“ولا تخاطبني في الذين ظلموا ؛ إنّهم مغرقون “

 

أشواق مهدي دومان
مصير مقرّر ، وقرار نافذ من تاريخ قوله وإلى يوم الدّين ، وفي الدِّين ( بكسر الدّال ) من الدَّين ( بفتح الدّال ) ، فالأول ( الدِّين ) : عبادات ومعاملات ترقى بالإنسان وتنطلق من العقيدة التي تسكن الرّوح فتكون عبادات تتم فيها تربيّة الجسد ؛ ليتأقلم وينسجم مع الرّوح ليترجما العقيدة أنموذجا سلوكيا يأخذ طابع التّعبّد والتّقرّب للّه ، كما لم يهمل ربّ العالمين تنمية روح الإنسان ليتأقلم وينسجم ويعتصم مع أخيه الإنسان بحبل اللّه ، و لهذا الاعتصام فقد كان الجانب الآخر من الدّيون التي لابدّ أن يقضيها الإنسان لابن أبيه ( آدم : عليه السّلام ) وذلك كلّه وفق أمر ونهي اللّه وتعنون تحت مدلول : المعاملات ، وهذه العبادات والمعاملات التي هي دِين اللّه ، وهي من الدَّين الذي على العباد إيفاؤه لربّهم ، ولأنفسهم بعضهم بعضا ، فإنْ قصّر الإنسان في أحدهما فهناك مبدأ للعقاب كما هو للثّواب الذي يُجازى به من أتقن فنّ العبادة ، وكذا فنّ المعاملات ، وفي كليهما قد يحدث أن يظلم الإنسان نفسه بتقصيره أو بتقاعسه عن إقامة تلك العبادات ، وقد يظلم غيره لو أجحف أو شرد عن أسلوب التّعامل مع غيره بمنهجيّة اللّه التي رسمها ليكون السّلام العادل بين خلقه من أيّ جنس أو شكل أو لون ،
ولنا أن نرى أنّ العبادة والمعاملات هي الجزء الظّاهر من الإنسان ، وتبقى العقيدة هي العمق والصّدق وأساس الانطلاقة الحقيقيّة لهذا العبد الذي لن ولم يُخلق له الكون ليعبث فيه ويفسد ويطغى ويظلم ؛ ولهذا فمع وجوده وحيث وجوده فقد أقرّ اللّه بأنّه (تعالى) ليس بظلّام للعبيد ، بينما قد يتظالم البشر ولكن لو فعلوا فكلّ شيء بثمنه ووزنه ولا يغفل اللّه عن مثقال ذرّة من احترام هذا الإنسان لدينه ؛ ولهذا فقد كان قرار الخالق المعبود بأن : ” ولا تخاطبني في الذين ظلموا ؛ إنّهم مغرقون ”
، والإغراق بمعناه المختص بالماء هو خاصّ بقوم سيّدنا نوح وهو في الواقع إغراق من جحد وكفر وظلم نفسه وغيره فكان الإغراق لهم تطهيرا للأرض من نجس الظلم ، ولتكن العبرة لمن ورائهم والذين قد يتغيّر أسلوب إغراقهم بما يتفق وجرمهم وظلمهم وزمنهم وظرفهم فهنا أعظم مثال لإغراق الظّالمين :
– إغراق العملاء والخونة والمرتزقة في وحل ارتزاقهم مع علمهم بما هم فيه من ظلم ، وعبادة لأمريكا وإسرائيل وبيعهم للبشر وللأوطان ، ومثلهم كلّ ظالم بصمته وحياده وتقاعسه عن قتال في سبيل اللّه وجهاد بالنّفس والمال وكلّ الممكن والمتاح لردع المعتدين المحتلين الظالمين فهذا الواجب واجب الجميع وليس موكلاً بفئة أو جهة أو حركة أو رجال مخصصين ، بل كل رجل قادر على حمل السلاح فلينفر خفيفا وثقيلا ، ولتجاهد المرأة بما هو متاح لها من اللّه ، وأعظم جهاد لها كلمة حقّ ولها الجهاد بالولد والمال ؛ فالمسؤولية مسؤولية الجميع ومن لم يكن على مستوى ردع الظلم بما يسّر اللّه له فهو ظالم سواء شعر بذلك أم تبلّد شعوره بالمسؤولية ، وحينها سيُغرق من حيث لا يشعر ليستبدل اللّه به آخر يحبّ اللّه ورسوله ، فيتمّ له التّمكين ، والسّلام!

قد يعجبك ايضا