وأخيراً وليس آخرً، ها هو سيد النصر، وهازم الأحزاب، يترجل من على صهوة جوادة، منتصراً، عزيزاً، شامخاً، قانتاً لله عابداً، مجاهدا، مسلماً راية النصر بعده إلى شعب كفؤ، قد رباه فأحسن تربيته، وعلمه بأجمل تعاليمه، ليكون أهلا للمهمة الجسيمة، والخطب العظيم، وليقوم بالدور بعده أحسن قيام، ويخلفه في قيادة الأمة الإسلامية، ومسيرة الجهاد المقدس أفضل خلافة، وإنما مثله مثل موسى -عليه السلام- حين قال لأخيه « اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْـمُفْسِدِينَ».
إنه النصر المحتوم قد اقترب، والوعد الصادق الذي ظهر عن كثب، إنه أيقونة النصر، وسيمفونية الجهاد، وعبق الإيمان، وأريج العزة، إنه نصر الله وما أدراك ما نصر الله..
إنه الحبيب ابن الحبيب، إنه النجيب ابن النجيب، إنه القائد العظيم الذي أنجبته الأمة بعد مخاض عسير، وليل دامس طويل، ويا بختنا نحن بك يا نصر الله، ويا بخت أمة أنجبتك، فهي بلا شك لم ولن تنجب مثلك، اللهم إلا من كان من السلالة الطاهرة الزكية، والدوحة العلوية النبوية، وإلا فمثلكم معدوم، وشبيهكم مكتوم، وجهادكم مختوم، ونصركم محتوم، فما أعظم مصابنا اليوم بك يا نصر الله، وما أشد حزننا عليك يا ولي الله، ولله في خلقه شؤون، ونحن إلى أمره في سكون، ولقد دعاك فأجبت، وابتلاك فصبرت، وأنعم عليك فشكرت، وأغدق عليك وعلينا بك فزدت شكرا له ـ سبحانه ـ وتواضعا، وقمت بجهاد عدوه وعدوك طائعا، ولقد يعجز اللسان عن وصفك، وتتبخر الكلمات عن محاولة مدحك، وإنما نعزي أنفسنا بك، ونواسي قلوبنا في حنينها إليك، ونضمد جراحنا ببعض دوائك، كيف لا؟! وأنت الصفي ابن الصفي، والعلي ابن العلي، والرضي ابن الرضي.
نستودعكم الله يا نصر الله، ولله في خلقه شؤون، وفي قضائه حكمة، وفي ابتلائه محبة ونصرة.
ولنعلم علم اليقين أنه إذا فقدت الأمة قادتها فهو أحد أمرين: إما غضب الله قد نزل بسبب خيانة العملاء، وإما بارقة النصر قد لاحت، وهذا ما نرجوه، وكل هذا الذي نأمله من رب رحيم، عزيز عظيم، كل يوم هو في شان، ونعوذ بالله من غضبه، ونستجير به من سخطه، ونلوذ به في صغائر أمورنا وكبارها، ونلتجئ إليه في حلبة حياتنا كلها وضمارها، وإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.