تتواصل الحرائق المشتعلة في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية التهامها للأخضر واليابس، حيث تحولت الكثير من أحياء هذه المدينة إلى أطلال وأكوام من الرماد، بعد أن أتت الحرائق على كل شيء مخلفة حالة غير مسبوقة من الدمار والخراب.
مشاهد مرعبة للنيران المشتعلة المصحوبة برياح شديدة تحولت معها إلى ما يشبه إعصار النار الذي جاء ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} حيث خلفت الحرائق المشتعلة في لوس أنجلوس التي تعرف بمدينة الأحلام والجنون خسائر مادية هائلة تصل إلى ما يقارب المائتي مليار دولار، وعشرات القتلى، ومئات الآلاف من النازحين من أحياء المدينة المحترقة.
إنها عظمة الخالق جل في علاه، وقدرته التي تفوق كل قدرات العالم بأسره، أمريكا بكل إمكانياتها وقدراتها وجدت صعوبة بالغة جدا في إطفاء هذه الحرائق الهائلة التي لا طاقة لهم ولا لغيرهم بها، فهي جند من جنود الله ولا يمتلك القدرة على إخمادها سواه، وبإرادته ومشيئته، ولا يمكن للقدرات والطاقات البشرية مهما بلغت إمكانياتها وطاقاتها أن تقوم بذلك بمعزل عن مشيئة الله وإرادته .
يتخيل للمشاهد للحرائق في كاليفورنيا للوهلة الأولى وكأنه يعيش مشهدا من مشاهد يوم الحشر، كل ما يقع عليه بصرك في شاشة التلفاز يحترق وبشكل مخيف، أو أنه يشاهد مقطعا من أفلام الهوليود الأمريكية التي تعتمد على الخدع السينمائية، وإن كان حجم الحرائق وسرعة انتشارها يفوق إمكانيات هوليود وبوليود وكل شركات ومؤسسات الإنتاج السينمائي على مستوى العالم، إنها قدرة الله الفائقة، التي أشعلت الحرائق وحددت مسارها واتجاهها، التي أرادت أن تذيق أمريكا جانبا من الألم والوجع الذي يتعرض له أبناء قطاع غزة على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدى أكثر من خمسة عشر شهرا، بدعم وإسناد ومشاركة أمريكية.
اللحظات العصيبة التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال حرائق كاليفورنيا خلال أيام معدودة جدا، عاشها وما يزال يعيشها أهالي غزة وجنوب لبنان لأكثر من عام، دون أن يرمش للإدارة الأمريكية أي جفن، أو تشعر بأدنى مستويات لتأنيب الضمير، بل ظلت وما تزال تتلذذ بمشاهد المجازر والمذابح البشرية التي تطال النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء، ومشاهد الدمار والخراب التي تعرض لها قطاع غزة، وفوق ذلك تواصل إبرام الصفقات مع الكيان المؤقت لتزويده بأحدث وأفتك الأسلحة والذخائر الأمريكية من أجل استخدامها في حرب الإبادة الإسرائيلية التي تمارس ضد سكان قطاع غزة بكل جرأة ووقاحة وصلف وتوحش وإجرام .
إنها عدالة الله الجبار المنتقم، الحكم العدل، التي أشعلت شتاء كاليفورنيا حمما ملتهبة، وحرائق مشتعلة، محولة كل ما يقف أمامها إلى ما يشبه الصريم و أعجاز النخل الخاوية، وما أشبه اليوم بعض أحياء لوس أنجلوس المحترقة بمخيم جباليا وبقية الأحياء والمناطق في قطاع غزة التي تعرضت للقصف والتدمير الممنهج من قبل كيان العدو الإسرائيلي، لتصبح أثرا بعد عين.
لقد تعودت أمريكا على أن تُشعل الحرائق في العالم من خلال سياستها الاستعمارية التسلطية المتسمة بالعنجهية، من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها التآمرية، واليوم ها هو الله عز وجل ينتصر لتلكم الدول والشعوب التي لطالمها احترقت واكتوت بنيران الإرهاب والإجرام والتوحش والعنجهية الأمريكية، من خلال حرائق كاليفورنيا التي تمثل رسالة تحذير للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وإدارته، من مغبة دعمهم وإسنادهم لحرب الإبادة الصهيونية التي تمارس بحق أبناء غزة، وضرورة انتهاج سياسة معتدلة قائمة على الحياد وعدم الانحياز، والتخلي عن النزعة التسلطية الاستعمارية التوسعية التي تجلب على أمريكا السخط والاستهجان، وتخلق مشاعر الكراهية والحقد تجاهها، مالم فعليها أن تنتظر المزيد من وسائل العقاب الإلهي الرادعة لها ولعنجهيتها وغطرستها وغرورها ونزعتها العدائية التسلطية .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.