طوفان الأقصى في عامه الثاني

طاهر محمد الجنيد

 

أثبت رجال المقاومة الفلسطينية وأبطالها المجاهدون أن الاعتماد على الجيوش والأنظمة العربية رهان خاسر في نيل وسام الدفاع عن كرامة الأمة ودحر الاستعمار الصهيوني، بل إنها ساهمت مع الحلف الصهيوني الصليبي في حصار المجاهدين ودعم الإبادة والإجرام.

وما سبق أكده ابن اليهودية رئيس وكالة الاستخبارات السابق عاموس يلدين بقوله – إن كل شخص يرفع رأسه سنزيله، في تهديد واضح للعملاء والخونة بأن عليهم الاستمرار في دعم إجرامهم، مهما كانوا، ملوكا وأمراء ورؤساء وغيرهم من العاملين لمصلحتهم، وكشف أيضا حقيقة بعض الجيوش العربية وأنها تخدم الأمن القومي الصهيوني، كجزء من أمن وحرب الردع التي تنهي الحرب في مرحلة التفكير قبل مرحلة المواجهة.

لقد تم تسليح تلك الجيوش وتوجيه عقيدتها العسكرية كي تحارب بعضها البعض، وخاصه دول الطوق، أما الدول التي يحتمل منها الخطر، فقد تم اتخاذ استراتيجية تدميرها كأمر حتمي لا مفر منه، إما بواسطة الذراع الصهيونية أو الأذرعة المتصهينة أو بواسطة الحلف الصليبي الصهيوني، وحسب تصريحات عاموس (لن يكون هناك جيش على الحدود الإسرائيلية والذي من الممكن أن يقتحم الدولة في اللحظة صفر)، فقد أمنوا قطار التطبيع مع الأنظمة المتصهينة والعميلة التي أنشأوها ودعموها ويسعون لإقامة الشرق الأوسط الجديد الذي يؤمِّن سيطرتهم وهيمنتهم بفعل التفوق العسكري والاستخباراتي والتكنولوجي، وفعلا رأينا تساقط الأنظمة العربية سرا وعلانية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب وتم نسيان مظلومية المسجد الأقصى والأشقاء على أرض الرباط ومسرى الرسول الأعظم محمد – صلى الله عليه وآله وسلم.

أسلوب التحدي والتهديد بشن الحروب بدا واضحا في كلام اليهود مع أجبن الخلق وأحرص الناس على الحياة، أغراهم وشجعهم على ذلك انهم يحاربون الشعوب العربية مستعينين بالخونة والعملاء الذين حاصروا المقاومة ودجنوا شعوبهم خدمة للصهاينة.

عاموس يلدين –أبدى حسرته وألمه على عدم استعادته القتلة والمجرمين لدى المقاومة –سنة- بينما الأشقاء في أرض غزة وفلسطين محاصرون لأكثر من سبعين سنة تحت إجرام الاحتلال الصهيوني الصليبي-وقبله الاحتلال البريطاني لأكثر من أربعين سنة وأيضا الاحتلال الفرنسي.

وقواعد اليهود لا تتغير على مدى الأزمان وتحدث عنها القرآن الكريم ((أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم))، هنا يقول عاموس- إذا كان وقف الحرب شرطا لعودتهم فعلينا وقفها حتى نستعيدهم ونجددها متى نشاء- وينسى أنهم جعلوا منهم أساسا للمساومة لارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية ولو كانوا يريدون استعادتهم لفعلوا ذلك في أول جولة مفاوضات ووساطة.

يتظاهر اليهود اليوم بقوتهم وبسعيهم لتحقيق طموحاتهم على غير عادتهم حتى يتم تلافي صورتهم التي عرتها جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وأيضا تلافي آثار طوفان الأقصى الذي أسطورتهم الواهية كبيت العنكبوت، فمثلا وزير المالية –سموتريش- نريد دولة يهودية تضم الأردن والسعودية ومصر والعراق وسوريا ولبنان –مع تلك الأنظمة التي أشار إليها باستثناء المقاومة هي التي تمثل العائق الوحيد أمام مشاريعهم ومؤامراتهم الإجرامية في حق الشعوب العربية والإسلامية- فقد أصبحت معظم الأنظمة خادمة لهم، تتحرك بأوامرهم ولتنفيذ خططهم ؛ولولا محور المقاومة الذي مرَّغ أنوفهم في الوحل بإمكاناته الذاتية، لأصبحت إسرائيل الكبرى واقعا ملموسا ومشاهدا في كل الأرض العربية التي خصصها الحلف الصهيوني الصليبي الجديد استيطانا وهيمنة ونفوذا، في شكل يمثل أقذر وأحط وأسوأ أنواع استعمار واستيطان في العصر الحديث – حسب وصف المؤرخ – ديفدهريست – استعمار واستيلاء على الثروات واستعباد البشر، فهو أسوا من ذلك، – يهدف إلى طرد السكان والحلول بدلا عنهم- إنه تهويد للأرض وتملكها، من يقبل بهم يصبح حارسا لهم خائنا لأهله ووطنه ودينه ومن يرفض ليس أمامه سوى القتل أو الطرد من الوطن واستبداله باليهود.

سنة مضت والحرب مستعرة أوارها والشهداء تزداد أرقام الفتك بهم أطفالا ونساء وشيوخاً، لم يفنهم الحصار والإجرام والإبادة ولا الجرائم ضد الإنسانية بل كنتيجة للدماء الطاهرة انتهت أسطورة الكذب والخيانة والعمالة برغم الدعم والإسناد اللامحدود من الحلف الصهيوني والصليبي عربا وعجما.

إنها مسيرة بدأت منذ زمن بعيد في التأسيس للوجود اليهودي من خلال تمزيق وحدة الأمة اثنيا وعرقيا وطائفيا وعشائريا وقبليا وجهويا غرس الإجرام ومكنه من المال والسلطة، حتى رأينا يهود اليوم يخطبون على منابر مساجد المسلمين يعظون الناس لمصلحة اليهود وضد مصلحة المسلمين – وأيضا تسند لهم الفتوى في شؤون المسلمين وتسخر لهم وسائل الإعلام – وهم من يسمح لهم بامتلاك الثروة ويتحكمون فيها عطاء ومنعا.

ثروات اليهود تُشترى بها المشاريع القومية الهامة كما في المحروسة مصر والإمارات وغيرها وثروات الأمة تشتري بها ترسانات الأسلحة رديئة المواصفات لحماية الأنظمة العاملة لصالحهم وأيضا لمواجهة بعضهم البعض وهي أيضا جيوش وأسلحة استعراضية لا علاقة لها بحماية العزة والكرامة والاستقلال، بل لتدمير إرادة الشعوب وإذلالها وترسيخ الانهزامي والخنوع خدمة لليهود والنصارى.

عام مضى على طوفان العزة والكرامة، يتساءل البعض: ما الذي تحقق بعد سفك كل تلك الدماء الطاهرة؟ وهنا يكفي القول “إن تلك التضحيات عرّت العمالة والخيانة لليهود والنصارى عربا وعجما مطبعين “بزنانير وبغيرها”، يكفي أن التاريخ شهد أن كل تلك الجيوش والأسلحة الجرارة من الخليج الهادر إلى المحيط الثائر حرست الأنظمة وكانت عونا لليهود والنصارى وأكثر حرصا على مصالحهم، ووصل الحال ببعضها لمساندة إجرام اليهود ولمواصلة جرائم الإبادة بحق الشرفاء والمرابطين على ارض الرباط والجهاد في فلسطين.

يكفي طوفان الأقصى أنه أثبت خيانة وعمالة المطبعين وإيمان ومصداقية محور المقاومة، بعد أن كادت الدعايات السوداء تثبت العكس وأنهم مجرمون لا مجاهدون في سبيل الحق والعدالة والعزة والكرامة.

يكفي طوفان الأقصى أنه كشف أن مئات المليارات من صفقات الأسلحة أُنفقت لخدمة اليهود والنصارى وأنها سُلمت لجيوش لم تحرر نفسها من العبودية والرق للإجرام وساعدت على قتل الشرفاء والأبرياء خدمة لخدام المشاريع الإجرامية للحلف الصهيوني الصليبي الجديد.

إن طوفان الأقصى لحظه فارقه في مسار الأمة العربية والإسلامية سرعان ما يتحول إلى كابوس يفتك بالإجرام المنظم الذي فرض الاستعباد وكرَّس الفرقة والشتات وأراد العودة إلى الجاهلية والنكوص عن الهدى والنور الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين – صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قد يعجبك ايضا