وسط عمليات مضاربة حادة.. شركات الصرافة في عدن توقف عمليات البيع والشراء للعملة
انهيار العملة المتسارع يشعل الأسعار ويثير موجة غضب شعبي ضد حكومة المرتزقة في المحافظات المحتلة
أكدت مصادر محلية أن أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية سجلت قفزة هائلة تجاوزت أكثر من 100 % خلال الفترة الأخيرة، وتزامنت تلك القفزة مع استمرار انهيار قيمة العملة المحلية من 450 ريالاً يمنياً للدولار الواحد في 2017م إلى أكثر من 2008 ريالات في اكتوبر الجاري 2024م.
وعلى وقع انهيار سعر الصرف، أعلن عدد كبير من شركات الصرافة وقف عمليات البيع والشراء حتى إشعار آخر، وأكَّدت شركات صرافة في المحافظات المحتلة أن سعر الصرف ارتفع وسط عمليات مضاربة حادة.
الثورة / أحمد المالكي
وعلى مدى الأعوام الماضية تواجه ولا تزال حكومة المرتزقة ضغوطاً شعبية وسياسية واسعة، نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية وتفاقم أزمات خدمات الكهرباء والمياه والمواصلات، وسط اتهامات محلية ودولية وأممية لأدائها بالقصور والفساد والمضاربات بالعملة الصعبة، وصراعات فصائلها على الموارد، الأمر الذي انعكس بشكل كارثي على قيمة العملة، وانهيار القيمة النقدية لمدخرات المواطنين وقدراتهم الشرائية.
واعترفت حكومة المرتزقة بعدم القدرة على ضبط فوضى الأسعار ومكافحة الاحتكار في مناطق سلطاتها، مؤكدة حاجتها القصوى للحد من سلوكيات التجار واحتكارهم للسلع في الأسواق المحلية، وسط تراجع غير مسبوق لقيمة الريال، بالتزامن مع استمرار انهيار القدرة الشرائية للمواطنين.
وذكرت مصادر محلية في محافظة عدن المحتلة أن مؤسسات تجارية كبيرة في عدن، أغلقت أبوابها، مؤخراً، تحت وطأة تراجع الحركة التجارية وانهيار العملة المحلية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وأكدت المصادر عن مصدر تجاري قوله إن انهيار أسعار الصرف في عدن والمحافظات المحتلة أثرت بشكل كبير على نشاط تلك المؤسسات.
وأكدت المصادر أنه في حال استمرار الانهيار المتسارع وغير المسبوق للريال اليمني أمام العملات الأجنبية فإن عمليات الإغلاق ستتواصل لتطال جميع المؤسسات، الأمر الذي بات يهدد النشاط التجاري برمته.
خبراء اقتصاد قالوا إن تجاوز سعر الصرف 2000 ريال للدولار الواحد في المحافظات المحتلة كان متوقعاً وسط عدد من العوامل التي أدت إلى هذا الانهيار
ومن هذه العوامل، حسب الخبراء، استمرار حكومة المرتزقة بعدن في صرف رواتب ما يقارب 120 مليون دولار شهرياً لموظفيها ومسؤوليها في الخارج، واصفاً الحكومة بأنها هي نفسها تمارس المضاربة عبر البنك المركزي الذي يعمل على شراء العملة والحصول عليها للإيفاء بالتزامات الحكومة.
ومن العوامل، كما يقول الخبراء، عدم قدرة حكومة المرتزقة على إجراء إصلاحات اقتصادية فيما يتعلق باستعادة الكثير من الإيرادات العامة الخارجة عن سيطرتها، حيث لا تزال الحكومة تعمل على موارد محدودة، في حين تراجعت العوائد من ميناء عدن بسبب تراجع حركة الملاحة فيه إلى أدنى المستويات.
كما لا تزال موارد النفط والغاز في مأرب، والتي تُعد أبرز أهم الموارد اليومية، خارج سيطرة الحكومة رغم مرور تسع سنوات على نقل عمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، حيث ترفض السلطات في مأرب التعامل مالياً مع مركزي عدن.
ذلك يُضاف إلى ارتفاع معدل إنفاق الحكومة، مقابل محدودية الإيرادات التي تحصل عليها، لعدم تمكنها من انتزاع الكثير من الإيرادات التي لا تزال تحت سيطرة مراكز قوى عسكرية وقبلية في المحافظات المحتلة .
ويعتبر خبراء الاقتصاد أن حكومة المرتزقة تواجه أزمة مالية كبيرة جداً دفعتها للعودة إلى الدين العام الداخلي وأعلنت خلال الأسابيع الماضية عن حاجتها للحصول على الأموال عبر أدوات الدين العام الداخلي، وهو ما يؤكد أن العجز ليس فقط في العملة الأجنبية، بل أيضاً في ميزانية الحكومة، وسط غياب قيادة البنك المركزي منذ أشهر وغياب الدولة الحقيقية القادرة على حماية سعر الصرف، وإحداث تغيير اقتصادي حقيقي.
وهذه “الانتكاسة” وفق الخبراء تهدد مساعي السلام، خصوصاً أن جهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ تتركز حول إنهاء الانقسام النقدي والمالي، إلا أن ما يحدث من انهيار كبير في العملة من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر ويعيق أي جهود دولية رامية إلى إنهاء الانقسام النقدي.
كما سيزيد انهيار سعر الصرف من تدهور الوضع المعيشي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وارتفاع تكاليف الخدمات العامة، مما سيتسبب في مضاعفة تدهور الوضع الإنساني بحسب الخبراء.
ويرى مهتمون ومتابعون للشأن الاقتصادي في اليمن أن من أسباب الانهيار هو أن 70 % أو أكثر من إيرادات الدولة التي كانت تحصلها إلى البنك المركزي قبل الحرب لا تزال مفقودة وبيد أطراف الصراع والنفوذ في عموم محافظات حكومة عدن من عدن إلى تعز ومأرب والمكلا وغيرها.
وتستولي هذه الأطراف بصورة غير مشروعة على كمية نقد محلية هائلة تقدر بمليارات الريالات اليمنية، وأن هذه الأطراف لا تستثمر هذه الأموال داخل البلاد بل خارجها، فتضطر لتبديل هذه الأموال بنقد أجنبي وبكلفة مرتفعة عن السوق، لتتسبب أولاً في رفع قيمة الدولار، وثانياً في شحة النقد الأجنبي.