مركز النور للمكفوفين .. نجاحات رغم التحديات

300 كفيف لا يعرفون الاستسلام.. صامدون ومصرون على الاستمرار

> حسن إسماعيل: نناشد الجميع الوقوف إلى جانب المركز ليستمر في أداء رسالته

الثورة/ محمد شرف الروحاني
مركز النور للمكفوفين مؤسسة تعليمية وتربوية أنشئ في العاصمة
صنعاء سنة 1967م ليُسند إليه تأهيل وتعليم الأطفال واليافعين ممن فقدوا نعمة البصر، يفد إليه المئات من الطلاب المكفوفين من مختلف محافظات اليمن لينهلوا من العلم والمعرفة ويستمتعوا بمختلف الخدمات التي يقدمها المركز طيلة الفترة التي يمضونها في المركز على مستوى مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي وإعدادهم لاستكمال مرحلة التعليم الجامعي بعد أن يتخرجوا من الصف الثالث الثانوي وهو المستوى التعليمي الذي عنده تنتهي مهمة المركز لينتقل الطلاب إلى مرحلة التعليم الجامعي.
وبهذا فإن المركز يمثل لهؤلاء الطلاب الأمل ومحطة العبور إلى ساحات العلم والمعرفة لم يسلم هذا المركز من العدوان فقد تم استهدافه من قبل طائرات العدوان في الخامس من يناير عام 2016م في جريمة تضاف إلى سجل جرائم العدوان بحق اليمنيين ولا يزال اليمنيين يتذكرون هذه الجريمة التي اهتز لها الضمير العالمي.

“الثورة” قامت بزيارة إلى مركز النور للمكفوفين والتقت بمدير مركز النور الأستاذ حسن إسماعيل والذي يتذكر جريمة استهداف العدوان للمركز بمرارة وألم ويقول تعرض مركزنا لجريمة قصف شنيعة وظالمة من قبل العدوان السعودي الأمريكي في الخامس من يناير 2016م وألحقت الغارات الجوية بالمركز أضراراً كبيرة فقد تحطم السقف للسكن الذي كان يوجد فيه ما يزيد عن مائة طالب بالإضافة إلى المشرفين والعاملين المتواجدين في المركز ولحق ضرر كبير بالتجهيزات والمباني والوسائل الخاصة التابعة للمركز وتركت هذه الجريمة أضراراً كبيرة في الجوانب النفسية لأبنائنا الطلاب لا تزال آثارها في نفوس المكفوفين إلى يومنا هذا .
ويتابع حسن إسماعيل : كان الكثير ممن كانوا مقيمين في المركز قد شعروا بأن مستقبل حياتهم قد تعرض للدمار وأن أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم وتطلعاتهم المستقبلية قد تتعرض لمحاولة إحباطها وكسرها من خلال ذلك العمل الإجرامي الذي لحق بالمركز، لكن أولئك الذين لديهم إرادة قوية ولا يعرفون الاستسلام لصعوبات الحياة وأعمال المحبطين لم يستسلموا لهذه المأساة أللإنسانية حيث تم ترميم المركز من الخراب والدمار لذي لحق به من قبل أمانة العاصمة بقيادة الشهيد عبد القادر هلال وأصر الطلاب المكفوفون على الاستمرار في مواصلة تعليمهم من جديد صامدين مثلهم مثل بقية أفراد المجتمع في مواجهة ذلك العدوان الغاشم والظالم الذي تسبب في حدوث المآسي على أبناء هذا الشعب المظلوم.
اصرار على الاستمرار
ويضيف الأستاذ حسن إسماعيل يستفيد من خدمات المركز في الوقت الحاضر ما يزيد عن ثلاثمائة طالب كفيف الكثير منهم قادمون من مختلف محافظات الجمهورية ويستفيدون من خدمة السكن والتغذية والخدمات الاجتماعية التي يقدمها المركز أثناء العملية التعليمية.
ويحرص المركز كل الحرص على الاستمرار في تقديم خدماته للمنتسبين له من طلاب مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، إذ يتفانى الكادر العامل فيه من الإداريين والمعلمين والمشرفين وموظفو الخدمات الذين يزيد عددهم عن 130 شخصاً في بذل الجهود من أجل راحة وسلامة أبنائنا الطلاب الدارسين والمقيمين في المركز وذلك من خلال توفير كل ما من شأنه أن يجعل من تركوا أسرهم وجاءوا رغبة في طلب العلم والتسلح به في أفضل حال موفرين لهم البيئة المناسبة التي تجعلهم يمارسون حياتهم العلمية بكل اطمئنان
أقسام المركز
يقدم المركز خدماته لجموع الطلاب والعاملين من خلال عدة أقسام ومرافق نشير إلى أهمها فيما يأتي: القطاع التعليمي لمرحلة التعليم الأساسي ويُعد هذا القطاع أهم مرافق المركز كونه يقوم بمهمة تعليم الطلاب المكفوفين من الصف الأول وحتى الصف التاسع من مرحلة التعليم الأساسي، حيث يستقبل القسم المئات من الطلاب المكفوفين سواء أولئك المقيمين في السكن الداخلي التابع للمركز وكذلك الساكنين مع أسرهم في أمانة العاصمة الذين يأتون من منازلهم كل يوم بواسطة وسائل النقل التابعة للمركز، ويقوم بعملية التدريس كادر مؤهل من المعلمين المكفوفين وغير المكفوفين، حث يدرس الطلاب المكفوفون المنهج التابع لوزارة التربية والتعليم الذي يُدرس في بقية المدارس العامة بعد أن تمت طباعته بطريقة برايل وهي الطريقة التي يستخدمها المكفوفون في القراءة والكتابة، كما أن الطلاب الدارسين في المركز يستخدمون مختلف الوسائل التعليمية الخاصة بالقراءة والكتابة من أقلام ومكاتب وآلات بركنز وغيرها بما في ذلك ألواح التيلار التي تستخدم في مادة الرياضيات.
قسم الخدمات النفسية والاجتماعية
يقدم هذا القسم خدماته في المجال النفسي والاجتماعي من خلال الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين المؤهلين، حيث يقوم هذا بمتابعة المشكلات النفسية والاجتماعية للطلاب والعمل على تقديم المقترحات والمعالجات المطلوبة.
القسم الصحي
يوجد في المركز عيادة صحية تتولى تقديم الخدمات الصحية الأولية للطلاب الساكنين في المركز كالإسعافات الأولية وصرف العلاجات المتوفرة ونقل الحالات المرضية التي يصعب علاجها في المركز إلى إحد المستشفيات العامة، كما يقوم هذا القسم بنشر الوعي الصحي في أوساط الطلاب والعاملين.
السكن الداخلي
يتوفر في المركز خدمة السكن الداخلي للطلاب المكفوفين القادمين من المحافظات البعيدة، حيث يتكون المبنى من ثلاثة أدوار ويحتوي على خمسين غرفة نوم مجهزة بالأسرة والفرش والبطانيات ودواليب الملابس وتتسع الغرفة الواحدة لعدد أربعة طلاب, كما يحتوي مبنى السكن على المطبخ وصالة الطعام حيث يقوم المركز بتقديم التغذية المتنوعة وفقاً لجدول غذائي متنوع يتم وضعه وفقاً لمعايير صحية ويستفيد منه الطلاب وكذلك العاملون في المركز كالمشرفين وموظفي الحراسة والإداريين وغيرهم.
الدمج التعليمي والتربوي
يهتم المركز بعملية الدمج للطلاب المكفوفين في مدارس التعليم العام حيث يقوم المركز بدمج طلاب مرحلة التعليم الثانوي (أول ثانوي – ثاني ثانوي – ثالث ثانوي) للدراسة مع أقرانهم من غير المكفوفين في مدارس التعليم العام ويقوم المركز من خلال مشرف الدمج بنقل الطلاب من مبنى السكن في المركز عبر وسائل المواصلات التابعة للمركز بشكل يومي إلى المدارس العامة المهيأة لاستقبال الطلاب المكفوفين للدراسة فيها، ويتم تنفيذ برنامج الدمج بعد أن أنهى الطلاب المكفوفون دراستهم لمرحلة التعليم الأساسي في المركز وتم تأهيلهم على استخدام الوسائل التعليمية الخاصة بطريقة برايل،
ويهدف برنامج الدمج إلى بناء شخصية الطالب الكفيف من خلال تنمية قدراته وتعويده على الحركة الذاتية والتعامل مع الآخرين بصورة إيجابية وتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
مبدعون رغم الإعاقة
الإعاقة ليست إعاقة الجسد إنما هي إعاقة الروح والفكر ،يحتضن مركز النور للمكفوفين العديد من المواهب والمبدعين الذين تحدوا الإعاقة واستطاعوا أن يقدموا ما يقدمه اقرانهم وتميزوا في أكثر من مجال كالشعر والقصة والإلقاء و التقديم وغيرها من المجالات الإبداعية وخلال زيارتنا للمركز التقينا بالعديد من هؤلاء المبدعين البداية كانت مع الكفيف هارون العواضي الذي يبلغ من العمر 15 عاما ويمتلك موهبة الإلقاء وتقديم البرامج الإذاعية , هارون قدم العديد من الاحتفالات في المركز وتم استضافته في العديد من البرنامج والمقابلات الإذاعية في إذاعة يمن نيوزك ويمن تايمز والطفولة أف أم ويقوم حاليا بالتحضير لإعداد برنامج يستضيف موهبة من ذوي الإعاقة وموهبة من المبصرين إلى جانب مهارته السابقة يمتلك هارون العواضي موهبة كتابة الشعر.
المبدع عمر احمد الشيبة 13 عاما يمتلك هو الآخر موهبة الشعر والإلقاء والإنشاد شارك في العديد من البرامج ومنها مبادرة مرضى السرطان مبادرة صحوة كفيف
مجد الدين فيصل مجريش يمتلك موهبة الشعر وكتابة القصة القصيرة ومن كتابته : أبي مهما جارت الدنيا عليك ومهما زعزعت الظروف قوتك مهما اشتدت الحياة وعظمت مصائبها لم أرء قوتك تخور ولم أرء شدة بأسك تنهار لم أرك الا حاد العينيين كالصقر تزأر مثل الأسد ، أبي والله لا أتمنى إلا ان أكون مثلك.
المبدع عمر خالد 13 عاما يمتلك فن الإلقاء وإعلامي من الدرجة الأولى شارك في العديد من المسرحيات وقدم برنامج طفولتنا في الآفاق على إذاعة آفاق أف أم المبدع بشير حسين خميس يمتلك فن التمثيل وشارك في العديد المسرحيات داخل المركز وخارجه وتم استضافته في العديد من البرنامج الإذاعية وقدم برنامج طفولة أف أم ومؤلف مسرحي له رواية بعنوان ( خيانة صحب )
معوقات
يقول الأستاذ حسن إسماعيل مدير مركز النور للمكفوفين: في الحقيقة أن التمويل الرئيسي للمركز هو مصدر حكومي ممثل بأمانة العاصمة وصندوق رعاية وتأهيل المعاقين و للأسف منذ بداية الحرب والمركز تواجهه صعوبات متعددة إلى الآن فقد تم توقيف الاعتمادات و المخصصات المالية التي كان يتحصل عليها المركز من أمانة العاصمة ويواجه المركز مشكلة كبيرة ويعتبر صندوق رعاية وتأهيل المعاقين هو الممول الرئيسي للمركز الآن لكن أصبحت موارد الصندوق ضئيلة وهذا انعكس على المركز سلبا مما اضعف الأدوار الذي يقوم بها المركز تجاه التلاميذ المكفوفين.
إلى جانب انقطاع مرتبات الموظفين والذي يبلغ عددهم 130 شخصاً من موظفين ومتعاقدين ومتطوعين، هؤلاء الموظفون يقومون بالعديد من الخدمات الذي يحتاجها المركز.
ويوجه حسن إسماعيل مناشدة عبر صحيفة (الثورة ) إلى الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية وأيضا الأهلية والمنظمات الدولية أن تقف إلى جانب المركز حتى يستطيع تقديم خدماته إلى الطلاب كون هؤلاء الطلاب بحاجة ماسة إلى العملية التعليمية فإذا لم يتوفر لهم التعليم فإن مصيرهم سوف يكون الشوارع أو التسول وهذا الموضوع مهين لكرامة المكفوفين كون العملية التعليمية هي الحل الأنسب لهم ولا يجوز ان نعرضهم لمثل هذه المشكلات الاجتماعية.

قد يعجبك ايضا