أعداء الأمة يحاولون فصلها عن منابع الهدى ..
يتفرد الشعب اليمني عن غيره من الشعوب بالاحتفاء والتعبير عن الحب للرسول الكريم ..
الاحتفال بالمولد النبوي ركيزة أساسية لتجديد الهوية الإيمانية ..
الثورة / امين العبيدي
يحتفل شعبنا اليمني بأغلى المناسبات في الوجود وهي مناسبة المولد النبوي الشريف هذه المناسبة التي تمثل انطلاقة إيمانية للاقتداء بالرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ..
«الثورة » ترصد دلالات احتفال الشعب اليمني بهذه المناسبة الإسلامية الجليلة في السطور التالية :
البداية مع الأخ / محمد الضوراني الذي تحدث قائلا : في كُـلّ عام تمر علينا ذكرى المولد النبوي الشريف لخير البشر النبي الخاتم محمد “صلوات الله عليه وعلى آله” فهي مناسبة تجمع كُـلّ المسلمين لقائد الأُمَّــة الإسلامية ومعلمها وهاديها الذي بلغ الرسالة الإلهية على أكمل وجه وحمل هذه الرسالة فكان هو الصادق المخلص المجاهد الثابت في أدائها وتحملها كما أراد الله عز وجل، هذه المناسبة الإيمانية للرسول الأمين محمد “صلوات الله عليه وعلى آله” ارتباطها بمولد الهادي للبشرية بكلها الذي أرسله الله رحمة للعالمين لإخراجهم من ظلمات الباطل والجهل والضياع إلى طريق النور والصلاح والتقى، فكان بمولد الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله وسلم” أثر كبير في تحول كبير وانتقاله للعالم بكله نحو الإيمَـان بالله “عز وجل” وتوحيد الله في عبادته وفي الالتزام بأوامره التي فيها الصلاح للبشرية بكلها في زمان ساد فيه الظلم والضياع الفكري والثقافي والعقائد الباطلة والتشريعات التي هي من صنع البشر؛ فالله “عز وجل” الرحمن الرحيم بعباده لن يتركَهم يعيشون في ظل الباطل، ومن يسيرون معه فأرسل الهدى والنور وقدمة، للبشرية بنموذج إيمَـاني صحيح وسليم نقي وتقي وطاهر من كُـلّ الضلال بأنواعه المختلفة، فكانت ولادة الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” بداية صلاح البشرية بميلاده الشريف فجاء بالأمل لكل البشرية في صلاح واقعها في الدنيا والآخرة جاء بالخير بكل أنواعه، جاء كمنقذ للبشرية لإخراجها من ظلمات الجهل والضياع لواقع تسلم بواسطة من مكايد الشيطان وأعوانه وحزبه فتنال من خلاله الأُمَّــة الإسلامية التوفيق والنصر والتأييد والفلاح من الله في الدنيا قبل الآخرة.
وتابع : عندما نحيي مناسبة المولد النبوي الشريف ونحتفل بها في كُـلّ عام نحن بذلك نتمسك بالرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” في زمن يحاول فيه الأعداء فصل الأُمَّــة عن أعلامها وعن قادتها؛ لتنسى بذلك دينها وتنسى بذلك قيمها وأخلاقها الإيمانية، في هذا الزمن وأمريكا ومعها الصهيونية العالمية بكل أهدافهم وخططهم ومشاريعهم يعملون جاهدين على فصل هذه الأُمَّــة عن كلّ ما يربطها بدينها وإسلامها ومنابع الهدى فيها ليجعلوا منها أُمَّـة ضعيفة هزيلة لا تساوي شيئًا ولا تستطيع أن تقدم أي موقف أمام أعدائها بعكس المشروع القرآني الإلهي المحمدي الذي جعل منها أُمَّـة تقيم الحق والعدل في هذا العالم وفق التعليمات الإلهية برسالة إيمانية للبشرية بكلها وعلى لسان خير البرية النبي المصطفى محمد “صلوات الله عليه وعلى آله” هذه النعمة لا بُـدَّ أن تحافظ عليها الأُمَّــة وتتمسك بها.
مولد النبي المصطفى فرحة وارتباط إيمَـاني للأُمَّـة الإسلامية، فعندما نحتفل بها وبمجيئها ونحييها بالذكر والشكر لله “عز وجل” عليها وبالفعاليات التي تجمع الملايين من أبناء هذه الأُمَّــة حول قائدها ومعلمها وهاديها بعد الله “عز وجل” الرسول الأكرم؛ فهي ذكرى تحمينا كأمة مستهدفة من أعدائها وتربطنا بالله “عز وجل” وتفشل مخطّطاتهم لفصل الأُمَّــة عن دينها.
مولد الرسول الأكرم فرحة عمت البشرية بكلها جيلًا بعد جيل وتستمر حتى قيام الساعة، وهذه الفرحة نتعلم منها ونأخذ منها النور والبصيرة والصلاح في واقعنا وفي أعمالنا؛ فنحن نحتفل بها ونقيِّمُ ونُراجِعُ أنفسَنا لنكونَ كما يريد الله والرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” أن نكون؛ لننالَ بذلك الخير في الدنيا قبل الآخرة.
الاحتفال بهذه المناسبة كان منذ القدم
إلى ذلك قال الأخ / لؤي الموشكي: الماسونية الصهيونية تترقَّبُ عن كثب اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، وعندما أتحدث عن الماسونية الصهيونية فأنا أتحدث عن الجهةِ المخفية من خلف الكواليس، من يتحكم ويقود قوى الاستكبار العالمي: “أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وغيرها”، ومثل ما قلنا إنه من كُـلّ عام ومثل هذا التوقيت كعادتها الماسونية الصهيونية في كُـلّ عام تترقب الصفعة التي ستتلقاها هذا العام.
أحب أن أنوّه إلى أن الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف لم يأتِ مؤخّراً، وإنما الاحتفاء بهذه المناسبة مُنذ القدم ونحنُ نحييها ونحتفل بها، ولكن في الآونة الأخيرة اتسعت رقعة الاحتفالات بشكل أقوى مما في السابق مصحوبة برسائل صادمة ومرعبة للعدو “سنتحدث عن ذلك في سياق المقال”.
لم يأتِ الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف حديثاً أَو كان في فترة زمنية محدّدة، بل إن الاحتفال بهذه المناسبة كان منذ القدم، فجميع المسلمين في أنحاء العالم يحتفلون بذكرى المولد النبوي الشريف من كُـلّ عام لقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.
وهنا يتفرد الشعب اليمني عن غيره من الشعوب بالاحتفال والتعبير عن حبه وتوليه لرسول الله -صلوات الله عليه وآله وسلم-، هُنا يثبت الشعب اليمني استحقاقه للوسام الذي منحه لهم رسول الله عندما قال: الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية.
فمنذ بزوغ شهر صفر تبدأ التجهيزات والاستعدادات والفعاليات في جميع المحافظات والمديريات والعزل والقرى والحارات والبيوت اليمنية تمهيداً ليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، ليخرج الملايين في جميع أنحاء اليمن احتفاءً بذكرى مولد خير البشرية، مولد من تعجز الأقلام والألسن عن وصف هذا اليوم وعن عظمة من ولد فيه، فهذا اليوم ليس كأي يوم، فهو اليوم الذي عم نوره السماوات والأرض بـكلها، هو يوم تجلت فيه مظاهر الرحمة للناس، فهو بدايةً أخرج الناس من الظلمات إلى النور.
إنه مولد خاتم الرسل، مولد من استبشر به الأنبياء وتمنوا لقاءه، مولد من علمنا الوقوف ومواجهة الطاغوت، مولد من منحنا العزة والكرامة، مولد من أذل اليهود وأعز المسلمين، مولد من تعلمنا منه معاني الجهاد في سبيل الله، مولد من تعلمنا من أقواله وأفعاله وتحَرّكه وتوجّـهه كيف نكون أعزاء.
يجب علينا استشعار هذه المسؤولية والاهتمام بهذه المناسبة ومعرفة عظمتها ومدلولاتها وعدم التفريط بها، يجب أن نعلم أن استعدادنا وخروجنا في هذه المناسبة بهذه الجموع تُربك العدوّ وتجعله يعيد ترتيب أوراقه، لا نستهين بالأمر ونتساهل، فالموضوع مهم مهم جِـدًّا وأمرٌ مرعب للعدو.
العالم بكله صار يترقب خروج اليمنيين أنصار رسول الله للاحتفاء بهذه المناسبة ليجددوا مناصرتهم لرسول الله على خُطى أجدادهم الأوس والخزرج، فهذه المناسبة من الجانب الإيماني تُطهر وتُزكي نفوسنا وتزيدنا معرفةً برسول الله، ففي مثل هذا اليوم خرج اليمنيون وبقية المسلمين في أنحاء العالم بكل مكوناتهم وطوائفهم وفرقهم يجددون بيعتهم وتوليهم لرسول الله عدا الفرقة الوهَّـابية هي الوحيدة التي تُعارض وتُحرم الاحتفال بالمولد النبوي وتجوز الاحتفال بسروال المؤسّس ويوم الحليب ويوم الحب ويوم الناقة والدجاج… إلخ.
هذه المناسبة تمثل كما أسلفنا صفعةً قويةً للعدو، تعودنا بهذه المناسبة أن يكون هناك خطاب للسيد القائد جزءٌ منه يخصِّصُه للقضية الفلسطينية وقضايا الأُمَّــة وجزء من هذا الخطاب يخصصه للعدو الصهيوني بتهديدات وإنذارات، تجعل العدوّ يعيد ترتيب أوراقه العدائية من جديد.
مكانة خَاصَّة
فيما قال الأخ / صالح القحم، إن الاحتفال بالمولد النبوي له مكانة خَاصَّة في قلوب اليمنيين، فهو يرمز إلى تجديد الهُــوِيَّة الإيمانية. هذه الذكرى تذكّر الناس بحياة النبي العظيم وتاريخه وكيف أخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان. الاحتفالات تُعزِّزُ من القيم الإنسانية العالية وتغرِسُ في النفوس مشاعر الحب والولاء للنبي الكريم.
تُعد ذكرى المولد النبوي مناسبة تذكيراً للمجتمع بالقيم التي دعا إليها النبي، مثل الصدق، الأمانة، والمحبّة. هذه القيم لا تعزز من الروح الإيمانية فحسب، بل تُشجع أَيْـضاً على تعزيز التعاون والتآلف بين أبناء المجتمع. من خلال الأنشطة المختلفة التي تُنظم في هذه المناسبة، يتم إحياء القيم الإيجابية وتعزيز الوعي بها في الحياة اليومية.
يُعتبر النبي محمدٌ “صلى الله عليه وآله” رمزًا للشجاعة والثبات في مواجهة التحديات. من خلال إعادة إحياء سيرته، ليتمكّن المسلمون من الاستلهام من شجاعته وصبره وثباته في الحق. هذه الروح محمدية تُشجع على الصمود في وجه الظلم والطغيان؛ مما يساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.
تجذب احتفالات المولد النبوي أبناء مختلف المناطق لتوحيد الجهود وتعزيز الروابط الاجتماعية. من خلال اللقاءات والفعاليات المشتركة، يتم تعزيز الإحساس بالمشاركة والانتماء، مما يُساهم في تعزيز النسيج الاجتماعي. إن مثل هذه المناسبات تعكس أهميّة العمل الجماعي وبناء مجتمع متماسك يسعى للارتقاء بالقيم الدينية والإنسانية.
تأتي احتفالات المولد النبوي كرسالة قوية ضد الظلم والطغيان؛ إذ يتم تجسيد قيم العدل والسلام التي دعا إليها النبي. من خلال هذه الاحتفالات، يُعبر الناس عن ولائهم لإرادَة الله وتجديد العهد في الحفاظ على الحق. هذه المناسبة تدعم من العمل الجاد لتطبيق القيم الإسلامية وتحتدم لمواجهة التحديات التي يواجهُها المجتمع.
من المهم جِـدًّا أن يترجم الاحتفال بالمولد النبوي إلى أعمال ملموسة تعزز من القيم التي دعا إليها النبي في الحياة اليومية. من خلال البرامج التعليمية والدروس التي تُنظم في هذه المناسبة، يمكن نشر الوعي وتعليم الأجيال الجديدة حول أهميّة هذه القيم. هذه الأعمال تعزز من الهُــوِيَّة الإيمانية وتؤكّـد على ضرورة الالتزام بالمبادئ الأخلاقية.
وَيُعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تجربة غنية تعيد للناس روح التقى وترسخ قيم الوحدة والمحبّة بين أبناء الشعب اليمني. إن هذا الاحتفال ليس مُجَـرّد تقليد، بل هو دعوة لإعادة التفاعل مع القيم النبوية السامية، ودعوة لجميع المسلمين لتجديد التزامهم بهُــوِيَّة إيمانية حقيقية.
المولد النبوي الشريف يمثل مرحلة إيمانية وثقافية وتجديدية هامة للأُمَّـة الإسلامية. في اليمن، يُعتبر هذا الاحتفال فرصة لتعزيز المحبة والتواصل مع رسول الله محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” يجسد المولد النبوي معاني عظيمة تتعلق بالوحدة والانتماء للأُمَّـة، حَيثُ يربط المسلمين بقيمهم ومعانيهم السامية.
إن التعبير عن الفرح في هذه المناسبة ينعكس في النفوس ويجدد الهمم للعودة إلى المبادئ السامية التي أرساها النبي الكريم.
يتجلى احتفال اليمن بالمولد النبوي في كونه مناسبة تعزز الولاء والمحبة للنبي وآل بيته. فهي ليست مُجَـرّد تقليد بل هي احتفال يجسد القيم الأخلاقية والدينية في المجتمعات. وهذه المناسبة تساهم في نشر المعرفة بقصة حياة النبي وتعاليمه، مما يعزز من الوعي الديني بين الأجيال الجديدة، إضافة إلى ذلك، تعتبر هذه الفعالية وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمعات، مما يعكس روح المحبة والألفة.
وأضاف قائلا : ربيع “طه” يُعتبر رمزًا لتجديد الروح الجماعية للأُمَّـة الإسلامية في اليمن. فهو يمثل الفكر النبوي الوفاء والالتزام بقيم الإسلام. من خلال إحياء تلك القيم، يتم تعزيز الانتماء وتوحيد الجهود نحو الخير والمحبة. هذه الفعالية تحمل في طياتها معاني التضامن والمشاركة، مما يساعد في دفع الناس نحو العمل الصالح وتعزيز القيم الإنسانية النبيلة التي دعا إليها النبي.
إن احتفال المولد النبوي الشريف يعد فرصة لتجديد الحب والصلة برمز الرحمة والمودة، محمد “صلى الله عليه وآله وسلم”. من خلال النشاطات والفعاليات المصاحبة، يتم تذكير الأُمَّــة بما قدمه النبي لأمته من دعوة سامية. هذه اللحظات تُشعر الناس بالانتماء وتلهمهم لتعزيز العلاقات الاجتماعية والتواصل الإيجابي مع الآخرين. كما تساهم في توسيع دائرة المؤاخاة والمحبة بين الأُمَّــة، مما يعزز المصداقية والثقة بين الشعوب.
المولد النبوي الشريف يلعب دورًا محوريًّا في توحيد الأُمَّــة، خَاصَّة في أوقات التشتت والاختلاف. فعندما يجتمع المسلمون للاحتفال، يُعبرون عن هُــوِيَّتهم المشتركة ويعودون إلى أَسَاسيات دينهم. هذا الجو الاحتفالي يُشعر المجتمع بالقوة والوحدة، ويدفعهم للعمل سويًّا نحو الأهداف المشتركة. إن إحياء هذه المناسبة يُبرز أهميّة الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة التحديات والمصاعب التي تعيشها الأُمَّــة.
تتضمن الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف قيمًا تربوية وثقافية تعود بالنفع على المجتمع. إن التركيز على القيم كالتسامح، والمودة، والإخاء يساعد في خلق بيئة إيجابية لكل الأفراد. تربية الأجيال على حب النبي واحتضان تعاليمه تضمن استمرارية هذه القيم عبر الزمن. كذلك تُعتبر هذه الاحتفالات فرصة لتعليم الشباب أهميّة الالتزام الديني والاجتماعي الذي ينمي الوعي والثقافة في الأُمَّــة.
وختتم حديثه قائلا: يُعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تأكيدًا على وحدة الأُمَّــة وعبادتها لرب واحد. من خلال هذا الاحتفال، ينسجم المسلمون في حبهم وتقديرهم للنبي، كما يتحول الحدث إلى وسيلة لتعزيز اللحمة بين أفراد المجتمعات. إن الإيمان المشترك برسالة النبي والدور الذي يلعبه في حياتهم ينقل الأُمَّــة نحو آفاق جديدة من الوحدة والتآزر. هذه الروح الجماعية تعكس القيم الأَسَاسية للدين وتجسد معنى العيش معًا في سلام ومحبة.
إحياء المولد النبوي .. أصاله إيمانية
إلى قالت الأخت / أفنان محمد السلطان: مَن يتدبَّرِ القرآنَ وآياتِه العظيمة المحفوظة من التحريف المعجزة الخالدة لنبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسلم- يجدْ بأن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، وأية شعائر هي أعظم من الرسول النبي الخاتم الذي أرسل للعالم أجمع، الذي اختصه الله برعايته الدائمة وتربيته فلم يتركه في طفولته للبيئة الجاهلية بل كانت رعاية الله تحيطه وتلازمه على الدوام، فلم يكن وهو في طفولته كالأطفال آنذاك يضيع وقته في اللهو واللعب بل كان المجتمع المكي يشهد له بمكارم أخلاقه التي جعلها الله للتعريف بهذا النبي الأكرم، فلم يَذكرهُ بنسبه أَو حسبه بل بمكارم أخلاقه فقال عنه: ((وإنك لعلى خُلقٍ عظيم)).
ومن يقرأ السيرة النبوية العَطرة التي تفوح بشذى سيرة رسول الله الصادق الأمين ويتصفح صفات ومواقف المصطفى يجد فيها كيف كان قائداً عسكريا مُحنكاً ويجد كيف كان مُجاهداً مقداماً يُحتذى به، ويجد مواقفه الصارمة ضد اليهود، حَيثُ لم يُداهن ولم يتحالف معهم أبداً حتى عندما أخرجهم من المدينة كان ذلك على هامش الغزوات، مما يدلل على العزة والقوة للمؤمنين التي أعطاها الله لمن يسيرون على النهج السليم والصراط المستقيم.
وفي هذه السيرة ما يبين لنا كيف كان العرب في انحطاط أخلاقي وضلال وشرك ما قبل الإسلام، حتى أتى رسول الله كمشكاة نور يضيء هذه الظلمةَ الحالكة بالقرآن والتوجيهات الإلهية التي ترفع من شأن الإنسان وتُكرمه بإنسانيته وتسمو بروحه بعد أن كانت تُدنس بالعادات الجاهلية من فساد أخلاقي وديني إلى مستوى يستحق أن يكون ضمن خير أُمَّـة أُخرجت للنّاس.
وفي الصفحات المُشرقة لأهل اليمن ومواقفهم المُشرفة في مناصرة رسول الله والبذل والعطاء لاستمرار هذه الدعوة المحمدية من شهد لهم الله عز وجل بإيثارهم وبذلهم لأنفسهم في سبيل الله، حَيثُ كان أول شهداء الإسلام من اليمن وَهم والدي عمار بن ياسر، والأنصار كانوا الأوفياء لرسول الله في زمن كذب به حتى أهله وقبيلته، فأهل اليمن من قال فيهم النبي الأكرم: ((يريد الناس أن يضعهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم)) مما يعرفنا كيف كانت علاقة الأنصار برسول الله علاقة وثيقة إلى درجة أن رسول الله لو خير بين واد يمشي منه الناس وآخر يمشي منه الأنصار لسلك الوادي الذي يمشي منه الأنصار، فهم من شهد لهم بالحكمة والإيمَان ويوم تقسيم الغنائم أخذ أهل مكة الشاة والبعير ونحنُ رجعنا برسول الله.
فالاحتفال بالمولد النبوي الشريف لم يكن مستحدثاً في عصرنا أَو هو شيء مبتدع بل أجدادُنا أَيْـضاً استقبلوه بحفاوةٍ وبكل شوق حتى أنهم في حال مجيء رسول الله بدلوا اسم يثرب إلى مدينة رسول الله، فكانوا هم من يستحقون أن يكونوا هم الحاضنة لهذه الرسالة المحمدية، بخلاف المجتمع المكي الذين فقدوا مؤهلات حملهم للرسالة الإلهية.
فالمولد النبوي والاحتفال بهذا اليوم الأغر أصالة إيمَانية وهُـوِيَّة يمانية لن تُمحى على مر الدهر وسيبقى ذِكرى خالدة في قلوبنا نحتفل بها عبر الأجيال، وسنظلُ نهتف «لبيك يا رسول الله» حتى تفنى أرواحنا، لبيك يا رسول الله، رغم حصارنا وحربنا، لبيك يا رسول الله حتى آخر قطرة دم في أجسادنا، لبيك يا رسول الله في جاهلية أُخرى أشد هي من الأولى، لبيك في الدُنيا وفي الأُخرى، لبيك يا رسول الله حتى تنجلي أعمارنا ونبقى في التراب رميما.