من حومة الحرب.. نفثات شعرية.."جهاد القوافي"

الدريب…مدرسة شعرية

 

عفاف محمد

وَمَا الْحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ
هكذا قال حكيم الشعراء زهير بن أبي سلمى.
يقول ابن رشيق: “وكان الكلام كلُّه منثورًا، فاحتاجت العربُ إلى الغناء بمكارم أخلاقها، وطيب أعرافها، وذكر أيامها الصالحة، وأوطانِها النازحة، وفرسانها الأمجاد، وسُمَحَائها الأجواد؛ لتَهُزَّ أنفسها إلى الكرم، وتدُلُّ أبناءها على حسن الشيم، فتوهموا أعاريضَ جعلوها موازينَ الكلام…”.
يقول ابن سلام: “وإنَّما كان يكثر الشعرُ بالحروب التي بين الأحياء، نحو حرب الأوس والخزرج، أو قوم يغيرون ويُغَار عليهم، والذي قلل شعر قريش أنَّه لم يكن بينهم نائرة، ولم يُحاربوا، وذلك الذي قلل شعر عمان…”.
كان الشِّعر لا يذكو إلاَّ في الحرب، وتكون النائرات التي بين القوم سببًا في ازدهاره وقوَّته، حتى أنَّ القبائلَ العربية التي لم يكن بينها حروب، ولم تعرف بوقائع وأيام لم يزدهر فيها شعر.
وشعرنا العربي القديم شعر معارك وأيام، فقد كانت الغارة مَعْلَمًا واضحًا من معالم الحياة الجاهلية، وكانت الحروبُ بين القبائل لا تكاد تهدأ، وكان الشِّعر دائمًا يواكبها، لا يتخلَّف عنها في صغيرة ولا كبيرة، بل هو الذي كان يُشعِلها، ويوقد جذوتَها في كثيرٍ من الأحيان، وقد بلغ من مشاركة هذا الشعر في المعركة أنْ صار وثيقةً تاريخية مهمَّة عند المؤرخين والباحثين والدارسين، عند تَسجِيل أيام العرب وحروبها، بل هو من أهم الوثائق في هذا الميدان.
كان أدبنا العربي منذ أقدم العصور مجندًا لخدمة المعركة والحرب، ولو استَنطَقنا كتبَ التراث عند دَوْرِ الكلمة الجاهلية في وقائع العرب وغزواتهم لأمدّتنا بثروة لا تنضب، وذخيرة لا تنفد.
وكان أشهر فارس احتَفظت به ذاكرة الأجيال منذ القدم وحتى يومنا هذا هو: عنترة بن شداد، الذي طارت شهرتُه بالفروسية والشجاعة الخارقة منذ الجاهلية، حتى صار مثلاً رفيعًا للبسالة والبطولة الحربيَّة، فهو الذي دَوَّخ الأبطالَ في حروب داحس والغبراء، واستعاد – ببلائه في الحرب – مكانته وحريته اللتين فقدهما؛ بسبب عبوديته وسواد لونه.
والحديث يجرنا للشعر المعاصر الغني بالملاحم، حيث واليمن تتعرض اليوم لعدوان شرس فاق كل المقاييس من ناحية خطورة الأسلحة وعدد الجنود المستأجرة من كل حدب وصوب، من آفات الإجرام، ولكن بواسل اليمن تغلبوا على كل تلك الترسانة الحربية والجهوزية العالية التي تم التخطيط لها للإيقاع باليمن في شبكة الاصطياد.، وكما كان فرسان الميدان قد أبلوا بلاء حسناً في معارك الميدان، كذلك هم الشعراء الأفذاذ الذين برعوا في قوة اللفظ والمعنى وحسن الإشارة، التي صوروا بها أشعارهم الغنية بالعناصر الملحمية والحماسة والعزة، فكان تجددهم في المضامين شبيهًا بتجدد المعري، ودقتهم وازت دقة زهير، وبذلك يكونون قد أبدوا براعتهم الفنية التي نطقوا وكتبوا بها عن إحساس صادق، وتجارب حية، حيث وأكثر هؤلاء الشعراء هم في الأصل مجاهدون في سبيل الله.
اليوم سنتطرق في الحديث عن معلم يعتبر من الرعيل الأول من شعراء صعدة الشماء صعدة الثقافة والأدب والفن، إنه المعلم الذي ينفث من إحساسه ونفسه الشعري نصائح شعرية أو خطابية تستهدف التغيير في ضوء الثقافة القرآنية.. إنه الشاعر والأديب والناقد والمحدث الممتع ضيف الله الدريب” نظم الشعر الحسن، يختلف إلى مجلسه الشعراء، فيهل بمزنه الدفاق على حدائق الأزهار.
معكم نعلو علو هذا الشاعر الحصيف من يغتلي هجساً وتتدفق على لسانه أشعار ملتهبة مصحوبة بملكة نقدية، نعلو لتأمل ملامحه الشعرية، وقبلها فلنتعرف عليه:
الاسم/ ضيف الله حسين محمد الدريب
تاريخ ومحل الميلاد / 1970م
صعدة- مديرية حيدان – مران
الحالة الاجتماعية / متزوج وأب لأربعة أولاد وبنتين
المؤهلات العلمية / يدرس تمهيدي دكتوراه في الإدارة والتخطيط التربوي – كلية التربية – جامعة صنعاء
ماجستير في الإدارة والتخطيط التربوي كلية التربية صنعاء بتقدير امتياز
بكالوريوس دراسات عربية وإسلامية كلية التربية جامعة صنعاء بتقدير جيد جداً
ملخص الخبرة : قرآن كريم، لغة عربية، تربية إسلامية / المناهج / الادارة والتخطيط التربوي
العمل الإعلامي: الشعر / المسرحية / القصة
عدد سنوات الخبرة: 29 عامًا
أهم الخبرات
عضو في هيئة التدريس بكلية التربية جامعة صنعاء
مدير عام المناهج بوزارة التربية والتعليم،
مشرف على ورشة تأليف مناهج التعليم الذاتي،
مشرف على تأليف وثيقة التربية المهنية،
شارك في إثراء وثيقة بناء قدرات الإدارة العلمية في الازمات في الجمهورية اليمنية، رئيس فريق تأليف اللغة العربية للصف الثالث من مرحلة التعليم الاساسي، شارك في البرنامج التدريبي لمطوري المناهج ومعدي الأدلة التدريبية
كان له أثره الأدبي من خلال الدواوين التى وثقت له والتي تضمنت طلائعه الثقافية التي تفتحت على شمس المسيرة القرآنية التي تتوق لتصحيح المفاهيم الدينية وترسيخ القيم والأسس التربوية السليمة، وكذلك كان له أثره من خلال برنامج خيمة الشهيد النمري، وهو ممن يرون أن شعر هذه المرحلة حري بالعمل على نشر مفاهيمه والسير على منواله واستقصاء خطاه، والذي هو جزء من هويتنا وانتمائنا، هو شاعر من شعراء الموجة الحديثة ممن صاغوا الأبيات صياغة جيدة ومتماسكة ومتناسقة، رؤيته الفنية بعيدة المدى، يعرف أين تكمن قيمة المفردة وأين هو مكانها الصحيح، يجد المتابع لأعماله أنها تشمل نظامًا وجدانيًّا طازجًا يمتاز باخضرار الرؤية الجديدة والثورة العاطفية التي تخالطها ذهنية نابغة، هو ممن تأثروا بحركة إحياء مجد الماضي وبعث التراث الإسلامي، اعتز برؤيته للحياة وعمق إحساسه بماض حافل بالمجد والكرامة ليرفع الراية الإسلامية في وجه الحضارة الغربية الزاحفة
كان سر تألق الدريب هو تنوع معجمه اللغوي و امتيازه بوفرة الثقافة، وهذا هو الملاحظ من خلال برنامجه المتميز (خيمة الشهيد النمري) حيث يجد المتابع له أنه يمتلك حافظة متسعة ولديه استعداد فطري للقصيدة وملكته الشعرية مكنته من الإجادة والتحليق في عالم الشعر، وبفلسفته الشعرية التي أفاضها على الشعراء عبأ خواطرهم بحاسة التأمل والحدس، تجد أن ملاحظاته الشعرية تروق أصحاب المزاج الفني، حيث والكلمات الحماسية والمفاخرة بقومه وأمجادهم لزيمة حديثه وأعماله الشعرية التي وزع عليها حسه المرهف، واعتبرت لمحاته الشعرية إضاءات إلى صدى أحاسيسه، وذلك يدل على شدة مراسه وعلى قوة بأسه، لطالما أحبه الشعراء وانتشوا أنهم ضيوف خيمته الشعرية التي حملت كل معاني الأدب والفن، ليغمرهم من فيضه بإشارات من اختزان ذاكرته الشعرية التي هي ممتلئة بنقاوة حسه الفطري، بدت براعته الفنية من خلال علمه بأسرار التركيب الشعري ونسيج العبارات الأدبية ..
له ثلاثة دواويين مطبوعة جمعت فيها أعماله منها:
“أوتار الأشواق”، والذي حفر فيه الإهداء بلغة مرهفة واحرف وهاجة تقول:
الإهداء الى الذين قلوبهم في فراديس الجنان، وأجسادهم في ميادين العمل والإتقان، إلى المستضعفين الذين لم يبق منهم التشرد سوى اطلال من الرماد،
إلى أرباب الأقلام الصادقة وأمراء البيان الصافي وعشاق النور والفضيلة أهدي هذه الأوتار.
وكان هو من أرباب الأقلام الصادقة وأمراء البيان ..
وكذلك له ديوان آخر بعنوان “كيف تنتصر الدماء”
لم يختلف عن سابقه برقة الأسلوب وجزالة اللفظ وجمال السبك
وديوانه الثالث لازال تحت الطبع
ومن مؤلفاته الشعب عند الشابي، شعر العامية في مران، والعديد من المؤلفات التي يصعب حصرها، والتي تدل على رجاحة عقله واتزانه وحافظته الممتلئة وثراء معجمه اللغوي وكلها أعمال قيّمة تليق بمقامه الأدبي الرفيع الذي تشهد عليه إنتاجاته الغزيرة والمتنوعة، كان عطاؤه متشعبا ومتميزا ولكأنه بستان نظير فيه أينع الزهرات تتباهى كل واحدة بجمالها عن الأخرى، عندما تتأمل في سيرته الذاتية تقف عاجزا مكبلا محتارا امام تلك العظمة والعطاء المتميز، أمام تلك الثقافات المتنوعة والمتجددة
له كتاب مطبوع جمع فيه الأعمال الكاملة الشهيد عبدالمحسن النمري الذي يعتبره الجميع من الرعيل الأول من شعراء صعدة وعنوان الكتاب “جهاد القوافي ” وله أعمال أخرى متعددة
وإلى جانب أشعاره التي هي موضوع تلهف وإعجاب هو كذلك باحث ومحقق ورقيب لغوي في الفكر العربي والإسلامي
واصدرت له أكثر من 10 فرق إنشادية عدد من الزوامل والأناشيد في مناسبات مختلفة
وكان قد تعرض للسجن والاعتقال دون محاكمة ثلاث مرات.
حصل على العديد من الجوائز في مجالات مختلفة من وزارة التربية والتعليم ومن جامعة صنعاء ومؤسسة الإمام الهادي ومن وزارة الثقافة والسياحة.
من هذا كله نجد هذا الشاعر والأديب وجدانه عامر برحاب الوطن، وكل أعماله تزخر بالتراث الأدبي الذي يعتبره كمشكّل لأصالة الفن المعاصر وهو ضمن المؤسسين للحضارة الأدبية الإنتاجية هو ممن سخطوا على الواقع سخطا يجر إلى امتلاك ادوات تغييره، كتب الشعر عن فطرة وعن ثقافة وكانت له صولة مثل كل الشعراء البارعين والمرهفين ممن كتبوا القصائد النبوية وهاكم مقطوعة شعرية في الرسول الأعظم عليه وعلى آله الصلاة والسلام:
(لبيك يا رسول الله)
يا قائدًا مَلَأَ الدُّنا أنوارا
جَرِّدْ حُسَامَكَ صارِمًا بتَّارا
فقد استبدَّ المجرمون وأفسدوا
في أرضنا واستكبروا استكبارا
نحن اليمانيين لبينا الندا
فاسْلُكْ بنا الأنجادَ والأغوارا
واصدعْ بأمرِ الله في ساح الوغى
نَحْوَ القتالِ، وجاهِدِ الكُفارا
واضرِبْ أساطينَ النفاق ولا تَدَعْ
للبغْي في أرضِ الهُدى ديَّارا
واغلُظْ عليهم إنهم قد أجرموا
بل أصبحوا في حربنا تُجَّارا
أجدادنا الأنصارُ كانوا قدوةً
صدقوا العهودَ وساندوا (المختارا)
لبيك يا عَلَمَ الهدايةِ إننا
سنظلُّ في يَمَنِ الوفا أنصارا
وَاسألْ ميادين الإبا عن شَعْبِنا
حين استجابَ مجاهدًا مغوارا
وَاسألْ ميادين الوغى عن صِدْقِنا
وقد انكفا حِلْفُ الرَّدَى مُنهارا
وَاسألْ مسيرةَ عِزِّنا عن وعينا
منذُ ابتدأْنا العهدَ والمشوارا
..
تجد مقاطعه الشعرية لينة وتأملية ووديعة تتسرب من مقطع لآخر فتضج فيها الحركة
وتتجلى في صورة قوية.. وتتسم مقاطعه الشعرية بالتدرج الوجداني والفكري الذي يتنامى ليصل إلى خاتمة قوية الملامح.
كذلك هو ضيف الله الدريب قد شكل في العمل الأدبي عامة والشعر بشكل خاص مؤشراً هاماً يجب تأمله طويلا، ويدعونا للتفرس في مائدته لنتحسس ما فيها من شهي الألوان ويتناسب ذوقنا مع أفانين أدبه وفكره، وهذا العصر بصروفه قد حدد أسلوبه، ولم يجتر الماضي قط ويحتكر محاكاته، تطلعوا ملامحه الشعرية عبر خيمته التي أسماها باسم صديقه الشهيد الشاعر النمري وفاء للصداقة وللتاريخ الشعري الذي جمعهما ..
ويقصر الحديث عن هامة فكرية، يحار الكلام في حضرتها من أين يبدأ..
وما هذا عنه.. إلا بعض الحديث

قد يعجبك ايضا