
تعتبر الحوادث المرورية أكثر الأدوات الحاصدة لأرواح اليمنيين على مدار العام.. لا ترحم الطفل البريء.. ولا الشيبة العاجز.. ولا الأب العائد إلى أبنائه.. الحامل بين حقيبته ملابس العيد الخاصة بأسرته.
ترتفع وتيرة وقوع الحوادث المرورية من عام إلى آخر.. ويزداد وقوعها خلال أيام العشر الأواخر من شهر رمضان والعشرة الأيام التي تتبع العيد.. وتحديداٍ خلال الإجازة العيدية.. ويظل رجال شرطة السير عاجزين عن وضع حد لهذه المعضلة في ظل انعدام الوعي المروري لدى السائقين والمارة..
في ثنايا هذا التحقيق نكشف لكم بالرقم عن نسبة ارتفاع الحوادث من عيد إلى آخر.. ونوضح لكم الأسباب وما هي الحلول الفعالة لوضع حد لهذه المأسي وإيقاف تلك المركبات التي تحصد الأرواح.
تعتبر الخطوط الطويلة التي تربط العاصمة بالمحافظات أكثر الخطوط التي يقع فيها الحوادث المرورية خلال أيام العيد ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة ومرتبطة بأكثر من جهة.. منها: نقص الوعي المروري لدى المجتمع وعدم صيانة الطرق بشكل دوري وانعدام إشارات وإرشادات المرور وغياب السياج الحديدي في بعض الخطوط ذات القمم العالية وكذا عين القط «الأحجار العاكسة التي يتم وضعها ما بين الخطين وعلى حوافهما بحيث أنها تنبه السائق في حال خروجه عن خطه».. وتلك الأسباب الأنف ذكرها كانت ملخص لكل الأسباب التي ذكرها المختصون والمرابقون الواردة آراؤهم في الأسفل.
بالنسبة للخسائر البشرية والمادية التي تخلفها هذه الحوادث خلال أيام العيد وما بعد العيد.. فهي شبه خيالية.. إذ قال مدير عام التخطيط والتنظيم بوزارة الداخلية العميد الدكتور/ عبد المنعم الشيباني إن الحوادث المرورية تعتبر من أكثر الأدوات الحاصدة والقاتلة لليمنيين.. لافتاٍ إلى أن الحل الوحيد لوضع حد لها يتمثل في توعية المجتمع توعية مرورية.
وزارة الداخلية في تقريريها السنوي كشفت عن ارتفاع وقوع الحوادث المرورية خلال العام الماضي 2013م بنسبة (13%) عن العام الذي قبله.. إذ بلغ إجمالي الحوادث المرورية التي شهدها العام المنصرم بعموم محافظات الجمهورية نحو (9333) حادثاٍ مرورياٍ بينما عام 2012م نتج عنها وفاة (2720) شخصاٍ منهم (394) أنثى وإصابة (21812) شخصاٍ بينهم (1624) أنثى.
وقال التقرير إن الخسائر المالية الناتجة عن تلك الحوادث قد قدرت بما يقارب (3,714,863,810) ريالات يمنية.
وليس هناك أفضل وابلغ من العقيد/ عبدالله النويرة ـ المنتسب لشرطة السير منذ أكثر من عشرين عاماٍ ـ في توضيح أسباب ارتفاع الحوادث والذي قال: أسباب زيادة الحوادث في عطلة العيد وتكثر الحوادث المرورية في الإجازات وخاصة إجازة عيد الفطر وعيد الأضحى للأسباب التالية: أولاٍ بسبب انتقال أعداد كبيرة من قاطني المدن إلى الأرياف لقضاء العطلة وزيارة الأهل والصدقاء وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة الحوادث كنتيجة طبيعية لزيادة عدد الرحلات للسيارات, والإرهاق وعدم أخذ قسط كاف من النوم بالنسبة لسائقي السيارات الأجرة والهيلكس والباصات الذين يعملون في الطرق الطويلة ويعتبر موسم هام بالنسبة لهم فيواصلون العمل ليلا ونهارا وقد يحصل أن ينام السائق وهو يقود سيارته, وهناك سبب آخر قد لا يتنبه له الكثير وهو ان بعض السائقين تأخذه النشوة والفرح إلى درجة ان يقود سيارته بطريقة تشكل خطر عليه وعلى الركاب وقد يحصل حوادث مرورية نتيجة للمرح والمزاح في السيارة.
وأضاف « بالإضافة إلى سوء صيانة السيارات وهذا يؤدي إلى فقدان السائق للسيطرة على السيارة في الطرق الطويلة وكذلك سوء الإطارات وشراء الإطارات المستعملة التي تنفجر عند الاستخدام لوقت طويل في الطرق الطويلة نتيجة لانتهاء عمرها الافتراضي وسوء نوعيتها وسوء تخزينها, بالإضافة إلى عدم كفاءة الطرق وسوء تخطيطها وتنفيذها مما يساعد على حصول حوادث مرورية لأبسط خطأ يرتكبه السائق, والقيادة بسرعة عالية والتي يقود بها بعض السائقين سياراتهم خاصة السيارات الأجرة لكي يستطيعوا الحصول على اكثر من مشوار, والتجاوزات الخاطئة التي يقوم بها بعض السائقين خاصة التجاوز في المنحنيات والأماكن المحجوبة الرؤى, وكذا وجود مطبات في الطرق الطويلة مما يسبب حصول حوادث مرورية جسيمة, واستخدام سيارات نقل البضائع في عملية نقل الركاب وكذلك الباصات الخاصة بالنقل الداخلي, وعدم الانتباه لزيادة الأحمال على السيارات مما يؤدي إلى عدم قدرة السائق على السيطرة عليها».
في السياق ذاته قال رئيس منظمة «قف» للسلامة المرورية محمد الشامي: إن الإدارة العامة لشرطة السير وفروعها في المحافظات تعلم جيداٍ أن الحوادث المرورية ترتفع والإحصائيات مفجعة والخسائر الناتجة عنها خلال إجازة العيد ولذلك نأمل من الإدارة العامة لشرطة السير أن تتخذ إجراءات حقيقية على أرض الواقع للحد من وفيات الحوادث وان تقوم بإعداد خطة لتنظيم حركة السير خلال الإجازة وبما يكفل التخفيف من الحوادث المرورية.
ودعا رئيس منظمة قف للسلامة المرورية مستخدمي الطريق إلى أخذ الحيطة والحذر أثناء القيادة لتجنب الحوادث المرورية والابتعاد عن الممارسات والتجاوزات الخارجة عن المألوف كالسرعة الزائدة والقيادة بطيش وتهور والتجاوز من كتف الطريق وغيرها من المخالفات التي لا تتفق مع مفاهيم القيادة الحديثة والذوق والأخلاق.
وأتهم رئيس منظمة قف محمد الشامي الجهات المختصة وذات العلاقة بالإهمال وعدم المبالاة تجاه هذه الحوادث التي أصبحت مجرد أخبار تتناولها يومياٍ وسائل الإعلام المختلفة وتتقبلها الجهات الرسمية بقلوب باردة كالثلج.. مؤكداٍ أن إحصائيات الحوادث التي تتناقلها وسائل الإعلام ليست دقيقة وصحيحة, إذ أن الإدارة العامة لشرطة السير وفروعها بالمحافظات لا تقوم بتسجيل كل الحوادث.
أما عن المنظمة فقال الشامي إنها قامت بحملة توعوية ميدانية بمناسبة عيد الفطر تحت شعار (عيد سعيد ….معا عيد رمضان بلا حوادث) وتم خلالها توزيع ملصقات ونشرات وبروشورات توعوية للسائقين والمشاة بهدف نشر الوعي في أوساط المجتمع بأهمية الالتزام بالقواعد والأنظمة المرورية.
وعن الحلول للحوادث المرورية قال الشامي: إن الحد من الحوادث وتحقيق السلامة المروية على الطرق لن يأتي إلا باستشعار الجميع لواجبهم وعلى رأسهم الجهات الحكومية المعنية بالسلامة على الطرق.. مطالباْ بإعداد إستراتيجية وطنية للسلامة المرورية في ظل المأساة المستمرة على الطرق في بلادنا.
أما الحلول لوقف نزيف الدم الناتج عن الحوادث بنظر الخبير المروري والكاتب الصحفي في شأن السلامة المرورية العقيد/ عبدالله النويرة فهي تكمن في التوعية المكثفة بخطورة قيادة السيارة والسائق يشعر بالنعاس أو بالإرهاق, وتنفيذ الإصلاحات الضرورية في الطرق في الأماكن التي تتكرر فيها الحوادث المرورية وإزالة المطبات التي تسبب حوادث مميتة, وكذلك فحص السيارات والتأكد من سلامتها فنيا وهذه مسئولية شرطة السير, ومنع بيع الإطارات المستعملة ومنع استيرادها ومنع استيراد قطع غيار السيارات المستعملة والمقلدة.
ومن أجل الحد من هذه الحوادث يجب أن ترقب, بحسب العقيد/ النويرة, الخطوط الطويلة ويمنع السائقين من زيادة السرعة عن ما هو مقرر ومنع حصول تجاوزات خاطئة في الطرق الطويلة, ومنع حدوث التصرفات الطائشة التي يقوم بها بعض السائقين مثل التسابق والمزاح بالسيارات, ومنع استخدام سيارات نقل البضائع من نقل الركاب, بالإضافة إلى منع الباصات من العمل في الخطوط الطويلة لأن السائق يحملها فوق طاقتها ويقودها بسرعة عالية.
من جانبه أكد مدير شرطة سير الأمانة العقيد/ محمد البحاشي على أن الحوادث المرورية تزداد زيادة غير مبررة ولا معقولة خلال العطل الرسمية وخاصة خلال العطلة المرافقة لعيد الفطر المبارك وهذه الحوادث تحول الفرحة بالأعياد إلى أحزان على مستوى الوطن ذلك أن الحادث المروري عندما يحصل للشخص فإنه لا يـتأثر به بمفرده بل يتأثر به أسرته وأصدقائه وأبناء قريته فإذا حصل حادث مروري لفرد من أفراد القرية فإن جميع سكان القرية سوف يتأثرون سلباٍ بذلك الحادث وتذهب لحظات الفرح ويعم الحزن أرجاء القرية.
ويتفق العقيد البحاشي مع سابقيه في أن السائق يقوم وهو مرهق بقيادة سيارته وهذا الحال للسائق يتسبب بخسائر كبيرة إذ قال: قيادة السيارة بسرعة عالية والسائق مرهق أو أن السيارة نفسها سيئة الصيانة هذه الأمور في تسبب زيادة أعداد الحوادث المرورية بشكل كبير خلال عطلة عيد الأضحى والمشكلة تكون اكبر عندما يقترف هذه الأفعال سائق سيارة أجرة ويسبب مآسي للركاب الذين معه فالكثير من سائقي الأجرة يعتبرون فترة العطلة موسم يحصدون فيه مبالغ مالية كبيرة وهم في هذه الفترة لا يأخذون قسطاٍ كافياٍ من الراحة لكي يقودوا سياراتهم وهم في كامل وعيهم بل أن الكثير من سائقي سيارات الأجرة لا ينامون إلا ساعات قليلة خلال نهاية رمضان وتجد احدهم يسافر أكثر من مرة بين المدن وهو لم ينام ويصل في لحظة من اللحظات إلى عدم القدرة على السيطرة على نفسه فينام وهو مسافر بسيارته ولنا أن نتصور النتيجة.
وأهاب العقيد البحاشي بالسائقين بأن يتوخوا الحذر والحيطة وان يقودوا سياراتهم بكل هدوء وان يأخذوا القسط الكافي من الراحة الجسمية والذهنية قبل أن يقودوا سياراتهم حفاظاٍ على سلامتهم وسلامة الآخرين.