الثورة/هاشم الاهنومي
في كل عام تحل ليالي وأيام عظيمة وفضيلة على الأمة الإسلامية من شهر شعبان أيام البيض وهي الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر تعرف في اليمن باسم الشعبانية، يحييها الكثير من اليمنيين بالذكر والدعاء وقيام الليل وتلاوة القرآن والصيام .
وفي وسط أجواء روحانية اعتاد اليمنيون على احياء مناسبة الشعبانية، حيث تنطلق فعاليات إحياء المناسبة بمظاهر متنوعة تحفر في ذاكرة الأجيال، ويجرى الاستعداد لها كشهر رمضان، فتصبح العائلة اليمنية صائمة في أول أيامها، ولا تختلف مائدة إفطارها عن المائدة الرمضانية الغنية بأصناف الطعام و(التحلية) ويقتدي الصغار على صومها كالكبار .
الشعبانية في الحديدة
”الشعبانية”،في الحديدة لها مميزاتها ونفحاتها التهامية وهي عادة سنوية يتوارثها الأجيال، كمناسبة اجتماعية تتم فيها زيارة الأرحام والجيران والأصدقاء.
في اللحية يستعد بعض الأهالي للمناسبة مع بداية دخول شهر شعبان، بشراء الخرفان، لكن الاحتفال بهذه المناسبة يبدأ يوم الثالث عشر، بتوافد الأهالي من النساءً والأطفال إلى موقع ضريح الولي القادري بمقبرة الزيلعي لقراءة الفاتحة وتكون هذه الزيارة من بعد صلاة العصر وحتى وقت صلاة المغرب وهي خاصة بالنساء والأطفال فقط.
وقبل يوم الزيارة تقوم النساء بإعداد الخضاب والحناء لأطفالهن ذكوراً وإناثاً وإعداد ملابسهم استعداداً لهذه البهجة للذهاب معهن لزيارة الولي الصالح، ومن المأثورات الشعبية لهذه الزيارة بالمنطقة المتأصلة جذورها في نفوس المجتمع في مدينة اللحية وأريافها تعبيراً عن ابتهاجهم وفرحتهم بها وفي اليوم الثاني وهو يوم الرابع عشر فهو خاص بالرجال .
وقد نالت هذه الزيارة من الشهرة حتى دفع بالكثير من خارج المنطقة ومن المدن المجاورة للحية حضورها ضيوفاً على الأهالي، الذين يفتحون منازلهم لاستقبال كل من يفد إلى المدينة وتقديم واجب الضيافة لهم وتقديم الطعام والشراب وما يلزم.
ويصوم الأهالي يوم الرابع عشر من شعبان، ثم يجتمعون ما بين صلاة المغرب والعشاء، في جامع الزيلعي الذي تأسس سنة 444 هجرية، لقراءة السيرة النبوية بحضور معظم أبناء اللحية.
وفي المساء حيث يتجمع أفراد الأسرة على مائدة الطعام ثم بقرأون سورة ياسين، ودعاء نصف شعبان وهو دعاء مشهور يقرأه أحد أفراد الأسرة في كل منزل.
الشعبانية في رحاب الجامع الكبير
الشاب العشريني محمد يحي الذي يسكن في العاصمة صنعاء بحي الروضة: منذ أن عرفت نفسي فإن عائلتي ومعظم سكان الحي يستعدون لتلك الليالي بكل شوق ثم يصومون أيام 13-14-15 من شهر شعبان ويحيون لياليها كليالي رمضان ويؤيد مقولته الحاج علي (أبو محمد) الذي يبقى معظم أوقاته في الجامع الكبير بصنعاء ويحيي ليالي الشعبانية في رحاب الجامع .
وفي السياق ذاته يضيف الحاج (أبو محمد) بأن معظم الأهالي يجلسون في حلقات دائرية ويبدأون بقراءة القرآن والدعاء رحاب الجامع الكبير والمساجد الأخرى بصنعاء تزدهر بالمصلين وبمجالس الذكر وقراءة القران والتزود بأعمال الشعبانية التسبيح والاستغفار والدعاء وزيارة الارحام.
الشعبانية في الشارع الإبي والتعزي
لكل منطقه عاداتها وتقاليدها الخاصة لاستقبال ليالي الشعبانية ففي محافظتي (إب وتعز ) في وسط اليمن، يضيف الناس إلى ليلة الشعبانية، أشياء خاصة مميزة، كتزيين الشوارع و إشعال القناديل والأضواء، ويطرق الأطفال أبواب المنازل في المساء لتوزع عليهم الحلوى والكعك، وهم يبتهجون ويلعبون.
وفي هذا اليوم اعتاد الصغار ارتداء ثياب جديدة، ويوضع الحناء على أكف الفتيات الصغيرات بعناية .
من مظاهر الشعبانية في اليمن
(المُمَسي)
اعتاد الناس كل عام في لياليها أيضا انتظار (المُمَسي) وهو شخص يمر بمنازل المواطنين، ومعه أشخاص يرددون بعده مثل الكورال، يدق على الطبل، ويسمعهم طرباً شعبياً، إذ يمسّي على سكان كل منزل واحداً واحداً، ويمدحهم بكلمات بسيطة عفوية وفكاهية، وهذه صورة من مظاهر الشعبانية في اليمن»:
آلا مساء ومساء الخير ومساء
واسعد ليالي الرضى بالعافية
آلا مساء جيت امسي عندكم
آلا مساء واسعد الله يومكم
(الجونية والشوالة)
على إيقاع الأغاني الشعبية كان الأطفال والكبار في الأحياء الشعبية قديماً يرقصون مع لعبة على هيئة جمل، تتم صناعتها من خرق وأكياس أو ما يسمى بالعامية اليمنية «الجونية والشوالة».
حيث يصنعون غطاء كبيراً يتسع لثلاثة أشخاص، ثم يأخذون علباً فارغة وعصياً طويلة ويصنعون منها عنقاً ورأساً للجمل، يخيطونهما ويزينونهما بالشرائط الملونة ثم يتجولون مع الجمل ومعهم علب السمن والزيت الفارغة للضرب عليها، وهم يصفقون ويغنون، ويطرقون أبواب المنازل وهم يقولون ‹الجمل جاوع نشتي حق الشعبانية» فيعطيهم الناس نقوداً أو حلوى.