غزوة بدر الكبرى.. الدروس والعِبر

 

نوال أحمد

غزوة بدر الكبرى الحدث التاريخي في تاريخ الإسلام والمسلمين، وهي الذكرى العظيمة والجليلة والتي لأهميتها وثقها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وأسماها بيوم الفرقان، يوم السابع عشر من رمضان الذي قطع الله فيه دابر المشركين وأعز الإسلام والمسلمين.
فهذه الذكرى العظيمة بما حملته من دروس مهمة يستفيد منها المؤمنون المواجهون لقريش الأخرى في عصرنا الحاضر، هي ذكرى يستلهم منها المؤمنون قوة الإيمان والصبر عند المواجهة للأعداء والمجرمين من قوى الاستكبار العالمي ، ذكرى يتجدد معها الإيمان في القلوب، وتنبعث معها الهمم وتستقوي بها العزائم في نفوس المجاهدين.
ففي زمن تبليغ الرسالة لم يكن الطريق معبّداً لرسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، ولم تُفرش له الورود في ذلك الوقت ، وإنما كانت كل الطرق محفوفة بالتحديات والمخاطر، وقد واجه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله من كفار قريش والمنافقين كل أنواع الظلم، وشنوا عليه حروبا شرسة ومتعددة، منها ما كانت عسكرية وأخرى اقتصادية وإعلامية بهدف هزيمة الحق وإجهاض الدين والتكفير بالرسالة الإلهية التي كان يدعو الناس إليها.
فهذه الذكرى، ذكرى يوم الفرقان إنما هي لاستلهام الدروس من الصبر والثبات على الحق عند أزمة المواقف، ودروس الجهاد في البذل بالنفس والنفيس لإحقاق الحق وإبطال الباطل، واستلهام الدروس في التوكل على الله والاعتماد عليه مع الأخذ بأسباب النصر.
غزوة بدر الكبرى، نجدد ذكراها ليتجدد في قلوب المسلمين الشعور بالمسؤولية وقوة التحمل في مواجهة الأخطار والتحديات التي يصنعها أعداء الله ورسوله ، والانتصار للدين والمستضعفين ورفع راية الحق وجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى ، فلقد كان رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام، يجمع المسلمين في مجالس الذكر والعلم ويحثهم على الجهاد والقيام بمسؤولياتهم في مواجهة الباطل والانتصار للحق.
كان رسول الله يجمع المسلمين فيعلمهم ويربيهم ويرشدهم في كيفية الإيمان الحقيقي بالله عز وجل وتوثيق الصلة به جل وعلا ، يكشف لهم كيف يكون الارتباط بالله تعالى والترقي بهم في مدارج الإيمان من جهة ، وبهدف تربيتهم بالمواقف لأخذ حقوقهم وإثبات وجودهم وتكوينهم رجالاً مجاهدين بعد أن رباهم رجالاً ربانيين من جهة أخرى.
غزوة بدر الكبرى هي الذكرى الخالدة في تاريخ الإسلام، ليست ذكرى للتغنّي بها وبأمجاد الماضي، ولكنها مدرسة كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله هو الملهم والمعلم والمربي والقائد العسكري والميداني فيها، فهو من قام بكافة المهام العسكرية والقتالية وفي كل المستويات، من حيث التخطيط والتنظيم والزحف على الأعداء رغم قلة العدد والعدة، إلا أنه بالتجائهم إلى الله والتصديق بوعد الله جاءتهم المعونات الربانية، والإمداد الإلهي، وكان النصر فيها حليف رسول الله والمؤمنيين، والهزيمة النكراء حليف المشركين والكافرين.
لقد تعلمنا من غزوة بدر الكبرى أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كان قائدا عسكريا ورجلا سياسيا محنكا ،عظمة القيادة الموحدة، قوة الإيمان بالله والإرادة الصلبة في مواجهة الظالمين والمجرمين، الارتباط بالله والذكر والدعاء في وقت الشدائد، والتصديق بوعود الله في نصره للمؤمنين مهما كانت كثرة العدو ومهما بلغت قوته فقوة الله هي من تغلب كل قوة على هذه الأرض، فالهدف الحقيقي هو البحث عن الخلاص الجماعي للأمة، وتحقيق الحق وإقامة العدل، واسترجاع الحقوق المسلوبة للمستضعفين من أرض وحرية وكرامة وإنصاف للمظلومين، والتمكين لدين الله سبحانه وتعالى ورفع راية الحق فوق هذه الأرض.

قد يعجبك ايضا