الرياض تفضل استمرار توقف تصدير النفط وتعويض حكومة المرتزقة بالوديعة الزائفة

في إطار مساعيها الحثيثة لعرقلة أي تقدم في الملف الإنساني خلال المفاوضات: أمريكا تعتبر صرف مرتبات موظفي الدولة في اليمن قضية معقّدة

صنعاء عرضت السماح بإعادة تصدير النفط واستغلال عائداته لصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين كمعالجة اقتصادية حقيقية
السعودية رضخت للضغوط الأمريكية وتراجعت عن الالتزامات التي قطعتها على نفسها في أبريل الماضي
عبدالسلام: لا بد من تخصيصُ الإيرادات النفطية والغازية لمعالجة مشكلات الشعب الاقتصادية وفي مقدمتها المرتبات
الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية تدفعُ نحو مواصلة الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني بمضاعفة واستمرار الحصار

في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا وبريطانيا لعرقلة أي تقدم في المفاوضات المباشرة بين اليمن والسعودية التي ترعاها سلطنة عمان الشقيقة فيما يتعلق بالملف الإنساني، وعلى رأسها صرف مرتبات الموظفين من عائدات الثروة النفطية لليمن والتي تعتبرها صنعاء أولوية لا يمكن تجاوزها، بل سيتم انتزاعها كما تؤكد القيادة الثورية والسياسية، ومع استمرار تحالف العدوان في المماطلة وتفاقم معاناة المواطنين، تجد صنعاء نفسها ملزمة باتخاذ خيارات عسكرية ضاغطة من أجل ضمان حقوق المواطنين والصبر لن يطول بل يكاد أن ينفذ وقد أعذر من أنذر، وفق البيان الأخير لمسيرة احياء ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي، عليهما السلام.
الثورة / أحمد المالكي

حيث اعتبر المبعوث الأمريكي الخاص لليمن ليندر كينغ في تصريحات له خلال الأيام القليلة الماضية، أن صرف مرتبات موظفي الدولة في اليمن قضية معقّدة، وهو ما تؤكده تصريحات القيادة السياسية لليمن ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بأن المفاوضات توقفت عند نقطة المرتبات نتيجة العرقلة الأمريكية والبريطانية.
وبحسب مراقبين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي وقفت خلف هذه الخطوة، حيث ترى أن مطالب دفع المرتبات من عائدات النفط مطالب متطرفة ولا يمكن نقاشها سوى ضمن عملية سياسية يمنية -يمنية أو ربطها ضمن ترتيبات السلام، ولذلك فقد توقفت المفاوضات عند هذه النقطة بشكل نهائي قبل أكثر من شهر، حيث رضخت السعودية للضغوط الأمريكية وتراجعت عن الالتزامات التي كانت قد قطعتها على نفسها في أبريل الماضي.

للرواتب
بينما كانت صنعاء قد عرضت السماح بإعادة تصدير النفط واستغلال عائداته لصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين كمعالجة اقتصادية حقيقية، تفضل الرياض استمرار توقف تصدير النفط وتعويض حكومة المرتزقة بهذه الوديعة التي تتضمن أيضا صرف الرواتب في المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال لتلافي الانهيار، حيث قامت السعودية بالترويج المكثف للوديعة المالية التي أعلنت تقديمها للحكومة الموالية لها في عدن، إلا أن هذه الوديعة تبدو كتشييع للجهود الدبلوماسية من أجل السلام، حسب مراقبين ومهتمين بالشأن الاقتصادي والسياسي في اليمن.

تزييف الحقيقة
ويشير الدكتور أحمد حجر- وكيل وزارة المالية والخبير الاقتصادي إلى أن هناك من يقفُ عائقاً أمام حَـلِّ هذا الملف، بالإشارة إلى التزامات تحالف العدوان لشراء ضمائر المرتزِقة ومواليهم في حربه ضد اليمن، والتي رأى أنها التزامات مالية كبيرة وأن موازنات ضخمة تستهلك موارد البلاد لشراء تلك الولاءات المزيفة والتي أظهرت العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن وكأنه لا علاقة له بما يجري وأن ما يحصل في البلاد هو حرب أهلية لا أكثرَ كتزييف للحقيقة.
ويقول الدكتور حجر: إن السعوديّة أمام التزاماتها الكبيرة لشراء العملاء والمرتزِقة لا تستطيع أن تدفع رواتب الموظفين إلا أن تزيدَ في بيع وسرقة النفط من المناطق المحتلّة وما يحصل هو عبارة عن مماطلات واختلاق الأعذار من وقت لآخر وَإذَا ما كانت هناك جدية فيجب أن يكون هناك حديث من الوفد الوطني، وحول ما إذَا كان هناك أي اتّفاق حول المرتبات يجب أن يتم بنقاطٍ وضوابط وضمانات محدّدة، وبتاريخ محدّد، لا أن تؤخذ الأمور بالعمومية التي لا تفصح عن شيء.

فارق
ويؤكد الدكتور حجر أن الأمريكان هم من يديرون اللُّعبة بأكملها ويعلمون علم اليقين أن صرف مرتبات الموظفين سيُحدِثُ فارقاً لصالح الدولة والمواطن، وسيكون هناك انتعاشٌ اقتصادي وزيادةٌ في إيرادات الدولة وتحسُّنٌ في الخدمات وزيادةٌ في القدرة الشرائية، وهو ما سيحقّق استقراراً في السوق وتحسناً ملحوظاً مقارنة بما يحدث في المناطق المحتلّة التي تعيش حالةَ تدهور معيشي وفوضى، وهو الأمر الذي لا يسر المحتلّ.

مخطط أمريكي
مضيفا أن المخطّط الأمريكي ومن يدور في فلكه يسعى لإبقاء حالة الفوضى واللا استقرار في كُـلّ المناطق، بما في ذلك الوضع الاقتصادي غير المستقر وبقاء المعيشة متدهورة لإلهاء الناس عن مخطّطاته الرامية لإنشاء قواعده العسكرية وتنفيذ أهدافه فيما الشارعُ مشغولٌ بلقمة عيشه التي يحرصُ المحتلُّ على أن تبقى في يده وتحتَ رحمته.
وإلى جانب هذا يقول حجر : إن حصول فترة استقرار وهدوء تعقبها مواجهة وعدوان جديد- حسب نظرة العدوان- قد يجعل المواطن ينظر إلى أن تجدد العدوان سببه “كذباً” تعنت صنعاء، في المقابل الظهور أمام الرأي العام الدولي بمنظر الباحث عن السلام من خلال هذه الهُـدنة التي لم تنجز أشياءَ ملموسةً بحياة الشعب كما كان متفق عليه .

خطأ كبير
ويرى خبراء اقتصاد ومعنيون أن تحالف العدوان ينظر إلى أن أي تقدم في جانب صرف المرتبات هو انتصار لصنعاء في حين يستبقيه كملف ضمن مفاوضاته السياسية
ويقول الخبراء : إن اعتبار ملف صرف المرتبات كانتصار لطرف هو خطأ كبير، فالمرتبات هي مكتسبات موظفين ضحوا في الوظيفة العامة ذات المدخول المتواضع، كما أن موقفَ قيادة صنعاء الرافض لأية هُـدنة أَو تمديد قادم هو الصوابُ مع الإصرارِ على أن تتحقّق التزامات وشروط الهُـدنة التي تعهد الطرف الآخر بها والتي تأتي مرتبات موظفي الدولة على رأسها كحقٍّ مستحقٍّ يجب أن يصرف بهذا التوقيت إذا ما كانت هناك أي بوادر أو مساعي لإبرام هدنة جديدة.

الحل الوحيد
وكان رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام، قد أكّـد أن ما تشهدُه المحافظاتُ المحتلّةُ من انهيار اقتصادي متسارع، يأتي كنتيجةٍ للعدوان والحصار وإجراءات الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان على الشعب اليمني منذ أكثر من ثماني سنوات، وأن الحلَّ الوحيد لإنهاء هذه المعاناة يتمثل في: تمكين اليمنيين من مواردهم الوطنية، ووقف استخدام الملفات الاقتصادية والإنسانية كأوراق ابتزاز لتحقيق مكاسبَ سياسية أَو عسكرية.

تخصيص
وفي هذا السياق، أكّـد عبدُالسلام أن “ما يحتاجُه الاقتصادُ في بلدنا -لرفعِ معاناة الشعب اليمني- هو تخصيصُ الإيرادات النفطية والغازية لمعالجة مشكلات الشعب الاقتصادية وفي مقدمتها المرتبات وإبعاد كُـلّ ما له علاقة بالوضع الاقتصادي عن الابتزاز السياسي لتحقيق أهداف عسكرية أَو سياسية والتوقف عن جميع الإجراءات التعسفية التي تستهدف الشعب اليمني وتمس أبرز متطلباته الحياتية”.

نهب كبير
ومنذ سنوات تتعرَّضُ إيراداتُ النفط والغاز لأكبر عملية نهب في تاريخ البلد، حَيثُ يتم إرسالها إلى البنك الأهلي السعوديّ، ويتم اقتطاع جزء منها لإثراء قيادات المرتزِقة وشراء ولاءاتهم، وهو ما كشفته أَيْـضاً حجم استثماراتهم الخَاصَّة خلال سنوات العدوان في الخارج.
ورفض تحالفُ العدوان ومرتزِقتُه تخصيصَ هذه الإيرادات لصرف مرتبات الموظفين، برغم أنها تغطِّي فاتورتها وتزيد، في إصرار عدواني واضح على مواصلة الحرب الاقتصادية؛ وهو ما دفع بالقوات المسلحة إلى فرض معادلة حماية الثروة الوطنية ومنع تصدير النفط الخام؛ مِن أجل منع نهب إيراداته.
ولا تزال الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية تدفعُ نحو مواصلة الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني، من خلال الإصرار على الاستمرار بالحصار ومنع وصول البضائع والسلع، واستخدام الحقوق المشروعة للشعب اليمني كأوراق ابتزاز وسلاح حرب، وعرقلة أية جهود للحل.

قد يعجبك ايضا