النجاحات في مواجهة الهيمنة الإعلامية لتحالف العدوان تعكس الارتباط العميق برسول الله
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية، يبرز دور الإعلام كأداة حيوية في تعزيز الهوية الوطنية والدفاع عن القضايا المصيرية. يأتي هذا الاستطلاع ليبحث في كيفية استلهام الدروس من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف يمكن للإعلام اليمني أن يتبنى الروحية الجهادية في مواجهة الهيمنة الثقافية والسياسية.
سنستعرض من خلال هذا الاستطلاع آراء المشاركين في ندوة “الاستراتيجية الإعلامية للرسول الأعظم”، والتي أقامتها مؤسسة “الثورة” للصحافة والطباعة والنشر، وتركزت أوراق أعمال حول أهمية الجهاد الإعلامي، ودور الشعب اليمني في دعم القضايا العربية، بالإضافة إلى استراتيجيات فعالة يمكن أن تسهم في تعزيز الرسالة الإعلامية.الثورة/ يحيى الربيعي – أحمد المالكي
البداية مع الأخ وزير الإعلام الأستاذ هاشم شرف الدين، والذي أكد في كلمته أهمية الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مشيرًا إلى قوله تعالى: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر”. وأوضح أن هذا التوجيه الرباني يمثل أهم مصدر لارتباط الأمة بالله سبحانه وتعالى بعد القرآن الكريم، وأن التأسي برسول الله هو ضمان لنجاح الأمة وفلاحها.
وأشار شرف الدين إلى أن الندوة تناولت العديد من الأمور المتعلقة بالرسالة الإعلامية، مستعرضًا المداخلات التي قدمها الأساتذة والإعلاميون المشاركون. كما ذكر أن شعار المولد النبوي الشريف لهذا العام كان “يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم”، مستشهدًا بكلمة قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي حول الجهاد في سبيل الله.
وأكد أن الجهاد لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يشمل أيضًا الجانب الإعلامي، الذي يعتبر جهادًا في مواجهة الهيمنة الأمريكية والدعاية الإسرائيلية. وأوضح أن الرسالة الإعلامية من الأمة العربية والإسلامية ضعيفة، مما يعزز الهوان والضعف، مؤكدا السعى إلى جعل الإعلام اليمني منطلقًا لإعلام عربي وإسلامي يتبنى الروحية الجهادية.
كما أشار إلى فخره بمواقف الشعب اليمني الوطنية والعربية والإسلامية، خاصة في دعمه للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن الارتباط بالله له مصاديق في المواقف التي ترفع من شأن الشعوب. واعتبر أن النجاحات التي تحققها اليمن في الحد من الهيمنة الأمريكية والوصاية السعودية هي تأكيد على هذا الارتباط.
وفيما يتعلق برسول الله كقدوة، أكد شرف الدين على أهمية الصدق والإيمان بالقضية، مشيرًا إلى أن الإعلامي المؤمن بالقضية يكون مستعدًا للتضحية. كما تناول أساليب رسول الله في التواصل، مثل استخدام التكرار واللغة المناسبة للجمهور، واهتمامه بالشكل في الأحداث الهامة.
آليات التواصل
السفير عبدالله صبري – أعرب عن شكره للقائمين على الندوة التي تناولت موضوعًا مهمًا يجب أن تعمل عليه جميع المؤسسات الإعلامية، حيث أكد أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو أسوتنا وقدوتنا في جميع مجالات حياتنا، بما في ذلك الإعلام والسياسة والدبلوماسية.
وأشار السفير إلى حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على التعليم والتربية والاعتناء بالناس خلال سنوات رسالته ومراحل جهاده، حيث كان يتبع أسلوبًا حكيمًا يتطلب التريث والصبر على اختلاف الطباع والعادات. من بين مقاصده كان تشجيع آليات التواصل التي تمتلكها كل فئة، سواء على مستوى لهجات القبائل أو طرق التعامل مع معتنقي الديانات السماوية مثل اليهود والنصارى.
وأوضح أن تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكشف لنا قدراته ومهاراته في التفاعل مع جميع مكونات المجتمع القبلي والحضري، بل والمجتمعات التي كانت تمثل إمبراطوريات متقدمة مثل الفرس والروم. وكان من الضروري التواصل مع هذه المجتمعات لأنها جزء من العالم الذي تستهدفه رسالة التوحيد التي لا تستثني أحدًا.
وأكد السفير صبري على أهمية تطوير آليات التواصل والإعلام لضمان وصول الرسالة بدقة ووضوح، مما يتطلب جهدًا طويلًا وقويًا من الإعلاميين والمعلمين لاقتناص قدرات الشباب المتعلم. وأشار إلى ضرورة العمل على تهيئة الظروف المناسبة للتطور والإبداع، مستشهدًا بنماذج من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مثل توجيهاته لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن، وأسلوب جعفر بن أبي طالب عندما خاطب النجاشي نيابة عن المهاجرين الذين فروا من الاضطهاد في مكة إلى الحبشة.
بهذا، دعا صبري إلى ضرورة الاقتداء بأسلوب النبي في التواصل والتفاعل مع مختلف الفئات والمجتمعات لتحقيق الأهداف السامية للإعلام والدعوة.
البيئة الإعلامية
رئيس مؤسسة زيد مصلح الثقافية، الأستاذ رائد جبل، أكد خلال الندوة على أهمية توضيح مفاهيم الإرتقاء بالرسالة الإعلامية وتوحيدها، بهدف إنشاء جبهة إعلامية قوية وموحدة. وأعرب عن طموحه في توفير الظروف والإمكانات اللازمة لوزير الإعلام الأستاذ هاشم شرف الدين، ليتمكن من تحقيق نتائج إيجابية مع طواقم الوحدات الإعلامية، مما يسهم في خلق جبهة إعلامية قومية وفاعلة في الميدان، مشابهة للجبهة الأمنية القوية والفعالة.
وأشار جبل إلى أن البيئة الإعلامية تمثل فضاءً واسعًا من الثقافة والمعرفة، وهي الأكثر تأهيلاً للارتباط بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأوضح أن هناك نجاحًا ملموسًا في العديد من الإنجازات الإعلامية على مختلف الأصعدة، سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية، على مدى سنوات المواجهة مع أقوى آلة إعلامية يمتلكها العدوان وأدواته من العملاء والمرتزقة. ورغم التحديات، انتصر الإعلام اليمني المقاوم بفضل ارتباطه بالتأسي والاقتداء بسيرة النبي الأعظم في استخدام الرسالة الإعلامية لتبليغ الرسالة في ساحات المواجهة.
كما أكد جبل على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ركز في رسالته على بناء القيم الأخلاقية والروحية في المجتمع، مثل الصدق والأمانة والنزاهة والعدل. وكان يعلم الناس مبادئ الدين من خلال الوسائل المتاحة آنذاك، مثل الخطابة والدروس. ومن مهام الإعلام اليوم التركيز على نقل المعرفة والمهارات والسمات الشخصية لتلك السيرة العطرة كجزء من الاستراتيجية الشاملة.
وأشار إلى وجود نوع من الشتات في الجبهة الإعلامية، مما يستدعي توحيد الجهود لتحقيق هذا الهدف، الذي يعتبر خطوة كبيرة نحو الاستراتيجية الإعلامية المنشودة. وأكد على أهمية تكامل وتنسيق الجهود والخبرات، مشددًا على أن طريق النجاح سيكون حليفهم بإذن الله.
السردية والإشاعة
رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام- جامعة صنعاء، أ.د محمد عبدالوهاب الفقيه، تناول موضوع الإشاعة وكيفية مواجهتها، مشيرًا إلى ارتباط ذلك بالسردية الإعلامية وضرورة مواجهة السرديات الصهيونية والغربية التي تسعى لشرعنة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وتشويه دور محور المقاومة، بما في ذلك الدور اليمني المساند لغزة.
وأوضح الدكتور الفقيه أن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقود الغرب تحت راية الصهيونية العالمية، تحاول بكل الطرق تبرير الجرائم التي يرتكبها الحلف الصهيوني في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين والشرق الأوسط. وأشار إلى المجازر البشعة التي تحدث في قطاع غزة، والتي يندى لها جبين الإنسانية.
وأكد أن المعركة الحالية ضد الحلف الصهيوني ليست معركة عسكرية فحسب، بل هي أيضًا معركة إعلامية، حيث يلعب الإعلام دورًا حيويًا في هذه المعركة. وأشار إلى أن اليمن كان له دور ريادي في تناول هذه القضية، ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضًا على المستوى الإعلامي، حيث تقوم جميع وسائل الإعلام اليمنية الوطنية بدور في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
كما ذكر أن الدور العسكري اليمني يضرب الكيان الصهيوني وداعميه في البحر والعمق، مشيرًا إلى أن ميناء إيلات أصبح شبه معطل تمامًا بسبب الضربات اليمنية، مما يفرض حصارًا بحريًا على الكيان الصهيوني.
وأكد أن هذا النموذج اليمني الفريد يواجه سرديات تشويه من قبل الجبهة الإعلامية الصهيونية وأبواقها. ومن منطلق مسؤولية وإيمان اليمنيين بأنهم أنصار الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، دعا الدكتور الفقيه إلى ضرورة تحديد وتكثيف الجهود والبرامج الإعلامية لنصرة المظلومين ومواجهة الشائعات والسرديات الصهيونية والأمريكية والغربية، بما يدحضها إعلاميًا وفقًا لمنهج الرسالة المحمدية والقرآن الكريم، مع الالتزام بالمصداقية والوضوح فيما يتم تقديمه لمواجهة الشائعات والسرديات الإعلامية المعادية.
بالاقتداء ننجح
الإعلامي في قناة المسيرة – محسن الشامي – تحدث عن كيفية تجسيد الحالة اليمنية الفريدة والاستثنائية التي يمثلها اليمنيون قيادةً وشعبًا في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف من خلال الأداء والعمل الإعلامي. حيث أشار إلى أن ذكرى المولد النبوي الشريف، صلوات الله عليه وآله، تُعتبر مناسبة جامعة للجميع، لأنها تعيد للأمة هويتها وعزتها وكرامتها.
وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبين من خلال القرآن أن الأمة، متى ما عادت إلى الرسول والرسالة، ستستطيع أن تصنع من نفسها قوة فريدة وتشكل رافعة لتقديم الإسلام بمعناه الحقيقي. وأكد أنه إذا تمكنّا من تقديم نموذج يُحتذى به، ستتسع الدائرة، وسنحقق نجاحات وإنجازات في هذا الجانب.
وأشار إلى أن الأمة تتحمل مسؤوليات عدة، منها “التبيين” وتقديم النموذج. فإذا تحركنا في واقعنا لتقديم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خلال القرآن الكريم، سنتمكن من تقديم شخصية متكاملة. كما أنه إذا قدمنا نموذجًا متكاملًا في الواقع الميداني من خلال الرسالة الإعلامية الأخلاقية الفريدة التي قدمها الإسلام ورسوله الكريم، سنكون قد ساهمنا في دعم إخواننا الفلسطينيين.
تصوير عادل حويس- فؤاد الحرازي