علماء ودعاة: اتفاق »السلم والشراكة الوطنية« ضرورة شرعية

أشاد علماء ودعاة باتفاقية السلم والشراكة الوطنية التي وقعت عليها مختلف القوى السياسية والمجتمعية كخيار أساسي ومطلب شعبي ملح للخروج بالبلاد من دائرة العنف والصراع والاقتتال إلى السلم وردم الخلافات وتجسيد روح الأخوة الإيمانية.. التفاصيل في سياق الاستطلاع الآتي:
يعتبر العلامة فضل الجايفي: إن الاتفاقية شكلت نصرا تاريخيا آخر لليمن أرضا وإنسانا في امتثالهم للسلم والتصالح والشراكة الوطنية في جميع مناحي الحياة من دون إقصاء أو تهميش بشارة لبداية عقد اجتماعي جديد يلبي تطلعات اليمنيين في التغيير المنشود, والأمن والاستقرار وصياغة دستور توضع فيه قيود صارمة تمنع العبث به من قبل أي سلطة بحيث يكون دستوراٍ معبراٍ عن ضمير الشعب لا رغبات الحاكم وأهواءه بالإضافة إلى إيجاد شراكة حقيقية في السلطة والثروة وضمان التمثيل والتوزيع العادل لهما على امتداد التراب الوطني كما نصت على ذلك الاتفاقية.
منوها إلى أهمية سحب السلاح الثقيل والمتوسط من المليشيات والجماعات المسلحة وعدم تسخير الجيش والأمن والمال العام والإعلام في العملية الانتخابية لصالح حزب أو كيان سياسي بعينه كل ذلك في إطار دولة مدنية تحفها الوحدة الوطنية وتجسد بنود الاتفاق نحو مجتمع آمن ومستقر وموحد.
بناء اليمن
من جانبه يقول العلامة أحمد الديلمي: أثبت اليمنيون للعالم أجمع حكمتهم وأصالتهم وروحهم السمحاء نحو العفو والاتفاق والتصالح بتوقيعهم وتوافقهم الكلي حول اتفاقية السلم والشراكة الوطنية والتخلي عن لغة الاحتراب والاقتتال وبراثن الصراع والحروب الطاحنة التي أهلكت الحرث والنسل.
معتبرا هذه الاتفاقية حجر أساس لمشروع بناء اليمن الجديد انطلاقاٍ من تغليب مصلحة الوطن فوق كل المصالح الشخصية أو الحزبية داعيا للوقوف مع الدولة في إنهاء ظاهرة التخريب للمصالح العامة والمتمثلة في تفجير أبراج الكهرباء وأنابيب النفط.
مرحلة اختبار
ويرى العلامة عبدالجليل الحيمي: إن اتفاقية السلم والشراكة الوطنية مرحلة اختبار حقيقية للقوى السياسية والمجتمعية من خلال جديتهم في تطبيق بنودها على أرض الواقع الذي يهدف إلى ضرورة استتباب الأمن والاستقرار والعدالة والمساواة والأخوة وتنفيذ إصلاحات ديمقراطية باعتبارها أهم استحقاقات اتفاق التسوية لتسود بين الجميع لغة المحبة والإخاء والتصالح والتسامح والابتعاد عن المواقف المتشنجة وعن العنف ومناخات التوتر والتأزم ونبذ ثقافة الكراهية والحقد والبغضاء واعتماد مبدأ القبول بالآخر مهما كانت درجة الاختلاف معه لتجنيب البلاد مخاطر الحرب والقتل والدمار والتفكك المجتمعي والوطني.
مؤكدا على أهمية حلحلة كل القضايا بروح المسؤولية الدينية والوطنية والترفع عن الصغائر والتخلي عن أية مصلحة ذاتية وأنانية.
النهج الإيماني
من جهته يستهل الداعية سنان عبدالكريم حديثه بقوله تعالى: {وِاعúتِصمْواú بحِبúل الله جِميعاٍ وِلاِ تِفِرِقْواú} وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله) وقال: لقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من دوائر العنف والاقتتال والفتنة في قوله: {وِاتِقْوا فتúنِةٍ لِا تْصيبِنِ الِذينِ ظِلِمْوا منúكْمú خِاصِةٍ} وقوله تعالى: {فِلúيِحúذِر الِذينِ يْخِالفْونِ عِنú أِمúره أِنú تْصيبِهْمú فتúنِةَ أِوú يْصيبِهْمú عِذِابَ أِليمَ}.
ومضى يقول: وإن الحروب تعرض على القلوب كالحصير عوداٍ عوداٍ فأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء وأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء, وأن السعيد لمن جنب نفسه دوائر الخلاف وإن المتأمل في عصرنا الحاضر ليرى دون أدنى جهد ما يموج فيه من الاقتتال والفتن التي تموج كموج البحر بعضها يرقق بعضاِ كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها. وسيصيب آخرها بلاء وأموراٍ تنكرونها وتجيء فتنه فيرقق بعضها بعضاٍ وتجيء فتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي).
انتصر العقل
موضحا بأن ما يدمر الأمة والبلاد ويشرخ جسد الأخوة الإسلامية ويزعزع أمن واستقرار المسلمين هي الخلافات ومواطن الحروب مشيدا بالحكمة اليمانية التي انتصرت للغة العقل والإيمان وجنبت البلاد ويلات حروب طاحنة داعيا الأمة العربية والإسلامية الاقتداء بحكمة اليمنيين والامتثال بنهجهم.
ضرورة شرعية
فيما يرى الداعية صادق عباد أن هذه الاتفاقية ضرورة حتمية لتجنيب البلاد مخاطر الانزلاق إلى حروب وصراعات أهلية وامتثالا لقوله تعالى: (واجنح للسلم) فلا سبيل لما وصلنا إليه غير الاتفاق . فالمكابرة لأبعد من ذلك سيؤدي بجميع القوى وبالوطن (لا قدر الله) إلى مرحلة تالية خطرة ربما يستحيل بعدها الرجوع إلى المرحلة السابقة التي يمكن فيها تبادل الأخذ والعطاء بين الأطراف.
وأضاف قائلا: وكون الوطن يمر بظرف صعب وحرج وكل طرف ساهم بهذا القدر أو ذاك من التأزيم للوضع القائم فلا يوجد طرف معفي من تحمل المسئولية وبكون المسئولية الوطنية تحتم أن لا يتنصل أي طرف عن القيام بدوره ومن أي موقع في سبيل الخروج بالوطن من شرنقة الأزمات المحتدمة والمتفاقمة والتي تزداد حدتها يوماٍ بعد آخر وبصورة جعلت اليمن محط أنظار العالم ليس على صعيد الرقي والتقدم ولكن على صعيد الترقب لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بالاتجاه السلبي ولهذا أدرك اليمنيون خطورة الأمر وانتصرت الحكمة اليمانية على متارس الاحتراب والاقتتال.
من جانبه استهل العلامة محمد العزاني حديثه موضحا أن الإسلام جاء ليحافظ على النفس والمال والعرض ولهذا جعل من قتل النفس جريمة كبيرة وعظيمة.
وأضاف بقوله: إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماٍ) وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم (لأن تهدم الكعبة حجراٍ حجراٍ أهون عند الله من قتل امرئ مسلم).
وأضاف أن التعصب المقيت الأعمى لفكر معين أو لمنهج معينº يؤدي إلى عدم القبول بالآخر وعدم التعايش معه وقد يتطور الأمر نتيجة للشحن الطائفي إلى التكفير واستباحة الدماء ولذلك تعالت أصوات العلماء وصيحات الحكماء للتحذير من الفتنة الخطيرة والتي لو اندلعت –لا سمح الله- فإنها سوف تأكل الأخضر واليابس ولن تبقي ولن تذر ولن يسلم منها أحد وسوف يكتوي بها الجميع وستكون كالنار التي تأكل الهشيم.
منوها بأن حوادث الاعتداءات والتفجير هي أعمال إرهابية يدينها الجميع ولا تمت للإسلام بأي صلة وأنه لا مناص من تجاوز الخلافات إلا بالحوار البناء الذي يبني ولا يهدم لرسالة الإسلام العالمية التي ساوت بين البشر ودعت إلى التعايش والحب والتسامح ونبذت الكراهية والحقد والتعصب.
مستنكرا على من أحلوا بقوله أفلا يتذكرون وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحلْ دمْ امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلاِ الله وأني رسول الله إلاِ بإحدى ثلاث: (الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المْفارق للجماعة) وقوله: (لزوال الدنيا أهونْ عند الله من قتل رجل مسلم).
ودعا الجميع إلى التوعية الدائمة والمستمرة ولا سيما العلماء والدعاة والخطباء ووسائل الإعلام المختلفة بأن رسالة الإسلام العالمية هي رسالة الرحمة والحب والشفقة والسلام والأمانة وعلينا أن ندرج هذه المواضيع الهامة في مناهج التعليم المختلفة وعلى الدولة أن تقوم بواجبها في مواجهة أصحاب الدعوات المغرضة والتأجيج الطائفي والشحن المذهبي الخطير الذي يؤدي إلى الفتنة أسأل الله تعالى أن يحفظ اليمن وأهله إنه على كل شيءُ قدير.
الجهل
فيما يقول الداعية عبدالله الوصابي: إن من أهم الأسباب المؤدية إلى الإخلال بأمن المجتمع واستقراره الجهل الذي يؤدي إلى التعصب وأضاف: وللأسف الشديد فإن نسبة الجهل في المجتمع اليمني كبيرة جداٍ ونسبة الأمية أيضاٍ كبيرة جداٍ وهذا من أعظم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الآفة ومن الأسباب أيضاٍ ضعف التوعية بقيم التعايش والإخاء التي جاءت بها رسالة الإسلام سواءٍ لتقصير من العلماء والدعاة والخطباء أو من وسائل الإعلام المختلفة وأنا أدعو من خلال صحيفتكم الموقرة أن يتداعى الجميع في بلادنا ابتداءٍ من رئيس الجمهورية والحكومة والمسؤولين والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والعلماء والدعاة والمفكرين والكتاب ووسائل الإعلام المختلفةº مؤكداٍ أن علينا جميعاٍ أن نتداعى لبث روح المحبة والتسامح والتعايش بين كافة أفراد المجتمع حتى ينعم الجميع بالهدوء والاطمئنان والسلام.
وأيضاٍ تفويت الفرصة على أعداء الوطن وقوى الشر في الداخل والخارج والتي تسعى إلى تمزيق الوطن بل والأمة الإسلامية كلها وضرب أبناء الأمة بعضهم البعض تحقيقاٍ لمصالح أعداء الأمة.
سيد المتعايشين
وأما الداعية مروان الغزالي فيقول: إن لا سبيل لترسيخ الأمن في مجتمعنا إلا الاقتداء بسيد المتعايشين مع الآخر محمد صلى الله عليه وآله وسلمº الذي وصل إلى المدينة في ظروف معقدة فهناك اليهود الذين يحيطون بالمدينة من كل جانب وهناك منافقون وكفار ومشركون لم يسلموا بعد ومع ذلك استطاع محمد عليه الصلاة والسلام أن يْكون من هذه الفسيفساء نسيجاٍ اجتماعياٍ مترابطاٍ قوياٍ من خلال وثيقة المدينة ولم تكن هذه الوثيقة حبراٍ على ورق بل كانت متجسدة في أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم تمر جنازة يهودي على الرسول عليه الصلاة والسلام فيقوم لها فيقول الصحابة: يا رسول الله إنها ليهودي فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: أو ليست نفساٍ. ويمرض جاره اليهودي فيعوده عليه الصلاة والسلام في بيته ويدعوه إلى الإسلام فما وسع ذلك اليهودي عندما رأى هذا الخلق من الرسول إلا أن يْسلم. كان عليه الصلاة والسلام يْخالط اليهود ويغشى مجالسهم ويحضر ولائمهم ويشتري ويقترض منهم كان عليه الصلاة والسلام يحقن دماء المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة وكان يقول: “من قتل معاهداٍ لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة” يؤذى عليه الصلاة والسلام من المنافقين أشد الإيذاء حتى وصل هذا الإيذاء إلى أهل بيته إلى عرضه وشرفه وحتى قال عبدالله بن أبي عن الرسول: سمن كلبك يأكلك لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فيقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فيقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم: لا يا عمر لا يتحدث الناس أن محمداٍ يقتل أصحابه ياليتنا نتعامل مع بعضنا اليوم كما تعامل الرسول الكريم مع الكفار والمشركين يا ليتنا نحقن دماءنا كما حقن الرسول دماء اليهود والمنافقين, فقد قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم :(لا يْشر أحدْكم إلى أخيه بالسلاح فإنِه لا يدري لعل الشيطان ينزعْ في يده فيقع في حْفرة من النار) وقوله: (مِن أشار إلى أخيه بحديدة فإنِ الملائكةِ تلعنه حتى ينزع وإن كان أخوه لأبيه وأمه).

قد يعجبك ايضا