وفروا على أنفسكم عناء الانتقال لعقد القمم لأنها لا قيمة لها. ووفروا على كَسَلِكُم عناء التفكير، ووفروا على شعوبكم عناء تحمل الكذب والنفاق. فنحن نعرف وهم يعرفون أنكم كاذبون. تعودنا عليكم، وإن شئتم نقرأ لكم بياناتكم قبل صدورها، بل قبل انعقاد قِمَمِكُم المزعومة؛ فهي سهلة الصياغة لأنها تكرارٌ واجترارٌ لسابقاتها. ومن السهل على غلمانكم قراءتها لأنهم يحفظونها عن ظهر قلب لشدة تكرارها، أما إن قرأتموها أنتم، فتُتَأتئون وتتلعثمون وتتصبَّبُون عرقاً من شدة جهلكم، وتخلطون الحابل بالنابل، وتنصبون المجرور وترفعون المنصوب وتؤنِّثُون المذكَّر وتُذَكِّرُون المؤَنَّث. هذا علاوةً على أفعال العقم والتخنيث التي تعيدون طباعتها وتلاوتها؛ ندين ونستنكر ونشجب وننسق ونطالب وندعو ونناشد. أما مصادركم ومراجعكم فهي الأكثر شبهةً وريبة؛ قرارات دولية ومجتمع دولي ومبادرة عربية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، وغيرها من مُسَمَّياتٍ زحفتم تحت سقوفها المنخفضة حتى أضحت بياناتكم دون مستوى نعال أطفال غزة.. ليس في أرجاء المعمورة من يهتم بثرثراتكم، والكل يشمئز منها كما يشمئزون من صفحات تاريخِكم.
لم نعد نؤمن بكم لشدة ضعفكم وتخاذلكم، وخير ستر لكم أن تستتروا في قصوركم ريثما تستفيق شعوبكم من خدورها.
لم نعد نؤمن إلا بقِمَّةٍ واحدةٍ لا شريك لها في الأمة. إنها قمة صنعاء. فهي ما تبقى لنا من أمل البقاء. وهي الوحيدة الجديرة بقيادتنا إلى شط الأمان والإيمان والحكمة والعزة والكرامة.
صنعاء هي الراية والبداية ومسك الختام. بشعبها وجيشها وقيادتها ونخوتها وشموخها.
في صنعاء تؤخذ القرارات. وتُصان الكرامات. وتتمثل آمال الأمة. القول الفصل في كلام قائدها الرباني الفذ. والقرار الحُكم هو الذي يأخذه هذا الرجلٌ الأطهر بين البشر، ينطق بالفعل قبل القول حتى صار قوله هو الفصل.
بيانات صنعاء التي يتلوها العميد يحي سريع، هي نشرة أخبار العز والفخر، وسطوع الحقيقة والقوة والبأس الشديد.
عندما نقول صنعاء هي القمة، لا نعني حصر ذلك بصنعاء العاصمة، بل نعني اليمن الذي تمثله صنعاء، الممتد من شماله إلى جنوبه بكل شرفائه، وليس بالمتعاملين منه مع أعدائه.
صنعاء هي القمة في خطاب قائدها السيد عبد الملك الحوثي، الذي يحيط بهموم الأمة، بشعوبها ودولها وحدودها وأحوالها، في حين أن القمم لا تحيط إلا بإملاءات المشرفين عليها وواضعي جداول أعمالها.
صنعاء هي القمة بخروجها الجماهيري المليوني، والقبضات المرفوعة، والحناجر الصادحة، دعماً لغزة وفلسطين، ومطالبةً بفتح حدود دول القمم لها لتزحف وتدافع عن شرف الأمة.
صنعاء هي القمة بقواتها المسلحة التي تجترح القوة من العدم، والتي أدهشت العالم بأدائها وصناعاتها وشجاعتها، وبرزت براً وبحراً وجواً، وفي كل الميادين للدفاع عن فلسطين وطرد المعتدين، فضربت حاملات الطائرات الأميركية التي لم يتجرأ أحدٌ قبلها على ضربها، وطردتها من البحر الأحمر، ثم لاحقتها في البحر العربي والمحيط الهادي. وحاصرت إسرائيل بموانئها ومطاراتها واقتصادها، من مسافة آلاف الكيلومترات، في حين أن دول القمم العربية المحاذية لإسرائيل تواطأت وتخاذلت، بل نصرت المعتدي على بني جلدتها.
صنعاء هي القمة بإعلامها الذي انتصر على إعلامهم الخبيث والمنافق والمهيمن على الأثير والشبكات والقنوات والصفحات. انتصر اليمن عليهم بِطَلة قائده التي كانت أقوى من امبراطورياتهم الإعلامية، وبهتافات جماهيره التي زلزلت جبروتهم، وبِبَيانِ عميده يحي سريع الذي اخترق جدرانهم وحصونهم، أقوى من الصواريخ البالستية الفرط صوتية. وأقوى من إعلام القمم العربية والإسلامية الزاحف نحو التطبيع.
صنعاء هي القمة برجالها ونسائها، بشيبها وشبانها وأطفالها، وبكل المقاييس التي تقاس بها الأمم، ويقاس بها ارتفاع القمم.
صنعاء هي القمة، تقود الأمة إلى مجدها، وإذا أراد العرب والمسلمون، أن يرتقوا إلى العلياء ويعرفوا كيف يكون مفهوم القمم، فليحجزوا لهم مقعداً في مدارس اليمن وجامعاته وميادين جهاده، بل ليحجزوا لأنفسهم موطئ قدم في إحدى ساحاته وبين أطفاله. ربما هناك يمكنهم أن يتعلموا بعض العزة والكرامة، وإلا فليلملموا قممهم وقمامتهم وليتبوَّؤا مقاعدهم في مزابل التاريخ.
كاتب وباحث سياسي وتربوي من لبنان