بين هيروشيما وغزة .. المجرم واحد

طاهر محمد الجنيد

 

باعتراف كثير من الصهاينة واليهود ان الخراب والدمار الذي ارتكبه الحلف الصهيوني الصليبي في غزه يفوق في فضاعته وبشاعته كل الحروب السابقة حتى انه يتفوق على الدمار الذي الحقته أمريكا بمدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين بعد القاء القنابل الذرية عليهما من حيث الدمار الشامل والآثار المترتبة عليه والتي ستظل عالقة في ذاكرة الأجيال كسجل أسود.
لكن من حيث الفوارق فهناك بون شاسع بين غزة وبين اليابان التي كانت تقاتل كإمبراطورية في مواجهة إمبراطورية؛ لم يتم استخدام المساعدات الإنسانية من أجل إبادة المدنيين ولم يدع الأمريكيون ان لهم حقا تاريخيا في اليابان أو وعداً بتمليكهم أرضها.
الإجرام والتدمير في غزة مقدمة لجريمة التهجير القسري، وهوما يعني ضمنا استمرار الإجرام بخلاف ما حدث في اليابان؛ وكل هذه الجرائم ستبقي وصمة عار في تأريخ الإنسانية؛ وصهاينة العرب والمسلمين بدعمهم وتخاذلهم؛ والأنظمة الاستعمارية لإجرامها وطغيانها واستكبارها .
استراتيجية الأمن القومي الأمريكي تعتمد على ارض فلسطين لاستمرارية الهيمنة والنفوذ وقيادة العالم تحت الخضوع للكاوبوي الأمريكي الذي يقود العالم بعقلية الإجرام واستخدام القوة كقانون لا غير.
النوايا الاستعمارية والاستيطانية باتت معلومة لدى العالم بأسره؛ والإجرام لم يعد يغلف مطالبه تحت عناوين إنسانية (حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان).
كيان الاحتلال يرتكب الإجرام وهو يدرك أن العقاب لن يطاله، طالما أنه يستند إلى دعم صهاينة (العرب والغرب)، لذلك فانهم يتحدثون بكل صراحة ووضوح حتى يرهبوا العالم والمنافقين والخونة والعملاء، اما المجاهدون فلا يعبأون بكل إجرامهم.
قد يتفاخرون اليوم بكل جرائمهم ويخفونها تارة ويظهرونها أخرى للدلالة على قوتهم وجبروتهم؛ قائد سلاح البحرية اليهودية السابق (يديديا يعار) في سياق حديثه عن شعار إسرائيل (نحتل-نطرد- نستوطن) هي ذاتها القصة التي صنعوا بها النكبة الثانية بعد الأولى 1948م.
غزة اليوم تبدو من الجو مثل هيروشيما بعد القاء القنبلة الذرية عليها؛ شدة الدمار إلى الآن لم يستوعبها العالم .. وسعي إسرائيل لتحقيق النصر المطلق سيجلب الهزيمة التي لم يدركها يعاري أن طوفان الأقصى أسقط وأنهى أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وهي الدعاية التي رسختها الأنظمة المصهينة لتكريس الهزيمة النفسية لدى الشعوب العربية والإسلامية وباعتراف رئيس الشاباك (رونين بار) بعد ان قدم استقالته (بعد سنوات من العمل على كل الجبهات وفي ليلة واحدة على الجبهة الجنوبية انهار كل شيء؛ وفشلت جميع الأنظمة).
لم يعد الأمر سراً بتحقق هزيمة المشروع الاستيطاني الاستعماري إلا على الأنظمة العميلة والمتصهينة اما التحالف فيدرك جيدا ان المقاومة الفلسطينية والشعوب العربية والإسلامية ستحقق الاستقلال برغم تكالب وتكاتف الإجرام العالمي، لأن إرادة الشعوب من إرادة الله .
في دراسات اعدها كيان الاحتلال من أجل استدرار الدعم الأمريكي عن تكلفة حماية الأمن القومي الأمريكي والغربي بدون وجود إسرائيل وصلت بعض التقديرات إلى اكثر من خمسين بليون دولار بينما في وجود إسرائيل لا تتعدى المسألة عشرات المليارات من الدولارات التي تقدم كمساعدات عسكرية واقتصادية من أمريكا والغرب كما ذكر ذلك د.عبدالوهاب المسيري، ولا يقتصر الأمر على أمريكا بل انه يشمل التحالف الصهيوني الصليبي؛ (بيع الأسلحة وضمان استمرار التجزئة والقطرية وتدفق الأموال والمعادن والبترول بأقل الأسعار ومواجهة النفوذ الصيني والروسي؛ وفرض الهيمنة الأمريكية على العالم وتنصيب الأنظمة وإسقاطها بدون تحريك الأساطيل والقوات).
فالاستراتيجية الاستعمارية تعتمد على كيان الاحتلال والاحتلال يعتمد على التحالف في بقاء التفرق والشتات بين أقطار الأمة العربية والإسلامية وتعميقها وإثارة الحروب عليها واستثمارها.
الإجرام الذي تتعرض له فلسطين وغزة هو نتاج ومحصلة لنظام إجرامي برمته وتحالف استعماري استيطاني وليس فعل جماعات متطرفة، والدليل على ذلك انها تحظى بشعبية في الانتخابات وتحالفاتها أيضا أشد تطرفا وإجراما؛ تحظى بالدعم من الداخل والخارج وتستطيع فرض إرادتها على المجتمع الدولي والإرادة الأممية وصولا إلى محكمة الجنايات الدولية التي لم تستطع تعدي حكم الإدانة لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الصهيونيين إلى بقية المسؤولين عن الإجرام الذي لايزال مستمرا حتى الآن على مرأى ومسمع العالم .
النظام الإجرامي الذي يدمر البلدان التي لا تنفذ سياساته هو ذاته الذي يحمي الإجرام والخراب والإبادة والتهجير القسري في غزة وهو من يعاقب المنظمات الدولية والإنسانية ولا يسمح لها بتقديم المساعدات إلى الأبرياء والمستضعفين ، فبحسب اعترافات الأديب الإسرائيلي (ب.ميخائيل) ان إسرائيل مسؤولة عن الجرائم في قطاع غزة؛ الجميع متورطون في القتل والحرب والاحتلال والسلب والشر ؛لقد قتلنا عشرات الآلاف منهم؛ دمرنا هامش حياتهم بالكامل؛ وهو ذات الأمر الذي يؤكده الباحثان (اريل روبنشتاين؛ وموتي بيري) في قطاع غزة تحدث النكبة الثانية بإخلاء مليوني مواطن من بيوتهم ؛والنكبة الثالثة ستكون نهاية إسرائيل.
هذه بعض الأصوات الصهيونية التي استفزها الإجرام الوحشي والهمجي بينما صهاينة العرب لن يتحدثوا بل سيعمدون إلى تأييد الإجرام الصهيوني وشتم المقاومة واتهامها كما يفعل كثير من الذين يتسترون بالمظاهر الدينية لانهم صناعة صهيونية بأردية عربية وإسلامية.
إسرائيل لا تحارب وحدها ولا تستطيع الصمود بدون دعم وإسناد التحالف الصهيوني الصليبي الذي يريد التهجير القسري لسكان غزة كما يقول (جدعون ليفي) لم تعد هناك حرب في غزة بل قتل وتدمير من جانب واحد؛ وعندما يكون الهدف التطهير العرقي والإبادة الجماعية فالعمل لا يتوقف للحظة ..لم يتبق شيء من البنى التحتية فقد دمرناه تدميرا مطلقا كي لا يستطيع أحد العودة إلى بيته بالضبط كما فعلنا في النكبة السابقة) وهي الخطة التي تحدث عنها كاهن البيت الأبيض وقائد الحملات الصليبية الحديثة (ترامب).
صحيفة هارتس العبرية تحدثت في احدى افتتاحياتها عن كل ذلك (إسرائيل تنفذ تطهيرا عرقيا وحملتها تهدف إلى إفراغ الفلسطينيين من شمال غزة إلى الأبد –وكما وصف ترامب ملكية طويلة الأمد- ونقلت على لسان مراسلها العسكري المرافق للجيش-تعرضت المنطقة لكارثة طبيعية لكنها دمار من صنع الإنسان مع سبق الإصرار تطهير للمنطقة بتوجيهات قادته وعلى راسهم وزير الدفاع وقيادة المنطقة الخاضعين لتوجيهات رئيس الوزراء نتنياهو، تنفيذا( لحرب القيامة) مليونا نسمة من سكان غزة من الأبرياء في أغلبيتهم المطلقة يعيشون كارثة إنسانية من اخطر الكوارث في العالم اقتلع 90% منهم من منازلهم ويتكدسون في خيام ضخمة بلا غذاء ولا ماء ولا خدمات طبية ).
الإجماع الدولي لم يستطع إيقاف جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية ولم يستطع إدخال المساعدات الإنسانية لأن تحالف صهاينة العرب والغرب يريد استكمال إبادة سكان غزة وتهجير من تبقى على قيد الحياة، واذا كان بن غفير يريد استمرار منع دخول المساعدات الإنسانية اليها ليبيدهم جوعا فإن أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي الذين اجتمع بهم أمروه بان يقصف مخازن الغذاء والمساعدات الإنسانية من أجل استعادة الأسرى.
الإجرام الصهيوني هو ثمرة تعاون الاستعمار الاستيطاني الذي رسم الحدود ونصّب الأنظمة وصادر إرادة الشعوب واستولى على ثرواتها وصادر قراراتها السيادية ولذلك فالمعركة التي يريد لها ان تكون بحجم القيامة لأنه يتحكم في كل مجرياتها في مواجهة الشعوب المغلوبة على أمرها ومقاومة محاصرة ومطلوب القضاء عليها لكنها أصبحت اليوم قضية عالمية تتحرك بها الجماهير وتهتف لها، وهو ما سيؤدي حتما إلى تحقيق الانتصار وهزيمة القوى الإجرامية بعد انكشاف حقيقتها للعالم أجمع.

قد يعجبك ايضا