الثورة نت/ عواصم
في متابعة للمواقف العربية والاقليمية المرتبطة بمعركة طوفان الأقصى بشكل عام، لا يبدو أن هناك أي طرف عربي أو اسلامي، غير قوى محور المقاومة، التي أخذت الملف بجدية وبوفاء للقضية الفلسطينية، ولعل هذه الخاصية هي اليوم وسم مميز لمسار طويل، دشنه قادة المحور في سياق الأهداف التي تؤسّس لمرحلة جديدة حدَّد معالمها “طوفان الأقصى”.
ففي الوقت الذي أحدثت تطورات معركة “طوفان الأقصى” فرزا جديا في المواقف والخيارات السياسية بعدما ألقت بعض الأنظمة العربية بثقلها العسكري والمالي واستنفرت قواها المنظورة والخفية لحشد اوسع دعم ممكن للكيان الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة، تاتي مواقف دول محور المقاومة لتجدد حيوية التزامها بدعم الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة وسائر عناصر الطيف السياسي الفلسطيني في وجه العدو الصهيوني .
فتصاعد وزن دور قوى المقاومة الداعم لقضية فلسطين لم يفضح قصور النموذج العربي الرسمي ولم يعر تواطؤه فقط، بل كشف وبوضوح عمق الارتباط البنيوي والمصلحي بين أقطاب المنظومة العربية الرسمية والعدوان الصهيوني على فلسطين.
كما تأتي دول محور المقاومة لتقدم نفسها شوكة مغروزة في الحلق الصهيو-أمريكي رغم الحصار الذي تعاني منه من قبل سياسات العدو ـ والتي حصرت الشعوب الحرة في زاوية الحصار بعيدا عن الردع الذي نشهده هذه الايام، لذلك فقد انقلبت المعادلات الصهيونية ليس في فلسطيين فقط بل في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وإيران، خصوصًا أن قرار المواجهة لفصائل المقاومة لردع العدوان على غزة جاء بالسرعة المناسبة، ولم يمنح العدو الصهيوني وقتاً طويلاً لانتظار الرد.
فبصرف النظر عن أي فرز أو تصنيفات أو انحيازات تقول القراءة الموضوعية للمشهد منذ بداية عملية “طوفان الأقصى” إن محور المقاومة بدوله وجيوشه وفصائله قد دأب على تفويض القوة التي تقاتل في الميدان باتخاذ القرار لتوسيع دائرة الاشتباك وفتح جبهات أخرى والمساندة بالوسائل التي يقررها قادة الميدان المشتبك وتفيد المقاومة الفلسطينية بما يحقق لجم الكيان الصهيوني والقضاء على مشروعه الخبيث في المنطقة.
ولا شك أن مشاركة الساحة اليمنية والسورية واللبنانية والعراقية وعدم استجابتها للإملاءات الأمريكية والدولية والعربية عطل محاولات التخويف والتهديد التي لم تؤثر على ثوابت محور المقاومة وخياراته، بل زادته وحدة وتنسيقا يبدأ من مكاتب السياسة وصولا إلى غرف العمليات العسكرية المشتركة، حيث ان هذه الغرفة شكلت بُعدا عسكريا في تكتيكات العمل المقاوم، فضلا عن تحقيقها جبهة درع داعمة للمقاومة الفلسطينية حتى إزالة الكيان الصهيوني.
ومن يسترجع شريط العمليات العسكرية المتلاحقة لفصائل المقاومة التي انطلقت مع بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة يمكنه ربط حلقات الهجوم المعاكس لمحور المقاومة، بدءاً من اليمن ومروراً بلبنان والعراق وسوريا، مع ضربات المقاومة الفلسطينية في جبهات المواجهة لمعركة “طوفان الأقصى”، حققت فيه انجازا استراتيجيا متعدد الأبعاد، يتمثل في وحدة الفصائل المقاومة، وفي ربط الساحات وعدم تكريس فصل غزة عن صنعاء وبيروت وبغداد وكامل ساحات المحور المقاوم.
بموازاة ذلك، يجدر التأكيد أن المقاومة توعدت بمواجهة شاملة في كل جبهاتها وبأنها ليست معركة على مزاج العدو الاستراتيجي، بل ستكون وفقا للمزاج الاستراتيجي المقاوم الذي يعرف ماذا يفعل وماذا يكرس من معادلات.
وهو ما تجلّى في الواقع الميداني لقوى محور المقاومة، التي اتخذت خطوات حاسمة لتشديد هجماتها ما يؤكد أن لديها الاستعداد الكامل لمعركة طويلة الأمد وأن قوى العدوان الصهيوامريكي سترى من المقاومة مفاجآت لم تتوقعها.
فقد، بدا واضحا أن وتيرة العمل المقاوم والأداء العسكري لفصائل المقاومة يسير بوتيرة متسارعة، هذا التسارع ساهم في ردع اسرائيل ومنعها من رد فعل عسكري واسع، وبات الثابت في العقل العسكري لدولة الكيان، بأن مفاجآت المقاومة وقدراتها لا يمكن الإحاطة بهما ما يعني فشلا استراتيجيا وعسكريا واستخباراتيا ل”إسرائيل”.
كل تلك المواقف والمبادرات تستحق الكثير من القراءات الموضوعية والتحليلات المفصلة للوقوف على أبعادها الكبيرة، ودلالاتها العميقة، ورسائلها البليغة، والتي تتمحور حول حقيقة، هي أن تصليب معسكر المقاومة وتنشيطه ورفع مستوى ادائه كان الرافعة والمحفز لإنجازات كبرى في المنطقة وعلى مستوى الدفاع عن فلسطين في وجه العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وبالتمام فإن ما يقدمه المحور من دعم مادي ومعنوي للمقاومة الفلسطينية هو محفز صمودها وانجازاتها الميدانية والسياسية التي دفعت الكيان الصهيوني إلى مأزق خطير وأطلقت تحولات هائلة في المشهد الاستراتيجي وتوازناته وقد تواترت الاعترافات الصهيونية حولها بل إنها مبعث القلق الوجودي الذي يحكم التفكير الاستراتيجي في الكيان الصهيوني المؤقت.
وهذا ما فتح الباب أمام مزيد من التنسيق بين فصائل المقاومة في الفترة المقبلة التي تحمل في طياتها احتمال التصعيد العسكري في حال واصل العدو الصهيوني عدوانه على قطاع غزة فالأهمية التي تتناسب و طبيعة الرد على دولة الكيان تكمن في توحيد صفوف المقاومة، وتوجيه الزخم الصاروخي للفصائل كافة.
فقد حققت قوى المقاومة، عبر فصائلها المختلفة، أهدافها في كسر الغطرسة العسكرية لقادة الكيان الصهيوني، وفرضت توقيتها وإيقاعها ومعادلاتها الجديدة للإشتباك، وحددت مواعيد إطلاق الصواريخ، ونفذت وعيدها بالزمان والمكان.
وعليه فإن ما قامت به دول محور المقاومة سيكون بلا شك مَعلماً جديدا يؤسس لقواعد اشتباك جديدة، ما يشي بأن هناك تغير جذري واضح في طبيعة الصراع مع كيان العدو الصهيونى، وهذا ما يعجّل بحصد النتائج لصالح المقاومة الفلسطينية سياسيا وعسكريا.د.