كثيرة هي الاتهامات التي وجهت إلى طهران وتحميلها مسؤولية الأحداث الدامية التي شهدتها العراق في ظل الاحتلال الأمريكي وأكثر الأطراف التي وجهت الاتهامات لطهران كانت هي التي ساهمت وبفعالية في تشجيع أمريكا على غزو العراق واحتلاله ومنحت واشنطن صكا بذلك..لبالية كان من الطبيعي على إيران أن تعمل على استقرار العراق اجتماعياً وسياسياً وتساهم في إطفاء نيران اشعلتها أمريكا وحلفؤئها العرب بين مكونات الشعب العراقي، موقف إيران يعكس موقف أي دولة لها مشروعها الاستراتيجي ورؤيتها ويهمها استقرار نطاقات جغرافية مجاورة لها وهي بهذا السلوك كانت تعمل عكس النظام السعودي _مثلاً _الذي ارتكب أكبر خطاء استراتيجي حين أقدم على تبني العدوان على اليمن متجاهلا حقائق الجغرافية والتاريخ ومتجاهلاً مصالحه الاستراتيجية كجار لليمن.. وفيما ساهمت السعودية ودول الخليج وأنظمة عربية أخرى على الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط نظامه وتفكيك جيشه وأجهزته الأمنية وكل مقومات الدولة العراقية، فإن من الطبيعي على إيران أن تتدخل بصورة أو بأخرى لمواجهة الاحتلال ودعم بؤر المقاومة الشعبية ضد الاحتلال في سياق رؤية جيوسياسية يتجاهلها النظام العربي الرسمي الذي يقف في صف أمريكا والصهاينة لمواجهة إيران وفق الرؤية الأمريكية _الصهيونية، وليس وفق رؤية عربية قومية ووفق مشروع قومي عربي جامع وشامل يستوعب أهمية العلاقة مع إيران كشريك بالجغرافية والتاريخ وبمعزل حتى عن كونها دولة إسلامية باعتبار الإسلام كعقيدة لم يعد يوحد معتنقيه بدليل أن رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف وحين تعرضت باكستان لحملة غربية تبن بعض العرب الدفاع عنها وعن قدراتها النووية التي كانت عنوان الاستهداف يومها تحدث البعض عن شرعية الدفاع عن (القدرات النووية الإسلامية) فصرح شريف بقوله : لا توجد حاجة اسمها القدرة النووية الإسلامية وان وجدت عند أطراف أخرى فلا علاقة لباكستان بها)..؟!
نافيا ( أن تكون قدرات بلاده ذات صبغة أو هوية إسلامية بل باكستانية ولا علاقة لباكستان بالمسلمين) ..؟!
إذن فليكن التعامل العربي مع إيران الجارة تعاملاً ندياً دوافعه المصالح المشتركة التي للأسف لم تجمع الأقطار العربية ببعضها..؟!
في تدليل على أن العرب الذين يخوضون معتركهم مع (طهران) لا يخوضون هذا المعترك دفاعاً عن وجودهم أو مصالحهم أو أمنهم القومي كما يزعمون كذبا وتضليلا بل يخوضون معتركهم الخلافي مع طهران دفاعا عن المصالح الجيوسياسية الأمريكية _الصهيونية _الغربية..؟!
وهذا سلوك يؤكد أن هذه الأنظمة العربية مرتهنة وتبعية ولا تملك قرارها السيادي وهي مجرد مولات تجارية وأسواق للمنتجات الأمريكية وقواعد تستضيف قواتها واساطيلها الحربية المخصصة لتطويع وتخويف هذه الأنظمة من ناحية والمصوبة نحو أعداء أمريكا والصهاينة والمحاور الاستعمارية في المنطقة..؟!
أمريكا والصهاينة وحتى يثبتوا شرعية احتلالهم لبعض دول المنطقة تحت شعار التحالف والحماية راحت تعمل على (شيطنة إيران) وإظهار الكيان (الصهيوني) باعتباره الحمل الوديع والصديق المخلص للعرب..؟!
ولم يجرؤ أي نظام عربي باستثناء سوريا والجزائر من الاعتراض والتصدي لهذا المنطق السفسطائي الذي يجسد حقيقة ارتهان هذه الأنظمة وتبعيتها لأمريكا بصورة انعكست على مواقف هذه الأنظمة ورؤيتها للقضية العربية الفلسطينية التي تنكروا لها ولنضال شعبها وحقوقه في الحرية والاستقلال ومقاومة العدو وفق كل المواثيق الدولية التي تكفل للشعب العربي في فلسطين حق المقاومة غير أن أنظمة الارتهان العربية اعتبرت وبطلب من امريكا المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق مسميات (إرهابية) وتجاوزت هذه الأنظمة في مواقفها مواقف بعض الدول الغربية والكثير من دول العالم التي تنظر للمقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق بأنها مقاومة شرعية بعكس نظرة الأشقاء الذين كان يفترض بهم وانطلاقا من دوافع قومية وعربية وإسلامية أن يقفوا خلف هذه المقاومة داعمين وساندين ومؤازرين ولكنهم للأسف لم يفعلوا وفعلت هذا إيران متحدية كل أشكال الضغوط الأمريكية والحصار والعقوبات..!
قد يقول قائل إن إيران لم تفعل ذلك حبا بالعرب والعروبة ولكنها تفعل ما تفعل ( لدوافع سياسية وأهداف وأطماع خطيرة، وأنها بما تفعل إنما تستهدف الأمة العربية وتستهدف وجودها كما تستهدف أهل السنة والجماعة) إلى آخر المعزوفة التي يرددها البعض من العرب وفيهم نخب ومفكرون وساسة للأسف..؟!
طيب هل الكيان (الصهيوني) بالمقابل ينتمي لأهل السنة والجماعة؟ أم هو أصل العرب والعروبة دون أن ندري..؟!
وهل تمثل أمريكا دولة الخلافة الإسلامية..؟!
دعونا من كل هذه السفسطائية المأزومة، فأنا كمواطن عربي أقف مع كل من يقف ويناصر ويدعم الشعب العربي في فلسطين ويدعم مقاومته، أنا مع من يقف إلى جانب شعبي في اليمن ويدين ويندد بالعدوان الذي يتعرض له من سنوات من قبل هذا المحور (الصهيوني القذر)..؟!
هل شاهدنا ( الله سبحانه وتعالى) قطعاًلا ولكننا عرفناه بالعقل الذي ميزنا به الله عن سائر مخلوقاته، وعقولنا هذه هي من تجعلنا نميز صديقنا من عدونا وكما قال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر _رحمة الله تغشاه _عدو عدوى صديقي _ونصادق من يصادقنا ونعادي من عداءنا _ولم نر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلا صديقاً يمد لنا يد العون لنواجه أعدائنا، ولا نرى في الأمريكان والصهاينة إلا أعداء لوجودنا وأرضنا وهويتنا وامننا القومي الذي يحضر عند بعضنا حين يتحدثوا عن إيران ولا يحضر مع العدو الصهيوني وحلفائه..؟!
أن الغرب وأمريكا والصهاينة يطالبون من إيران تعهد بالتخلي عن دعم حركة المقاومة وضمانة أمن (الكيان الصهيوني) وعدم معاداته وإيقاف التحريض ضده وسيجعلوها إذا ما قدمت هذه الضمانات (تدّعس أنظمة الذل العربي التي تدور في فلك أمريكا من المحيط إلى الخليج وكما كان يفعل بهم الشاه في السابق)..؟!
لكن إيران الثورة لا تريد هذا، وهي تخوض صراعاً جيوسياسياً
ذات صبغة وجودية مع المحاور الاستعمارية وفي طليعته الكيان الصهيوني.. وهذا يدفعنا للقول إن أمتنا العربية يسيطر عليها اليوم اغبى الحكام واتعس الأنظمة وأكثرها عمالة وارتهاناً.. وأنهم عن قريب سيضطرون ليخطبو ود إيران ويرجون عفوها ورضائها عنهم وسيعتذرون لها عن كل مواقفهم هذه وفي المقدمة حكام المحميات الخليجية، لأن إيران سوف تنتصر حتما على أعدائها لأنها في حالة فـالنص عن نفسها وتساند أصحاب الحق وتنتصر لقضاياهم العادلة ولا تصطف خلف الغزاة ولا تناصر المستعمر.. ولأنها كذلك فالنصر حليفها رغم أنف كل أعدائها والمتربصين بها الذين فشلت كل مخططاتهم وانكشفت كل مؤامراتهم.. والتاريخ سوف يشهد علينا جميعا.
Next Post