أمريكا ببساطة تريد الوصول إلى اتفاق للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، ولكن بدون إيقاف العدوان أو الحرب، لأن الحرب ستكون بعد الإفراج عن الأسرى هو ما تريده أمريكا وكل مواقفها في مجلس الأمن وفي المفاوضات محوريتها كخيار أمريكي ومحورية هو الاستمرار في إبادة الشعب الفلسطيني والتهجير لمن يبقى.
كل المواقف الكلامية والإعلامية وحتى السياسية الأمريكية تمثل حاجيات خداع واضطرارات في التغطية الإعلامية السياسية، وكل ذلك مجرد تكتيكات وخداع بما يخدم خيارات الإبادة والتهجير أمريكياً، كأن تقول أمريكا إنها مع الهجرة أو التهجير الطوعي وليست مع التهجير القسري، ومن ذلك الحديث عن تأمين المدنيين حين الهجوم على رفح مثلاً.
لا أدري مدى السقف التي ستحافظ عليه المقاومة في مفاوضات تجري وفي أي صفقة قد يصل إليها تحت الشرط الأمريكي، وفي قراءتي أو واقعية تقديري فالأنظمة العربية الممثلة في هذه المفاوضات أو الأخرى ذات ثقل تضغط على المقاومة ومن يمثلها في المفاوضات لتقديم تنازلات لا تقبل وقد تلحق ضرراً بالقضية الفلسطينية وأضراراً في الجبهات الميدانية للمقاومة ولمحور المقاومة، وهذه الأنظمة باتت تتعامل بالتحذير من عدم القبول بالصفقة.
ربما هي استثنائية أن تسير أمريكا وإسرائيل في حرب طويلة وهما لا ينجحان إلا في ما تسمى الحروب الخاطفة..
ما دمنا بصدد حرب وعدوان على مساحة محدودة “غزة”، ومادامت أنظمة عربية – غير قليلة – تمارس علناً وسراً الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات، فهذا يعني من منظور الأعداء أنه قد أمّنت أرضية كافية لمواصلة هذه الحرب الطويلة نسبياً حتى الآن، وهذه الإطالة للحرب لا تحقق فرضية القضاء على المقاومة في غزة بل السير بعد ذلك في تسريع خطوات إنهاء القضية الفلسطينية، وأمريكا في ظل هذا التفعيل ستظل تطرح حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية كتنويم وتخدير، كما مورس ذلك قبل وبعد ما عُرف باتفاق “ أوسلو».
هذه القراءة للتفكير الأمريكي وما يتصل به من سيناريوهات متوقعة أمريكياً وإسرائيلياً لا يعني أي تحقق لها أو أنها قد تتحقق.
المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها لها أرضيتها ولها أوراقها، كما أنها ومعها جبهات الإسناد لها “ديناميكيتها” لإفشال الخطة أو المخطط الأمريكي الإسرائيلي في أساسه وإجماله وفي تجزيئه وتفاصيله، والمؤسف هو أن تسير ما تسمى سلطة فلسطينية في مواقف مسفّة ومخجلة وفي هذا الظرف وفي هذا التوقيت لها كتباكٍ على رفح وتحميل حماس مسؤولية الاجتياح لرفح.
هذه السلطة والأنظمة العربية المتواطئة مع العدوان والتي تضغط على المقاومة لتقديم تنازلات عليها أن تخجل أو تحافظ على حمرة خجل.
فإذا كان الكنيست الإسرائيلي يصدر تشريعاً يمنع الاعتراف بدولة فلسطينية كتحريم وتجريم، فكيف لنا في ظل ذلك أن نفهم مواقف هكذا أنظمة أو أطراف، وماذا بقي من اتفاق أوسلو والمبادرة العربية وهي أرضية الشرعنة لسلطة وأنظمة؟.
هذه ببساطة من مكونات الأرضية التي تراهن عليها أمريكا للسير في إبادة الشعب الفلسطيني وخطة التصفية ولا مجال لفهم غير ذلك، فهل أصبح هؤلاء وباسم فلسطين يسيرون في مسار الإبادة والتهجير للشعب الفلسطيني والتصفية للقضية الفلسطينية، وإذا لم يكن الأمر كذلك فماذا يكون وكيف نفهم كينونتهم من خلال تشريع “الكنيست” الصهيوني؟.
أذكر وفي زمان وقبل حرب 1973م ما كنت أسمع وأتابع في إعلام دولة عربية أو أكثر بأن البوابة هي في “لوبي” عربي يقنع الرأي العام الأمريكي بعدالة القضية الفلسطينية.
وها هو النضال الفلسطيني والمقاومة أوصلت أمريكا والغرب حقائق القضية الفلسطينية وعدالتها، ولكن أمريكا والغرب والأنظمة لا تكترث بهذا الرأي العام.
وهكذا فمثلما كانت هذه “تخريجة” استدعيتها من زمن مضى، فكل المتواطئين بل والمتآمرين على فلسطين القضية تعودّوا احترافية التخريجات في كل زمان وفي كل مكان، حتى وقد أصبحت أمريكا شريكاً مباشراً في إبادة الشعب الفلسطيني، وكأنه لا فرق بين هؤلاء وأعضاء الكنيست الصهيوني إلا في التخريجات، وكأنهم متساوون في “المخرجات” وإن بمعالجات تكتيكية وخداعية في التخريجات.