القضائي.
ضعف العملية الرقابية
وأشار الباحث والمتخصص في مكافحة الفساد، سيف الحدّي، إلى أن ثمّة علاقة وطيدة ما بين الفساد وكثير من المشاكل الاجتماعيّة، مؤكداً أن “ضعف العمليّة الرقابيّة يصنع الفساد الذي يؤثّر بدوره على نصيب فئات اجتماعيّة من الخدمات والأموال وحقهم في العيش الكريم”.
ويشدّد الحدي على أن “الفساد هو أحد الأسباب الرئيسيّة لازدياد معدلات الفقر، لأنه يعمل على إضعاف الثقة في القوانين والمؤسسات العامة، وبالتالي يساعد على إيجاد بيئة طاردة لرأس المال المحلي، ونابذة لرأس المال الخارجي، وهذا ما يؤدي إلى ازدياد البطالة الناتجة عن عدم توفّر فرص عمل”.
ويوضح أن الفساد المالي والإداري المستشري في أجهزة القطاع العام ومؤسساته في اليمن، سبب رئيسي في ضعف جودة الخدمات المقدّمة للمواطن مثل التعليم والصحة والأمن والمياه والكهرباء”.
بوابة مكافحة الإفساد الممنهج
بدوره يرى الكاتب عبدالعزيز البغدادي أن الفساد مفردة مصاحبة للحياة وفي الحوار القرآني بيَّن الله والملائكة إشارة واضحة إلى هذه الحقيقة ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) إلى آخر الحوار في الآية الكريمة وما بعدها من سورة البقرة ، ولا ينبغي أن يفهم في هذا السياق أن الفساد قضاء وقدر يجب التسليم به، فالسياق عن حياة الإنسان وكل الكائنات وصراع الخير والشر ورسالته وسعيه للانتصار للخير في علاقته مع نفسه ومع الغير وهذا معنى الابتلاء (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
وأضاف: من هنا كان على الإنسان تنظيم علاقته بغيره وبقية الكائنات لإثبات حرصه على اجتياز الامتحان بنجاح والذي يبدأ من سن التمييز وينتهي بزوال العقل لأي سبب ، ولهذا اهتدى إلى الاحتكام لرئيس العائلة فرئيس القبيلة ثم الملك أو رئيس الدولة وانتقل في مفهوم الولاية من أسلوب الخضوع للأقوى إلى أسلوب الاختيار للأعقل والأرشد إلى أن وصل إلى هذه الهيكلية الواسعة لتعدد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وربط السلطة بالمسؤولية والانتقال من السلطة المطلقة إلى السلطة المقيدة ، ووجود نظام للفصل بين السلطات فصلاً تكاملياً في الغالب أو ما يعرف بـ(التعددية في إطار الوحدة).
وزاد بالقول: وفي ممارسة السلطات لواجباتها ظهرت الكثير من المشكلات أبرزها فساد هذه السلطات التي يفترض أن وجودها يهدف للقضاء على الجريمة ومنع اعتداء الإنسان على دم أخيه وماله وعرضه لتتحول من حام إلى معتد على حقوق الإنسان بكل تفرعاتها ، ولأن السلطة القضائية هي الحاكم لإيقاع العلاقة بين الفرد والمجتمع وكافة السلطات، فقد حرصت قوانين العالم على إعطائها الاستقلالية عن بقية السلطات حفاظا على مبدأ التوازن الذي يجب أن يسود بين كل الحقوق وكل الواجبات مع تقيدها بمبدأ سيادة القانون إلا أن هذه السلطة مع الأسف تبدو الآن أكثر فساداً من بقية السلطات.
إلى ذلك، يرى عدد من المتابعين عدم جدوى أي خطة تهدف إلى تقليل نسبة الفقر في اليمن، ما لم تكن مقترنة بخطوات جادة وحقيقيّة في مواجهة أشكال الفساد المستشري في اليمن، فلابد من التفكير المشترك في كيفية إعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتفعيل جهود مكافحة الفساد في هذه المرحلة المهمة من تاريخ اليمن وأهمية مواكبة التطلعات لبناء الدولة اليمنية الحديثة وفقا للرؤية الوطنية.

قد يعجبك ايضا