الثورة / إبراهيم الوادعي
كان مفاجئاً في الثاني من أكتوبر 2016م إعلان حكومة من 44 حقيبة وزارية، كان العدوان السعودي الأمريكي على أشده في العام الثاني له، والقصف والحصار يشتد على أنحاء البلاد، وكان المتوقع أن تشكل حكومة طوارئ وطنية، لكن ذلك لم يحدث.
بعد عام تقريباً أظهر علي صالح أنه لم يكن في الصف المواجه للعدوان على بلده، وكان ذلك جليا في خطابه يوم الثاني من ديسمبر 2017م حين خاطب التحالف السعودي الأمريكي بود كبير عكس علاقة بين الطرفين لم تفرضها واقعة التمرد.
وما لم يتسع اليمنيون تفسيره وراء تكسل حكومة كبيرة من 44 وزيرا بحقيبة ودون حقيبة سوى أن الرجل عمل ضد الشراكة وكان يروم فقط العودة إلى السلطة التي اُقصي منها كشخص عقب أحداث العام وثورة فبراير 2011م.
لم تستقر حكومة الإنقاذ التي شكلها بن حبتور وتعرضت لهزات عنيفة كان أبرزها إعلان عفاش التمرد على الصف الوطني، نجح عقبها الرئيس صالح الصماد في إعادة لم الشراكة لتبدأ الحكومة مسيرة إنجاز بطيء بسبب الحصار وقلة الموارد حيث عملت بموارد تقل عن 3% مما كان لدى الحكومات السابقة قبل الحرب والحصار.
وسجل لحكومة الإنقاذ خلال السنوات الماضية وخاصة منذ 2018 المجابهة السياسية في ظل وجود حكومة عميلة في المنفى، تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في أعلى مستوى والحفاظ على الخدمات بالقدر المستطاع في ظل الحصار والقصف الذي تعرضت له البلاد.
إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة لرئيس الوزراء احمد غالب الرهوي قبل ان يلبي مطلبا شعبيا بتحسين واقع الحكومة، فإنه يعكس انسجاما سياسيا بين طرفي الشراكة الوطنية اليمنية، بانبثاق حكومة مقلصة إلى 19 حقيبة وزارية، بتقليص يصل إلى 60 في المائة عن حكومة الإنقاذ.
تلبي حكومة الرهوي للوهلة الأولى واقع البلاد التي لا تزال تقبع تحت الحصار وتفتقر إلى الكثير من الموارد القابعة تحت الاحتلال في الجنوب وشرق البلاد، كما تخوض مواجهة وحرباً جديدة فرضها العدوان الصهيوني على فلسطين وهي حرب تتطلب موارد إضافية في ظل بقاء الجبهات وخطوط المواجهة، وإن كانت هادئة لكن الحرب مع السعودية لم تنته رسميا وبالتالي قد تشتعل الجبهات في أي لحظة.
من شأن تقليص عدد الحقائب الوزارية تقليص النفقات وتوجيه الموارد الضئيلة، التي تتحصل عليها صنعاء اقل من 6 في المائة مما كان متاحا قبل 2014م، لكن من غير المتوقع أن يظهر الفرق الآن أو قريبا ما لم تقف الحرب في غزة، فالحرب في البحر الأحمر – وفقا لخبراء اقتصاد – تستنزف صنعاء ولكن بوتيرة اقل بكثير جدا مما تعاني منه الولايات المتحدة وتحالف ما يسمى حارس الازدهار وحتى الكيان الصهيوني .
التغيير الحكومي – وفقا لمطلعين – ليس سوى الجزء الأول من الفصل الأول لمغادرة حالة الفشل والركود الذي تعاني منه الدولة اليمنية، وهي رؤية وضع خطوطها الرئيس الشهيد صالح الصماد وعمل عليها سلفه، وتخضع سنويا للمراجعة والتقييم، وتأخذ في حسبانها استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة.
وبرغم أن حكومة التغيير والبناء بُنيت على الكفاءة المتقدمة على الشراكة السياسية، فمن غير المتوقع أن تقدم حلولا سحرية إلى اليمنيين في وقت قصير لأزمات معقدة ترتبط بواقع العدوان والحصار والفساد المتجذر والاختراق الخارجي للمؤسسات الحكومية عموديا وأفقيا، يضاف إلى ما سبق عقبة البنية القانونية التي عملت بها الدولة اليمنية لعقود، وتجعل من المؤسسات الحكومي جزرا منفصلة، والكثير من المعاملات يحكمها الروتين الممل والتوقيعات إلى قد تصل في بعضها إلى 300 توقيع .
التحديات الماثلة أمام حكومة الرهوي هي اطلاق ورشة إصلاح شامل لقوانين عمل الدولة اليمنية بما يتوافق مع روح العصر والحكومة، وأيضا تحسين واقع الخدمات العامة وتجاوز معيقات الحصار والحرب المفروضة، بما في ذلك توفير الأجور.
اختيار طاقات شابة ووجوه شابة في حكومة الرهوي يبدو خطوة أولى في استنساخ التجربة العسكرية اليمنية التي أثبتت نجاعتها في تجاوز الحصار وتحقيق تطوير عسكري فاجأ العالم، وخارجيا لم يعد العالم مغلقا بوجه حكومة التغيير والبناء كما كان الحال أمام حكومة الإنقاذ، لقد جلبت معركة البحر الأحمر والصمود اليمني خلال 9 سنوات العالم إلى صنعاء وما يتبقى فقط أن يزاح الستار وتفتح أبواب السفارات، وهذا الأمر مجرد وقت.