مؤسف أن نرى مسؤولي دولة عظمى- تزعم أنها تقود العالم ومسؤولة عن أمنه واستقراره- يمارسون سياسة الكذب السافر والوقح في تعاطيهم مع القضايا الدولية، بل ويوغلون في تسويق الأكاذيب عبر ماكينتهم الإعلامية التي سخروها لتسويق أكاذيبهم وتضليل الرأي العام الدولي.
تعامل بهذا السلوك الوقح يشعر المراقب وكأن هذه الدولة ومسؤوليها يسخرون من الرأي العام الدولي ومن المجتمع الدولي، هذا السلوك المتغطرس والمتعالي الذي تمارسه أمريكا يرتكز على سياسة الكذب فيما المستهدفين من أكاذيب إمبراطورية الشر بدورهم يقفون عاجزين عن فضح أكاذيب أمريكا نظرا لوقوع الماكينة الإعلامية الدولية تحت سيطرة الشركات العملاقة التي يرتكز عليها النظام الاستعماري الرأسمالي بقيمه الليبرالية المتوحشة، هذه الليبرالية التي زعموا أنها ملاذ الشعوب التواقة نحو الحرية والاستقلال، غير أنها أثبتت أنها نظرية الاستبداد والاستكبار والغطرسة والتعالي والوحشية والكذب السافر حد الوقاحة وازدراء الآخر المتلقي الذي يحسب حساباً لمواقف هذه الدولة العظمى غير أن هذه الدولة ومن خلال مواقفها وسلوكيات مسؤوليها تضع نفسها في الحضيض حين تعتمد الكذب منهجا وثقافة في خطابها السياسي وفي مواقفها حتى فيما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية وبقضايا الشعوب الأخرى التي تعمل واشنطن جاهدة على ترتيبها وفق رؤيتها المستمدة من الأكاذيب وسياسة التضليل منهجا للتعامل مع هذه القضايا المتعلقة بمصير أوطان وشعوب كحال الشعب العربي في فلسطين وكيفية تعامل واشنطن مع قضيته التي يعترف العالم بعدالتها إلا واشنطن التي ترى الحق مع الاحتلال الصهيوني وترى العالم بكل قضاياه وتطلعاته وأحلامه بعيون الصهاينة، غير مكترثة حتي بمصالحها الجيوسياسية وبصورتها بنظر العالم.
يوم أمس تابعت منسق الأمن القومي الأمريكي- وهو منصب خطير وسيادي ومتكفل من يشغل هذا المنصب برسم سياسة أمريكا وعلاقتها الدولية- أقول خلال مؤتمره الصحفي سرد منسق الأمن القومي سلسلة من الأكاذيب عن موقف اليمن من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، إذ ذهب الرجل يُقْوِّل اليمن ما لم تقوله عن مواقفها فيما يتصل بالملاحة البحرية، إذ أكدت اليمن عبر مختلف مسؤوليها وعلى لسان سيدها وقائدها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي _حفظه الله _ أن اليمن لا ولن ولم تستهدف أي سفينة تبحر بمياه البحرين المذكورين إلا سفن الكيان الصهيوني أو تلك التي تحمل بضائع إلى مؤانى الكيان، وربط هذا الإجراء برفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال المواد الإغاثية إلى القطاع من غذاء وأدوية ومياه ووقود، يعني الموقف اليمني هو موقف أخلاقي ومبدئي وإنساني وليس فيه أي اعتداء على الملاحة الدولية، غير أن أمريكا التي تعتمد على سياسة الكذب لتمرير مخططاتها التآمرية ذات الأهداف الاستعمارية تسوق أكاذيبها، وزعم منسقها للأمن القومي خلال مؤتمره الصحفي أن اليمن تهدد الملاحة التجارية الدولية ورغم تساؤلات الصحفيين وإلحاحهم عن السفن التي تستهدفها البحرية اليمنية والى أين تتجه وكانت التساؤلات موجهة ومقصودة من قبل الصحفيين غير أن المسؤول الأمريكي تمسك بكذبه وتهرب عن الإجابة..!!
طبعا الكيان الصهيوني هو صاحب فكرة ( أن مشكلته في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب هي مشكلة دولية)، أمريكا أخذت الفكرة وراحت تسوقها من أجل حشد حلفاء ضد اليمن تحت ذريعة ( حماية التجارة والملاحة الدولية المهددة من أنصار الله)!!
فيما أنصار الله والقوات المسلحة اليمنية لم يهددوا الملاحة الدولية بل كان موقفهم واضحاً وصريحاً وتناقلته كل وسائل الإعلام الدولية، وهو منع مرور ( السفن الصهيونية، أو المتعاملة مع الصهاينة) فيما كل سفن العالم تمر بحرية وسلام وستقدم اليمن لها كل المساعدات المطلوبة، أمريكا قلبت الحكاية وراحت تزعم كذبا بأن اليمن تهدد الملاحة الدولية وأن كل سفن العالم أصبحت هدفا للقوات البحرية اليمنية، ثم تغمز من قناة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتحملها كذبا ما لم يحتمل والهدف أن أمريكا سعت لإقناع المتحالفين معها بأن تجارتهم في خطر والحقيقة أن أمريكا تعمل على حماية الكيان الصهيوني وليس الملاحة الدولية..؟!
يوم أمس جدّد سيد اليمن وقائدها سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الموقف اليمني وبعث برسالة واضحة وصريحة وصادقة لكل العالم، تضمنت موقف اليمن محذرا واشنطن من تسويق الأكاذيب وإجبار دول العالم تحت ضغطها للدفاع عن الصهاينة الذين يرتكبون أبشع المجازر بحق الشعب العربي في فلسطين وراح ضحيتها أطفال ونساء وشيوخ ومدنيون عزل، وصحفيون وأطباء وفرق الدفاع المدني وتهديم القطاع على رؤوس مواطنيه ورافق هذا العدوان الوحشي حصار وتجويع، وأعتقد أن لا دولة في هذا العالم تقبل بما تقوم به دولة الاحتلال إلا أمريكا التي تصر علي إبادة الشعب الفلسطيني ومنع أي جهة تقف مناصرة لهذا الشعب العربي المظلوم وهو صاحب الحق والأرض ويواجه احتلالاً استيطانياً مجرماً تشاركه واشنطن في كل جرائمه..!!
إن من العيب أن تعتمد دولة عظمى بحجم أمريكا الكذب لتمرير مخططاتها التآمرية، ومن العار مشاركة أي طرف دولي معها في قتل الشعب العربي في فلسطين وإبادة أطفاله ونسائه بقذائف وصواريخ أمريكا أو بحصارها للقطاع وتهديد كل من يحاول مساعدة سكان القطاع بالعضلات الأمريكية وحشوداتها، وهذا قد لا يكون مناسبا مع صنعاء وقد تدفع أمريكا ومن يحالفها ثمنا غير متوقع إذا ما حاولت التمادي بمواقفها تجاه صنعاء التي لديها الكثير مما قد يربك أمريكا، نعم لسنا ندا لأمريكا، لكنا نعتز بسيادتنا وندرك أين نضع أقدامنا، وكيف ندافع عن قراراتنا ومواقفنا.. والأيام بيننا.