-قبل أن يلتئم مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة الماضي، للتصويت على مشروع قرار أممي يطالب بوقف اطلاق النار في غزة لدواع إنسانية، كان الجميع حول العالم، على يقين أن أمريكا ستستخدم ما يسمى حق النقض “الفيتو” لإفشال المشروع ونسف كل الجهود لوقف حمام الدم، باستثناء قلة قليلة من المفرطين في أمانيهم وباتوا يحدثون أنفسهم، أن شلالات الدّم في غزة ربما تجعل العجوز بايدن يشعر بالاكتفاء والتشبُّع من سفك دماء الأبرياء ومن رؤية جثامين الضحايا من النساء والأطفال والمسنين، وقد شارف عددهم على العشرين ألفاً ونحو ثمانية آلاف مفقود هم عمليا في عداد قتلى الهستيريا الصهيوأمريكية وأكثر من أربعين الف جريح بعد 70 يوما من الحرب العدوانية غير المسبوقة في وحشيتها ودمويتها وتحللها من كل القيم الإنسانية والقوانين والمعاهدات والشرائع الأرضية والسماوية، على مساحة جغرافية صغيرة هي الأكثر اكتظاظا بالبشر على وجه الأرض.
-كان المتفائلون بموقف غير اعتيادي من إدارة بايدن يمنّون النفس هذه المرة بحدوث ذلك تحت الضغط الشعبي المتنامي في الداخل الأمريكي، رفضا للمذابح المروّعة بحق المدنيين والمتواصلة على مدار الساعة والتي فاقت في بشاعتها كل تصور وخيال. لكن ذلك لم يحدث وجاء “الفيتو” كالعادة ليعرقل أهم المؤسسات الدولية عن أداء مهامها ومسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية، وليعطي القاتل مزيدا من الأريحية والأمان لمواصلة هوايته الخبيثة في قتل الناس ونشر الفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل.
-في اللحظة التي كانت تجري فيها عملية التصويت على مشروع القرار إياه -الميت قبل ولادته- كانت إدارة بايدن تضغط بكل قوة على الكونغرس للموافقة على بيع 45 ألف قذيفة إضافية لدبابات الميركافا “الإسرائيلية” المستخدمة في الحرب البرية على غزة، في صفقة تصل قيمتها – كما قال مسؤولون في البيت الأبيض – إلى أكثر من 500 مليون دولار، وستكون منفصلة عن الطلب الإضافي الذي قدمه بايدن بقيمة 110.5 مليار دولار لدعم الكيان في عدوانه المتواصل على القطاع، إضافة إلى الجسر الجوي الذي أقامته أمريكا لنقل الأسلحة إلى “إسرائيل”، منذ اللحظة الأولى لبدء هجومها الإرهابي على غزة.
-العدوان الصهيوني المستمر و المتصاعد في وحشيته وإجرامه على قطاع غزة، أزال الستار عن الأقنعة التي تتوارى خلفها أمريكا ومعها كثير من الأنظمة الغربية، وكشف زيف ما تتغنى به من شعارات زائفة عن المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان وأظهرها على حقيقتها البشعة أمام مواطنيها وكل شعوب العالم الحر التي باتت على يقين أن أمريكا وحضارتها المزعومة ليست إلّا قاتلاً مسعوراً وسفاحاً حقيراً وإرهابياً متعطشاً للدم لا يرحم طفلا ولا امرأة ولا شيخ طاعن في السن وأنها – وكل من يدور في فلكها من أدعياء الحضارة والمدنية في أنظمة الغرب – لن تستطيع – بعد كل ما جرى ويجري في غزة من مذابح يندى لها جبين الإنسانية ومن جرائم قطع مياه الشرب والغذاء والدواء والوقود وكل أساسيات وضروريات الحياة الإنسانية عن ملايين البشر، أن تواصل مسلسلات التضليل والكذب والخداع على العالم بأنها دول ديمقراطية همّها الأول احترام حقوق الإنسان والحريات وتصدير مفاهيم وقيم العدالة والحرية والمساواة إلى كل شعوب الأرض.
-السؤال الأهم الذي يشغل بال الكثيرين اليوم حول العالم و يعجز أحد عن الإجابة عليه: متى يكتفي الرئيس الأمريكي جو بايدن من دم نساء وأطفال غزّة، وهو الذي لم يجد دليلا إلى الآن أن إسرائيل تقتل المدنيين في فلسطين؟ وكم يحتاج من شلالات الدماء والأشلاء حتى يرتوي ويقول لكلبه “النتن” في تل أبيب كفى..؟!
Next Post