قائد الثورة : عملياتنا العسكرية في البحر جعلت من أمريكا مَسْخَرَةً تحتمي بالسفن الصينية

دعا شعبنا لخروج مليوني اليوم في العاصمة وبقية المحافظات إسناداً لغزة

جبهة الإسناد اليمنية مستمرة ونفذت مؤخراً عمليات مهمة في البحر وفي عمق العدو

كان ينبغي أن توجه عناوين “تحرير الشام” لدعم ومناصرة غزة والشعب الفلسطيني

أي صراع في هذه المرحلة لإذكاء الفتن بين أبناء الأمة يزيدها فرقة وشتاتاً

بعض الأنظمة الإسلامية تسعى لتقديم عربون الطاعة لترامب مسبقاً على حساب تدمير بلدان عربية

 

 

الثورة


/ سبأ

 

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

في نهاية الشهر الثاني من العام الثاني، وعلى مدى أربعمائة وستة وعشرين يوماً، يواصل العدو الإسرائيلي عدوانه الهمجي الوحشي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ممارساً جرائم الإبادة الجماعية في كل يومٍ، على مدى كل هذه المدة الزمنية دون توقف، وحصيلة مجازره وجرائمه وعدوانه من الشهداء، والمفقودين، والجرحى، والأسرى، إلى الآن: أكثر من (مائة وثمانين ألف وثلاثمائة) من أبناء الشعب الفلسطيني، ومعظم الشهداء والجرحى والمفقودين من الأطفال والنساء.

في هذا الأسبوع، ارتكب العدو الإسرائيلي أكثر من خمسٍ وعشرين مجزرة فظيعة، كانت محصلتها: استشهاد وجرح ما يقارب الألف من أبناء الشعب الفلسطيني، منها: جرائمه التي استهدف بها مخيمات النازحين البارحة، بالقنابل المدمرة والحارقة إلى مخيماتهم.

حجم الإجرام الصهيوني في الإبادة الجماعية، والقتل الشامل للأطفال والنساء، والكبار والصغار، والاستمرار في هذه الجرائم بشكلٍ يومي كل هذه المدة الزمنية، في نطاقٍ جغرافيٍ محدود، هو: قطاع غزة، وصل في فظاعته، وهوله، وبشاعته، إلى درجة أن البعض من الصهاينة- أنفسهم- باتوا يتحدثون عن أن هذه جرائم إبادة جماعية، وتطهير عرقي، وفق المصطلح المعروف دولياً.

استخدم الأعداء مؤخراً في جرائمهم أسلحةً أمريكية- بلا شك- جديدة، قال عنها شهود عيان من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنهم بعض الإعلاميين: أنها تُذيب الأجساد، بعد الاستهداف بها لأبناء الشعب الفلسطيني، والقتل بها لأبناء الشعب الفلسطيني، تتبخر أجساد الشهداء الذين استهدفوا بتلك الأسلحة المحرمة، هكذا بلغ مستوى الإجرام الإسرائيلي والأمريكي معاً.

والأمريكي يستغل حروبه العدوانية على شعوب أمتنا، ما كان بشكلٍ مباشر، من جهته هو، وما كان عبر وكلائه، في مقدمتهم: الإسرائيلي، يستغلها لتجربة أسلحته المحرمة، ومدى فاعليتها في قتل المجتمع البشري، وفي إبادة الناس، إلى هذه الدرجة من الاستهانة بحياة الناس، يعتبرها مستباحةً حتى كحقلٍ للتجارب، يجرب فيها أسلحته المحرمة.

يستمر العدو الإسرائيلي في التدمير الشامل، والاستهداف للمستشفيات كأهداف أساسية، يركز عليها بشكلٍ مباشر، في سعيه المستمر لإنهاء أي خدمة طبية تُقدَّم للشعب الفلسطيني، حتى ولو كانت بمستوى محدود، وإمكانات محدودة للغاية.

يواصل استخدام التجويع أيضاً كوسيلة من وسائل الإبادة، والمنع للغذاء والدواء عن النازحين، كل سكان غزة تحولوا في واقع الحال إلى نازحين، وفي هذا الأسبوع:

أعلنت الأونروا وقف إدخال الكميات الغذائية الضئيلة جداً، التي لا تلبي احتياج 6% من أهالي غزة، أو أعلنت عن إيقاف إدخالها إلى قطاع غزة؛ نتيجةً للمنع الإسرائيلي، والاعتداءات الإسرائيلية، والاعتداء على ما يدخل إلى القطاع، من خلال العصابات التي شكلها العدو الإسرائيلي للنهب.

وكذلك ما يسمى بالمطبخ المركزي، الذي يُقدِّم القليل جداً من الطعام، أعلن عن تعليق عملياته في غزة، بعد قتل العدو الإسرائيلي لعددٍ من موظفيه، وهكذا تتفاقم الحالة المأساوية، وتشتد المجاعة للشعب الفلسطيني المحاصر المظلوم في قطاع غزة.

مع كل تلك الجرائم في قطاع غزة، يستمر العدو الإسرائيلي في جرائمه المستمرة في الضفة الغربية، من عمليات الاغتيالات، المداهمات، التجريف والتدمير، القتل، النهب، الاعتداء حتى على المواشي، الاستهداف حتى لمزارع الزيتون، كل أشكال الاعتداءات، الحرق للسيارات من قبل قطعان المغتصبين، الذين يسمونهم بـ[المستوطنين]… وهكذا كل أشكال الإجرام.

مع ذلك يستمر أيضاً في الانتهاك لحرمة المقدسات، يستهدف بيوت الله (المساجد)، التي هي دورٌ للعبادة والذكر، ولها قدسيتها، وكم دمَّر في قطاع غزة من مساجد، وكم هدَّم أيضاً من مساجد على مستوى أنحاء فلسطين كافة، وكذلك الانتهاك المستمر لحرمة المسجد الأقصى، من خلال الاقتحامات المنظمة، التي بلغت بالآلاف، لباحات المسجد الأقصى، وفي تلك الاقتحامات يتم تنفيذ طقوسات تلمودية سيئة جداً ومسيئة، مسيئة للإسلام، ولنبي الإسلام، وللمسلمين، وتمثل انتهاكاً للحرمات المقدسة.

كذلك صدرت إجراءات لمنع الأذان في مكبرات الصوت في معظم المساجد في فلسطين، صدر في هذا الأسبوع قرار بمنع الآذان من المساجد في مكبرات الصوت، في معظم أنحاء فلسطين المحتلة.

وكذلك من أسوأ وأخطر الممارسات الإجرامية، المنتهكة لحرمة المقدسات الإسلامية، هو: التعدي على المصحف الشريف، من خلال التمزيق والإحراق، ما يحدث فيما يتعلق بالمساجد من تدميرٍ لها بما فيها من المصاحف، وإحراق، وتدمير، وتمزيق، هو شيءٌ واضحٌ للعيان، يشاهده الناس في المشاهد التلفزيونية على الشاشات، ومع ذلك لا يكتفي العدو الإسرائيلي بأنه يُدمِّر المساجد، وفي إطار ذلك يحرق ويمزق المصاحف التي فيها؛ وإنما يقوم الصهاينة المجرمون المنتسبون للعصابات الإجرامية، التي تسمي نفسها بالجيش الإسرائيلي، يقومون أيضاً بشكلٍ متعمدٍ، وبشكلٍ مقصودٍ ومخطط وموثَّق بالفيديو، بأخذ المصاحف، ويوثقون ذلك في تصوير الفيديو، يمزقونها ويحرقونها، وينشرون تلك المشاهد ليراها العالم الإسلامي، ليشاهدها المسلمون، وهم يقترفون هذه الجريمة الفظيعة، التي هي كفرٌ عظيم، فيها إساءة إلى الرسالة الإلهية، إلى رسل الله وأنبيائه ودينه، وهي من أبلغ الاستفزاز، ومن أكبر الاستفزاز للمسلمين، لمن بقي فيه ذرةٌ من الإسلام، يستمرون في ذلك، حتى في هذا الأسبوع كان هناك مشاهد من هذا النوع، ولكنه عملٌ يستمرون فيه على مدى كل هذه المراحل.

كل أشكال العداء والإجرام والطغيان يمارسها العدو الإسرائيلي، التي تُعَبِّر عن عدائه للمسلمين وللإسلام، وهذا شيءٌ واضح.

والأمريكي في كل جرائم العدو الإسرائيلي هو شريكٌ له، هو يدعمه، ويشترك معه في معظمها، وهو الوجه الآخر للصهيونية، الأمريكي بنفسه هو الوجه الآخر للصهيونية؛ ولذلك فأمريكا وإسرائيل وجهان لعملةٍ واحدة، والممارسات الإجرامية، والعدوانية، والظالمة، والوحشية، متشابهة لهما.

[ترامب] الذي يقدم نفسه أنه الأكثر إخلاصاً للصهيونية، يُقدِّم من الآن تهديدات تتعلق بالوضع في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني، وضد شعوب المنطقة، منها قوله: أنه [إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة من الصهاينة اليهود، قبل تنصيبه، في العشرين من يناير المقبل، فسيكون هناك جحيم في الشرق الأوسط]، بهذا التعبير، لا يهم الأمريكي ما يعانيه الشعب الفلسطيني من مأساة رهيبة لا مثيل لها في كل انحاء المعمورة، لا يهمه ما هناك من ظلم وتعذيب مستمر وفظيع لا مثيل له في العالم، ضد الأسرى والمخطوفين الفلسطينيين، الموجودين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، مع أن العدو الإسرائيلي يوثِّق الكثير من جرائمه في السجون، ويقوم بنشرها، بكل ما فيها من بشاعة، وعدوانية، وإجرام، واضطهاد، وانتهاك للحرمات، وتجاوز لكل المواثيق، والأعراف، والقوانين، والأخلاق… وكل شيء، كل هذا طبيعي جداً بالنسبة لـ[ترامب] وللأمريكيين؛ لأنهم– كما قلنا- شيءٌ واحد، هم شيء واحد، فليست بمشكلة لديهم؛ إنما أن يكون هناك أسرى من منتسبي العدو الإسرائيلي في يد المجاهدين في قطاع غزة؛ بهدف الضغط بهم لوقف العدوان، وإنهاء الحصار، وإجراء صفقة تبادل، فهذه هي المشكلة الكبرى والطامة التي لا يطيق الأمريكي أن يتحملها؛ لأنه يريد أن تكون هذه الأمة مستباحة للعدو الإسرائيلي، يقتل، يخطف، يدمِّر، يغتصب، ينهب… يفعل كل شيء، والمهم ألَّا يكون هناك ردة فعل تجاه ما يرتكبه من جرائم، من جهة المظلومين والمعتدى عليهم.

الحقائق على مدى كل هذه المدة الطويلة من التصعيد غير المسبوق، في هذه الجولة من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، على مدى عام وشهرين، حقائق مهمة جداً، تشهد لها كل الوقائع والأحداث والجرائم، التي يمارسها العدو الإسرائيلي، بشراكة أمريكية، ودعم غربي، وهي تضاف إلى ما سبق من جرائم، واعتداءات، وانتهاك للحرمات، على مدى كل هذه العقود من الزمن، التي يمارس العدو الإسرائيلي فيها جرائمه ضد الشعب الفلسطيني بشكلٍ مستمر، وتعظم في كل مرحلة تصعيد؛ لأن هذا العدوان إنما هو في سلسلةٍ من الجرائم والاعتداءات، التي هي منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وما قبله أيضاً من جانب البريطاني، تجلت حقائق مهمة جداً، ومما ينبغي على أمتنا الإسلامية في المقدمة، وهي الأمة المستهدفة من جهة، والتي عليها أيضاً مسؤولية كبيرة من جهةٍ أخرى، ينبغي لها وعليها أن تستفيد من الأحداث الدروس والعبر، وأن تزداد وعياً، وبصيرة، وفهماً، تجاه ما يحدث، وتجاه ما يستهدفها، وتجاه المخاطر التي تحيط بها وتتهددها، هذا شيءٌ مهمٌ، والحقائق التي تجلَّت من كل هذا هي حقائق مهمة للغاية، وهي واضحةٌ جداً وبديهية، لكن الأعداء يعملون على أن تنساها أمتنا، أو أن تغفل عنها، وأن تتأثر بما يريدون أن يفرضونه هم من خدع، ومن أكاذيب، ومن عناوين مخادعة؛ حتى يبعدوها عن الاهتمام بما عليها الاهتمام به، بحسب الفطرة، وبحسب المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية، وبحسب الحكمة، وبحسب المصلحة الحقيقية للأمة.

يتبين من خلال كل هذا العدوان غير المسبوق، والإجرامي الفظيع، الحقيقة الشاهدة، والمصداق الواضح، لما أعلنه الله وبينه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” للمسلمين في القرآن الكريم، عن عدوهم الأشد عداءً لهم، والذي يُفترض أن يكون لديهم هم كأمة تنتمي للإسلام، تُقِرُّ بالقرآن الكريم، وتشهد أنه كتاب الله، وأنه حقٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يفترض بهذه الأمة أن تؤمن بهذه الحقيقة، وأن تُصَنِّف على ضوئها أولئك على أنهم- فعلاً- الأعداء الأشد عداءً للأمة، العدو رقم واحد لكل مسلم، هذا واجب كل مسلمٍ من المسلمين ينتمي للإسلام، يشهد لرسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بأنه رسول الله، يشهد للقرآن بأنه كتاب الله، يفترض به- بناءً على ذلك- أن يُصَنِّف اليهودي على أنه العدو رقم واحد، {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة:82]، اليهود قبل غيرهم رقم واحد، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} بعدهم الرقم الثاني.

{لَتَجِدَنَّ}، وقد وجدنا، ووجدت أمتنا الشواهد الواضحة من الواقع، تلك الجرائم التي وجدها كل من يتابع الأحداث، والأحداث في هذا العصر تُوثَّق لِتُرى وتشاهد، وليس فقط لِتُسمع كما في العصور السابقة، ما قبل التصوير، والبث التلفزيوني، والنقل للمشاهد حَيَّةً ومشاهدة ليراها الناس، في هذا العصر تجلَّت الحقائق إلى هذه الدرجة، من مختلف أقطار الأرض يشاهد الناس بأم أعينهم أفظع الجرائم، وأسوأ الجرائم، وأكبر الجرائم، التي تعبِّر بكل جلاء عن أشدِّ العداوة، العدو الإسرائيلي وهو يستهدف الجميع في قطاع غزة، يُدمِّر المدن بكلها على رؤوس ساكنيها، يتفنن في ارتكاب أبشع الجرائم وأفظعها، يقتل الأطفال بشكلٍ جماعي مع أسرهم وأهاليهم، ويقتلهم بشكلٍ منفرد أمام أعين الأهالي، أمام أعين أسرهم، يستهدفهم بالتعذيب، يسعى لإبادتهم، يستهدف الرُّضَّع والخُدَّج أيضاً حتى في المستشفيات… كل الممارسات التي هي إجرامية من جهة، وتُعبِّر عن عداءٍ هو في منتهى العداوة، عن حقد، عن كراهية، عن بغض، عن احتقار، ووراءه أيضاً خلفية فكرية ومعتقدات تعتبر العرب والمسلمين بشكلٍ عام بأنهم مجرد حيوانات وليسوا بشراً، ويُعبِّر عنها الأعداء في تصريحاتهم، وفي ممارساتهم، وفي أفعالهم.

وجدنا ووجدت أمتنا الإسلامية ما يُعبِّر أشد التعبير عن العداء الشديد لهذه الأمة في دينها، ومقدساتها، في التعامل مع القرآن الكريم، في التعامل مع بيوت الله (المساجد)، مع المسجد الأقصى، وهو في ظل تهديدٍ دائم، وهكذا، في الإساءات إلى رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، في هتافات وعبارات وأقوال أولئك المجرمين، في الاستباحة التامة لكل الحرمات بالنسبة للشعب الفلسطيني وللمسلمين عموماً، وليس فقط الشعب الفلسطيني.

ولــذلك يستبيحون حياة هؤلاء الناس، يستبيحون عرضهم وشرفهم وكرامتهم، من خلال جرائم الاغتصاب، وأيضاً ممارسات التعذيب بكل وسائل التعذيب، الإبادة بكل وسائل الإبادة، القتل الجماعي، القتل بكل وسائل القتل، وأيضاً بوسائل التجويع، ومنع الدواء… وغير ذلك، ومنع الخدمة الطبية، ما يمكن أن يتصوره الإنسان، وفوق ما يتصوره، وفوق ما يُعبِّر عنه، فوق الوصف، وفوق التعبير، من الجرائم العدوانية، الوحشية، الفظيعة، قد فعله العدو الإسرائيلي، بما يكفي ويفني، يتبين لأي إنسان مهما كان غباؤه، مهما كانت بلادته، أن يفهم أن ذلك فعلاً هو العدو لهذه الأمة، وما يفعله بالشعب الفلسطيني ليس فقط منحصراً على الشعب الفلسطيني، هو ارتكب أبشع الجرائم في ما مضى ضد كثير من الشعوب في محيط فلسطين، في عدوانه ايضاً على لبنان ارتكب جرائم الإبادة الجماعية، والتدمير الشامل، وأبان عن حقده وطمعه، في نظرته العامة إلى المسلمين بشكلٍ عام، وإلى العرب أيضاً في داخل دائرة الأمة الإسلامية، هو يُعبِّر عن ذلك، ويتحدث عن ذلك، وهو في موروثه الفكري والثقافي، الذي هو باطل، ولكنه يعتقد ما هو باطل، ما هو كفر، ما هو شر، ما هو ظلم.

هذه حقيقة واضحة جداً، وحقيقة بيِّنة، تجلَّى فيها منتهى الحقد، والكراهية، والبغضاء، وأن ذلك العدو هو يشكل الخطورة البالغة على أمتنا؛ لأنه بكل ما يمتلكه من حقد وكراهية وبغضاء لأمتنا جميعاً، دون استثناء، دون إعطاء أي اعتبارات للانتماءات المذهبية، هو عدوٌ متجردٌ من القيم الإنسانية، والأخلاقية، والدينية، متوحش، جريء على الإجرام مهما كان بشعاً، يستهدف الأطفال الرُّضَّع، الأطفال الخُدَّج، يستهدف الكبار، الصغار، يطلق الكلاب البوليسية على الشيبان، على العجائز لتنهشها وهم على قيد الحياة، وهكذا يفعل أي جريمة مهما كانت بشعة، دون تردد، بمجنزراته يستهدف المعاقين، ويسحقهم… كل أشكال الجرائم، يمكن للجهات الإعلامية أن تعمل فرزاً وتصنيفاً لأنواع الجرائم الفظيعة والبشعة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، ومع ذلك هو عدوٌ ماكر، ومخادع، وغدَّار، عدوٌّ شيطانيٌ، في استهدافه لأمتنا الإسلامية بكل أشكال الاستهداف؛ بُغية إذلالها، وإهانتها، والسيطرة عليها.

لـــذلك وعي المسلمين واستحضارهم لهذه الحقيقة الجليَّة في كتاب الله، والواضحة من الواقع، أمرٌ مهمٌ جداً، والمفترض بكل إنسانٍ مسلم أن تكون هذه الحقيقة قد ترسَّخت عنده، وألَّا يكون لديه أي التباس إطلاقاً، عن من هو العدو الذي يمثل خطورةً عليه وعلى أمته، وعلى دينه ومقدساته، على حياته وعرضه وأرضه وشرفه، على كل ما يَمِتُ بصلةٍ لك أنت كإنسان مسلم، كعربي من هذه الأمة أيضاً، المفترض أن تكون هذه الحقيقة واضحة تماماً؛ لأن من العمى والتيه الفظيع جداً، هو عندما يكون لدى الإنسان التباس في التفريق بين من هو العدو، ومن هو الصديق، إذا لم يهتدِ الإنسان الذي ينتمي للإسلام لا بالقرآن الكريم، لا بكلام الله تعالى، وهو أصدق القائلين، ولا بالوقائع والأحداث التي ملأت سمع الدنيا وبصرها، وهي أحداث كبيرة رهيبة، فرضت نفسها في كل العالم، حتى على غير المسلمين، إذا لم يهتدِ بذلك، ولم يفهم من ذلك، ولم يصل إلى مستوى التفريق بين العدو والصديق من خلال ذلك، فقد- فعلاً- وصل إلى مستوى عمى القلب، والله يقول في القرآن الكريم: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: 46]، وهي حالة خطيرة جداً، وشيءٌ مؤسفٌ جداً!

بل من أعمى العمى، ومن الجهل الرهيب الفظيع، ومن الغباء الذي لا مثيل له، والذي قد يجعل الأمريكي والإسرائيلي يُصَدِّق عن البعض أنهم ليسوا بشراً، ليسوا بمستوى الفهم الآدمي البشري، من يعتمد على الأمريكي والإسرائيلي ليحددوا له هم من يعادي، ومن هو عدو، ومن يتجه لعدائه، ومن يعطي الأولوية لينصرف لمواجهته، هذا هو أيضاً أمرٌ فظيعٌ للغاية.

الحقيقة الثانية مما تجلَّت خلال كل هذه الفترة، هي: التفريط العظيم والتنصل الكبير عن المسؤولية من معظم الأمة الإسلامية، هذه حقيقة جليَّة وواضحة.

معظم المسلمين، منذ هذه الجولة من العدوان الإسرائيلي الهمجي الوحشي، الذي يرتكب فيه جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في كل يوم، على مدى عام وشهرين، كل هذه الفترة ومعظم المسلمين يتفرجون، لم يتخذوا أي موقفٍ عملي إطلاقاً، إطلاقاً، الأكثرية من المسلمين ليس لهم صوت، ولا إنفاق، ولا تعاون بأي شكلٍ من أشكال التعاون: لا بالمال، ولا بالكلمة، ولا بالموقف، ولا بالسلاح… ولا بأي شكلٍ من أشكال التعاون، هذا هو معظم الأكثرية من المسلمين، الذين لم يصل تعاطفهم مع أبناء الشعب الفلسطيني، مع ما يعنيهم، وعليهم مسؤوليةٌ تجاهه، حتى بمستوى ما عليه بعض البلدان غير المسلمة  في أمريكا اللاتينية، هناك بلدان لأهلها مواقف أكثر من مواقف الكثير من المسلمين، وهذا شيء مؤسف جداً!

على مستوى البلدان العربية وغيرها، الكثير لم يتجه لاتخاذ أي موقف جاد وعملي لنصرة الشعب الفلسطيني، وهم يشاهدون ما يفعله الأمريكي لدعم العدو الإسرائيلي، وما تفعله دول الغرب، ما تفعله بريطانيا، ألمانيا، فرنسا… غيرها من الدول الغربية، لدعم العدو الإسرائيلي، وهو في موقف المعتدي، الظالم، المجرم، وهو الذي يمتلك- أصلاً- من الإمكانات ما يستغني به عن كثيرٍ من الدعم؛ بينما الشعب الفلسطيني المظلوم، المضطهد، المعتدى عليه، المسلم، والأحوج إلى التعاون معه؛ لأنه في نقطة الصفر، من حيث الإمكانات والظروف الصعبة جداً التي يعاني منها، ولكن لم يرقَ مستوى الاهتمام، والشعور بالمسؤولية، والتوجه لدعم الموقف الحق والمظلومين، من كثيرٍ من أبناء هذه الأمة التي تنتمي للإسلام، بمستوى ما تحرَّك أهل الباطل، والظلم، والكفر، والشر والإجرام، لدعم مجرمهم المعتدي الظالم، وهو العدو الإسرائيلي.

معظم الأنظمة لكبريات الدول العربية، ولكبريات الدول الإسلامية، وقفت موقف المتفرج، إمَّا في الحالة النادرة، تطلق البعض من التصريحات أو البيانات، أو في حالات القمم المعروفة، التي لا تخرج بأكثر من بيانات، وتصريحات، وخطابات، دون أي مواقف عملية، ولو حتى في الحد الأدنى من المواقف العملية، وهذا شيءٌ واضح.

أنظمة لكبريات الدول، التي سكانها بعشرات الملايين: بلد سكانه مائة مليون، بلد سكانه ثمانين مليون إنسان… وهكذا، مجموع هذه الأمة، أمة الملياري مسلم، في القمم الجامعة لا تخرج بأكثر من بيانات وتصريحات، تنتهي بعد إعلانها فوراً، دون أي مفعول عملي، أو تأثير عملي، أو متابعة عملية وإجراءات عملية، وهذا شيءٌ واضحٌ ومؤسفٌ جداً! ولم يفتحوا المجال لشعوبهم، ليقولوا: من أراد أن يدعم فليدعم مالياً، من أراد أن يتحرك فليتحرك، تظاهروا، أنفقوا، تحركوا قدِّموا ما تستطيعون تقديمه؛ إنما كبَّلوا شعوبهم، وكانوا هم في أنفسهم بذلك المستوى من التفريط والتنصل عن المسؤولية،

والأسوأ من ذلك، أن من كبريات الأنظمة، لكبريات الشعوب في هذه الأمة على مستوى الوطن العربي، من البلدان المجاورة لفلسطين، من تفرَّج على أبناء الشعب الفلسطيني وهم يتضورون جوعاً؛ بينما كانت الإمدادات من جهته، والبضائع تذهب إلى العدو الإسرائيلي، ولا تزال، وبعض الدول العربية تتصدر بقية البلدان فيما تقدمه من بضائع وإمدادت للعدو الإسرائيلي إلى اليوم، وحتى على مستوى المعيار الأسبوعي، عندما نقارن أسبوعياً فيما يصل للعدو الإسرائيلي من بضائع، ومواد غذائية… وغيرها، المستوى الأعلى من بلدٍ عربي مجاور لفلسطين، هذا شيء مؤسف للغاية ومؤلم جداً! والمستوى على مستوى العالم الإسلامي، المستوى الأعلى كذلك لبلد مسلم كبير، من كبار البلدان الإسلامية، ونظامه نظام كبير ومتمكن، وله نفوذه الدولي وعلاقاته الدولية، وهو أيضاً في مستوى كبير مما يذهب منه إلى العدو الإسرائيلي من بضائع، وما يستجلبه كذلك من بضائع من جهة العدو الإسرائيلي، وهذا شيءٌ مؤسفٌ أكثر أيضاً! وهم يدركون ما يعانيه الشعب الفلسطيني.

في ظل هذا الواقع الكبير من التخاذل والتفريط، وفي إطار هذه الحقيقة الجلية، الواضحة، التي يعرف بها الناس، هي واضحة، لا تحتاج إلى نقاش واستدلال، كانت نقطة الضوء الوحيدة، وبصيص الأمل بين ظلمات كل هذا المستوى الرهيب من التخاذل، والتنصل عن المسؤولية، والجمود، نقطة الضوء هو في الجهد الذي يبذله محور القدس والجهاد والمقاومة.

على مستوى المحيط المجاور لفلسطين، من الذي قدَّم مثل ما قدَّمه حزب الله؟ من الذي قدَّم؟ الحقائق تنطق بمن الذي قدَّم، حزب الله قدَّم الغالي والنفيس، قدَّم قادته شهداء في سبيل الله تعالى، قدَّم من كوادر، من أفراده، بذل الجهد، فعل ما لم يفعله غيره، وهذه حقيقة جلية، واضحة، لا تحتاج إلى إثبات، ثابتة بنفسها، وتفرض نفسها.

ما تبذله جبهات الإسناد من اليمن والعراق، ما يتحرك فيه اليمن رسمياً وشعبياً، هذا شيءٌ واضح، في ظل ذلك المستوى من التخاذل، من يقف مع الشعب الفلسطيني، مع مجاهديه الأعزاء، بمستوى متميز، وواضح، وظاهر، وصريح، وبيِّن، وجريء، وقوي، هو ما يحصل وما يُقدَّم من محور القدس والجهاد والمقاومة، وما تقدمه الجمهورية الإسلامية من دعم ومساندة للمحور بكله، وللشعب الفلسطيني في المقدمة.

هناك أنشطة شعبية في بعض البلدان العربية، وفي نفس الوقت لا تسلم من التضييق عليها، بعض من المظاهرات تخرج في الأردن في كثيرٍ من الأسابيع، في المغرب العربي كذلك، في بعضٍ من البلدان وقفات، أو أنشطة محدودة، تلقى المضايقة في كثيرٍ من الأوقات.

فكانت نقطة الضوء مع الشعب الفلسطيني، في ظل وقفته هو وصبره، مجاهديه وعطائهم، واستبسالهم، وتفانيهم، وثباتهم العظيم، الذي لا مثيل له في مثل تلك الظروف الصعبة للغاية التي يعيشونها، هو في هذا المستوى من نطاق محدود، نطاق محدود، ومع ذلك يستهدف هذا الجهد الذي يبذل، يستهدف بالتشويه بشكلٍ مكثفٍ جداً، كم هي وسائل الإعلام، التي معظم نشاطها الإعلامي، وهي عربية، معظم نشاطها الإعلامي يتجه بشكلٍ مكثف لتشويه هذا الجهد، ولتخذيل الأمة من بذل أي جهد؛ لأنه المطلوب، المطلوب من كل المرتبطين بأمريكا وإسرائيل ألَّا يكون هناك أي جهد مساند للشعب الفلسطيني ومجاهديه، أي نشاط آخر اتَّجه فيه، اتَّجه فيه وتكون جزءاً مما يجري هناك، في الإطار الذي يريده الأمريكي.

من أهم- أيضاً- ما برز في إطار هذا الجهد الذي يُبذل وقُدِّم، في إطار محور الجهاد والقدس والمقاومة، هو: صورة من صور التعاون، والتكاتف، والتناصر، بين البعض من أبناء الأمة الإسلامية، في قضيةٍ إسلاميةٍ جامعة ومُجمَعٍ عليها، ولمواجهة عدوٌ هو عدو للمسلمين جميعاً، لا يُمَيِّز بين مذهبٍ وآخر، ويستهدف الجميع (سُنةً وشيعة)، وكل الفرق والمذاهب التي تنتمي للإسلام، هذا الموقف الجامع من بعض أبناء الأمة، في إطار هذا التوجه الجاد، كان مزعجاً جداً لأعداء هذه الأمة؛ لأن الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية هي في تفكيك أبناء هذه الأمة، وفي إغراقهم بالنزاعات، والأزمات، والمشاكل الداخلية؛ مما يتيح للعدو الإسرائيلي التفرد بمن يريد الاستفراد به، والتفرد بالقضاء عليه؛ حتى يُنجز مهمته بشكلٍ مريح، ثم ينتقل لخطوة تالية، وهكذا.

وللمعلوم، من أثر وضرر الفرقة والتناحر والتمزق بين أبناء الأمة: في إلهائها عن قضاياها المهمة، وعن عدوها الحقيقي، وعن المخاطر الحقيقية الكبرى التي تهددها، وأيضاً استغراق جهدها وطاقتها في الاتِّجاهات الأخرى، فالأعداء يبذلون جهدهم لتأجيج الصراعات في البلدان الإسلامية، في العالم العربي وفي غيره؛ حتى يتمَّ شطب فلسطين من دائرة الاهتمام إطلاقاً، لا يبقى أي اهتمام بقضية فلسطين، ولإضعاف المسلمين، ولاستغلال من يستجيب منهم للأمريكي والإسرائيلي، في مواجهة من له موقف من أمريكا وإسرائيل، من له موقف لمناصرة الشعب الفلسطيني.

ومن المؤسف في ظل هذه المرحلة المهمة، وهي مرحلة معروفة، العدو الإسرائيلي في ذروة الإجرام والاستهداف للشعب الفلسطيني، ويعاني الشعب الفلسطيني- ولاسيَّما في قطاع غزة- من معاناة رهيبة جداً، ومأساته مأساة وصلت إلى الذروة، في ظل هذا التوقيت تتجه بعض الأنظمة، من كبريات الأنظمة في العالم الإسلامي، لتقديم عربون الطاعة لـ[ترامب]، ما قبل قدومه إلى البيت الأبيض، بإثارة الفتن بين أبناء الأمة، هذا شيءٌ محزن، وشيءٌ مؤسفٌ جداً! وتحت عناوين كان ينبغي أن توجَّه- حتى العناوين نفسها- لدعم ومناصرة الشعب الفلسطيني في مظلوميته الرهيبة، ومعاناته الكبيرة.

يأتي عنوان [التحرير للشام]، [تحرير الشام]! أقدس بقعةٍ في الشام هي فلسطين، والمسجد الأقصى والقدس، لماذا لا يذهب من يتحرك تحت هذا العنوان، ومن حرَّكه، لتحرير فلسطين، التي لم تحظَ بالحُرِّيَّة والاستقلال منذ أكثر من مائة عام، تعاقب عليها الاحتلال البريطاني، ومن بعد الاحتلال البريطاني أتى الاحتلال الإسرائيلي، فأيُّ بقعةٍ في الشام بكله أولى بأن تحظى بالمناصرة والدعم، وهي محتاجةٌ- فعلاً- إلى التحرير، والتحرير ممن؟! من أعدى عدو لهذه الأمة، من أسوأ عدوٍ لهذه الأمة، من العدو الإسرائيلي المجرم، الكافر، الظالم، الذي هو في ممارساته الإجرامية، وفي كفره وشره بذلك المستوى:

يحرق المصاحف (كتاب الله) ويمزِّقه.

يدمِّر المساجد ويهدمها.

يقتل الأطفال والنساء.

يغتصب الرجال والنساء في السجون والمعتقلات.

يبيد شعباً إبادةً جماعية في كل يوم.

يجوِّع مليوني إنسان مسلم، أطفالاً ونساء، وكباراً وصغاراً.

يمنع عنهم الغذاء والدواء.

يستخدم أفتك الأسلحة لإبادتهم وقتلهم.

يمارس كل تلك الجرائم الفظيعة.

أوليس الشعب الفلسطيني الأولى في الشام، بإنقاذه من ذلك الظلم والإجرام والتعدي؟! أوليست البقعة الفلسطينية، وهي من أقدس ما في الشام، بما فيها من المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى، بأولى بالتحرير، لمن يطلق عنوان التحرير؟! لماذا تشطب كل هذه الاهتمامات، وتفتح صراعات هناك وهناك؟ لإلهاء الأمة من جهة، وإغراقها، وإشغالها حتى في المتابعة، في الاهتمام، وإثارة الانقسام الكبير بين أبنائها، هذا شيءٌ مؤسفٌ جداً!

من يرفع عنوان المواجهة للظلم: أيُّ ظلم أكبر من الظلم الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني؟! أبشع أنوع الظلم، أكبر الظلم، وأسوأ الظلم، والناس يشاهدون ويرون، هذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! أكبر مظلوم هو الشعب الفلسطيني.

لمن يرفع عنوان التحرير، لمن يرفع عنوان الموقف الديني: تلك الجرائم، وتلك المحاربة للإسلام، العداء الصريح للإسلام، بإحراق القرآن الكريم، بالسب والإساءة لنبي الإسلام، بالإساءة والانتهاك لحرمات بيوت الله، وتدميرها، ونسفها، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى.

الأمة الإسلامية في هذه المرحلة- يا أبناء أمتنا- أحوج ما تكون إلى الوعي والبصيرة، من خلال القرآن الكريم، ومن خلال الوقائع والأحداث الكبيرة جداً، من أقلِّ الأمور أن يستفاد من هذه الوقائع والأحداث وعي وبصيرة، لا تكن الأمة حتى بالرغم من هذه الأحداث لا تستفيد لا وعياً، ولا بصيرةً، ولا تمييزاً، ولا فرزاً، وتبقى تلتبس عليها الأمور، والأولويات، والاهتمامات.

هذه الأمة التي أراد الله لها أن تأخذ الدروس والعبر مما ذكره لها في القرآن الكريم، من أخبار الأمم الماضية، أحداث ووقائع ما قبل عشرات الآلاف من السنين، والقرآن يقدِّمها لكي تستفيد منها هذه الأمة دروساً وعِبراً، فإذا بها اليوم والأحداث في واقعها مباشرة وطازجة، أحداث يومية، وقائع كبرى فيها الكثير من الدروس والعبر، حقائق واضحة قريبة وبديهية، وفرقان، فرقان يساعدك على أن تَفْرُق، أن تُمَيِّز، أن تفرز؛ ليتجلى لك الاتِّجاه الصحيح، الموقف الصحيح، وهو- بلا شك- في نصرة الشعب الفلسطيني، ودعم الشعب الفلسطيني، ودعم القضية الجامعة، والتوجه نحو هذه الأولوية.

فبالاعتبار الواضح، بما هو جليٌ أيضاً، جبهة إسرائيل وأمريكا- وهما جبهة واحدة- هي جبهة الشر، جبهة الكفر، جبهة الطاغوت، جبهة الظلم، جبهة الإجرام، جبهة العدوان، وهي الخطر الأول والحقيقي والأكبر على أمتنا الإسلامية، فأين تكون؟ وأين يكون موقفك؟ هل في الاتجاه الذي يريده الأمريكي والإسرائيلي، ويرتاح له، ويشجِّع عليه، ويحرِّض عليه، وهو واضح؟

الأمريكي والإسرائيلي يريد لأمتنا أن تغرق في نزاعات داخلية، وصراعات داخلية، ومشاكل داخلية، ولاسيَّما إذا كانت تحت عناوين طائفية، فهو مما يسيل لعابه له، ويرتاح له جداً، ويبتهج به غاية الابتهاج، عندما يكون اتجاهك خارج الاهتمام بقضية فلسطين نهائياً، تُضرِب عنها، تشطبها من اهتماماتك، تتجه اتِّجاهاً مغايراً، هو اتجاه يريده الأمريكي، يشجِّع عليه، هل سيكون ذلك الاتجاه مرضياً لله، وهو في الاتجاه الذي يرغب به الأمريكي والإسرائيلي، ويحرِّضون عليه، ويستفيدون منه بكل وضوح؟ بل قضية بديهية، أنَّ أي صراع في هذه المرحلة بين أبناء الأمة، وأيّ فتن تُذكى نيرانها بين أبناء الأمة، تزيدها فرقةً وشتاتاً، وبعداً عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية، أنَّ هذا يخدم العدو الإسرائيلي، هذه قضايا بديهية، قضايا واضحة، ليست قضايا غامضة، تحتاج إلى عباقرة، وفلاسفة، ومفكِّرين؛ حتى يستنتجوها، من الأمور البديهية جداً.

لن تجتمع مرضاة الله تعالى مع ما يرغب به الأمريكي والإسرائيلي، ويسعى له الأمريكي والإسرائيلي، لأن يكون سائداً في واقع أمتنا، من: الفرقة، والتناحر، والتنازع، والانشغال التام عن القضايا المهمة، وعن العدو الحقيقي.

ولـــذلك فمن المؤسف أنَّ البعض في مقابل الخذلان للقضية الجامعة، المهمة، وللمظلومية الكبيرة للشعب الفلسطيني، يتَّجه في اتِّجاه الفتن، وإثارة المشاكل الداخلية باهتمام، برغبة، بنشاط، بجدّ، وعطاء بسخاء، بخل وشح في مقابل القضية المهمة، تكاسل وتنصُّل عن المسؤولية، تجاهل ولا اهتمام؛ أمَّا للفتن فنشاط، عطاء، اهتمام، وجدّ… وغير ذلك، وتفاعل، حتى على مستوى التأييد الإعلامي للفتن التي هي تودد إلى الأمريكي والإسرائيلي، هذا شيءٌ مؤسف! والدول والبلدان المجاورة لفلسطين، ما يحدث فيها هو يخدم الإسرائيلي بشكل مباشر، عندما تُذكى فيها نيران الفتن، هذا يقدِّم خدمة مباشرة للعدو الإسرائيلي، هذا شيءٌ واضحٌ، وشيءٌ مؤسفٌ جداً!

لـــذلك سعي البعض من الأنظمة لتقديم عربون الطاعة [لترامب] مسبقاً، في مقابل تدمير بلدان، وإحراق بلدان، وفعل ما يخدم العدو الإسرائيلي، مع التخاذل الفظيع عن المواقف العملية الجادة لنصرة الشعب الفلسطيني، هذا شيءٌ مؤسفٌ للغاية!

ولــذلك من المهم لشعوبنا الإسلامية في البلدان العربية وغيرها أن تكون واعية، وأن تبقى أعينها مفتوحة تجاه الأحداث والوقائع، ويبقى اهتمامها مستمراً نحو القضية الفلسطينية، ألَّا تقبل لا بإلهائها، ولا بإبعادها، ولا بإشغالها عن القضية المهمة والأساسية، التي يجب أن تكون محط اهتمامها المستمر والدائم،  وأن تعي أنَّ الأمريكي والإسرائيلي كلٌّ منهما يسعى لصرف الاهتمام كلياً عن القضية الفلسطينية؛ بهدف تصفيتها في أجواء من الانشغال التام عنها، وفي ظل أيضاً فتح جبهات على كلِّ من يقف معها، أو يساند الشعب الفلسطيني، وهذا شيءٌ مهمٌ جداً.

فيما يتعلَّق بالصمود الفلسطيني: بالرغم من حجم المعاناة الكبيرة، لا يزال إخوتنا المجاهدون في قطاع غزة مستمرين في عملياتهم البطولية العظيمة، في المواجهة للعدو الإسرائيلي باستبسالٍ عظيم، وحتى بعمليات نوعية، من تلك العمليات:

سلسلة الكمائن المنكِّلة بالعدو الإسرائيلي، التي نفَّذتها كتائب القسام، تحت عنوان: (الانتصار لدماء الشهيد العزيز البطل/ يحيى السنوار).

وكذلك القصف الصاروخي لمغتصبات ما يسمى بغلاف غزة.

وكذلك العمليات البطولية التي نفَّذتها سرايا القدس.

وما تقوم به بقية الفصائل المجاهدة في قطاع غزة، وما يقوم به المجاهدون الأحرار الأعزاء أيضاً في الضفة الغربية.

فيما يتعلَّق بجبهات الإسناد: كان هناك في هذا الأسبوع عمليات مشتركة بين القوات المسلحة اليمنية، والمقاومة الإسلامية في العراق، حيث تم تنفيذ (ثلاث عمليات)، لاستهداف أهداف حيوية تابعة للعدو الإسرائيلي شمال وجنوب فلسطين المحتلة، وهذه العمليات المشتركة هي صورة مهمة أيضاً من صور التعاون، التظافر، الاتجاه الصحيح الذي يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والذي ينبغي أن يكون جذَّاباً لدى كل الأمة الإسلامية؛ لأن هذه الأمة الإسلامية من المسائل المهمة في دينها، ومن الواجبات المقدَّسة في إسلامها:

هي الاعتصام بحبل الله جميعاً.

هي التعاون على البر والتقوى.

هي أن تتحرك في سبيل الله أمةً واحدة، كما قال الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4].

فكل خطوة في هذا الاتجاه الصحيح، تعبِّر عن التعاون والتضامن، هي خطوة مباركة، خطوة عظيمة، وخطوة مهمة؛ ولــذلك أوجِّه التحية لإخوتنا الأعزاء في المقاومة الإسلامية في العراق، وإن شاء الله لهذه العمليات المشتركة صداها وأثرها المهم ضد العدو نفسه، وهو ينزعج جداً، وعبَّر عن هذا الانزعاج في كثيرٍ من الحالات، هناك كثير من التصريحات المعبِّرة عن هذا الانزعاج، وأيضاً الأثر الطيب والعظيم على مستوى جماهير أمتنا، التي لها هذا التوجه الجهادي، الواعي، المستبصر، في نصرة الشعب الفلسطيني، في معرفة من هو العدو، الذي ينبغي على الأمة أن تتعاون جميعاً من مختلف البلدان، ومن مختلف الاتِّجاهات، لمواجهته.

الجبهة العراقية أيضاً جبهة قوية، فاعلة، تتحرك ضد العدو الإسرائيلي، وهناك جماهير واعية كثيرة من أبناء الشعب العراقي، وتوجهٌ جهاديٌ حرٌ وعزيز في العراق، وهذا شيءٌ عظيم يزعج العدو الإسرائيلي.

فيما يتعلَّق بجبهة اليمن في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس): في هذا الأسبوع كان هناك عمليات مهمة:

منها: عمليات لاستهداف العدو الإسرائيلي إلى يافا المحتلة، لاستهداف مطار [بن غوريون].

ومنها: إلى عسقلان المحتلة.

ومنها: عملية كبرى ومهمة في البحر، عملية كبيرة وواسعة استهدفت عدة السفن أمريكية حربية.

وأيضاً استهدفت سفينة كانت من السفن التي سبق لها وأن انتهكت قرار الحظر ضد العدو الإسرائيلي.

وقد بلغ عدد السفن المستهدفة إلى: (مائتين وإحدى عشرة سفينة)، وطبعاً أصبح هناك- كما قلنا- تصيُّد وبحث دقيق للسفن التي ترتبط بالأعداء؛ لاستهدافها.

الأمريكي، كان لهذه العملية تأثير عليه وانزعاج شديد من جهته، وأصبحت السفن الحربية الأمريكية، والبوارج الأمريكية تهرب، وتحاول أن تذهب بجوار السفن الصينية، أو جوار السفن الأخرى، وفي بعض وسائل الإعلام الصينية كان هناك رصد لهذا الأسلوب الذي يتَّبعه الأمريكي، عندما يهرب ببارجاته، أو بسفنه، لتكون في إطار الاحتماء بالسفن الصينية، كان هذا لافتاً للصينيين، ووثَّقت بعض وسائلهم الإعلامية هذه الحالة، وهي حالة سخر منها الصيني، واستغرب منها، أن يصل الحال بالأمريكي إلى هذا المستوى.

فيما يتعلَّق بالأنشطة الشعبية: فهي بحمد الله مستمرة بشكلٍ واسع، ما يتعلَّق منها بقوات التعبئة، في التدريب والتأهيل، في المسير العسكري، في المناورات… كلها أنشطة مستمرة، ومسار التعبئة هو مسار في غاية الأهمية؛ ولــذلك أتوجَّه بالحث لكلِّ من يتهيأ له أن يلتحق بدورات التعبئة، ولم يلتحق بعد، وتتهيأ له الظروف بالالتحاق بها، فمن المهم، ممن لم يسبق له أن دخل في دورات عسكرية.

من المهم أن يسعى أبناء شعبنا العزيز، ولو أنه- كما قلنا كثيراً- شعبٌ جهاديٌ ومقاتلٌ بالفطرة، يمتلك السلاح، ويمتلك المهارة القتالية، لكن التدريب هو جزءٌ من الإعداد الذي أمر الله به في القرآن الكريم، عندما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:60].

عندما نتأمل في واقع أعدائنا، كيف هو اهتمامهم بكل عناصر القوة التي يمكن أن تفيدهم، وهم في موقع الظالم، المجرم، المعتدي، المستهدف لأمتنا، وفي حالة التوجه العدواني، يتبيَّن لنا الفارق الكبير في الاهتمامات.

مثلاً: فيما يتعلَّق بواقع العدو الإسرائيلي، كيف هو اهتمامهم الكبير بالتدريب والتأهيل، كم يمتلكون من قوة احتياط في واقعهم، ممن ليسوا حتى نظاميين على المستوى العسكري، ولكنهم يحرصون على أن يمتلكوا المهارة القتالية لوقت الحاجة، الاهتمام بكل عناصر القوى فيما يتعلَّق بالتسليح، وكذلك امتلاك كل أنواع السلاح، من هو الأكثر حرصاً في كل شعوب أمتنا مما عليه العدو الإسرائيلي من الاهتمام؟!

على مستوى الملاجئ، والغرف المحصَّنة، عشرات الآلاف من الغرف المحصَّنة والملاجئ، التي اهتم بها العدو الإسرائيلي؛ لأنه يريد أن يؤمِّن نفسه في الوقت الذي يستهدف به شعوب أمتنا.

تهتم بلداننا العربية بالبنايات الضخمة، ذات الطوابق الكثيرة، فيأتي العدوان الإسرائيلي، ويستخدم القنابل لإسقاطها، يرتاحون في بلداننا العربية عندما يكون لهم أبراج سكنية مرتفعة، ثلاث أو أربع قنابل تسقطها إلى الأرض وتستهدفها، في بعض الحالات يكون فيها من سكانها العدد الكبير، فتزداد المأساة؛ بينما العدو الإسرائيلي يذهب لبناء المنشآت، بالأمس القريب يعلن أنَّه سيقوم بإنشاء عشرة آلاف ملجأ وغرفة محصَّنة في شمال فلسطين المحتلة، هكذا اهتمام كبير بكل عناصر القوة: تدريب، تأهيل، قوة احتياط، أنشطة واسعة لكل المنتسبين إلى ذلك الكيان الإجرامي العدواني.

نحن الأولى ونحن أمة مستهدفة، ومظلومة، وفي- كذلك- في الموقف الحق، ولسنا أمة عدوانية ولا معتدية، لكن أن يصل حال الأمة إلى التفريط حتى في مسألة الدفاع عن نفسها، فهي مسألة مؤسفة جداً! الاهتمام بكل عناصر القوة، ونحن الأمة التي قال الله لها: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:60]، نحن أولى بالاهتمام بكل عناصر القوة؛ لــذلك التدريب والتأهيل، الكثير من الشباب ممن لم يستفد من الدورات سابقاً، بإمكانه أن يستفيد منها الآن.

أنشطة المظاهرات، والمسيرات، والفعاليات، والوقفات، كذلك مستمرةٌ بشكلٍ عظيم، الخروج الأسبوعي المليوني العظيم، الذي سيبقى في التاريخ صفحةً مشرقةً وضاءة لشعبنا العزيز؛ لأنه لا مثيل لهذا النشاط لأي شعب، ولا تجاه أي قضية، وحتى في تاريخ شعبنا، يتميَّز هذا الخروج بميزات عظيمة:

أنه بدافع إيماني، وهذه مسألة في غاية الأهمية، من أجل الله، طاعةً لله، استجابةً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعبيراً عن موقف حق، وصرخة حق لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وفي وجه أعداء الله، وأعداء الإنسانية: اليهود الصهاينة وشركائهم، وهذه مسألة مهمة جداً.

أنَّه بزخمٍ شعبيٍ واسع، لا مثيل له، يخرج شعبنا خروجاً من مليونياً، بكل ما تعنيه الكلمة، مئات الآلاف يتدفَّقون إلى الساحات في المحافظات، في صنعاء بشكلٍ كبيرٍ جداً، في بقية المحافظات، في المديريات، في الأرياف، وهذا الزخم الشعبي الواسع جداً يُبَيِّن انتشار الوعي الكبير في أوساط هذا الشعب، وكذلك يعبِّر عن التوجه الواسع بين أبناء هذا الشعب، عن- فعلاً- الانتماء الإيماني الأصيل لهذا الشعب، أنَّه وأكثر من أيِّ شعبٍ آخر تحرك بهذا المستوى الواسع، والحضور الواسع، والمعبِّر بزخمه الكبير عن اتِّساع هذا الوعي، وهذا الإحساس بالمسؤولية، وهذا شيءٌ مهمٌ جداً، ويحسب له الأعداء ألف حساب.

من مميزاته: أنَّه في إطار موقف متكامل، مع الصواريخ، مع المسيَّرات، مع العمليات البحرية، أنَّه مع الإنفاق في سبيل الله تعالى، مع التدريب، مع التأهيل، مع الاستعداد للمعركة، للمشاركة، وكم كانت أمنيَّاتنا ومطالباتنا بأن يتاح لشعبنا العزيز فرصة المشاركة المباشرة، لكن العوائق الجغرافية، والبلدان التي تجعل أنظمتها من نفسها مترساً بيد الأعداء، أعاقت هذه الأمنيَّة، وهذا الطلب.

كذلك فيما يتعلق بالاهتمام المستمر كل أسبوع، في معظم الأسابيع كل هذه الفترة، دون كلل، ولا ملل، ولا فتور، هذا له أهميته الكبيرة جداً.

ويؤسفنا حال معظم الشعوب العربية، بالرغم من خروج مظاهرات لا تكاد تتوقف في بلدان أخرى، في هذا الأسبوع كان هناك تظاهرات في: (أستراليا، وهولندا، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، وألمانيا، وبلجيكا، وأمريكا، وإيرلندا، والدنمارك، والنرويج، والسويد)، وهكذا في دول كثيرة تخرج المظاهرات بشكل يكاد لا يتوقف أسبوعياً؛ بينما في كثير من البلدان العربية ليس هناك صوت ولا تحرُّك.

خرجت تظاهرات يوم الجمعة الماضية، في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في عدد كبير أيضاً من الدول، ومنها: في أمريكا الجنوبية، واللاتينية، وشارك فيها قادة وسياسيون، أيضاً في فنزويلا شارك الرئيس الفنزويلي في مؤتمر التضامن مع القضية الفلسطينية، وكان مما قال: [إذا نظرتم إلى أسباب النضالات منذ القرن الماضي من أجل إيجاد عالمٍ عادل، فإنَّ القضية الفلسطينية أكثر قضية مُحِقَّة للإنسانية]، هكذا بدافع الضمير الإنساني.

من الملفت أيضاً خروج مظاهرات في عشرات المدن الأسبانية، في المغرب العربي تواصلت التظاهرات المساندة للشعب الفلسطيني، بالرغم من القمع البوليسي لبعضها.

أمريكا هي تراهن على الفتور والملل، وعلى أن يصمت صوت الشعوب؛ ليواصل الإسرائيلي إجرامه؛ فخروج شعبنا العزيز بكل ذلك التفاعل، الذي يعبِّر عنه الكثير في الاستصراحات الإعلامية، وما نراه أيضاً من مختلف فئات هذا الشعب، يخرج البعض من الجرحى والمعاقين، يخرج الشيبان بالرغم من تقدمهم في السن، لكنهم يخرجون وباهتمام كبير، ويعبِّرون في حضورهم عن هذا الاهتمام، هذا الوعي، هذا الاحساس بالمسؤولية، هذا الألم والحزن على ما يعانيه الشعب الفلسطيني، هذا التَّوجه الصادق لنصرة الشعب الفلسطيني، وللموقف في سبيل الله، ما يعبِّر عنه الشباب والكبار والصغار في تلك الاستصراحات الإعلامية، ملامح الوجوه، الهتافات والصرخات، كل ذلك يعبِّر عن ميزة هذا الخروج، أنه خروجٌ واعٍ، خروج كجزء من الجهاد في سبيل الله تعالى، ولذلك ينبغي الاستمرار والنشاط؛ لأن من أهم مميزات هذا الخروج هو الاستمرار، هو المصابرة، هو المرابطة، وهذا جزءٌ من المرابطة، جزءٌ من الاستجابة لله تعالى في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران:200].

أدعو شعبنا العزيز للخروج المليوني يوم الغد- إن شاء الله تعالى- في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، وحسب الترتيبات المعتمدة.

وَنَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِيّ المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيه الأَعِزَّاء، وَأَنْ يُتِمَّ النَّصْر لِمُجَاهِدِي حِزبِ الله، وَلِلشَّعْبِ اللُبْنَانِيّ العَزِيز.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قد يعجبك ايضا