-مائة وخمسة عشر صيادا يمنيا عادوا الأسبوع الماضي إلى مدينة الخوخة في محافظة الحديدة، قادمين من الجارة اللدود إريتريا على متن قاربين تقليديين متهالكين، وبالكاد وصلوا إلى الساحل اليمني مثخنين بجروح أبدانهم وجراحات قلوبهم، إذ أمضوا شهورا في سجون ومعتقلات الإريتري الناقم على اليمن وأبنائه، وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي وتم إجبارهم على ممارسة الأعمال الشاقة وتناول أغذية لا تستسيغها الحيوانات والمواشي قبل مصادرة قواربهم ومعدات صيدهم وكل ما يملكون دون ذنب اقترفوه غير غفلة وتنكّر دولتهم وانشغالها عنهم وعن معاناتهم لعقود وعقود وقدمتهم فرائس سهلة لجلاوزة وطغاة النظام الإريتري، فصار يعبث بهم كيفما شاء ومتى ما أراد، دون خوف من حسيب أو استحياء من عتاب أو ملامة جار قريب .
-هؤلاء المُتعَبون الكادحون ليسوا أول من تم اعتقالهم أثناء ممارستهم الاصطياد قبالة السواحل اليمنية، وليسوا أول من يُعتقل ويُعذب ويُهان في معسكرات التعذيب الإريترية، وما هم بأول من تُصادر قواربهم ومعداتهم ووسائل معيشتهم من قبل السلطات في أسمرة، وحتما لن يكونوا آخر الضحايا حيث ما يزال هناك المئات منهم يقبعون في تلك السجون حتى اللحظة، حيث أمن المجرم العقاب واستعذب البطش بهؤلاء البسطاء، لسنوات وعقود على غفلة من سياسيي البلد المنشغلين بمعمعة الخلافات والصراعات وبمواجهة مؤامرات العدو وعدوانه الغاشم المستمر منذ 9سنوات.
-يفيد الصيادون العائدون في شهاداتهم – كما أكد ويؤكد الذين من قبلهم- أنهم كانوا يمارسون عملهم في صيد الأسماك في المياه الإقليمية اليمنية وتحديدا قبالة أرخبيل حُنيش الذي يضم جزر حُنيش الكبرى وحنيش الصغرى وجبل زُقر التابع إدارياً لمحافظة الحديدة، عندما هاجمتهم زوارق البحرية الإريترية واقتادتهم مع قواربهم إلى الشاطئ الإريتري ومن ثم مصادرة القوارب وزجّهم في سجون ومعتقلات لا تتوافر على أدنى المقومات الإنسانية والآدمية.
-صيادو اليمن تعودوا بطش وتنكيل الجارة اريتريا طوال العقود الماضية وقد توارثوا الكد والنكد والبؤس والشقاء والملاحقات الدائمة لجارة السوء جيلا بعد جيل، لكن تحالف العدوان الذي بسط سيطرته على معظم سواحل اليمن وجزره خلال السنوات القليلة الماضية، أعطى الضوء الأخضر لأسمرة- كما تشير كل الأحداث والوقائع على الميدان في البر والبحر- لتمارس ما يحلو لها من البطش والتنكيل بالصيادين ولم يكتف بتضييق الخناق على مهنتهم ومعيشتهم بل أطلق يدها للعبث والإجرام بحقهم، مستغلا ضعف وارتهان وخضوع القوى اليمنية المتحكمة في المناطق الساحلية لرغباته وأهوائه، الأمر الذي ضاعف من عمليات الاعتقال والاحتجاز للصيادين وتعذيبهم ومصادرة قواربهم وممتلكاتهم.
-اليوم يأمل عشرات الآلاف من الصيادين- ومعهم الملايين في مدن وقرى تجمعات الصيادين على طول السواحل اليمنية، أن يشمل هذه الدولة الطاغية شيئا من بأس الجيش اليمني وأن يتم الرد على جرائمها بحق المواطنين بكثير من الردع والزجر، لعلها تثوب إلى رشدها وتكف عن ممارساتها الإجرامية تجاه الصيادين اليمنيين ووسائل معيشتهم وقوت أطفالهم.