الثورة / محمد السيد
وجه وزير الإعلام، هاشم شرف الدين، كلمة توجيهية للإعلاميين تضمنت عددا من المحددات التي ينبغي أن يعكسها الإعلاميون في وسائل الإعلام المختلفة خلال هذه المرحلة الهامة والحساسة في تأريخ شعبنا وأمتنا .
وقدم الوزير شرف الدين نماذج وأمثلة من السياسة الإعلامية للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتي كان أبرزها: الصدق في الكلمة، والإيمان بالرسالة، وبذل التضحية وحسن الخلق مع الجمهور، والتعامل معهم بلغتهم، وأورد نماذج من سياسة الرسول الإعلامية في الحرب النفسية وتهيئة الجمهور، واختيار رسله إلى المجتمعات المختلفة .
وقال الوزير شرف الدين في ندوة “ الاستراتيجية الإعلامية للرسول الأعظم “- التي نظمتها مؤسسة الثورة للصحافة، الأحد الماضي: “علينا أن نكون رسل رسول الله إلى العالم في هذه الجاهلية الحديثة”. وحث القيادات الإعلامية على التأسي بالرسول الأعظم في التعامل مع مرؤسيهم، وقال: تعاملوا معهم بالمودة والرحمة في هذه الظروف الصعبة، ففيهم من هم أكفأ منا وأكثر خبرة .
وتطرق الوزير في كلمته إلى عدد من الموضوعات المرتبطة بالقطاع الإعلامي، ونظرا لأهميتها، تنشر “ الثورة “ النص الكامل لها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد..
الأستاذ علي ناجي الرعوي، أساتذتي وزملائي الدكتور محمد الفقيه، زميلي الأستاذ الدكتور عمر البخيتي نائب الوزير، الإخوة قادة المؤسسات الإعلامية جميعا.. الضيوف الكرام.. نحييكم ونرحب بكم في هذه الفعالية التي تتحدث عن الرسول الأعظم واستراتيجيته الإعلامية، كون صميم عملنا لا بد أن يكون له أسوة، ورسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يقول الله عنه: (لقدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذكَرَ الله كثِيرًا) .
عندما يقول الله سبحانه وتعالى هذا الكلام، أو هذا التوجيه فإنه أطلقه في كافة المجالات، ولم يقل: إنه أسوة لنا في مجال معين، بل تخصيص عام، مجال عام مفتوح، ونحن الإعلاميون يجب أن نلتقط هذا التوجيه ونستلهم من رسول الله ما يفيدنا في عملنا، وفي تخصصنا الإعلامي.
العنوان الذي تحمله مناسبة اليوم هو: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) الموضوع هنا.. موضوع الجهاد، وقد تبين لنا أن الجهاد أنواع متعددة، ومتنوعة، وليس في مجال الجهاد العسكري فقط، وإنما في الجهاد الإعلامي أيضاً وغيره من المجالات، بل يكون الجهاد الإعلامي هو أهم في كثير من الحالات، وخاصة في مواجهة الحملات الدعائية السلبية، والإعلام المعادي، والحرب الإعلامية بشكل عام، والحرب الناعمة .
نحن في هذا الإطار نعتبر ما نقوم به هو جهاد إعلامي، ونحمد الله سبحانه وتعالى أن جعلنا مجاهدين في هذه المرحلة التي فيها الجهاد مباشرة مع اليهود، مع أمريكا بشكل مباشر، هذا فضل من الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا في هذه المرحلة نخوض هذه المعركة المقدسة والشريفة.
نحن نحتاج إلى الرسول كأسوة في جانبنا الإعلامي لكي نلتقط بعض الإشارات أو المحددات أو التوجيهات أو السلوكيات التي يمكن أن نعكسها في واقع أعمالنا فنستفيد ونجود عملنا الإعلامي .
الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان مؤمنا بدعوته، ومؤمنا برسالته، والإعلامي عندما يكون مؤمنا برسالته الإعلامية، فإنه يكون مستعدا لأن يقدم من أجلها الكثير، لا ينتظر أجرا، لا تقديرا، لا ينتظر شيئا، لأنه يعتبر أنه ينتصر لقضيته التي يؤمن بها .
ونحن اليوم ننتصر لقضية فلسطين، وننصر الشعب الفلسطيني، إيمانا منا برسالتنا وبموقفنا وبقضيتنا.. وعلى هذا فلنمضِ معاً في الانتصار لشعبنا ولمظلوميته، ونكون مؤمنين دائما برسالتنا لكي تكون هذه الرسالة نابعة من صدق ومصداقية .
وهنا ننتقل إلى النقطة الثانية :
وهي: أن الرسول صلوات الله عليه وآله كان يُعرف بالصادق الأمين، والإعلامي يجب أن يكون صادقاً، عندما يفقد الإعلام مصداقيته عند الجمهور، فإنه سيفشل، وسيعزف الجمهور عنه، وبالتالي يكون هذا الإعلام قد فشل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
علينا أن نتحرى المصداقية في ما نقدمه، وبفضل الله سبحانه وتعالى رسالتنا في مواجهة العدوان قامت على المصداقية، ولم يستطع الإعلام المعادي أن يسجل علينا أي أكاذيب، بل انتصرنا عليه رغم فارق الإمكانيات، بمصداقيتنا، وعلى هذا نرسي هذا النهج دائماً بإذن الله في عملنا.
أيضاً الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، يقول الله سبحانه وتعالى عنه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، لكي تكون فاعلاً في رسالتك، وتوصلها إلى المجتمع ويتقبلها منك، يجب أن تجسد النموذج، القدوة في سلوكك، في حياتك الشخصية، في مواقفك، في تعاملك مع مرؤوسيك، يجب أن نعكس الأخلاق العظيمة التي كان يتحلى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا لما كنا نستحق أن نقف في هذا المكان، ولا نستحق أن تكون لنا سلطة على زملائنا فربما يكونون أجدر منا خبرةً ومهارةً وكفاءة، ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن نكون في هذا الموقع .
ولهذا يجب أن نتخذ من أخلاقيات رسول الله نموذجاً وقدوة لنا في التعامل، والله سبحانه وتعالى يقول: (ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، ويجب أن نجسد مبادئ الرحمة في ما بيننا وبين مرؤسينا، لأن هذه الفترة فترة صعبة، والأستاذ علي الرعوي ـ رئيس التحرير الأسبق ـ يعرف كيف كانت الأوضاع سابقاً، كيف كانت الإمكانيات سابقاً، وكيف هي الأوضاع الآن، وبالتالي نحن بحاجة إلى المزيد من جانب الرحمة والرأفة واللطف في التعامل في ما بيننا.
كان الرسول صلوات الله عليه وعلى آله شجاعاً قائداً محنكاً عسكرياً لا يهاب، كان يخرج إلى المعارك، وإلى الغزوات، ونحن في هذا الإطار نحيي شجاعتكم، أنتم عملتم في أقسى وأخطر المراحل، حيث تعرضتم للقصف واستشهد زملاؤكم، وفي هذا المقام نترحم على أرواح شهدائنا جميعاً في الإعلام العام، والإعلام الخاص، والإعلام الحربي ونثمن ما يقوم به الإخوة في الإعلام الحربي فهم قدموا رسالة كبيرة، وعكسوا القيم التي يتحلى بها شعبنا من القيم التي كان يتحلى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أيضاً الحكمة والموعظة الحسنة، والله سبحانه وتعالى يقول: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، ويجب في هذا الإطار أن تكون دعوتنا إلى شعبنا دعوة تتحلى بالحكمة لا يكون فيها تهور، لا تكون فيها رعونة، لا يكون فيها تكبر واستعلاء، نحن جئنا من أجل الشعب، ومن أجل خدمة الناس، فيجب أن نعكس هذا في خطابنا الإعلامي .
علينا أيضاً فهم الجمهور والتخاطب معه باللغة المناسبة، كان الرسول صلوات الله عليه وعلى آله يفهم الجمهور الذي يتعامل معه، ويخاطبه بالخطاب المناسب، فعندما أتوا له أهل تهامة يسألونه: “هل امبر امصيام في امسفر”، فرد عليهم: “ليس امبر امصيام في امسفر”، خاطبهم بلهجتهم، وعندما أتوه نصارى نجران كان يخاطبهم من منهجهم، أو من رؤيتهم، أيضاً اختيار نوع الاتصال المناسب، عندما نعرف أن هناك الاتصال الفردي، والاتصال الجمعي، والاتصال الجماهيري عندما بدأ الدعوة سراً، بدأ الاتصال بشكل فردي؛ لأنه يعرف أن الموضوع سري، يعني فهم نوع الاتصال المناسب في كل مرحلة، ثم انتقل إلى أن يتوسع في الموضوع، وصعد على الصفا في مكة وبدأ ينادي قريش بشكل جمعي، ثم تطور الأمر أكثر، عندما كان في حادثة الغدير، مناسبة الغدير عندما قال للصحابة آتوني بأكتاف الإبل، ورصها على ظهر الجمل من أجل أن يعتلي ، أسس منصة، منصة، مثل ما نشاهد في المسيرات والفعاليات، أسس منصة، ليصعد عليها فيكون مرئياً ملاحظاً لدى الجمهور فيوصل الرسالة، حتى كان يهتم بالشكل . أيضاً كان يبدأ بالتهيئة، يعني مثل ما ترون اليوم الإعلام الحربي لا ينشر البيان مباشرة، ولكن يقول ماذا؟: بيان بعد ساعة، بيان الساعة كذا، فكان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يهيئ لهذا الأمر، على سبيل المثال، والأمثلة هنا كثيرة، ولكن سأختصر بمثال واحد، عندما قال في اليوم الذي سبق يوم فتح خيبر، “لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله كرار غير فرار يفتح الله على يديه” فتسآل الصحابة فقالوا: من؟ أعطى النبي صلوات الله عليه وعلى آله تشويقاً للموضوع بشكل كبير جداً، فتحمس الناس : من هو الذي سيتولى هذه المهمة؟، فهذا نفس الذي يجري اليوم، نهيئ الرسائل المهمة قبل أن نطرحها مباشرة.
أيضاً التكرار؛ لأن التكرار شيء أساسي في الرسالة الإعلامية؛ لأنك تعززها بشكل مستمر؛ ولذلك روي عن الرسول أنه قالها ثلاثاً: “ظننت أنه سيورثه” بالنسبة للجار، “أمك ثم أمك ثم أمك”، هذه في حالة واحدة، لكن في حالات كثيرة كان يكرر الرسالة بشكل كبير.. لاحظوا أن الأمريكان لديهم سياسة التكرار الإعلامي والضخ المستمر عبر وكالات الأنباء الدولية، ووسائل الإعلام المختلفة بشكل هائل ليسيطروا على الرواية الإعلامية وتظل مستمرة طوال اليوم .
يصرح بايدن أول تصريح، وينتشر في وسائل الإعلام الدولية وكلها تنشغل به، وبعد ساعتين يصرح ناطق البيت الأبيض، فيبدأ ساعتين جديدة من الموضوع نفسه، والساعة السادسة يأتي مصدر من البنتاجون ويتحدث عن نفس الموضوع وتتداوله وسائل الإعلام، بينما نحن مثلاً نكتفي بعمل البيان العسكري وينتهي في لحظته في ساعته، ونحن نريد أن نفكر بشكل أكبر في مسألة التكرار كيف نسيطر على التدفق الإعلامي؛ لأننا نعمل في فراغ كبير، والعدو يستغل هذا الفراغ، ولأهمية هذا الموضوع يجب أن نجلس في ورشة ونفكر كيف نوزع الأدوار في ما بين المؤسسات الإعلامية من أجل أن تكون هناك مواجهة للتدفق الإعلامي الهائل.
أيضاً الأعمال التي عملها رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كسر الحصار، عندما فرض عليه في مكة، كسر حصارها الإعلامي، إن صح التعبير، وهاجر، ونحن نستطيع أن نهاجر ولكن إلى وسائل أخرى، والوسائل هذه هي وسائل التواصل الاجتماعي، يعني يمكن نكسر الحصار المفروض علينا مثلاً، الآن الإذاعات أنت لا تستطيع أن توصل صوت إذاعة الجمهورية اليمنية من صنعاء البرنامج العام إلى كافة أنحاء الجمهورية؛ لأن الموجات المتوسطة ضربت كلها، ومحدودية إذاعات الــ إف إم، بسيطة، نطاقها الجغرافي ضيق، لا تستطيع أن تصل أو تغطي سوى نطاق محدود، لكن عبر وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع أن تصل، لتطوير وتعزيز وتضخيم إعادة نشر الرسالة على وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع أن تصل، واليوم الإذاعة والتلفزيون والصحافة تمارس دورها في وسائل التواصل الاجتماعي خارج حتى إطار قالبها المعتاد، الآن التلفزيون يقدم انفوجرافيك مطبوع، ويعمل صورة مطبوعة في وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة والصحف، الصحف أيضاً تعمل الآن فيديو لبعض منتوجاتها الإعلامية، مثل هذه الوسائل والآليات ستكسر الحصار مثل ما كسر النبي الحصار بالهجرة، سنهاجر إلى أي وسائل ممكنة لإيصال رسالتنا.
حسن اختيار الرسل، كان يختار الرسل بشكل جيد، مثل ما اختار الرسول الكريم أمير المؤمنين علي، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري إلى اليمن، هو اختار أفضل الرسل الذين يوجههم إلى المجتمع الذي يعرف كيف يوصل رسالته، ويقنع جمهوره، ونحن في هذا الإطار بالنسبة للمعدين والمذيعين يجب أن نحسن اختيارهم ليكونوا قادرين على إيصال الرسالة المحترمة والهادفة.
الكلام سيكثر، لكن أضيف، التالي حول الحرب النفسية، ونحن في إطار معركة، الحرب النفسية لاحظوا كيف فعل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم بعروة بن مسعود الثقفي في صلح الحديبية، يعني بهته بكل ما تعنيه الكلمة، فعاد محمولاً بالرعب إلى قريش، وكذلك مع أبي سفيان في المرة اللاحقة، ذهب يسلم الوضع، وقال تلك المقولة الشهيرة، فهذا الأمر في الحرب النفسية معول علينا أن نكون أبطال هذه المعركة، وأتمنى أن نستوعب شعار المرحلة، الآن مرحلة التغيير والبناء هي مرحلة كان يعني رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله هو القدوة في التغيير والبناء لنا جميعاً، هو الذي أحدث هذا التغيير الهائل في البشرية، وبإذن الله نكون نحن رسله في هذا الإطار، مثلما بعث الرسل إلى اليمن، نحن بإذن الله نكون إعلاميين صادقين وجادين، سنكون رسل رسول الله في هذه الجاهلية الحديثة إلى العالم.
أشكركم جزيل الشكر، وأشكر الأساتذة الكرام الذين سيتكرمون بطرح الأوراق، وأشكر صحيفة “الثورة” على هذه الندوة ونتمنى أن تكون الندوات مستمرة بشكل دوري على مستوى شهري، وفقنا الله جميعاً وإياكم.
تصوير/عادل حويس
في كلمته التوجيهية خلال ندوة “ الاستراتيجية الإعلامية للرسول الأعظم “
جئنا من أجل الشعب وخدمة الناس ويجب أن نعكس هذا في خطابنا الإعلامي
الرسول قدوتنا في مرحلة “ التغيير والبناء “ فهو الذي أحدث هذا التغيير الهائل في البشرية
على القيادات الإعلامية حُسن التعامل مع مرؤسيهم “ ففيهم الأكثر كفاءة وخبرة”