أمريكا تعتبر نفسها إلهاً يستحق أن يعبد دون غيره، وأن قوانينها التي تشرعها يجب على شعوب العالم أن تنقاد لها وتنفذها؛ لأنها تعتقد أنها تحررهم بها بينما هي في الحقيقة تستعبدهم، ونظام حكمها “الديمقراطية” الذي تتبناه تدعو شعوب العالم للأخذ به والعمل عليه؛ لأنها ترى أنه يجعلهم دولاً مستقلة بينما في الحقيقة يحولهم لدول مُستَبَدة لها تنقاد لإمرتها.
قوانينها الزائفة التي تدّعي بأنها تدافع بها عن المظلومين، وحقوقها الكاذبة التي تزعم بأنها تحمي بها الإنسان، تستخدمها لمحاربة البشر المظلومين المستضعفين المناهضين لها في العالم ولهيمنتها وغطرستها كما تفعل في غزة ولبنان واليمن والعراق وإيران، صدق الله القائل: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، أبادت الطفولة في غزة باسم حقوق الطفل، قتلت النساء في غزة باسم حقوق المرأة، سفكت الدماء واستباحت الحُرمات باسم حقوق الإنسان، سُكان غزة مهددون اليوم بالإجلاء والتهجير من بيوتهم وأرضهم باسم الحرية، أمريكا تعمل كل هذا وأكثر ليس في غزة فقط؛ بل وفي بلدان العالم تحت عنوانين خدعت بها شعوب العالم، والمؤسف أن العالم يفعل ما تريد.
من يؤمن بأمريكا، ويُصدّق بقوانينها، ويُخضع نفسه لجبروتها وطغيانها فقد خرج من نور الإيمان الإلهي إلى ظلمات الكفر الأمريكي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، ليس هذا وحسب سيضل الطريق، وسينحرف عن دينه؛ بل وسيفقد إنسانيته ويتجرد عن آدميته التي فُطر عليها: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}، لدينا نموذجان غربي وعربي: هناك من الغربيين من اغتر بأمريكا فانسلخ عن آدميته ورضي أن يتحول إلى حيوان”كلاب بشرية” وخدم مشروعها، وهناك من العرب من رضي أن ينحل عن إنسانيته وارتحل إلى عالم السقوط والسفور والعهر باسم الترفيه والانفتاح: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}، وانحرف عن دينه وقيمه باسم الإعتدال والوسطية التي تُروّج له أمريكا للمسلمين وبقية العالم: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.