عن زوبعة (التطبيع) وتأثير (المطبعين)..؟! 2

طه العامري

 

 

فلسطين إذاً ليست مجرد أرض محتلة، بل هي أرض مقدسة يمتحن فيها الله عباده ليعرفوا فيما بينهم حقيقتهم ويكتشفوا قوة إيمانهم وليعرف الناس صدق هؤلاء أو أولئك من كذبهم ويعرفوا حقيقة إيمانهم بعدالة قضية هي من أسمى وأقدس القضايا الوجودية للأمتين العربية والإسلامية.. فالصهاينة لم يأتوا لفلسطين كمجرد قوى استعمارية محتلة، بل جاءوا مسلحين بأساطير دينية ومزاعم تمس عقيدتنا الإسلامية وهويتنا الحضارية، كما يمس هذا الوجود انتماءنا القومي وتراثنا العربي الإسلامي.. وعليه فإن الدفاع والنضال والتضحية من أجل فلسطين فعل يعد من ناحية دينية (فرض عين) وقوميا يندرج في سياق الواجبات المقدسة التي تعكس حقيقة وحدة الهوية والانتماء والمصير، وبالتالي فإن من لا يؤمن بفلسطين وعدالة قضيتها وفق هذه المفاهيم يعد عالة عليها وأمثال هؤلاء لا تكترث بهم فلسطين ولا يشرفها التعامل معهم..!
إذاً دعونا نتعرف على من هرول (للتطبيع) ومن ينتظر دوره في الهرولة! وبالتالي ما هو التأثير الذي قد يتسببوا به على واقع حال القضية ومسارها وعدالتها..؟
قلت سلفا إن (مصر) لا شك أثرت بخروجها من معادلة الصراع مع الصهاينة، غير أن القضية سرعان ما استوعبت ما تركته مصر ودورها، فكان أن تأثر المناخ العربي بخروج مصر من معادلة الصراع، فيما على صعيد القضية وجد من حل بديلا عن مصر في احتضان القضية وليس في تغطية دور مصر القومي الذي شكل غيابه في إحداث هذا العبث السلوكي في المشهد العربي وذهاب كل نظام يبحث عن ذاته حتى ذهب بعضهم إلى أدنى درجات الانحطاط والارتهان المذل وفي المقدمة تيار (المطبعين) من شيوخ ( المحميات الخليجية) مرورا بتلاميذ (برنار هنري ليفي، الزعيم الصهيوني المشرف على مؤامرة الربيع العربي) وصولا إلى (جندرمة السودان) و(عساكر تشاد) وكل من هرول نحو العدو، مستجديا رضاه، طالبا عفوه وبركاته)..!
هنا دعونا نتساءل عن المعارك التي خاضها شيوخ المحميات الخليجية مع عدو الأمة؟! أو تلك التي خاضها (جندرمة السودان)؟!
إن كل من هرولوا نحو (التطبيع) مع العدو الصهيوني وكل من يستعدون للهرولة لا وزن لهم ولا تأثير في معادلة الصراع والمقاومة، بما في ذلك نظام (آل سعود) بكل ضجيجه وصخبه وشروطه الكاذبة وهو المعروف بـ(خادم الصهاينة والأمريكان) وان زعم زورا أنه (خادم الحرمين)..!
لكن المشكلة مع هؤلاء (الخونة والمنبطحين) أنهم يحاولون زورا بمواقفهم هذه وفي ظل تصاعد أعمال الرفض والمقاومة وتعدد طرقها وأساليبها إعطاء العدو (شرعية) لا يستحقها يستجديها ممن لا يملكها..!
قبل أيام قال رئيس حكومة العدو المطارد من قبل مستوطنيه بتهم الفساد (نتنياهو) في تصريح لافت لشبكة التلفزة الأمريكية cnn كلاماً يقال لأول مرة من قائد صهيوني وهو (أن حل الصراع الإسرائيلي _الفلسطيني من الداخل أصبح صعبا إن لم يكن مستحيلا بعد كل هذه السنوات، وبالتالي فإن حل هذا الصراع مع الفلسطينيين يجب أن يكون من الخارج من خلال تطبيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية وبعدها سيكون ممكنا التفاهم مع الفلسطينيين)..!
هذه النظرية الصهيونية الجديدة وغير المسبوقة (لتصفية وليس لحل القضية الفلسطينية) في أبعادها، تمثل إهانة للنظام العربي الرسمي الذي اعتبر قبل عقود منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، متخليا عن واجبه القومي تجاه فلسطين، وهي اليوم وليس أنظمة الذل والعار من يدافع عن العروبة والهوية والمقدسات.. لم يقف القادة الصهاينة عند هذا المنعطف (الفضيحة) في تفسير آلية الصراع وهو التفسير المهين للأنظمة العربية التي لم يجرؤ أبواقها ومطبلوها وحملة مباخرها حتى الرد على رئيس وزراء الكيان أو تصحيح معلوماته وتعريفه بالخطأ، لكن من أين لهم وهم سبق وتجاهلوا تصريحات هذا الرجل حين زار السودان وقال من هناك (اليوم سقطت لاءات الخرطوم)؟، لم يجرؤ أي نظام عربي من أنظمة الذل والعار أن يرد عليه، فيما حملة مباخر هذه الأنظمة وأبواقها ابتلعوا ألسنتهم، وهم المعروفون بحماسهم في الدفاع عن (شيوخهم) ويتحولون إلى (كلاب مسعورة) إن نشر خبر بحق هؤلاء (الشيوخ _العلوج)..!
يتبع…….

قد يعجبك ايضا