لكثرة عدد الجولات التفاوضية التي حصلت بين صنعاء ووفدها الوطني المفاوض وبين دول تحالف العدوان ومرتزقتها – سواء بشكل مباشر أو برعاية الأمم المتحدة منذ بداية العدوان عام 2015م – إلى اليوم ونحن في بداية العام التاسع من العدوان والحصار ونحن اليوم في نهاية الشهر الرابع من العام 2023م لكثرة تلك الجولات التفاوضية وعدد اللقاءات والنقاشات والمباحثات والزيارات التي حصلت في مختلف الدول العربية والأوروبية التي لكثرتها لم يعد يتذكرها الشعب اليمني من حيث العدد والمضمون والزمان والمكان، أما النتائج فكانت هزيلة وقليلة ومخيبة للآمال ولا يمكن التعويل عليها في صناعة سلام حقيقي ودائم وشامل في اليمن، واليوم وبعد أن جاء السفير السعودي والوفد المرافق له إلى صنعاء وجلس مع القيادة اليمنية في صنعاء بحضور وفد ووساطة عمانية لعدة أيام تم خلالها مناقشة المستجدات والمتغيرات والحديث عن مختلف المواضيع المتعلقة بالهدنة وعدد من الملفات، وتم وصف مخرجات اللقاء بالإيجابية وتم الإعلان عن الاتفاق على جولة مفاوضات جديدة بعد عيد الفطر المبارك.. ويبقى السؤال الأبرز هو: هل حان الوقت لوضع حد لجولات المفاوضات والدخول في مرحلة النتائج والمعطيات؟
هدنة إنسانية أعلنتها الأمم المتحدة في أبريل عام 2022م وها نحن اليوم في نهاية أبريل عام 2023م، يعني أكثر من عام استغرقت الهدنة ومع ذلك لم تتحقق بنودها ولم ينفذ منها إلا القليل والمثير للدهشة أنه حصل خلال عام الهدنة الكثير من المباحثات والزيارات واللقاءات بين صنعاء والأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن وسلطنة عمان وقوى تحالف العدوان، وكانت تلك اللقاءات والمباحثات توصف بالإيجابية وقد تكون كذلك في حيثياتها الزمنية واللحظية وفي شكلها وفي مضمون ما تم تناوله والتطرق إليه خلالها لكن معطياتها العملية تأخرت رغم أنه يجب أن يكون لها تأثيرات إيجابية ولو بشكل نسبي يتصاعد ويتقدم نحو الغاية والهدف الذي ينشده الشعب اليمني، فالمعطيات هي التي ترسم ملامح المستقبل وليست النقاشات والمباحثات التي أثبتت الأيام أن كثرتها تزيد من تعقيدها وتطيل من أمدها وأنها صارت لقاءات عقيمة لا مواليد لها ونقاشات لمجرد النقاشات ولقاءات لمجرد اللقاءات.
لا يوجد مواضيع جديدة يمكن مناقشتها والحديث المطول حولها والجولات المتتالية لبحثها غير تلك المواضيع التي تم تناولها في الأعوام الأولى والأخيرة من العدوان على اليمن وفي مقدمتها وقف العدوان وفك الحصار وإنهاء مظاهر الاحتلال وتعويض الشعب اليمني وصرف مرتبات الموظفين اليمنيين من عائدات وخيرات الثروات اليمنية، هذه العناوين الرئيسية والأساسية والمهمة والتي يترتب على تنفيذها تحقيق سلام حقيقي في اليمن تم الحديث عنها كثيرا وعلى مدى سنوات ولم يتم التوصل الى نتيجة لأن الجدل والنقاش لا يزال يدور حول مواضيع فرعية هي جزء من المواضيع الأساسية لكن تلك المواضيع الفرعية نفسها لا تتقدم الى الأمام ليتمخض عنها معطيات عملية إيجابية يلمسها الشعب اليمني في واقعه ويمكنه من خلالها التعويل على أن السلام الشامل والدائم سيتحقق بل إن الهدنة الإنسانية نفسها التي مر عام على إعلانها افتقدت للإنسانية والجدية والمصداقية وكان مضمون مخرجاتها قائماً على المراوغة والتسويف والمماطلة من قبل تحالف العدوان، وهذا ما جعل الشعب اليمني يفقد الثقة تماماً في تحالف العدوان والأمم المتحدة
لقد وصلت الأمور في اليمن بين تحالف العدوان والشعب اليمني الصامد وقيادته وقواته المسلحة إلى مرحلة مفصلية يجب أن تسفر عن نتيجة فقد تجاوز عدد المفاوضات والحديث عن السلام السقف المتعارف عليه في تاريخ الصراعات وحان الوقت بل تأخر الزمن الذي كان من المفترض أن تتمخض تلك الجولات التفاوضية وتلك النقاشات والمباحثات لتعلن عن نتائج عملية يتم تنفيذها في الواقع ويلمس الإنسان اليمني ثمرتها بمعطيات عملية وليس بتصريحات إعلامية.
لهذا بعد كل ما حصل في الماضي من مفاوضات ونقاشات يجب وجوباً دينياً وأخلاقياً وإنسانياً وسياسياً أن تكون الجولة القادمة من المفاوضات سريعة ومختلفة وجادة ومبنية على المصداقية وتسفر عن أعمال ومواقف ومعطيات إيجابية يلمسها الشعب اليمني في واقعه النفسي والمعيشي ويتحقق على أساسها السلام الحقيقي والعادل والشامل في اليمن وإذا لم يحصل ذلك فهذه مهزلة واستهتار دأب عليها تحالف العدوان ويرفضها الشعب اليمني ويتحتم على القيادة اليمنية في صنعاء أن تضع حداً لهذا الصلف وهذه الغطرسة وتعمل على تحريك أوراقها وتفعيل خياراتها التي من شأنها ان تجبر العدوان ومرتزقته على الرضوخ لخيار السلام والشروع فيه بمعطيات عملية تثمر سلاماً وأمناً واستقراراً لليمن واليمنيين.. ولله عاقبة الأمور.