الغش في الامتحانات.. ظاهرة سيئة والحد منها يتطلب تكاتف الأسر والجهات المختصة

علماء نفس: سلوك الغش غالباً ما يتطور من خلال بيئة تربوية واجتماعية توفر المناخ المناسب لذلك

 

الأسرة / وائل الشيباني

طلبة هذه الأيام يحاولون جاهدين اختراع طرق مبتكرة لا يعرفها المراقبون داخل قاعة الامتحان لتستمر حكاية الغش بين الطلاب والمعلمين إلى قدر غير معلوم برغم تزايد حدة العقوبات التي تفرضها بعض المدارس عليهم إلا أنها لم تمنع من تعود على ممارسة هذه السلوكيات من المجازفة التي قد تصيب وقد تخطئ دونما أدنى خوف من النتائج.. طرق الغش وتأثير هذا السلوك على الطالب من الناحية التعليمية والنفسية تجدونه في السياق التالي:

كل عام تأتي الطالبات بطرق جديدة للغش لم تكن موجودة في العام الذي سبقه لكي لا يتعرف عليها المراقب أو المراقبة داخل قاعات الامتحان هذا ما أوضحته المعلمة أفراح الصلوي – الأخصائية الاجتماعية وتضيف قائلة: نحن بدرونا نعمل كل عام بجهد مضاعف للحد من هذه الظاهرة السلبية ونقوم بتحذير الطالبات من عدم إحضار أي شيء سوى الأقلام المعروفة وعدم تناقلها داخل القاعة كما أوضحت أن الطالبات يبتكرن دائماٍ طرقاً جديدة للغش فمثلاً الاتفاق المسبق بين الطالبات بأنه في حالة سؤال أحداهن المراقبة أو الأستاذة داخل الامتحان بحجة التوضيح فإن هذا يعني نداء للإغاثة من قبل زميلاتها اللاتي يوصلن لها الحل فإذا كان السؤال بالإمكان الإجابة عنه بالإشارة فإن هناك إشارات محددة بين الطالبات لا يفهمها سواهن وإذا كان السؤال يحتاج للكتابة فإن من سيعطيها الحل تطلب مسطرة أو قلماً من الطالبة المتعثرة في الإجابة لتزويدها بالحل في تلك الأدوات ومن ثم إعادتها إليها فإذا كانت مادية فإننا نقوم بمعاقبتها وحرمانها من المادة أما إذا كانت بالإشارة فإن هذه الطريقة ذكية للغاية ويصعب اكتشافها وحتى وإن كشفت يصعب التعامل معها بسبب عدم وجود دليل مادي لإدانة الطالبة التي تغش.
لغة الإشارة
ويتفق معها المعلم وليد الخاوي بأن لغة الإشارات هي الوسيلة الأذكى التي يستخدمها الطالب في الغش فالطلاب يقومون بإرسال الحلول من واحد إلى آخر عبرها فبعد أن يؤشر الطالب لزميله بأصابع يده عن الفقرة التي يريدها يرد عليه الطالب فالعلامة ستكون صح أما إذا مسك القلم بيده الشمال فالإجابة ستكون خطأ هذا في حالة الأسئلة التي تحتوي على إشارات صح أو خطأ وكذلك الاختيارات فمسكة القلم باليمين تعني الاختيار الأول وبالشمال الاختيار الثاني وعند وضع القلم بالماسة فالاختيار سيكون الثالث أما في حالة عض القلم فإن الاختيار الرابع وهكذا يستمر الطلاب في ابتكار طرق جديدة كل عام وما إن نفهم الأولى حتى تظهر جديدة.
اجراءات احترازية
ومن جهته يؤكد احمد حسين النونو وكيل قطاع المناهج والتوجيه نائب رئيس اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية والتعليم بأن هناك إجراءات احترازية سعى من خلالها قطاع المناهج والتوجيه هذا العام للحد من ظاهرة الغش والاختلالات التي تواكب سير اختبارات الشهادة العامة ومنها إصدار سجل مصور لكل مركز اختباري يمكن القائمين على المركز من التحقق من جميع طلاب المركز من خلال مطابقة رقم جلوس الطالب مع السجل المصور كما تم طباعة نموذج اختباري لكل محافظة.
وأكد انه ستتم مصادرة أي هاتف محمول سيتم ضبطه مع أي طالب في قاعات الاختبارات وحرمان الطالب من الاختبار كما سيتم حرمان اي طالب يقوم بالغش ، مضيفاً ” نحن حريصون على مستقبل ابنائنا الطلاب وسلامتهم فقد تم مراعاة انعكاسات الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد على نفسياتهم عند وضع اسئلة الاختبارات.
وحث النونو أولياء أمور الطلاب إلى توعية أبنائهم بمخاطر الغش حيث سيتم حرمان الطالب من امتحان المادة التي يغش فيها وكذا عدم التجمهر أمام المراكز الاختبارية لما يمثله ذلك من عامل إزعاج وتشويش لأبنائنا الطلاب يفقدهم تركيزهم أثناء الإجابة .
هذا وقد أكد وكيل قطاع المناهج والتوجيه نائب رئيس اللجنة العليا للاختبارات انه من خلال الأيام الماضية على بدء الاختبارات العامة أظهرت استجابة كبيرة وفاعلية في الحد من ظاهر استخدام الهواتف والتي كانت هي الظاهرة الأكثر تفشيا في الأعوام الماضية وان ما تم رصده خلال الأيام الماضية لا تشكل أي نسبة وهي عبارة عن حالات فردية لعدد حالتين تم تتبعهما وضبطهما ومصادرة التليفونات واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم عبر اجهزة الضبط الأمنية، مؤكدا أنه لن يتم التهاون مع أي حالة للغش من شأنها تشويه العملية الاختبارية وسيتم التعامل مع أي حالة بكل صرامة في تطبيق الاجراءات القانونية والأمنية.
سلوك سلبي
فيما يرى علماء النفس التربوي بأن ظاهرة الغش سلوك ينمو لدى الفرد من خلال عوامل التنشئة الأسرية والاجتماعية وأن سلوك الغش غالباً ما يتطور من خلال بيئة تربوية واجتماعية توفر المناخ المناسب لذلك.
ولهذا كان لسلوك الغش بشكل عام خطر ليس على الفرد الغاش فقط بل على أفراد المجتمع أيضا وتزداد مشكلة الغش وخطورته عندما تمس الشريحة المتعلمة أو المثقفة في المجتمع من تلاميذ وطلبة المدارس أو الجامعات والذين يفترض أن تكون وسائل التربية والتعليم قد هذبت سلوكهم وصقلت أفكارهم سعياً وراء تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها.
خلق مذموم
الغش في الامتحانات خلق ذميم ومحرم، هكذا بدا الداعية وإمام مسجد التوحيد الأخ إبراهيم المخلافي حديثه وأضاف: الغش والخديعة خلقان مذمومان لا يتصف بهما الشخص الذي يخاف ربه وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (من غشنا فليس منا) وهذا على حسب قوله يعم كل غش في أي شيء كان ومما يزيد هذه التصرفات قبحاً أن الغش أو الغشاش يحمل صفة المنافقين قال تعالى (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) وبهذا يتبين للجميع بأن الغش في الامتحانات سلوك ذميم ومحرم سواء كانت المادة التي يختبر فيها دنيوية أو دينية لعموم الأحاديث والأدلة المتقدمة بخصوص هذا الشيء. واعتبر المخلافي هذه السلوكيات خيانة لعموم الأمة وليس للنفس فقط، وختم حديثه بالقول: الغش في الامتحانات محرم ومتناف مع تعاليم ديننا الإسلامي.

قد يعجبك ايضا