الكبوس رجل البر

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

بالأمس ودع حياتنا الفانية رجل الأعمال المعروف محمد حسن الكبوس هذا الرجل الذي عرفته وأنا في سن مبكرة كان يأتي إلى والدي في قرية القابل ويعطيه مبلغاً من المال لكي ينفقه على المحتاجين في المنطقة ،وعرفته اكثر في موقع يشع بالإنسانية والرحمة في نهاية عام 1973م عندما أقدمت حكومة القاضي عبد الله الحجري رحمة الله على اغلاق الأقسام الداخلية نتيجة موقف سياسي معين، وكانت المصدر الوحيد لمئات الطلبة في السكن والأكل وكل شيء وأول من رأيناه يتعاطف مع الطلبة وهم نائمون امام المدرسة بين البرد هو المرحوم محمد حسن الكبوس فلقد اتى وأعطى كل طالب مائتي ريال، وكانت تلك الأيام تساوي عشرين الف ريال، قال احد الطلبة أطال الله عمره وهو الذي نبهني إلى هذا الموقف حينما سمع بوفاة المرحوم قال لتظل الأقسام الداخلية مغلقة إذا كان الناس جميعا مثل الكبوس أي أن المبلغ الذي استلمه جعله فعلا يحس بالأمان باعتباره يوازي نفقات شهر كامل، وهذا هو المرحوم الكبوس كان يعمل الخير بدون ضجة ودون ان يعرف احد به لذلك عندما سمعنا خبر وفاته تواصلنا عبر التلفون وكان كل منا يحث الاخر بأن يتكلم عن الرجل بما هو أهلا له وبحسب المواقف التي لمسها منه بنفسه منها الموقف الذي سبق الحديث عنه وهو موقف لا يُنسى ابدا، خاصة إذا ما ادركنا ان تجارة الرجل في تلك الأيام كانت محدودة إلا أنه كان يؤثر الخير ويحب الصدقة بلا منّ أو سمعة أو رياء، وهذا ما قال لي فيما بعد العلامة الحجة حمود عباس المؤيد طيب الله ثراه فلقد كان يحب محمد الكبوس بشكل خاص، لأن الرجل كان يأتيه بين الفينة والأخرى بصدقات أحيانا يجمعها منه ومن الأخرين، وكنت أعرف أن هناك نساء واشخاص محتاجين يأتون إلى المرحوم المؤيد لطلب الصدقة فيطلب منهم الانتظار حتى يأتي الكبوس وعندما سألته أجاب هذا الرجل يتصدق بنية خالصة لله لا يطلب الريا ولا السمعة وهؤلاء الناس اعزاء لا بد أن تكون الصدقات التي تقدم لهم من شخص يحمل روحية الكبوس، وهكذا تدرجت علاقتي بالمرحوم حتى انه كان في أحيانا كثيرة يحضر حلقات الدرس التي يقيمها الوالد العلامة حمود عباس المؤيد أو العلامة محمد محمد المنصور في جامع النهرين كان يترك كل شيء ويأتي لكي يحضر الحلقة وكله استعداد للسماع وتلقي المعلومة، وهذا كان دأب التجار في الزمن الماضي كان الجميع يتقن التجارة ويعززها بالعلم استنادا إلى قول يعسوب الموحدين وامام المتقين الامام علي بن ابي طالب ( الفقه ثم التجارة ) وقوله (من اتجر ولم يتفقه فقد التطم بالرباء ). كان المرحوم محمد حسن الكبوس قد ابدى استعداده لتوسيع جامع النهرين في زمن مبكر إلا أن الوالد المؤيد كان قد اعطى وعداً لرجل الاعمال المعروف المرحوم محمد الجوفي وشكل الموضوع حسرة بالنسبة للكبوس وظل يتطلع إلى اللحظة التي يتمكن فيها لعمل أي شيء لجامع النهرين حبا فيمن يقيم الجامع ويشرف عليه وهو العلامة حمود عباس المؤيد
ن وشاءت الاقدار أن يتحقق حلم الرجل بعد أن تم هدم جامع النهرين وبالفعل بادر نجله /حسن محمد الكبوس أطال الله عمره إلى تحقيق رغبة والده بإعادة بناء المسجد بشكل راق ومتطور ولا يزال الآن قيد الانشاء إلا أن المرحوم كان يتحسر لأن الفكرة تمت بعد رحيل صديق عمره العلامة حمود عباس المؤيد طيب الله ثراه ، الذي كان لا تروق له صلاة الجمعة إلا خلفه وبعد سماع خطبته حيث كان يتجشم الصعاب رغم مرضه، إلا أنه كان يأتي من منزله إلى جامع الشوكاني لكي يستمتع بخطبة المرحوم المؤيد ولقد قال لي أكثر من مرة “لا جمعة إلا خلف حمود المؤيد” رحم الله رجل البر والإحسان محمد حسن الكبوس وألهم اهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون وعزاؤنا الخاص للأخ/حسن وأخوانه وجميع آل الكبوس بهذا المصاب الجلل ونكرر ما قاله المولى سبحانه وتعالى : ( والذين إذا اصابتهم مصيبه قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) صدق الله العظيم، نسأل من الله الرحمه والغفران للمرحوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
والله من وراء القصد

قد يعجبك ايضا