فلسطين: القضية والوجود

طه العامري

سيدوِّن التاريخ في صفحاته التي ستتداولها الأجيال القادمة بأن هذا الزمن الذي نعيشه هو أكثر أزمان الأمة رداءة وانحطاطاً، زمن تُحكم فيه الأمة من قبل أنظمة الذل والارتهان، أنظمة تعبد أمريكا ولا تكترث بعبادة الله، وتلتزم بتعاليم أمريكا ولا تكترث بتعاليم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
سيذكر التاريخ أن هذا الزمن هو زمن العملاء والخونة والمرتهنين من الحكام والمسؤولين الذين عجزوا مجتمعين عن القيام بدور النساء التي كُنّ يقمن به في كل معركة زمان الرسول والخلفاء وهو تقديم الغذاء والشراب للمجاهدين..
سيذكر التاريخ في أنصع صفحاته القاتمة مدى خيانة وانحطاط أنظمة الذل والارتهان المتحكمة بالقرار العربي وبحياة العرب وكرامتهم وسيادتهم ومصيرهم، زمان مقاومة العدو فيه ( إرهاب) ..
ورفض الاحتلال والدعوة لمقاومته تطرف.. زمن فيه السيادة والأمن والاستقرار مسموحة فقط للمنبطحين والخونة والعملاء وكل من يعبد أمريكا ويقدس إسرائيل ويعترف بوجودها ويقيم علاقة وطيدة معها، باعتبارها ( مستر كي) لمن يريد الاشتهار عالميا ويحظى بإشادة الغرب وأمريكا وآلتهم الإعلامية..
ولِمَ لا.. فالسادات اعتبر ظهوره على غلاف ( مجلة) أمريكية شهيرة ( لمرتان) إنجازاً استراتيجياً لم يحظ به أي حاكم عربي قبله حتى عبد الناصر الذي طلع على غلاف تلك المجلة لمرة واحدة..
ما يجري في قطاع غزة من جرائم على يد جيش العدو المدعوم أمريكياً وغربياً وعربياً، هو (حق الدفاع عن النفس للكيان) والسبب (مغامرات حماس والجهاد والمقاومة) .
نعم يرى النظام العربي أن ما يجري في غزة سببه مغامرات حماس وترى (مملكة العهر وجارة السوء) والدولة التي تهيمن على المشاعر الإسلامية المقدسة، أن على (حماس، أن تستسلم) فهي ( لا قبل لها بجيش إسرائيل).
وأن (المملكة سوف تضمن لها خروجاً آمنا لأي بلد في العالم تختاره).
وحذرت المملكة المقاومة الفلسطينية وطالبتها (بالحفاظ على أبناء شعبها وتعترف بالهزيمة، وذكّرتها بمصير عنتريات صدام حسين، ومعمر القذافي، وعلي عبد الله صالح، الذين صافحوا ملالي إيران وكانت نهايتهم مخزية).
نعم.. هذا ما سوّقته بلد الحرمين على لسان أحد أبواقها وضباطها المقربين من مطبخ الارتهان والعمالة المدعو ( عبد الله غانم القحطاني)، أحد أبواق ملك البلاد القادم العميل الجديد الذي قدم نفسه للمحفل كبديل عن والده أولاً بتمويل حرب أمريكا وبريطانيا والصهيونية علي اليمن منذ تسع سنوات في حرب عسكرية مباشرة، مع أن جارة السوء لم تكف عن محاربة اليمن منذ تأسست على يد بريطانيا لتكون إحدى الحراس المهمين للكيان الصهيوني، وثمة أنظمة عربية أخرى على شاكلة ( جارة السوء) ترى أن خطورة حماس والمقاومة في فلسطين تهدد وجودها، وأن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ليس من مصلحة هذه الأنظمة، بل إن قيام دولة فلسطينية يعني نهاية هذه الدول العضوية، ولذا فإن مصلحة هذه الدول مثل السعودية ودول الخليج والأردن هو في بقاء الكيان الصهيوني، الذي بدوره لا يقبل من يعارضه ولا من يقاومه ولا من يطالب برحيله، ومن يفعل هذا فهو إرهابي ومتطرف ويجب محاربته وتدميره..
ما يجري في فلسطين وقطاع غزة تحديداً جرائم صهيونية بشعة لكنها تجري للأسف بموافقة الأنظمة العربية باستثناء ( صنعاء) و (دمشق) ( والجزائر) عربياً فيما بقية العواصم العربية موافقة وإن تحدثت عن المساعي الإنسانية، فإن كل ما يصدر عنها مجرد أكاذيب على طريقة ذر الرماد على العيون، إسلامية هناك ( طهران) العاصمة الإسلامية الوحيدة التي قدمت وتقدم كل أشكال الدعم لفلسطين ومقاومتها تأكيداً وتأصيلاً لمقولة الإمام الخميني الذي قال ذات يوم أثناء ترحيبه بالرئيس الشهيد ياسر عرفات (سأقف خلف المدفع الفلسطيني ولو تخلى عنه ياسر عرفات) .
أعود وأقول أن التاريخ سيلعن حُكام المرحلة وسينقل للأجيال القادمة خيانتهم وعمالتهم للصهاينة والأمريكان، وسيذكر التاريخ أن بعض المحميات أو الدول قد تحولت في زمن حكامها الخونة إلى مجرد (بارات، وكازينوهات، وملاه للترفيه) وأن بلاد الحرمين لم تعد كذلك بل أصبحت أشياء أخرى يصعب ذكرها خجلاً..!
ومع كل هذه الخيانات سوف تنتصر فلسطين والمقاومة رغم أنف الصهاينة والأمريكان وأنف أولئك الأتباع والمرتهنين في أنظمة العهر والارتهان.

قد يعجبك ايضا