آخر ضحايا مذابح أغسطس هذا العام كان الضابط عدنان المحيا الذي اُغتيل في حي الجمهوري بمدينة تعز في ١٥ أغسطس ٢٠٢٣م واعترفت جماعة القاعدة الإرهابية باغتياله.
الضابط المحيا كان مكلفاً بالتحقيق في قضية مقتل الموظف الأممي ( مؤيد حميدي ) الذي اغتيل في تربة ذبحان جنوب غرب تعز في ٢١ يوليو الماضي.
المحيا كان تلقى تحذيراً من جهات مسيطرة في مدينة تعز، تنذره بعدم الاقتراب من منزل كانت تحوم حوله شبهات عن قتلة الموظف الأممي، وأن عليه أن يبتعد عن التحقيق في هذه القضية، وإلا فعليه أن يكتب وصيته. لقد فاجأه القتلة وعجز عن كتابة الوصية !!
( تارك عفاش ) مسؤول مرتزقة الإمارات في الساحل الغربي لتعز اتهم حزب الإخوان ( الإصلاح ) بأنهم قاموا بتهريب قتلة الضابط المحيا. يأتي ذلك الاتهام في إطار المكايدة والصراع على النفوذ والسيطرة على المحافظة.
الذين قتلوا الضابط المحيا هم على علاقة مؤكدة، أو علم بقتلة الموظف الأممي مؤيد حميدي.
اليمنيون اعتادوا على تقديم قرابين وضحايا في هذا الشهر، رغماً عنهم منذ العام ١٩٦٨م.
ويتكرر مشهد الفظاعة في ٢٢ أغسطس من العام ٢٠٢٠م حين قام القتلة الإرهابيون باختطاف الدكتور أصيل الجبزي، ووضعوه في سجن من سجون حزب الإصلاح، ثم قتلوه، ومثلوا بجثته، وقطعوا أصابعه وعضوه الذكري. ورموه في معبر سيل. كان القتلة في الماضي يمتلكون بعض الأخلاقيات، فلا يمثلون ولا يسحلون. أما قتلة اليوم فهم منحطون بلا أخلاق. د/ أصيل الجبزي ليس عسكرياً، بل بعيد عن السلاح، وربما عن السياسة أيضاً، بل كان طالباً يدرس الطب في جامعة عدن. لم يمهله القتلة إلى حين ينتهي من دراسته، ليفرح به أهله، بل عاجلوه، حين حاصروا بيت والده في جبزية مديرية المعافر، نكاية بوالده العقيد/ عبدالحكيم الجبزي الذي كان يعمل رئيساً لعمليات اللواء ٣٥ ارتزاق. قبل أن يستولي القتلة على اللواء بعد أن قتلوا قائده عدنان الحمادي غدراً. وهو الذي قدم خدمات جليلة للمرتزقة. ولم تعفه تلك الخدمات من الغدر به من قبل من حارب في صفهم، بل ودافع عن مقراتهم والأموال التي نهبوها، أو حصلوا عليها من الارتزاق، وبيع الأوطان.
الكارثة وأُم الكوارث هي التي حدثت في ٢٣/٢٤ أغسطس ١٩٦٨م بعد الانقلاب الرجعي ضد الجمهورية الأولى؛ والذي دبرته السعودية ضد الجمهورية ورئيسها السلال. إذ بعد أن عجزت جحافل الغزو السعودي في إسقاط الجمهورية، وانكسرت على أسوار صنعاء، أمرت السعودية عصاباتها بالانقلاب على الذين صمدوا في وجه الغزو السعودي، بما سُمي بحصار السبعين يوماً. فقتلتهم تلك العصابات في الثكنات والشوارع والمنازل. واغتالت وسجنت وأخفت، وشرّدت من بقي منهم، بل لاحقت من هرب منهم إلى قراهم، وقتلتهم وهدمت مساكنهم على رؤوسهم، ونهبت ممتلكاتهم.
تاريخ اليمن كله قتل ونكبات، فَمِنْ مذابح الأتراك ضد اليمنيين قبل الاستقلال؛ إلى مذابح أنصاف الجمهوريين ضد طلائع الشعب اليمني، وضد الفلاحين؛ وهدم القرى ونهب الممتلكات.
إلى ما يجري اليوم من مذابح لليمنيين في المحافظات المحتلة من قبل داعش والقاعدة والتحالف، ومرتزقة الاحتلال السعو/ إماراتي.
دماء تُسفك دون رقيب، أو حسيب. وهناك من يقبضون الثمن أرصدة في البنوك، ويهرفون من على القنوات الداعشية ذات الدفع المسبق. من باعوا أنفسهم بأرخص الأثمان. الحساب بالتأكيد قادم.
وإذا لم يحصل حساب لهؤلاء من قبل القانون، فإن الله لا بد أن يقيّض لهذا الشعب من ينقذه من هذا القتل، ومن هذه المجاعات، والاستقواء بالباطل.