أوكرانيا باتت إسرائيل جديدة يجري زرعها في أوروبا، ولها دور شبيه بإسرائيل الشرق الأوسط، تكون جدار مانع للتكامل الاقتصادي بين أسيا وأوروبا وعرقلة مشروع طريق الحرير الصيني والحيلولة دون النهوض الصيني والدول الحليفة لها، ومنع قيام تكامل اقتصادي في فضاء الثلاث القارات العجوزة أسيا وأوروبا وأفريقيا.
وإذا كانت نشأة الكيان الإسرائيلي في الشرق الأوسط تزامن مع اكتشاف النفط في المنطقة وأؤكل لها مهمة خط دفاع مأمون ومضمون لمصالح قوى الهيمنة الغربية المتمثلة بالنفط عصب اقتصاد دول الهيمنة وبقاء المنطقة في حالة نزاع وشقاق وحروب تحول دون وحدة دوله وشعوبه، وبقائهم في حالة شقاق وقطيعة وخلاف وحروب دائمة وفق القاعدة الاستعمارية “فرق تسد” ، وهذه مناخات سيطرة قوى النهب الاستعماري واستحواذها على النفط واستمرار تدفقه.
في حين إسرائيل الجديدة “أوكرانيا” – كما أسلفنا -تقوم بمهمة الحيلولة دون تقارب دول الاتحاد الأوروبي مع المارد الصيني وعرقلة النمو الصيني وإضعاف روسيا وبالتالي إضعاف الاتحاد الأوروبي، وكلها تصب في المحصلة في صالح بقاء الهيمنة الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية وتابعها «ماتي» بريطانيا.
نحن أمام أزمة نظام عالمي جاء بفعل سقوط جدار برلين عام 1989م وهذا السقوط دشن انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته، وأنتج نظاماً أحادي الهيمنة متمثلاً بأمريكا، أزمة ممانعة أمريكية لا تقبل بشراكة قوى صاعدة في تقرير مصير هذا العالم، ودائما ما ترافق التحولات الكبرى ممانعات من النظام القديم، وكل جديد قادم يقابل رفضاً وممانعة من القديم، بيد أن هناك حتمية تاريخية تؤكد أنه مهما كانت ممانعة ورفض الجديد إلا أنه ينتصر في نهاية المطاف، وسنة الحياة دائما ما تكون مع الجديد والتجديد المتواصل، فحركة التاريخ تمضي من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل، ولابد للماضي أن يفسح المجال للحاضر، وكلاهما يفسحان الطريق للمستقبل، واستحالة أن تتوقف عجلة التاريخ عن صعوده اللولبي.