
يصادف اليوم ذكرى الاحتفال بيوم الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة والذي يْحتفل به كل عام بمناسبة تأسيس منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة عام 1945م. هناك خبر سار أورده تقرير الأمم المتحدة حول انعدام الأمن الغذائي في العالم للعام 2014م – يقول الخبر إن عدد الذين يعانون من الجوع في العالم قد انخفض عما كان عليه في العقد المنصرم بنحو أكثر من 100 مليون شخص كما انخفض عدد الذين يعانون من الجوع منذ عام 1990م بمقدار 209 أشخاص. ويدل هذا التحول على أن “الأهداف الإنمائية للتنمية” لخفض عدد الأشخاص الذين لديهم نقص في التغذية إلى النصف قد أصبحت قريبة المنال إذا ما توفرت البيئة المساعدة.
لا زال قرابة 805 أشخاص في العالم – أو شخص من كل تسعة أشخاص– يبيتون جوعى كل ليلة وهذا الرقم مرتفع بشكلُ غير مقبول. وفي اليمن هناك 10.6 مليون جائعº يمثلون نحو نصف عدد السكان البالغ 25 مليون نسمة. فقد جعلت الصراعات والانهيار الاقتصادي وانخفاض الطاقة الإنتاجية الزراعية والفقر من اليمن أحد أكثر البلدان غير الآمنة غذائياٍ في العالم اليوم.
تعد حكومة الولايات المتحدة – ومن خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية – أكبر مانحُ لبرنامج الغذاء العالمي حيث أسهمت بأكثر من 1.5 (مليار ونصف المليار دولار) لدعم أنشطة برنامج الغذاء العالمي في جميع أرجاء العالم. كما تدعم الولايات المتحدة برنامج الغذاء العالمي في اليمن. يقول بيشو باراجولي ممثل برنامج الغذاء العالمي والمدير القطري للبرنامج في اليمن إن:”الولايات المتحدة هي أكثر مانحينا اعتماداٍ وأكبرهم على الدوام”.
وأضاف باراجولي قائلاٍ: “في عام 2013م تكرمت الولايات المتحدة بتقديم 77500 طن متري من القمح بقيمة تقدر بأكثر من 68 مليون دولار ممكنةٍ بذلك برنامج الغذاء العالمي من الوصول إلى أكثر من ثلاثة ملايين من أفقر اليمنيين خلال في الستة الأشهر الأولى من هذا العام (2014م).
ووفقاٍ لتقارير برنامج الغذاء العالمي عملت هذه المساعدات على دعم الناس بشكلُ خاص. مؤخراٍ قالت أم يمنية تبلغ من العمر 27 عاماٍ وتعيش في قرية الدمي بالقرب من تعز: “حصولي على هذا المال يعني بأني لن أضطر لإرسال أبنائي الثلاثة الصغار إلى القرى لجمع البلاستيك حيث سأنفق هذا المال على شراء المواد الغذائية الأساسية للأسرة”.
إن الولايات المتحدة مستمرة بدعمها لبرنامج الغذاء العالمي وهدفه القائم والمتمثل بالوصول إلى ستة ملايين شخص خلال العامين القادمين وذلك عبر إقامة عدد من الأنشطة منها توزيع الغذاء والمال والمساعدات الغذائية من أجل العمل والمشاريع المجتمعية والتداوي والوقاية من سوء التغذية الخطر والمزمن ونقص المغذيات الدقيقةوالوجبات والمخصصات الغذائية المنزلية لأطفال المدارس. فبرنامج الغذاء العالمي يعمل باتجاه انتقال تدريجي من تقديم المعونات الغذائية المباشرة إلى دعم سبل معيشة الأسر وبناء مجتمعات قادرة على التكيف.
وهذا بدوره يكمل البرامج المهمة التي تقوم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بدعمها في اليمن والتي تركز على بناء القدرة على التكيف مثل الغذاء مقابل المشاريع المجتمعية والغذاء مقابل التدريب وإعادة التأهيل وإصلاح وصيانة البنية التحتية للمياه وتعزيز الصحة الإنجابية وصحة الأطفال عبر استهداف الدعم لأولئك غير الآمنين غذائياٍ.
وحيث أن قرابة ثلثي اليمنيين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أيضاٍ على نقل القطاع الزراعي عن طريق تطوير سلاسل القيمة للمحاصيل اليمنية ذات الإمكانية العالية للتصدير مثل البن ومنتجات البستنة والعسل. فمنذ عام 2011 وعلى سبيل المثال قام مشروع تحسين معيشة المجتمع التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية بتأسيس عشرين موقعاٍ ظاهراٍ في جميع أرجاء اليمن لتعليم المزراعين كيفية تعزيز الطاقة الإنتاجية الزراعية وفي الوقت نفسه المحافظة على الموارد الحيوية لا سيما الماء والذي يعد مورداٍ شحيحاٍ في اليمن والذي تستهلك الزراعة منه 90%. تظهر عشرة من هذه المواقع تكنولوجيات صديقة للبيئة مثل البيوت الخضراء المزودة بالطاقة الشمسية ذات الري بالتنقيط وأنظمة حصاد مياه الأمطار. وحيث أن هذه المبادرات قد أظهرت نتائج مبهرة –لا سيما في زيادة الإنتاج إحدى عشرة مرة وانخفاض استخدام الماء إحدى عشرة مرة – تخطط الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للعمل مع شركائها في القطاعين العام والخاص لتوسيع هذه المبادرات في الأعوام القادمة بطريقة مستدامة.
وبكل تأكيد فإن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي يعيق التقدم نحو الأمن الغذائي في الوقت الراهن. لكن الطيف الواسع للبرامج التي تدعمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يظهر التزام الولايات المتحدة بمحاربة الجوع وسوء التغذية كما يظهر جهودنا لإيجاد بيئة مساعدة للنجاح في اليمن. وفي يوم الغذاء العالمي هذا اسمحوا لي أن أؤكد التزامنا لمواصلة العمل مع الحكومة اليمنية وشركائنا لمعالجة الأزمة الإنسانية التي تواجه اليمن وكذا العمل جنباٍ إلى جنب مع الشعب اليمني لبناء مستقبلُ غذائيُ أفضل لليمن يكون فيه الجوع وسوء التغذية شيئاٍ من الماضي.
* سفير الولايات المتحدة الأميركية بصنعاء